بلومبيرغ: أميركا الجنوبية تتطلع إلى الصين بعد تجاهل واشنطن وأوروبا
تاريخ النشر: 16th, November 2024 GMT
قالت وكالة بلومبيرغ إنه وفي ظل التراجع الملحوظ للدعم الأميركي والأوروبي لاقتصادات أميركا الجنوبية، أصبحت الصين الوجهة الاقتصادية الأكثر جذبًا للمنطقة، حيث استثمرت بكثافة في مشاريع البنية التحتية والتجارة لتعزيز وجودها.
وكشف تقرير حديث نشرته الوكالة عن تفاصيل هذه الديناميكية المتغيرة، مشيرًا إلى دور الصين المتزايد في تحويل مسار التجارة والتنمية الاقتصادية في القارة الجنوبية.
يأتي هذا التحول الإستراتيجي في وقت يتبنى فيه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب سياسات حمائية تهدد التبادل التجاري العالمي، مما دفع دول المنطقة إلى إعادة التفكير في شراكاتها الاقتصادية التقليدية.
مشروعات عملاقةوأثناء زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى بيرو للمشاركة في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (آبيك) (APEC)، افتتح ميناء تشانكاي الحديث بقيمة استثمارية تبلغ 1.3 مليار دولار.
وتقول بلومبيرغ إن هذا الميناء يعد مثالًا للتكنولوجيا المتطورة التي تفتقر إليها الموانئ الأميركية، حيث يهدف إلى تقليص أوقات الشحن بنسبة كبيرة عبر توفير خط مباشر مع شنغهاي، مما يقلل تكاليف اللوجستيات بشكل كبير.
وفي البرازيل، تسعى الصين إلى إنشاء شبكة متكاملة من الطرق والسكك الحديدية التي يمكن أن تقلل زمن شحن السلع إلى الصين بمقدار 10 إلى 12 يومًا.
هذه المشروعات -وفق بلومبيرغ- تهدف إلى دعم التجارة الثنائية التي شهدت نموًا هائلًا على مدار العقد الماضي، حيث أصبحت الصين الشريك التجاري الأول للبرازيل متفوقة على الولايات المتحدة منذ عام 2009.
وفي ولاية باهيا بالبرازيل، تعمل شركة "بي واي دي" الصينية على تحويل مصنع سيارات قديم تابع لشركة فورد إلى منشأة متطورة لإنتاج السيارات الكهربائية، وفق الوكالة.
ويُتوقع أن تلعب هذه الخطوة دورًا رئيسيًا في دعم التحول نحو التكنولوجيا النظيفة، وتعكس إستراتيجية الصين لتوسيع نفوذها في قطاع السيارات بالمنطقة.
الصين تعزز العولمةوفي مواجهة تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية تصل إلى 20% على الواردات من جميع الدول، تعمل الصين على تعزيز علاقاتها التجارية مع دول الجنوب العالمي.
وقال الرئيس الصيني أثناء زيارته: "تقسيم عالم مترابط هو خطوة إلى الوراء في التاريخ"، مؤكدًا التزام بكين بفتح أبوابها أمام التجارة الدولية.
تأتي هذه التصريحات في ظل سياسات ترامب الحمائية التي تعزز المخاوف من تراجع التجارة العالمية، مما يدفع دول جنوب أميركا إلى البحث عن شركاء أكثر استقرارًا، مثل الصين. ووفقًا لما ذكرته بلومبيرغ، فإن هذه التحولات تشير إلى تحول كبير في توجهات المنطقة الاقتصادية.
وتتجاوز بلومبيرغ البرازيل للحديث عن الأرجنتين، فعلى الرغم من تصريحات الرئيس الأرجنتيني اليميني الجديد خافيير ميلي، الذي وصف الصين بأنها "قاتل"، فإن الواقع الاقتصادي أجبره على تعزيز العلاقات التجارية مع بكين.
وفي خطوة لافتة، بدأت الأرجنتين هذا العام تصدير الذرة إلى الصين لأول مرة منذ 15 عامًا. ولم تُلغ الحكومة الأرجنتينية حتى الآن عقد الإيجار الصيني لمدة 50 عامًا لمحطة فضائية في باتاغونيا، وهي منشأة أثارت مخاوف أمنية لدى الولايات المتحدة.
تحديات مرتبطة بالاستثمارات الصينيةورغم أن الاستثمارات الصينية تعزز البنية التحتية في دول أميركا الجنوبية، فإنها تأتي مع تحديات ملحوظة.
في الإكوادور على سبيل المثال، تسبب خلل في محطة كهرومائية تم إنشاؤها بتمويل صيني في انقطاع واسع للكهرباء، مما أثار تساؤلات حول جودة واستدامة هذه المشروعات.
وأشار تقرير بلومبيرغ إلى أن بعض المشروعات الصينية في الدول النامية تواجه مشكلات الديون أو تفشل في تحقيق الأهداف المرجوة، وهو ما يثير المخاوف بشأن الاعتماد الكبير على التمويل الصيني.
أبعاد جيوسياسيةومن المتوقع أن تؤدي استثمارات الصين في أميركا الجنوبية إلى تعزيز مكانتها كلاعب رئيسي في الاقتصاد العالمي، خاصة مع تركيزها على تطوير البنية التحتية والمشروعات الضخمة.
وفي هذا السياق، قال فيليبي هيرنانديز، المحلل الاقتصادي في بلومبيرغ: "الصين أصبحت شريكًا رئيسيًا لدول مثل البرازيل والأرجنتين، لكن المكسيك ستواجه ضغوطًا أميركية لتقليل اعتمادها على بكين".
لكن ومع انشغال أوروبا بأزماتها الأمنية والسياسية وتراجع اهتمام الولايات المتحدة بالمنطقة، تبدو الصين الشريك الأكثر جاذبية لدول القارة الجنوبية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة أمیرکا الجنوبیة
إقرأ أيضاً:
موقع إيطالي: معركة شرسة بين أميركا والصين وتركيا على منطقة الصومال
تشهد منطقة الصومال وأرض الصومال تحولا إستراتيجيا في موقف الولايات المتحدة تجاهها مدفوعا بتغير موازين القوى في القرن الأفريقي وسط تصاعد النفوذ الصيني والتركي.
وقال الكاتب أوليفييه دوزون، في تقرير نشره موقع "لي ديبلومات"، إن تغييرا دبلوماسيا هادئا، لكنه ذو دلالة كبيرة، على وشك الحدوث في واشنطن.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2واشنطن بوست: على أميركا التحرك لوقف الإبادة الجماعية في السودانlist 2 of 2مستوطن سابق يشرح أسباب رفضه الخدمة في الجيش الإسرائيليend of list نهج أميركي جديدوأشار إلى أنه، وعلى مدى عقود عدة، دافعت الولايات المتحدة عن مبدأ صومال موحد، منكرة فعليا أي اعتراف دولي بأرض الصومال، وهي منطقة أعلنت استقلالها من جانب واحد عام 1991.
ومع ذلك، فإن التوازنات الجيوسياسية المتغيرة في القرن الأفريقي تدفع الآن الإدارة الأميركية إلى إعادة النظر في هذه العقيدة الراسخة.
وأوضح الكاتب أن أرض الصومال، على الرغم من عدم الاعتراف بها من قبل المجتمع الدولي، تتميز في الإقليم غير المستقر، باستقرار سياسي نسبي ونظام ديمقراطي فعّال، وترفض بشكل قاطع أي تعاون مع الصين.
فمنذ عام 2020، أقامت حتى علاقات دبلوماسية رسمية مع تايوان، في خطوة رمزية للغاية تُصنف أرض الصومال، فعليا، ضمن المصالح الإستراتيجية الغربية، في وقت تسعى فيه بكين إلى توسيع نفوذها في أفريقيا.
وأضاف أن وضع أرض الصومال هذا، الذي يكسر منطق المركزية الصينية، بات اليوم يجذب انتباه واشنطن إليها باعتبارها بديل موثوق، ديمقراطي وذو مصداقية لحكومة فدرالية صومالية تبتعد بشكل متزايد عن دوائر النفوذ الغربية.
إعلان تركيز صيني تركي على الصومالوأشار الكاتب إلى أن الصومال على عكس ذلك لأنها تعزز تحالفاتها مع الصين وتركيا، إذ أبدت بكين اهتماما كبيرا بتركيب محطات مراقبة فضائية على الأراضي الصومالية.
وعززت أنقرة، يقول الكاتب، وجودها العسكري بإقامتها أكبر قاعدة عسكرية تركية خارج البلاد، والموجودة في مقديشو. وتقوم هذه القاعدة بتدريب القوات الصومالية وتعمل كمرتكز لتوسع تركيا الإقليمي.
ومؤخرا، بدأت تركيا الاستعداد لنشر ما بين ثلاث إلى خمس كتائب من القوات العسكرية الخاصة، المجهزة بمسيرات، لتنفيذ هجوم ضد حركة الشباب المجاهدين الصومالية.
ويهدف هذا الانتشار العسكري أيضا إلى تأمين القاعدة البحرية والفضائية التركية المستقبلية في الصومال، مما يؤكد طموحات أنقرة في فرض قوتها في المحيط الهندي والبحر الأحمر.
تراجع استراتيجيوقال دوزون إن هذه التطورات يُنظر إليها في واشنطن دليلا على تراجع إستراتيجي أميركي في منطقة شديدة الحساسية، نظرا لما تحمله من تداعيات على نفوذ الولايات المتحدة في القرن الأفريقي.
ويزيد من حجم القلق الأميركي احتمال إنشاء بنى تحتية صينية وتركية على الأراضي الصومالية، وهو ما يثير مخاوف عميقة تتعلق بالأمن الإقليمي واختلال موازين القوة في المنطقة.
أهمية حيوية لبربرةووفقا للكاتب، تكتسب مدينة بربرة الساحلية، في أرض الصومال، أهمية حيوية، إذ تقع على بعد 260 كيلومترا فقط من السواحل اليمنية، عند ملتقى خليج عدن والبحر الأحمر، وتتمتع بربرة بميناء حديث، بالإضافة إلى قاعدة جوية سابقة بُنيت خلال الحرب الباردة.
وأوضح أن هذا المجمع اللوجستي ربما يصبح رأس حربة مثاليا للعمليات العسكرية والإنسانية الأميركية في شرق إفريقيا وصولا إلى منطقة الهندو-باسيفيك.
وفي الشهر الجاري أقر نائب وزير الخارجية الأميركي كريستوفر لانداو رسميا بأن السياسة الأميركية تجاه أرض الصومال قيد المراجعة، مما يشير إلى احتمال حدوث قطيعة مع العقيدة السابقة.
إعلانوأكد وزير خارجية أرض الصومال، عبد الرحمن يوسف، أن النضج الديمقراطي والقيمة الاستراتيجية لمنطقته لم يعودا قابلين للتجاهل من قبل القوى الكبرى.
زيارات سعيا للدعموأشار الكاتب إلى أن وفدا رفيع المستوى من أرض الصومال سيقوم، بفضل الاستراتيجية الدبلوماسية المنسقة جيدا، بزيارة إلى واشنطن الشهر المقبل.
وسيلي ذلك زيارة للرئيس موسى بيهي عبدي في يوليو/تموز. والهدف واضح: الحصول على دعم الحزبين، ولا سيما من الجمهوريين، الذين سبق للعديد منهم أن قاموا بحملات من أجل الاعتراف الرسمي بأرض الصومال.
وقال دوزون إن هذا النهج يهدف إلى تسريع ربط أرض الصومال بالمحور الاستراتيجي الغربي، في مواجهة الديناميكيات الصينية والتركية.
وختم بالقول إن واشنطن تسعى إلى إعادة معايرة نهجها الإقليمي، مع التركيز على شريك ديمقراطي ناشئ في منطقة غير مستقرة، مع الحفاظ في الوقت ذاته على مصالحها العسكرية والجيوسياسية في منطقة حاسمة لأمن الملاحة البحرية العالمي.