دمج الأندية: بناء أم هدم؟!
تاريخ النشر: 16th, November 2024 GMT
أحمد السلماني
انطلقت فكرة دمج الأندية في سلطنة عُمان قبل نحو 24 عامًا كجزء من مشروع حكومي طموح هدفه توجيه الدعم المالي واللوجستي بشكل أكثر فعالية للأندية الرياضية، جاءت هذه الخطوة في ظل رؤية تهدف إلى تقليص عدد الأندية ليحصل كل منها على موارد وأصول أكبر، ويصبح أكثر قدرة على تقديم برامج وأنشطة رياضية وثقافية واجتماعية متنوعة.
ونبدأ بنادي أهلي سداب، الذي وُلد من اندماج ناديي الأهلي وسداب. هذا النادي مثال لتراجع ملحوظ في الحضور والشعبية. في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، كان الأهلي من الأندية المسيطرة على البطولات المحلية، وسداب لم يكن بعيدًا عن المشهد، إلّا أنَّ الدمج أدخله في حالة من عدم الاستقرار الإداري. أدى هذا إلى انقسام داخلي بين الفئات المنتمية للناديين السابقين، ما جعل جماهير سداب أو الأهلي تتخلى عن دعم النادي الموحد عند عدم وجود تمثيل لها في الإدارة. والنتيجة كانت ظهور النادي بمستوى متذبذب وضياع للروح الجماهيرية.
قصة مشابهة نجدها في نادي مسقط، الذي نتج عن دمج ناديي البستان وروي. النادي يُعاني الآن من أزمات إدارية، وافتقاد للقاعدة الجماهيرية، مما جعله يبدو عاجزًا عن التنافس بقوة؛ بل أصبح يشارك في بعض الرياضات من باب الحفاظ على مكانته الاسمية فقط.
نادي السلام، الذي نتج عن اندماج ناديي شناص ولوى، يعاني من نفس المشكلة؛ حيث يظهر على فترات متقطعة ويغيب في أغلب الأوقات عن المنافسات الرياضية، باستثناء بروز نسبي في الكرة الطائرة. والأمر ذاته ينطبق على أندية أخرى مثل البشائر (من دمج آدم ومنح) والاتفاق (من دمج إبراء والمضيرب)؛ حيث تسبب الدمج في تقليص الانتماء والولاء، وعانت الأندية القديمة من إهمال لمقارها ومنشآتها.
ورغم أن الهدف الأساسي من الدمج كان نبيلًا، إلّا أن النتائج جاءت عكسية، فالأندية المندمجة تعاني من ضمور على كافة الأصعدة، وفقدت حاضنتها الجماهيرية. قد يكون هذا بسبب فقدان الهوية المميزة لكل نادٍ قبل الدمج، وتعدد المصالح بين الأطراف المندمجة، مما أدى إلى تراجع الاهتمام بالفرق الرياضية بالنادي والانصراف عن دعمها.
وخلال العقدين الماضيين، ازداد عدد السكان في السلطنة، وأُشهرت أندية جديدة في ولايات مثل العامرات، نخل، طاقة، إزكي، دماء والطائيين، وضنك، وذلك تحقيقًا لرؤية "عُمان 2040" التي يقودها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- بهدف توفير بيئة حاضنة للأنشطة الرياضية والثقافية. ومع ذلك، لا تزال الأندية تعاني من غياب الجماهير، والمنشآت الرياضية الحديثة في كثير من الأحيان مهجورة.
الفرق الأهلية: البديل الحاضر والمنافس
وفي ظل هذا الوضع، برزت الفرق الأهلية كبديل قوي، وحققت جماهيرية واسعة في بطولاتها الكروية؛ حيث جذبت أعدادًا كبيرة من المتابعين. ولم يكن هذا الظهور مجرد بديل بل استحوذ على دور مُهم في المجتمع، ما يدل على وجود فجوة كبيرة بين الأندية التقليدية والجماهير، والتي يجب على الجهات المعنية أن تعمل على سدها.
ونضع هنا فيما يلي مقترحات وحلول للنهوض بالأندية:
1. تطوير الفكر الإداري للأندية: يجب أن تعمل وزارة الثقافة والرياضة والشباب على إعداد برامج لتأهيل القيادات الإدارية وإكسابهم مهارات حديثة في الإدارة بالاندية.
2. إعادة النظر في دعم الأندية: زيادة الدعم الموجه للأندية والأندية المندمجة لتشجيع التنافس وتحقيق التوازن.
3. تشجيع اندماج من نوع آخر: بدلاً من الدمج القسري، يمكن التفكير في شراكات استراتيجية بين الأندية لرفع الكفاءة دون فقدان الهوية.
4. الاعتراف بالفرق الأهلية: توفير الدعم لهذه الفرق وتحويلها إلى أندية هواة تعترف بها الوزارة وتقدم لها الدعم في بعض الخدمات مثل انخفاض تعرفة الكهرباء والمياه.
5. تحفيز الجمهور على المشاركة: تكوين منشآت الأندية باضافة بعض المرافق كالمقاهي والمكاعم مثلاً والألعاب وتشجيع تنظيم فعاليات متنوعة داخل الأندية تجذب العائلات والشباب وتعيد إشعال الحماسة الجماهيرية.
وختامًا.. لا بُد من التعامل مع أزمة الدمج وتأثيرها على الأندية بواقعية، والعمل على تطوير رؤية جديدة تحقق التوازن بين الحفاظ على هويات الأندية جميعها والاستفادة من التجارب السابقة لدعم مستقبل الرياضة في عُمان، الأندية هي قطب الرحى في الرياضة والتخلي عنها هو هدر للطاقات والأموال؛ إذ إن وضعها الحالي يحتاج إلى قرارات جريئة وثورة في الفكر والأدوات لتمكينها.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الأشتر والمسؤولية الرياضية
مالك ابن الحارث الأشتر، الذي ارسله الإمام علي رضوان الله عليه، واليا على مصر وقد أوصاه بالكثير من الوصايا التي مصدرها كتاب الله وعهدها الإيمان المطلق برضا الله واتباع سنة رسوله الكريم صلى الله عليه واله وسلم، مما جاء في هذا العهد تحمل المسؤولية، والتي أوضحها الإمام علي سلام الله عليه في العهد الذي يعتبر وثيقة مهمة قدمت من خلاله المهام والمسؤوليات والضوابط والمعايير لإدارة شؤون الأمة في كل مواقع المسؤولية، وفي كل وظائف الدولة، وفي كل المواقع التي يكون الإنسان فيها مسؤولا عن أي مجال من المجالات واي مستوى من المستويات كمسؤول أو موظف في الدولة، لقد أشار العهد أو الوصية إلى منطلق أداء المسؤولية بأنها العبودية لله، وليس كما يظن البعض بأن المسؤولية تتضمن التضخيم والتمجيد وتعظيم منزلتهم، ولكنها كما وصف به الإمام علي رضوان الله نفسه بأنه عبد لله، وهذا درس كبير لكل مسؤول عن شؤون الشباب والرياضة على وجه الخصوص، لأن الانسان في أي موقع من مواقع المسؤولية يجب أن ينطلق من منطلق العبودية لله، لأن النظرة للمنصب والسلطة في وزارة الشباب والرياضة من قبل الكثير من أصحاب النفوذ والقرار «الا من رحم ربي»، بأنها موقع الامتيازات والصلاحيات ومكسب شخصي ومنبع للاستغلال والنفوذ ولنا شواهد كثيرة لمن مروا على مواقع المسؤولية وصناعة القرار وصنعوا لأنفسهم امتيازات وصلاحيات شخصية اكسبتهم ثروة من المال العام وحقوق باطلة، هؤلاء القادة والمسؤولون لأنهم من المؤكد قد حضروا البرنامج التدريبي ومحاضرات السيد القائد الخاصة بدروس عهد الإمام علي لمالك الأشتر، لكنهم يرفضون حقيقة النظرة إلى المنصب والمسؤولية العامة بأنها وظيفة عبودية فيها التزامات إيمانية كقُربة إلى الله، وفيها التزامات وضوابط، من المهم على المستوى النفسي والتربوي أن يرسخ الإنسان نفسه أنه عبد لله يخضع ويلتزم بأوامر الله سبحانه وتعالى.
لقد مر على وزارة الشباب والرياضة، العديد من القادة والمسؤولين، الذين تولوا مناصب قيادية وتحملوا مسؤوليات ومنحت لهم سلطات، لكنهم لم يفلحوا في تحقيق اهداف واستراتيجية وزارة الشباب والرياضة، ولم ينتصروا لحقوق هؤلاء الرعية لماذا؟، لان في الغالب اختيارهم لم يكن وفق نصوص عهد الامام علي لمالك الاشتر الذي جاء في نصه «إن شر وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيراً» وحدد شروط ومعايير اختيارهم السيد القائد في عدة معايير أولها معايير عملية وهي امتلاكه لحسن التدبير والاصابة في الرأي وحسن التصرف والقدرة على الإنجاز العملي، أي انجاز كل ما له علاقة بأنشطة وفعاليات وبرامج الشباب والرياضة، وقد غابت تلك المعايير عن اغلبهم، وثاني هذه المعايير واهمها المعايير الشخصية وهي النظافة والخلو من الفساد والسعي وراء تحقيق المصالح الذاتية ونهب المال العام، النصح لله في كل عمل يقوم به، الصدق والإخلاص والنزاهة، ومع الأسف اغلبهم ثقل على القيادة الدينية والسياسية، لم يكونوا عوناً لنصرة دين الله، ولم يحرصوا على نجاح الحركة الشبابية والرياضية، لن نفقد الامل بل ننظر الى الامام والقادم اجمل، ومع الثقة المطلقة في ان نصوص عهد الامام علي -رضوان الله- عليه لمالك الاشتر سوف تطبق في كافة مؤسسات الدولة.