بين الطيبات والحلال.. رحلة الطعام في الشرع وأثره على أخلاق المسلم
تاريخ النشر: 16th, November 2024 GMT
أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، أن تحريم الحلال أو تحليل الحرام كلاهما يشتركان في عقلية واحدة تعبر عن عدم الاكتفاء بشرع الله، سواء بالزيادة أو النقصان.
علي جمعة يكشف سرُّ الاتزان وحلُّ أسئلة الوجود نصائح الدكتور علي جمعة لتحسين القلوب وتوطيد العلاقة مع اللهوأوضح أن الطيبات من الرزق أحلها الله لكل الناس كنعمة مشتركة لجميع الخلق، لكن هذا الرزق في الآخرة يكون خاصًا بالمؤمنين، مشيرًا إلى قوله تعالى: "قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَتِى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِى الحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ القِيَامَةِ" [الأعراف: 32].
وأشار جمعة إلى أن الله سبحانه وتعالى ضمن للخلق رزقهم من الطيبات في هذه الدنيا، مما يجعل الطعام جزءًا أساسيًا من مائدة الرحمن التي تشمل الكون كله. وأضاف أن مفهوم الطعام يرتبط في الإسلام بأخلاقيات المسلم وسلوكه، حيث يُعد وسيلة لشكر النعمة ووسيلة للتقرب إلى الله من خلال الامتناع عن الإسراف وتحريم الحرام.
تحريم الطعام في بني إسرائيلتطرق جمعة إلى واقعة تحريم بني إسرائيل لبعض الأطعمة، موضحًا أن هذا التحريم لم يكن منصوصًا عليه في التوراة، وإنما كان نتيجة قرار فردي من سيدنا يعقوب (إسرائيل) لبعض الوقت. واستدل بقوله تعالى: "كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًا لِّبَنِى إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ" [آل عمران: 93].
الطعام والإطعام في الأعياد الإسلاميةوأضاف جمعة أن الطعام له مكانة خاصة في المناسبات الإسلامية، حيث قرنه النبي ﷺ بذكر الله كرمز للفرحة وشكر النعمة، مستشهدًا بقوله: "أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل" [رواه أبو داود]. وأوضح أن هذه العلاقة بين الطعام والشرع لها أثر مباشر على أخلاق المسلم وسلوكه، مما يؤكد أهمية الإطعام في بناء الروابط الإنسانية.
علاقة الطعام بالنفس: نظرة إسلاميةوفي ختام حديثه، أكد الدكتور علي جمعة أن الإسلام سبق الغرب في الربط بين الطعام والحالة النفسية، بالرغم من عدم تأسيس ما يسمى بـ"علم نفس الطعام" في الغرب حتى الآن. وأشار إلى أن القرآن الكريم يمتلئ بالآيات التي ترشد الإنسان إلى السعادة في الدنيا والآخرة، مما يجعل كتاب الله هاديًا شاملاً للبشرية في كل شؤون حياتها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الطعام الإسلام جمعة علي جمعة علی جمعة
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: الزوجة الصالحة من أفضل متاع الدنيا
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان عباد الرحمن يسألون الله من كل خير سأله سيدهم ونبيهم محمد ﷺ، ويتعوذون من كل شر تعوذ منه ﷺ ، ويخصون من الخير الذي يسألونه أن يبارك الله لهم في زوجاتهم أو أزواجهم وذريتهم ويصلحهم، ويجعلهم قرة عين لهم، والمقصود هنا أن يكونوا قرة عين لهم بأخلاقهم الفاضلة وسلوكهم القويم ومكانتهم الطيبة.
وأضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ان الزوجة الصالحة من أفضل متاع الدنيا كما ورد ذلك عن النبي ﷺ ، حيث قال : «الدنيا كلها متاع ، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة» [رواه مسلم]، والمرأة الصالحة هي التي تحقق السعادة والاستقرار، فقد وصفها النبي ﷺ بصفات في قوله : «إذا نظرت إليها سرتك، وإذا غبت عنها حفظتك، وإذا أمرتها أطاعتك» [الجامع الصغير]، وهم كذلك يدعون ربهم بالمرأة الصالحة في الدنيا كما في قوله تعالى : (وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) ، فقد ورد عن علي رضي الله عنه أنه قال : حسنة الدنيا المرأة الصالحة [أورد ذلك القرطبي في تفسيره، والمناوي في فتح القدير].
فالزوجة للزوج سكن واستقرار والزوج للزوجة كذلك وإذا ما حدث ذلك السكن والاستقرار تهيأ طريق العبادة والإقبال على الله سبحانه وتعالى، قال تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
وأخبر ربنا أن الزواج والإنجاب من سنن الأنبياء عليهم السلام فقال تعالى مخاطبا نبيه ﷺ : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً).
وشأن الزواج عظيم، فقد سماه ربنا في كتابه الميثاق الغليظ، قال سبحانه : (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظًا ).
وقد امتن ربنا سبحانه وتعالى على عباده بأنه جعل لهم الأزواج والذرية، فقال سبحانه : (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ).
وثمرة الزواج الولد (كل مولود)، والولد الصالح من خير الأعمال التي يتركها الإنسان بعد موته قال النبي ﷺ : «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة، إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له».
فالولد الصالح ينفع والديه في الدنيا ببره لهما وصلته لأرحامهما، ودعائه لهما، ويحقق لهما الافتخار المشروع الذي يرجع الفضل فيه إلى الله سبحانه وتعالى، وصلاح الأبوين فيه حفظ للذرية كما أثبت القرآن ذلك المعنى في قصة سيدنا موسى عليه السلام مع الخضر عندما سأله سيدنا موسى عن سبب بناء الجدار، فقال تعالى حكاية عنهما : (فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِداَرًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا) .... إلى أن قال سبحانه حكاية عن الخضر عليه السلام : (وَأَمَّا الجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِى المَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِى ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا).
فمن صفات عباد الرحمن إذن أنهم يقصدون الله ويتوجهون إليه وحده في الدعاء بصلاح الأزواج والذرية، وعلمنا أثر صلاح الأزواج والذرية على الفرد والمجتمع رزقنا الله الصلاح والإصلاح آمين.