السعودية في نفق مظلم بفعل تشديد سياسة حظر حرية الرأي والتعبير
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
يمانيون – متابعات
يجمع مراقبون على أن السعودية تسير في نفق مظلم تحت حكم ولي العهد محمد بن سلمان الذي يصعد في تشديد سياسة حظر حرية الرأي والتعبير وسحق الحريات.
ويبرز المراقبون أن حتى أمراء العائلة الحاكمة لم يعُد بإمكانهم التعبير عن وجهات نظرهم ولو في أمور عامة كالشأن الرياضي، في ظل تواتر أخبار اعتقال الأميرين خالد بن طلال وفيصل بن يزيد.
وأشاروا إلى اعتقال السلطات السعودية الإعلامي د.محمد الحاجي، دون معرفة أسباب الاعتقال حتى الآن، وذلك ضمن سلسلة اعتقالات نفذتها السلطات السعودية منذ بداية العام، استهدفت فيها عدداً من مشاهير منصات التواصل الاجتماعي.
والحاجي حاصل على الدكتوراة في العلوم السلوكية، ويقدم عدداً من البرامج عبر موقع يوتيوب، من أبرزها بودكاست آدم عبر إذاعة ثمانية، كما أنه لم يكن له أي نشاط سياسي.
وأدانت منظمات حقوقية اعتقال السلطات السعودية للإعلامي الحاجي، ودعت إلى الافراج الفوري عنه، ووقف حملة الاعتقالات المستمرة في المملكة، والتي تسحق حرية الرأي والتعبير
ويرى المراقبون أن اعتقال الحاجي المتخصص في العلوم السلوكية والاجتماعية هو تكريس لسياسة تفريغ البلد من كفاءاته ونخبه واعتقال المؤثرين الذين يريدون النهوض بواقع الشباب في الوقت الذي يعيث فيه التافهون في عقول الشباب وأفكارهم.
في السياق ذاته يتناقض اتهام الأختين السعوديتين مناهل وفوز العتيبي على إثر اختيار لباسهما ودعمهما حقوق المرأة تناقضًا صارخًا مع خطاب السلطات عن الإصلاح وتمكين المرأة.
وتواجه الناشطتان على وسائل التواصل الاجتماعي مناهل (الصورة الأولى يسارا) وفوز (الصورة الثانية) عددًا من التهم على خلفية دعمهما السلمي لحقوق المرأة وارتداء ملابس “غير محتشمة” والتغريد تحت وسوم نسوية.
وكان من المنتظر أن تَمثل مدرّبة الرياضة مناهل، التي اعتُقلت في 16 نوفمبر 2022، أمام المحكمة الجزائية المتخصصة يوم 26 يوليو 2023 في أولى جلسات محاكمتها، ولكنها أُجلت دون تحديد تاريخٍ جديدٍ. وتقبع حاليا في سجن الملز في الرياض.
وفرّت أختها فوز من السعودية بعدما استُدعيت في عام 2022، ولا تزال عرضةً لخطر السجن في حال عادت إلى بلدها.
وما فتئت الأخت الثالثة، وهي الناشطة في مجال حقوق المرأة مريم العتيبي (الصورة الأولى يمينا)، تخضع لحظر سفر غير رسمي داخل البلد نتيجة نشاطها.
وقد تواصلت مع العديد من الهيئات السعودية بما في ذلك وزارة الداخلية ورئاسة أمن الدولة وهيئة حقوق الإنسان السعودية في محاولةٍ لرفع الحظر، ولكن دون جدوى حتى الآن.
وتواجه مناهل وفوز معًا تهمًا بموجب نظام مكافحة جرائم المعلوماتية القمعي تشمل “الاعتراض على الأنظمة المتعلقة بالمرأة مثل نظام الولاية والحجاب” و”المشاركة في العديد من الوسوم التي تعارض تلك الأنظمة، ولاسيما إسقاط الولاية” و”مشاركة العديد من الصور ومقاطع الفيديو بملابس غير محتشمة على حسابيهما على مواقع التواصل الاجتماعي”، و”الخروج إلى الأسواق دون لبس العباءة، وتصوير ذلك ونشره على سناب شات”.
وتسلط قضاياهن الضوء على غموض الإصلاحات السعودية التي رُوّج لها كثيرا في السنوات الأخيرة بخصوص حقوق المرأة، بما في ذلك مسألة لباس المرأة.
وفي إطار توجه البلد نحو الانفتاح على السياحة، أعلنت السلطات في عام 2019 عن تخفيف قواعد اللباس لزائرات السعودية الأجنبيات.
ومع ذلك، لم يشمل هذا التخفيف المواطنات والوافدات اللواتي يواجهن بدلاً من ذلك عدم اليقين القانوني، وأوردت العديد من التقارير اعتقال سعوديات أخريات منذئذ بناءً على تهم غامضة وفضفاضة بارتداء ملابس “غير محتشمة”.
وعلقت رئيسة قسم الرصد والمناصرة في القسط لينا الهذلول قائلة: “على الرغم من خطابات الإصلاح، لاتزال النساء في السعودية يعشن في خوف وعدم يقين بخصوص أبسط الحريات الشخصية، بما في ذلك اختيار ما يرتدينه.
وفي غياب الشفافية أو أي مبادئ توجيهية واضحة، لا تعرف النساء الحدود التي لا ينبغي تخطيها والعواقب المحتملة لاختياراتهن الشخصية”.
وتعد هذه الرسائل المختلطة سمةً من سمات الإصلاحات التي طالت حقوق المرأة السعودية بصورة أعم.
ومع أن السلطات أزالت بعض القيود المفروضة على النساء بموجب نظام الولاية، لاتزال العديد من خصائصه قائمةً.
ويساعد نظام الأحوال الشخصية لعام 2022 الذي طال انتظاره والذي كان من المفترض أن يشكل إصلاحا مهما، على تقنين العديد من العناصر التقييدية في النظام بدل إلغائها، بما في ذلك في مسائل الزواج والطلاق وحضانة الطفل والإرث.
وعلاوةً على ذلك، لاتزال تُستهدف وتُعاقب النساء اللواتي يدعون سلميا إلى الحصول على حقوقهن الأساسية، كما تكشف ذلك مرةً أخرى قضيةُ الأخوات العتيبي.
وأدانت المحاكم السعودية في الشهور الأخيرة العديد من النساء وأصدرت ضدهن أحكاما بالسجن لمدد طويلة على خلفية نشاطهن الحقوقي السلمي على وسائل التواصل الاجتماعي، بمن فيهن سلمى الشهاب (27 سنة)، وفاطمة الشواربي (30 سنة)، وسكينة العيثان (40 سنة)، ونورة القحطاني (45 سنة).
وجاء ذلك في خضم حملة قمعية مكثفة على النشاط على وسائل التواصل الاجتماعي عمومًا، وسجن السلطات بكل جرأة الأفراد بسبب تغريدات سلمية، مشيرةً إلى أنه لا أحد في مأمن.
وفي الوقت نفسه، لاتزال تواجه نسيمة السادة وسمر بدوي ولجين الهذلول، اللواتي لطالما دافعن عن حقوق المرأة، قيودًا مشددةً منذ أن أخلي سبيلهن، ولاسيما حظر السفر الذي يمنعهن من مغادرة البلاد.
وتعلق لينا الهذلول من القسط قائلة: “إن نضال الأخوات العتيبي دليلٌ آخر على الوعود الفارغة للقيادة السعودية بالإصلاح. ولا تزال النساء السعوديات يتعرضن للاعتقال ويخضعن للمحاكمات الصورية على خلفية المطالبة بحقوقهن أو لمجرد اعتقادهن أنهن أصبحن الآن يملكن حرية ارتداء ما يردن”.
ودعت منظمة القسط السلطات السعودية إلى الإفراج فوراً ودون شروطٍ عن مناهل العتيبي وكافة المحتجزات حاليا في المملكة على خلفية الممارسة السلمية لحرياتهن الأساسية. وعلاوةً على ذلك، تدعو القسط السلطات السعودية إلى تعديل الأحكام التمييزية الواردة في نظام الأحوال الشخصية وإلغاء نظام الولاية برمته.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: التواصل الاجتماعی السلطات السعودیة حقوق المرأة بما فی ذلک على خلفیة العدید من
إقرأ أيضاً:
اختلاف الرأي له حدود
سالم كشوب
sbkashooop@gmail.com
من الطبيعي أن نجد وجهات نظر مختلفة بين البشر في مختلف مواضيع الحياة وكل طرف يحاول أن يُبرر حسب اعتقاده بأن ما يؤمن به ويقتنع به هو الصحيح ولكن أن يصل اختلاف الرأي إلى الابتعاد عن جوهر الموضوع والنقاش والتطرق إلى الأمور الشخصية لأي طرف فاعتبره خطأ ويعبر عن شخصية لا تُؤمن بلغة الحوار والنقاش واحترام وجهات النظر الأخرى وهو من وجهة نظرنا المتواضعة يرمز إلى وجود شخصية محدودة التفكير والإدراك ولا تعبر عن المجتمع الواعي المتحاب الذي مهما اختلف في التوجهات والآراء تظل لغة الاحترام والتآخي هي السائدة وهذه طبيعة المجتمعات العربية التي نشأت على الأخلاق الحميدة وحسن الجوار والتعامل الحسن الذي يدل على الثقة بالنفس وليس الضعف أو عدم القدرة على المواجهة أو الرد.
للأسف الشديد ما نراه من بعض النقاشات في فضاءات التواصل الاجتماعي التي أصبحت تشغل بال وتفكير ومتابعة الكثيرين- لا سيما الجيل الشاب- انحرف عن مسار النقاش الهادف إلى التركيز على الأمور الشخصية للفرد ومحاولة التقليل والنيل منه فقط لاختلاف وجهة نظر في موضوع ما، وبالتالي بدلاً من وجود نقاشات مثرية إيجابية يُستفاد منها، أصبحت وسيلة لكسب المزيد من المتابعات والتعليقات والمحصلة للأسف صفر وبالتالي من الأهمية بمكان لأي فرد أن يعي تمام أن اختلاف الرأي له حدود معينة ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتحول من الموضوع محل النقاش إلى أمور سطحية لا تعني للمتلقي والمستمع أي شيء؛ بل بالعكس يولد صورة غير صحيحة لمجتمع ما نتيجة ما يتم تداوله في منصات التواصل الاجتماعي.
علينا جميعاً أن ندرك أننا مسؤولون أمام الله أولاً وأمام أنفسنا وأمام وطن ينتظر منَّا الشيء الكثير أن نعي قيمة ما يتم طرحه وتداوله فأغلب مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي من فئة الشباب وبالتالي من الأهمية بمكان الطرح والنقاش الإيجابي المثري والتركيز على كل ما من شأنه خدمة وتطوير وتنمية الوطن والابتعاد عن الدخول في مواضيع ونقاشات لا طائل منها أو مردود إيجابي غير المشاحنات والمناكفات ونحن في عصر يتم استخدام تلك المنصات الرقمية للتأثير السلبي في عقلية ونمط تفكير المجتمعات، مما يتطلب الوعي ثم الوعي ثم الوعي بطريقة التعامل مع تلك المنصات وما يتم ضخه من مواضيع وتغريدات في ظاهرها تناقش مواضيع عامة وتمس المجتمع ولكن من يتمعن في أسلوب الطرح وسرد المعلومات والنقاش يدرك أنها تهدف إلى التأثير السلبي والتركيز على نشر حقائق مزيفة ومصطلحات وردود استفزازية بهدف إثارة بلبلة وتشتيت وردات فعل سلبية والمحصلة مشاحنات وضياع وقت بدون أي فايدة أو أثر إيجابي مردود.
للأسف تتحمل بعض المنصات الإخبارية دورا سلبياً في عملية الإثارة السلبية من خلال تسليط الضوء على بعض المواضيع والطرح الذي لا يقدم أي فائدة مرجوة سواء للمتلقي أو المجتمع إلا فقط ردود فعل سلبية، مما يتطلب أولاً أن يعي القائمين على تلك المنصات أنهم أمام مسؤولية كبيرة أمام الله وأمام مجتمع ينتظر منهم تقديم ما هو إيجابي ومفيد وأيضاً أهمية أن تقوم الجهات المسؤولة عن تلك المنصات بمتابعة ما يتم نشره ليس من باب تضييق الحريات وإنما ضمان تقديم محتوى يسهم في التوعية ويتماشى مع متطلبات وظروف العصر.
ختامًا وكما أشرنا في البداية، فإنَّ اختلاف وجهات النظر سنة كونية ولا يوجد بها أي إشكالية، ولكن من المهم أن تكون في حدود معينة وفي جو يسوده الاحترام المتبادل، ويُظهر للمتلقي نضج ونبل صاحب الطرح وفي المقابل الطرف الآخر قد يتفق أو لا يتقبل ذلك الطرح ولكن ليس من الإنسانية أو الأخلاق أو تعاليم ديننا الحنيف أن ينتقل الاختلاف إلى مهاترات وسب والتعرض للحياة الشخصية لكل طرف ولا ينزل إلى مستوى في النقاش لا يتناسب مع نمط تفكيره لمجرد ردة فعل غاضبة مُؤقتة.
رابط مختصر