بوابة الوفد:
2024-11-16@19:27:37 GMT

صيف سويسرى فاضح

تاريخ النشر: 16th, November 2024 GMT

لا شىء يوجع مثل عُمر مسروق، انسكب فى لهاث خائف نحو لا شىء. يبدو الإنسان العربى مُجبراً على الفرار من منفى إلى آخر بحثاً عن لحظات حياة حقيقية. تتبدد الصور، وتتطاير الشعارات، وتنكمش كل الكروش المنفوخة، أمام قيم الحياة والحضارة والجمال.

ما قدمت الانتصارات الورقية، ومراسم التمجيد، وما نفعت مُعلقات المديح سوى قائليها.

فويلٌ لمن لم يحتف بالإنسان، ولم يلمس مشاعره، ولم يطبطب عليه رقة وأسفاً.

أقول لكم : ليس أجمل من نص حاضر، ساطع، مُبدد يُقبّح القُبح، ويحتفى بالحُسن، ويرد الصاع صاعين وثلاث وأربع، لكل طاغية مُستبد استعبد شعبه، وقهرهم. وهذا ما اعتدته، وأدمنته فى نصوص إنعام كجه جى، المبدعة العراقية الساهية، التى تكتب بمشرط، وترسم بسن إبرة، لمحات الحياة فى خارطة عربية استعمرها البطش وتمدد فيها الخوف. فلعراق نموذج، والعراق مثال، والعراق درس لكل بلد عربى فتته الاستبداد السياسى، ونهشه الحكم الديكتاتورى، وشوه أرواح ناسه.

«صيف سويسرى» رواية جديدة لإنعام كجه جى، تضىء لنا ذاكرة الطغيان لنعرف ما فعله زمن صدام بالعراق، والعراقيين، تحت شعارات البعث. رجل أمن ُمتقاعد، هارب من ماضى موجع، أجبره فيه الحزب على قتل صديقه تحت ذريعة اعدام الخونة. مارس البطش والقهر والتلصص ضد كُل مَن يتشكك الحزب فى اخلاصه للزعيم المفدى، لكن قلبه رق لفتاة حالمة كان لها رأى، فنالت جزاءها عداء السُلطة. أحب الجلاد ضحيته، وأنقذها دون أن تدرى مرات ومرات، حتى نجت من بلد يستمرئ قهر الناس لأن حُكامه لا يؤمنون بالحرية، فطار خلفها كأنها خلاصه الوحيد من عذاب الضمير. هناك فى سويسرا يلتقى الفرقاء، الأغيار، المحسوبون على كُل حزب أو طرف من أطراف الوطن، ليخصعوا لتجربة عقاقير التسامح.

رجل الأمن مع ضحيته، والإسلامى مع الملحد، والداعى للخير، مع مُدمن الخمر. الوان وأطياف مختلفة تتعلم التسامح من أجل البقاء، تنفض ثاراتها وقناعاتها المسبقة، لتجتمع معا فى إطار من الحب الجبرى.

يبدو النص منصة رسائل منبعثة تزدرى الاستبداد، وتُخرج الألسنة لقاهرى الشعوب فى كل حين. تنساب اللغة الموحية الرصينة وهى تُبلِّغنا فى بساطة أننا «فى بلادنا نرث الدين من السلالة. نتلقى بصمته على شهادة الميلاد. أبوك مسلمـ أنت سملم. أبوك صابئى، أنت صابئى. مسيحى، أنت مسيحى.تكبر داخل سجنك المهيأ لك منق بل ان تكون نطفة، وترفقك قضبانه حتى النفس الأخير. جاءت العقائد السياسية فصارت دينا ثانيا لا حياء فيه. أبوك شيوعى، أبوك بعثى. المشكلة أن يأتى أحدهم فى بيت يتفادى السياسة.. يمشى أفراده جنب الحائط. يكبر على الهامس والكل يطارده».

وتُحدثنا الرواية عن نورى السعيد، وعبد الكريم قاسم، وصدام حسين والقاضى المهداوى فتقول « كلهم صاروا تحت التراب. تمدد رمادهم فى الرياح الأربع. ذاكرة عنود تستخرجهم من لحودهم، وتلملم غبارهم. تسحب كراسى الحكم من تحت مؤخراتهم، وتجلسهم على مقاعد المقهى. من مات منهم خلف ألفا مثله. لا مهرب بعد الحريق من تداخل الأزمنة».

وتختتم إنعام نصها الفريد بعبارة ساحرة تقول فيها وهى تصف المشهد «تركض دول إلى الأمام، وتحبو دول. تتأخر وتتناحر وتستنجد بالغيب. ماضيها فخ لمستقبلها. جماعات إرهابية، ومافيات وأحزاب جديدة أخطر من القديمة».

وكأنها تُفسر أحوال التردى العربى الآنى. والله أعلم

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد الإنسان العربى

إقرأ أيضاً:

في اليوم العالمي للتسامح.. كيف احتفت به 3 دول عربية؟

يحتفي العالم باليوم العالمي للتسامح، في مثل هذا اليوم (16 نوفمبر) من كل عام، بعد أن أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، بهدف تقوية ثقافة التسامح والاحترام بين الشعوب، والتأكيد على أهمية القبول والابتعاد عن التعصب والتمييز، لذا نستعرض طريقة احتفاء الدول العربية بهذا اليوم العالمي.

اليوم العالمي للتسامح

قبل 26 عامًا، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 16 نوفمبر من كل عام، الاحتفاء بـ اليوم العالمي للتسامح، رغبة في تسليط الضوء على ضرورة تعزيز التسامح بين الدول، وتجنب الكراهية، وللاحتفاء به تقوم الدول والمنظمات حول العالم بتنظيم فعالياته المختلفة، وفق الموقع الإلكتروني للرسمي للجمعية.

بطرق مختلفة، تحتفي الدول العربية بـ اليوم العالمي للتسامح، ومن أبرزها تدشين ندوات واجتماعات للتركيز على التأثير السلبي للتعصب والعنصرية على المجتمعات، وهناك من ينشر منشورات بمختلف الوسائل، من أجل التوعية، بجانب العديد من الأنشطة في المدارس لتوضيح مفاهيم التسامح وحقوق الإنسان، من أجل الأطفال.

دعوة من مصر لوقف الحروب والصراعات

دعوة لقادة العالم وشعوبه إلى ضرورة العمل على ترسيخ قيم التسامح والتعايش المشترك، ونبذ العنف والصراع التي تهدد حاضرها ومستقبل الأجيال القادمة، التي تعد السبيل الوحيد لوقف الحروب والصراعات، وجَّهها مجلس حكماء المسلمين، برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف.

احتفت دولة الإمارات باليوم العالمي للتسامح، الذي تزامن مع فعاليات الدورة الـ6 للمهرجان الوطني للتسامح، وتضمَّن العديد من الأنشطة الدولية والجماهيرية والحكومية، منها «ملتقى الحكومة حاضنة للتسامح»، و«المنتدى الدولي الأول للحوار الديني والحضاري»، وذلك رغبة في نشر ثقافة التسامح والانفتاح حول العالم.

وفي دولة البحرين، التي اعتادت على عقد ندوات كثيرة لبث ثقافة التسامح والتعايش وإقامة جسور التواصل بين الثقافات والأديان، وغيرها من الدول المختلفة التي تهدف إلى قيم التسامح، وأهميته بالنسبة للعالم أجمع، خاصة في ظل الأوضاع الراهنة في مختلف البلاد.

مقالات مشابهة

  • فقدان ذاكرة ووفاة.. أستاذ علاج سموم يحذر من تعاطي مخدر GHP
  • في اليوم العالمي للتسامح.. كيف احتفت به 3 دول عربية؟
  • "المجلس العالمي" يؤكد أهمية تعزيز ثقافة التسامح
  • بدء الصالون الثقافي لمؤسسة فكر واعمل في يوم التسامح العالمي| صور
  • بلغة الإشارة.. جمعية الصم تعزز قيم التسامح والمواطنة العالمية
  • الإمارات تحتفي باليوم الدولي للتسامح
  • الإمارات تحتفي بــ«اليوم الدولي للتسامح»
  • كينجستون أفضل مورّد لوحدات ذاكرة الوصول العشوائي الديناميكية لعام 2023
  • الإمارات تحتفي غداً بـ «اليوم الدولي للتسامح»