القس رفعت فكري: التسامح لم يعد واجبًا أخلاقيًا فحسب بل فريضة سياسية وقانونية
تاريخ النشر: 16th, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد الدكتور والقس رفعت فكري رئيس مجلس الحوار والعلاقات المسكونية بالكنيسة الإنجيلية، أمين عام مشارك بمجلس كنائس الشرق الأوسط أن التسامح لم يعد واجباً أخلاقياً فحسب، بل هو فريضة سياسية وقانونية في الوقت نفسه، مشدداً على أنه لن ينعم عالمنا بالسلام الحقيقي دون ترسيخ لمفهوم التسامح الذي أصبح وجوده حاجة ماسّة وليس ترفاً فكرياً
جاء ذلك خلال الصالون الثقافى والفكري الخامس بمناسبة اليوم العالمى للتسامح، بمؤسسة "فكر واعمل" بمنطقة شبرا، برعاية المهندس باسم فكري، مدير عام المؤسسة.
تنقل "لبوابة نيوز" نص الكلمة الافتتاحية للقس رفعت فكري، كالآتي:
منذ عام 1996 واستناداً إلى "إعلان مبادئ بشأن التسامح" ذلك الإعلان الذي اعتمده المؤتمر العام لليونسكو في دورته الثامنة والعشرين، بباريس يوم 16 نوفمبر 1995, والأمم المتحدة تحتفل باليوم العالمي للتسامح، ومصطلح "التسامح" هنا يحتاج إلى تحديد وضبط, فلقد كان فولتير يقول دائماً: " قبل أن تتحدث معي حدد مصطلحاتك" وهذه المقولة الهامة يجب استحضارها هنا ونحن في إطار تعريف التسامح حيث تتداخل التعريفات وتتعدد كثيراً, فالتسامح "Tolerance"الذي نتحدث عنه هنا ليس هو الغفران "Forgiveness" وليس هو العفو عن الإساءة, ولكننا يمكننا أن نصل إلى المعنى المقصود من خلال بعض الإجابات التي تلقتها منظمة "اليونسكو" عن سؤالها الذي طرحته عام 1995: ما التسامح ؟
التسامح هو احترام حقوق الآخرين وحرياتهم .
التسامح هو اعتراف وقبول للاختلافات الفردية, وتعلم كيفية الإصغاء إلى الآخرين والتواصل معهم .
التسامح هو تقدير التنوع والاختلاف الثقافي, وهو انفتاح على أفكار الآخرين وفلسفاتهم, بدافع الرغبة في التعلم والاطلاع على ما عندهم .
التسامح هو الاعتراف بأنه ليس هناك فرد أو ثقافة أو وطن أو ديانة تحتكر المعرفة والحقيقة .
التسامح هو موقف إيجابي تجاه الآخرين دون استعلاء أو تكبر .
التسامح إذاً هو احترام وإقرار وتقدير التنوع الغني لثقافات عالمنا, ولأشكال تعبيرنا وطرق ممارستنا لآدميتنا, والتسامح ليس واجباً أخلاقياً فحسب ولكنه أيضاً متطلب سياسي وقانوني, ويتعزز التسامح من خلال التواصل وحرية الفكر وحرية العقيدة والديانة, إن التسامح هو الانسجام في الاختلاف, والتسامح ليس تنازلاً أو تعطفاً أو تساهلاً ولكنه قبل كل شيء هو الإقرار بحقوق الإنسان العالمية والحريات الأساسية للآخرين, ويجب أن يُمارس التسامح من قبل الأفراد والمجموعات والدول, ولا تعني ممارسة التسامح القبول بالظلم الاجتماعي أو نبذ أو إضعاف معتقدات المرء, بل يعني أن الشخص حر في تمسكه بمعتقداته وفي نفس الوقت يقبل تمسك الآخرين بمعتقداتهم, إنه يعني إقرار حقيقة أن البشر في تباينهم الطبيعي من حيث المظهر والحالة واللغة والسلوك والقيم لهم الحق في العيش في سلام وأن يكونوا كما هم, ويعني أيضاً أن آراء المرء لا يجب أن تُفرض على الآخرين.
واضح من كل هذه التعريفات أن التسامح يعني أن هناك تعدداً وتنوعاً في المجتمع أياً كانت طبيعته, وأن التسامح يعني قبول الاختلاف, وأن التسامح نقيضه هو التعصب الذي ينفي الاختلاف ويسعى للبحث عن التماثل وإنكار أي شكل من أشكال التنوع والاستقلال, فالتعصب هو اتجاه نفسي لدى الفرد يجعله يدرك فرداً معيناً أو جماعة معينة أو موضوعاً معينا إدراكاً إيجابياً محباً, أو سلبياً كارهاً, دون أن يكون لذلك ما يبرره من المنطق أو الشواهد التجريبية, لذا فإن مناقشة موضوع التعصب أو التطرف بكل أشكاله السياسية أو الأدبية أو العنصرية أو الدينية، إنما هو سبر أغوار النفس الإنسانية بنشأتها وتكوينها، وهي محاولة لا يألوا الإنسان فيها جهداً لمصارعة ذاته بذاته، فإما أن ينتصر عليها ويخضعها لسلطان العقل, أو أن تفلت من عقال العقل وتنحدر نحو الحيوانية بعد أن خلقها الله بأحسن تقويم, فالتعصب هو اتخاذ موقف متشدد في الرأى تجاه فكرة يعتبرها المتعصب الأساس والحقيقة المطلقة الوحيدة, وتقف وراء التعصب أسباب عديدة, فالتعصب أولاً وقبل كل شيء نزعة ذاتية أنانية "نرجسية" كامنة في كل كائن بشري، ولكنها تطفو إلى السطح وتبرز إلى الواقع حين يتهيأ الجو الملائم لها، حين تواجه الذات "الأنا" بالآخر وتتصور أنه تتوقف على هذا الصراع مسألة الوجود من عدمه, فالمسألة إذن هي تصور لإيمان راسخ بأن "الآخرين هم الجحيم" كما يقول سارتر.
إن التعصب يبدأ بالكلام وينتهي بالإرهاب مروراً بالتجنب والاضطهاد والاعتداء البدني, والتعصب هو تقديس للأنا وإلغاء للآخر، فكل ما تقوله "الأنا" يدخل في حكم الصحيح المطلق، وكل ما يقوله الآخر يدخل في حكم الخطأ الفادح, ويقود هذا الى موت لغة التواصل والحوار، وحين يموت منطق الحوار تنطق الحراب والبنادق, وتُحفر الخنادق وتستباح الدماء, إن التعصب هو انغلاق وانكفاء نحو الداخل وارتداد على الذات, وتقوقع في زاوية ضيقة ورؤية قاصرة للكون .
إن الله لا يهتم كثيراً بالذبائح والقرابين ولكنه يهتم بالعلاقة مع الإنسان الآخر, إن شريعة الله هي: أن أحب أخي في الإنسانية قبل كل فروض الصلاة والصوم والقرابين, فما قيمة الصلوات والأصوام والطقوس وكل مظاهر العبادة إن لم تكن هناك محبة حقيقية للإنسان الآخر؟ فهناك فرق شاسع بين التدين والإيمان الحقيقي, فالتدين كثيراً ما يركز على المظاهر الخارجية وهي أمور جميلة وهامة بينما الإيمان الحقيقي هو موقف أخلاقي يقدس القيم ويحترم الإنسان الآخر أياً كان لونه أو دينه أو مذهبه, فما أسهل التعبد لله ورفع الصلوات والأصوام ولكن ما أصعب التسامح وقبول الآخر المغاير, إن الله سبحانه يريد أن يعيش البشر أسرة واحدة تربطهم رابطة المحبة, لذا فهو سبحانه لا يقبل عبادة مزيفة من قلب ممتلئ بالكراهية والتطرف والأنانية, إن العبادة الحقيقية التي تسر قلب الله هي التي تمر عبر الإنسان الآخر من خلال محبته وخدمته .
وقد حرر لوك «رسالة فى التسامح» نشرها فى عام ١٦٨٩، وبها أربع عبارات هامة هى: «ليس من حق أحد أن يقتحم باسم الدين، الحقوق المدنية والأمور الدنيوية»، «فن الحكم ينبغى ألا يحمل فى طياته أية معرفة عن الدين الحق»، «خلاص النفوس من شأن الله وحده»، «الله لم يفوض أحداً فى أن يفرض على أى إنسان ديناً معيناً». ما مغزى هذه العبارات؟ إن مغزى هذه العبارات عند لوك، أن التسامح يستلزم ألا يكون للدولة دين حتى لو كان هذا الدين، من بين الأديان الأخرى، هو دين الأغلبية لأنه لو حدث عكس ذلك، أى لو كان للدولة دين الأغلبية فتكون هذه الأغلبية طاغية بحكم طبيعة الدين، وعندئذ يمتنع التسامح بحكم أنه نسبى لأنه من إفراز العقد الاجتماعي المؤسس على العَلمانية.
ومنذ عام 1996 والأمم المتحدة، استناداً إلى إعلان اليونسكو 1995، تحتفل باليوم العالمي للتسامح، الذي يعني فيما يعنيه أن المجتمع البشري بحاجة إلى نشر وتأصيل قيم التسامح كمنظور إنساني وأخلاقي، لا يمكن تقدّم المجتمع الدولي والإنساني من دونه، إذ لا يمكنه الخروج من غلواء التطرف والتعصب واللاتسامح، إلاّ بتعميم فكرة قبول الآخر.
إن التسامح لم يعد واجباً أخلاقياً فحسب، بل هو فريضة سياسية وقانونية في الوقت نفسه، ولن ينعم عالمنا بالسلام الحقيقي دون ترسيخ لمفهوم التسامح الذي أصبح وجوده حاجة ماسّة وليس ترفاً فكرياً، إن التسامح يعني اتخاذ موقف إيجابي فيه إقرار بحق الآخر في التمتع بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية, وبهذا المعنى فهو مسؤولية قيمية وواقعية للإقرار بالحقوق والتعددية والديمقراطية وحكم القانون، وهو أمر ينطوي على نبذ الاستبدادية، خصوصاً بالإقرار بحق الإنسان في التمسك بمعتقداته، وهو إقرار ناجم عن أن البشر المختلفين في طباعهم ومظاهرهم وأوضاعهم وسلوكهم وقيمهم وقومياتهم ودياناتهم ولغاتهم وأصولهم، لهم الحق والمساواة في العيش بسلام، وإذا ما استعرضنا بعض العوامل المانعة لنشر قيم التسامح، فعلى الصعيد الفكري قد يوجد حجب وتحريم حق التفكير والاعتقاد والتعبير لدى الآخر، بفرض قيود وضوابط تمنع أو تحول دون ممارسة هذه الحقوق، وأحياناً تنزل أحكاماً وعقوبات بالذين يتجرأون على التفكير خارج ما هو سائد أو مألوف سواءً عبر قوانين مقيّدة أو ممارسات قمعية تحت مبررات شتى.
وعلى الصعيد الديني فإن عدم التسامح يعني التمييز بحجة الأفضلية ومنع الاجتهاد وتحريم وتكفير أي رأي حر، خصوصاً ضد ما هو سائد، وأحياناً تزداد اللوحة قتامة في ظل الدين الواحد عبر التعصب الطائفي أو المذهبي في محاولة لإلغاء الفرق والمذاهب والاجتهادات الأخرى، بل فرض الهيمنة عليها بالقوة.
واجتماعياً فإن عدم التسامح يعني فرض نمط حياة معينة بغض النظر عن التطورات العاصفة التي شهدها العالم، لأنماط متنوعة، مختلفة، متداخلة، متفاعلة، وأحياناً يتم التشبث بسلوك وممارسات عفا عليها الزمن وأصبحت من تراث الماضي.
يمكن القول إن كل المجتمعات البشرية تحمل قدراً من اللاتسامح سلبياً أو إيجابياً، لكن الفرق بين مجتمع وآخر هو في مدى اعتبار التسامح قيمة أخلاقية وقانونية ينبغي إقرارها والالتزام بها حتى وإن كان البعض لا يحبّها، أما الفرق الثاني بين المجتمعات المفتوحة التي توافق على التسامح وبين المجتمعات المغلقة التي ما تزال تتمسك باللاتسامح وبتهميش أو إلغاء الآخر، فإن بعض المجتمعات تستطيع إدارة التنوّع والتعددية الثقافية والدينية واللغوية والاجتماعية وغيرها، في حين تخفق أو تعجز فيها مجتمعات أخرى، ويوجد في العالم اليوم تعدديات وتنوعات دينية وثقافية واجتماعية.....الخ، الأمر الذي يستوجب أن تكون الدولة هي الحاضن الأكبر للتسامح، وهو يتطلب إعادة صياغة العلاقة بين الأنا والآخر على أساس المواطنة والمساواة الكاملة، ومن خلال التربية والاستفادة من المخزون القيمي للأديان وللفطرة الإنسانية، وهو ما ينبغي أن ينعكس على الصعيد الدولي أيضاً.
إن ما يحتاج العالم العربي أن يدركه بقوة في هذه الأيام, إن الآخر هو جزء من حياتي, جزء من عالمي الخاص, وهو في رقبتي على طول المدى, فلا يمكن أن أعيش بدون الآخر, ولا أستطيع حتى أن أمارس العبادة بدون الآخر, بل لا أستطيع الوصول إلى الله بدون الآخر أياً كان لونه أو دينه أو جنسه أو جنسيته أو عرقه أو معتقده.
إن الحضارة الإنسانية ازدهرت وازدهت بالتنوع، والأحادية لم تصنع إلا أفولاً وذبولاً, لذا فكم نحتاج لأن نختلف ونأتلف, ولنتيقن أن اللحن الواحد لا يمكن أن يعطي نغماً جميلاً, والعصفور الواحد لا يمكن أن يصنع ربيعاً, والزهرة الواحدة لا يمكن أن تصنع بستاناً!! .
قال محي الدين بن عربي أحد أشهر المتصوفين (25 يوليو 1165م – 8 نوفمبر 1240م)
قد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي .. إذا لم يكن ديني إلى دينه داني
لقد صارَ قلـبي قابلاً كلَ صُـورةٍ .. فـمرعىً لغـــــزلانٍ ودَيرٌ لرُهبـَــــانِ
أديـنُ بدينِ الحــــبِ أنّى توجّـهـتْ ركـائـبهُ ، فالحبُّ ديـني وإيـمَاني.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الصالون الثقافي العلاقات المسكونية القس رفعت فكري الكنيسة الإنجيلية اليوم العالمي للتسامح التسامح هو أن التسامح لا یمکن أن من خلال
إقرأ أيضاً:
نهج الحكمة
خليفة بن عبيد المشايخي
khalifaalmashayiki@gmail.com
يرى كثيرون أنَّ القناعة مع فهم الواقع والتعايش معه، أمرٌ لا يجنح بصاحبه نحو مهاوي الردى، ولا يجعله يشطط وفظًا غليظ القلب ناكرًا للمعروف والجميل الذي تلقاه من هنا وهناك، وحصل عليه بطيب خاطر دون إكراه وعدم القدرة على الإحسان.
ويأتي على أمة أن يكون رعاياها ليسوا في قمة الرضا عن ما تقدمه من خدمات وواجبات وعهود ووعود، وفي المقابل هناك من يحظى فيها، بكل سبل الراحة والطمأنينة والسكينة والسعادة والهدوء.
وفي الحقيقة إذا مر على الإنسان يوم لم يتلقِ فيه ما يزعجه ويكدر خاطره، ولم يصبه في نفسه وأهله وأولاده أية مصيبة أو حادثة، أخذت الصحة والحال والمال، فهو في خير ونعمة من الله تعالى، يجب أن يشكره عليها.
إننا بتنا نرى ونسمع في مختلف أصقاع المعمورة، عمن يركن إلى الهوى والفكر الضال غير المدروس والمتسرع في اتخاذ قرار الابتعاد عن الوطن، لسبب أو لآخر، والزج باسمه ونفسه في قائمة المعارضين والمناشدين للصلاح والإصلاح.
وينتج عن هذه التصرفات تبعات كثيرة ومآلات ضارة غير محمودة الجانب، تفتح العداوات وتثير النعرات، وتدعو إلى زعزعة الاستقرار والأمن والأمان، وتسيء إلى السلطات والرموز الوطنية، والى مقدرات البلاد وسائر الإنجازات التي تحققت عليها.
وسلطنة عُمان وهي تعمل في تحقيق تنمية مستدامة تطال الإنسان العُماني أينما وجد، فهي واحدة من تلك الأقطار التي تحترم آدمية الإنسان، بعدم اعتبار إساءاته- إن حدثت- أمرًا يقتضي ضرب الأعناق وهتك الأعراض والنيل من المسيء بأبشع الصور، للانتقام منه، مثل الكثير من دول العالم التي ليس لديها نفس طويل بالصبر على منتقديها، واعتبار الخارجين عليها أعداء لها، فحاشا أن تكون حكومتنا وسلطاننا بهذا الفكر.
لقد تابعنا منذ مدة، ابتعاد البعض عن تراب هذا الوطن ثم عودتهم إليه بعد غياب طويل، وتلك المعاملة الحسنة الطيبة التي وجدوها عندما وطأت أقدامهم أرض عُمان السلام والمحبة، حاصلين على عفو شامل، انطلاقًا من قاعدة "عفا الله عما سلف".
ولقد سُعدنا بذلك النهج الحكيم الأبوي الذي من شيمته الصفح والعفو وغض الطرف عن الإساءة، وكبح جماح النفس بعدم الشروع بالانتقام أو العداء أو الكره، أو الغضب وعدم ضبط النفس، من النيل من المسيء بالعقوبة المغلظة، أو بارتكاب أبشع الأفعال السيئة في حقه.
فما كان من معاملة حسنة وجدوها، هي تربية للمقصر، وإعطاء فرص له، للعدول عن فكره الضال، تشمل العفو عن الزلات، والتجاوز عن التقصير والأخطاء، بالترحيب به، بيد أن الوطن للجميع، ويتسع للجميع، وجميعنا يجب أن نكون في خندق واحد، وصف واحد من أجل وعُمان برمتها.
مما لا شك فيه أنه "إذا خليت خربت"، وهذا قد يكون قانونا في الأرض مستمر حتى قيام الساعة؛ إذ إن الصراع بين الحق والباطل، قائم حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
ولا غرابة إذن أن يكون هناك من هو شاذ عن القاعدة السوية، وعلى السلطات والنظام العام، التعامل مع ذاك الشذوذ وتلك النماذج، بحكمة وهدوء وعقلانية، وعدم الانجرار وراء الدوافع التي تقسوا على الأنفس، وإلا لن يكون هناك بناء وتقدم وتتطور واحتواء، ومعالجة الأحداث والوقائع بشيء من الهدوء والفكر الراقي والسماحة وإعمال العقل.
نقول دائمًا إن العدل والمساواة أمران يحققان توازناً ورضًا، وانسجاما وتناغما في تقدير الجهود التي تبذل، وما يحدث لدينا في عُمان بانتهاج كل ذلك، إنما يفضي إلى تحقيق معدلات نمو ممتازة، وجعل الجميع في حال من السعادة، وبمكانة مرموقة ومتقدمة، لا يشوبها ظلم ولا نقص، وكل عمل من الممكن أن يعتريه النقص، وكل امرئ يمكن أن يخطئ؛ فالكمال لله وحده.
حفظ الله جلالة السلطان المعظم- أيده الله- عزيزًا كريمًا على سخائه وتفهمه، وشكرًا لحكومتنا الرشيدة وأجهزتها الأمنية على الرحابة والسعة في التعامل برحمة ولطف، مع الأشخاص والشدائد والأحداث، التي ساءت وتسيء، والله نسأل أن يجمعنا على الخير من أجل عُمان وسلطانها المفدى.