قال الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين جامعة الأزهر، أنه يتساءل البعض عن حكم ما يحدث في بعض الأرياف من تغيير الأشخاص بسبب البلاء الذي يصيبهم في صحتهم أو أنفسهم أو عائلاتهم. في الإجابة على هذا السؤال، يتضح أن هناك علاجًا لهذا التصرف يتكون من شقين:

أولًا: التحذير من التعيير والشماتة

وتابع: من الواجب على المسلم أن يتجنب تعيير الآخرين بسبب ما أصابهم من بلاء في أنفسهم أو أهاليهم أو أموالهم.

كما أنه لا يجوز له أن يشمت في مصائب الآخرين، وهذه الأفعال محظورة في الإسلام، الأدلة على ذلك كثيرة، ومن أبرزها قوله تعالى: "وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ" (الهمزة: 1).

وقد بين العديد من المفسرين أن "الويل" هو العذاب في الآخرة، وذكروا أن الهمز واللمز يشمل العيب في الآخرين بأي شكل، سواء كان ذلك أمامهم أو خلف ظهورهم.

ثانيًا: كيفية التعامل مع أهل البلاء

وأضاف: يجب أن يتعامل المسلم مع أهل البلاء بحسن المعاملة، ويظهر لهم الإحسان والشفقة، ويسعى لتيسير أمورهم. فهذا النهج، كما بيّن القرآن الكريم والسنة النبوية، يعد من أعظم الأعمال عند الله. 

 

وفي هذا السياق، يقول الله تعالى: "فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ" (البلد: 11-16)، ويعد هذا من أرقى صور الإحسان.

ثالثًا: الدعاء عند رؤية أهل البلاء

عند رؤية مبتلى، ينبغي للمسلم أن يردد هذا الدعاء: "الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا". ويُستحب أن يقوله المسلم في نفسه، كما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "من رأى مبتلى فقال الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني عليك وعلى كثير من عباده تفضيلا لم يصبه ذلك البلاء" (رواه الترمذي).

 

من خلال التوجيهات النبوية، نجد أن الإسلام يحث على التعاطف مع الآخرين في محنتهم، والابتعاد عن التعسف أو التعير. ويجب على المسلم أن يتذكر دائمًا أن البلاء يمكن أن يصيب أي شخص، وأن التعامل مع المصائب يكون بالأخوة والتعاون والدعاء.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أهل البلاء الدعاء المسلم لله

إقرأ أيضاً:

أن تخالط الناس وتصبر على أذاهم

يمثل الإنسان بذاته لبنة من لبنات البناء المجتمعي، فالمجتمع هو عبارة عن أفراد يعيشون مع بعضهم البعض في جماعة وتحكمهم مجموعة من الروابط الأسرية والدينية والعادات والتقاليد، والقيم، والأعراف، والقوانين، والانتماء الجغرافي، فالإنسان يصعب عليه أن يعيش بمفرده، فحياته قائمة على تبادل المنافع ومشاركتها مع المحيط الذي حوله، فكان لزاما على المسلم أن يخالط الناس، ويتبادل معهم المنافع، ويكون له تأثير إيجابي على من حوله، فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلـم يقول: "خير الناس أنفعهم للناس" فنجد في هذا الحديث أن الخيرية ومرتبة التفضيل التي ينالها المسلم تتمثل في نفعه المتعدي إلى الناس، وهذا حث بليغ لكي يساعد الناس بعضهم لبعض، وأن تنتشر بينهم هذه القيمة الإنسانية الخلاقة.

وفي موضع آخر نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلـم شبه علاقة المسلم لأخيه المسلم بالبنيان، فقال: " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا" فهي علاقة قوية راسخة يسند فيها كل منهما الآخر، وعندما أراد عليه الصلاة وأزكى السلام أن يصور التواد والتراحم الذي يكون في المجتمع المسلم شبهه بالجسد الواحد، فقال: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

ففي هذه المعاني السامية التي تمثل هذه العلاقات المتينة والروابط القوية يتجلى أثر مخالطة الإنسان لأخيه في مجتمعه، فيتبادل معهم المنافع، ويقوم على شؤون أهل بيته وأسرته ومجتمعه، ويسعى إلى صلاح هذا المجتمع بالكلمة الطيبة، والحكمة، والموعظة الحسنة، وبالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.

كما أن عليه أن يخالط الناس ويشاركهم أفراحهم وأحزانهم، ويكون قريبا منهم فهو بذلك يكون أقرب لنفعهم، وأجدى لمشورتهم، وأكثر قبولا لنصحهم، ولكن عليه أيضا أن يكون محتملها لكلامهم واسع الصدر حليما كريما صبورا على الأذى، فطبيعة الناس مختلفة، وأفكارهم متباينة، وطباعهم متفاوتة، فعلى المرء أن يخالط الناس ويصبر على أذاهم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلـم في هذه المعاني: "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم".

ولذلك وضعت الشريعة الإسلامية مجموعة من الضوابط لهذه المخالطة وهي ضوابط أخلاقية يجب ان يتسم بها المسلم، منها أن يتصف بصفة العفو والتسامح وحسن المعاملة، كما أنه يجب عليه اجتناب المعاصي التي قد تحصل جراء هذه الخلطة في المجالس مثل الغيبة والنميمة، وعليه أن يتحلى بالصدق في أقواله وأفعاله، وأن لا تمتد يده أو لسانه بالأذى، وأن يعفو ويصفح على من أخطأ عليه من إخوانه، وأن يوقر الكبير، ويحترم الصغير، وغيرها من أخلاق التعامل التي حض عليها الدين الحنيف.

ولن يستطيع المسلم خدمة أفراد مجتمعه إلا إذا خالطهم وتعرف عليهم وأصبح عنده علم بضروفهم وأحوالهم، ووبذلك يحصل نفعه لهم، بمد يد العون والمساعدة، كما أن هذه الخلطة تؤصل مبدأ التكافل الإجتماعي، وتذيب الحواجز والفروقات الاجتماعية، وتجعل من أفراد المجتمع لحمة واحدة.

ولكن ينبغي الحذر من ان تكون مسألة المخالطة هي مطية أو عذر يعتذر به البعض من الذين يحضرون مجالس السوء، فالمسلم ينبغي منه أن يبتعد عن مجالس الفتن ويفر منها ويعتزلها، بل ويجب عليه أن يبحث عن الرفقة الصالحة والصحبة المعينة له على الخير، وأن تكون خلطته للناس في المجالس العامة النافعة، أو مجالس المناسبات سواء كانت أفراحا أو اتراحا، فالإنسان يتأثر بمن يجالسهم، ويتأثر بالبيئة التي يعتاد الجلوس فيها، فعلى المسلم أن يتحرى مجالس الصالحين، ويرتبط بقرناء الخير، ويبتعد عن قرناء السوء، لأن قرناء السوء يوردون أصحابهم المهالك، ويعينوهم على المعصية، ويبعدونهم عن الطاعة، ويزينون لهم المنكرات.

ولن يكتشف الإنسان حسن خلقه إلا من خلال الخلطة، مع أسرته ومع أبناء مجتمعه، فيقيس مدى حلمه عنهم، وصبره على أذاهم، وردة فعله على إسائتهم، وجميل تعامله معهم، فيربي نفسه على أن يكون في المجالس كما أمره الله عز وجل وكما ذكرته السير النبي من خلق الرسول صلى الله عليه وسلـم، فبذلك يربي نفسه، ويزكيها، ويصعد بها إلى أعلى المراتب حتى يكون أقرب الناس مجلسا للرسول صلى الله عليه وسلـم يوم القيامة، فالرسول الكريم يقول: " إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا".

ومن أشكال الخلطة النافعة زيارة الأرحام وتفقد أحوالهم والسعي لمصالحهم، وهذا يفتح أبواب الرزق، فالله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلـم " مَن أحبَّ أن يُبْسَط له في رزقه، وأن يُنسأ له في أثره فليصل رحمه" والزيارة لا تقتصر على السلام وتناول الطعام، وإنما تتجاوز ذلك بتفقد أحوال الناس، وتلمس حاجاتهم، وبذل الجهد في إعانتهم.

والمسلم الحصيف يوزع حالته بين الخلطة والعزلة، فيعرف متى يجب ان يكون في المخالطة، ومتى ينبغي له أن يكون في عزلة، فالوقت عنده موزع ومحسوب، وتصرفاته مدروسة، فيجعل للخلطة وقت يعين فيه إخوانه ويزكي فيه نفسه من خلال نيته في نفعه للناس، ولكن لا ينسى أن يكون في عزلة مع نفسه ومع ربه، فهو يوافق بين الأمرين.

مقالات مشابهة

  • البلاء في حياة المسلم: اختبار للثبات ومغفرة من الله
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن مقتل جندي أصيب في معركة بلبنان
  • كيف تصبر على الموت الأحبة؟ موعظة للشيخ الشعراوي تجعل نفسك راضية مطمئنة
  • جيش الاحتلال: مقتل جندي أصيب في معركة بلبنان
  • ما هو النذر؟ وما هي أنواعه؟
  • أحد المبشرين بالجنة.. من الصحابي الذي سنّ قانون "من أين لك هذا؟
  • دعاء إصلاح حال الأبناء وإرشادهم للطريق الصحيح.. كنز ثمين في أيدي الآباء
  • أن تخالط الناس وتصبر على أذاهم
  • أفضل دعاء لحفظ النفس.. كلمات رددها النبي لدرء البلاء والفواجع