بدر البلوشي

على مدى الأزمان، كانت سلطنة عُمان مثالًا للثبات والعزم في دعم القضايا العادلة؛ حيث يقف الشعب العُماني مع أمته قلبًا وقالبًا، مُساندًا لكل صوت مظلوم، ومدافعًا عن حقوق الشعوب المحتلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

والمقاطعة، في هذا السياق، ليست مجرد خيار عابر، بل هي موقف أخلاقي وشعبي ينبض بالولاء والصدق، يعكس انتماءً أصيلًا ووجدانًا راسخًا يرفض الاحتلال، ويقف ضد آلة القمع التي تستبيح حقوق الإنسان.

وفي الوقت الذي يُثار فيه بعض الجدل حول جدوى المقاطعة وفائدتها، يظهر من مُعطيات الواقع أنها ليست عبثًا أو تفريطًا بالمصالح الوطنية، كما يعتقد البعض، بل على العكس، هي حركة قوية ومتماسكة تستند إلى حق قانوني مكفول في السلطنة. بل إنَّ المؤسسة الدينية العريقة تؤيدها بوضوح، مما يجعلها واجبًا وطنيًا وأخلاقيًا يدعمه الشعب بكافة أطيافه، إيمانًا منه بأن الحق لا يُنال إلا بمواقف ثابتة.

إنَّ تأييد الشعب العُماني لهذه المقاطعة يبرز كرسالة للعالم، بأن هذا الوطن لا يقبل المساومة على القضايا العادلة.

ولعل من الجوانب الأكثر تأثيرًا في هذه الحركة أنَّ المقاطعة لا تقتصر على الأثر الاقتصادي المباشر فقط؛ بل إنها تفتح المجال لتعزيز وعي الأجيال الجديدة بحقوق الأمة وأهمية التضامن العربي والإسلامي. فقد أثبتت الدراسات أن دعم الطلبة للمقاطعة ينمي فيهم إدراكًا قويًا للحقوق والقيم الوطنية، ويزرع بذور الوعي النضالي في سبيل الحق، وهو ما يعزز روح الانتماء للوطن والقضية الفلسطينية، ويجعلها جزءًا لا يتجزأ من هوية الأطفال والشباب.

ومن الزاوية الاقتصادية، شهدت المنتجات البديلة محليًا ازدهارًا؛ ما أسهم في تقوية الإنتاج الوطني، وزيادة فرص العمل في السوق المحلي، وتحفيز الابتكار. هذا النمو لا يقف عند حدود الاقتصاد المحلي، بل يتعدى إلى دعم الشركات الناشئة التي تسعى لتقديم منتجات عُمانية صافية تحل محل المنتجات المستوردة.

ومما لا شك فيه أنَّ تجربة السلطنة التاريخية في دعم القضايا العربية والإسلامية تُثبت أن مواقف عُمان لم تتخل يومًا عن الحق؛ بل ظلت متماسكة تنتهج سياسات متوازنة، تراعي المصالح الوطنية وتلتزم المبادئ السامية للأمة. إنَّ المقاطعة تعزز هذا التوجه الحكيم وتظهر أن الشعب العُماني لا ينفصل عن جسد أمته؛ بل هو سندٌ لكل مَن يسعى لنيل حقوقه. وهي تجسد رسالة واضحة للعالم بأن الشعوب قادرة على التعبير عن مواقفها بطرق حضارية، ما يثبت أنَّ المقاطعة ليست مجرد سياسة، بل هي منظومة أخلاقية تعبر عن عمق هذا الشعب وجذور حضارته.

وأخيرًا.. المقاطعة لا تُعبِّر فقط عن سيادة القرار الوطني، بل هي دعوة قوية لإظهار سيادة الإرادة الشعبية، ودعوة للالتفاف حول حق مشروع وأسلوب حضاري يرفض انتهاك العدالة. إنها وسيلةٌ يعبر من خلالها كل إنسان عن رفضه لكل ظلم وانتهاك.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

البرلمان العربي يعقد مؤتمره السابع لدعم القضية الفلسطينية ورفض التهجير

يعقد البرلمان العربي مؤتمره السابع لرؤساء المجالس والبرلمانات العربية بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة في 22 فبراير الجاري، وذلك بمشاركة عربية برلمانية واسعة، بحسب البيان الصادر مساء اليوم.

ويتصدر جدول أعمال المؤتمر موضوعه الرئيسي بشأن بلورة موقف برلماني عربي موحد لدعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه ورفض مقترحات التهجير القسري للشعب الفلسطيني، حيث من المقرر أن تصدر عن المؤتمر خطة تحرك برلمانية عربية موحدة تتضمن عددًا من الخطوات التي يمكن أن يقوم بها البرلمانيون العرب دعمًا للقضية الفلسطينية في هذه المرحلة الخطيرة التي تواجه فيها مخططات تصفيتها.

رؤية برلمانية عربية لتحقيق وتعزيز التعايش السلمي

كما يناقش المؤتمر أيضًا موضوع التعايش السلمي على المستويات العربية والإقليمية والدولية، حيث من المقرر أن تصدر عن المؤتمر وثيقة بعنوان «رؤية برلمانية عربية لتحقيق وتعزيز التعايش السلمي»، تتضمن عددًا من المرئيات والمقترحات البرلمانية العربية التي تسهم في تعزيز التعايش السلمي في المجتمعات العربية، وعلى المستويين الإقليمي والعالمي.

ومن المقرر أن يتم عقد المؤتمر هذا العام بإدارة مشتركة مع الاتحاد البرلماني العربي، تعزيزًا لدور الدبلوماسية البرلمانية العربية في خدمة مصالح الشعب العربي والدفاع عن قضاياه.

مقالات مشابهة

  • أحمد موسى: موقف إسبانيا بشأن دعم القضية الفلسطينية ثابت ولن يتغير |فيديو
  • عضو بالشيوخ: القمة العربية الطارئة بمصر تستهدف موقفا عربيا موحدا لدعم القضية الفلسطينية
  • كاتب صحفي: القمة العربية الطارئة جزء من جهود مصر لدعم القضية الفلسطينية
  • عياد رزق: مصر لعبت دورا محوريا في دعم القضية الفلسطينية
  • رئيس الأعلى للإعلام: أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم القضية الفلسطينية
  • الحزب العربي الناصرى ينظم فعالية لدعم الموقف المصري بشأن القضية الفلسطينية
  • نواب: مصر تثبت جديتها في دعم القضية الفلسطينية ورفض التهجير القسري
  • «الوفد»: مصر قدمت جهودا حثيثة على مدار 500 يوم لدعم القضية الفلسطينية
  • البرلمان العربي يعقد مؤتمره السابع لدعم القضية الفلسطينية ورفض التهجير
  • «الشعب الجمهوري»: جهود الرئيس السيسي تجاه القضية الفلسطينية سيذكرها التاريخ