عربي21 تكشف تفاصيل عن عصابات نهب المساعدات في غزة بغطاء من الاحتلال
تاريخ النشر: 16th, November 2024 GMT
يطلق الاحتلال الإسرائيلي يد عصابات ومجموعات مسلحة خارجة عن القانون في قطاع غزة، لاعتراض قوافل المساعدات والبضائع القادمة من المعابر التي يسيطر عليها، في جريمة ممنهجة، تهدف إلى تعميق أزمة الجوع في القطاع، وخلق حالة من الفوضى والأزمات الاقتصادية والأمنية.
وفق تحليل لخطوط سير قوافل المساعدات، كان واضحا أن المنطقة التي تحدث فيها أغلب عمليات النهب تخضع بالكامل لسيطرة جيش الاحتلال، بل وتتمركز فيها قوات راجلة ومؤللة، وعلى بعد مئات الأمتار فقط من حواجز العصابات، ما يؤكد تورط قوات الاحتلال فيما يجري.
وتكشف "عربي21" تفاصيل مثيرة عن هذه العصابات وطريقة عملها، والمناطق التي ينشطون فيها لاعتراض قوافل الإغاثة القادمة عبر المنافذ الحدودية.
من هم أفراد هذه العصابات؟
أكد مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي، إسماعيل الثوابتة، أن أفراد العصابات التي تعترض قوافل المساعدات هم من أصحاب السوابق الجنائية، وعليهم قضايا سابقة وأحكام صادرة بحقّهم تدينهم من قبل الجهات القضائية في قطاع غزة، وجزء منهم محكوم في القضايا المُدانين فيها.
ولفت الثوابتة في تصريح خاص لـ"عربي21" إلى أن "بعض هذه الفئات تقوم بالتنسيق مع الاحتلال لمعرفة موقع تحرك شاحنات المساعدات وأنواعها؛ من أجل السطو عليها وسرقتها تحت نظر الطيران الإسرائيلي".
غير أن مصادر أمنية كشفت لـ"عربي21" أن بعض زعماء هذه العصابات هم عملاء للاحتلال بالفعل، ويتلقون منه تعليمات مباشرة لإحداث فوضى أمنية في القطاع، بل ويحصلون على أسلحة خفيفة وذخائر، مشيرة إلى أن أحدهم حاولت المقاومة تصفيته قبل أسابيع قليلة لكنه نجا من هذه المحاولة.
كيف مهد الاحتلال لانتشار العصابات؟
لا يمكن فصل انتشار هذه العصابات والمجموعات المسلحة، عن الاستهداف الممنهج الذي مارسته قوات الاحتلال منذ بدء الحرب، للعناصر والقيادات الشرطية، والأمنية التي كانت تؤمن طريق المساعدات الواردة من معبر رفح، والمعابر الأخرى، الأمر الذي خلق فراغا أمنيا كبيرا استفادت منه مافيا اعتراض المساعدات، وبدأت تنشط في مناطق تخضع بالكامل تحت سيطرة قوات الاحتلال.
في هذا السياق، أفادت 29 منظمة دولية غير حكومية بأن جيش الاحتلال يشجع على نهب المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، عن طريق مهاجمته قوات الشرطة الفلسطينية التي تحاول تأمين المساعدات.
وجاء في تقرير مشترك لهذه المنظمات، ومن بينها "أطباء العالم" و"أوكسفام" والمجلس النرويجي للاجئين أن "النهب مشكلة متكررة، نتيجة استهداف "إسرائيل" ما تبقى من قوات الشرطة في غزة، وانعدام الطرق وإغلاق معظم نقاط العبور.
وأضاف التقرير أن "الجيش الإسرائيلي" لا يمنع نهب شاحنات المساعدات ولا يمنع العصابات المسلحة من ابتزاز المال من المنظمات الإنسانية، مشيرا إلى أنه في بعض الحالات حينما كان عناصر الشرطة الفلسطينية "يحاولون اتخاذ إجراءات ضد اللصوص، تعرضوا لهجوم من الجيش الإسرائيلي".
متى تفاقمت المشكلة؟
تفاقمت مشكلة العصابات المسلحة منذ أن سيطر جيش الاحتلال على معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر في آيار/ مايو، وأغلقت مصر المعبر ردا على ذلك.
كان معبر رفح هو الممر الرئيسي لإدخال البضائع إلى غزة، ومنذ إغلاقه، دخلت معظم المساعدات والتي تعد شحيحة للغاية، عبر معبر كرم أبو سالم، ثم من معبر كيسوفيم شرق دير البلح والذي افتتح قبل أيام.
تكمن المشكلة الآن في أن العصابات المسلحة تسيطر على المنطقة من جانب غزة، مستغلة حالة الفراغ الأمني، وغض الطرف الإسرائيلي عن نشاطها في المناطق الحدودية.
أين يتم اعتراض المساعدات؟
تنتشر العصابات المسلحة في المناطق الحدودية التي تمر منها المساعدات، لا سيما القادمة عبر معبر "كرم أبو سالم" الحدودي في أقصى جنوب شرق محافظة رفح، ومعبر كيسوفيم شرق دير البلح وسط القطاع، والذي جرى افتتاح مؤخرا.
تستغل هذه العصابات المناطق المفتوحة التي لا تستطيع القوى الشرطية الوصول إليها أو التمركز فيها، بسبب تعمد الاحتلال استهداف قوى الأمن وعناصر تأمين المساعدات.
علمت "عربي21" من مصدر ميداني أن قوافل المساعدات القادمة من معبر كرم أبوسالم تمر بمحاذاة منطقة مطار غزة الدولي المدمر شرق رفح، ثم إلى منطقة المشروعإلى الغرب، وصولا إلى شارع صلاح الدين.
لا تقتصر عمليات النهب في المناطق الحدودية، فقط، أو محيط معبر كرم أبو سالم، بل وسعت هذه العصابات نشاطها، لتشمل مناطق جديدة، خصوصا مداخل المدن والمحافظات والمخيمات الواقعة على شارع صلاح الدين، والذي يصل جنوب قطاع غزة بشماله.
لكن توسيع هذه النشاطات يأتي أيضا في إطار إجراء احترازي تتخذه العصابات في محاولة للإفلات من الملاحقة الأمنية، حيث كشفت مصادر لـ"عربي21" أن العديد من عمليات السرقة والنهب سجلت في منطقة "التحلية" بخانيونس، وعلى مدخل مدينة دير البلح، ومنطقة تبة النويري شمال غرب النصيرات بالمحافظة الوسطى، فضلا عن مدخل مخيم المغازي في المحافظة الوسطى. إضافة إلى بعض المناطق الأخرى وسط وجنوب القطاع.
كيف يتم اعتراض المساعدات؟
تراقب عصابات النهب والسرقة قوافل المساعدات القادمة من المعابر، خصوصا معبر كرم أبو سالم شرق رفح، وما إن تخرج من البوابة، ينصب اللصوص لها كمائن على بعد مئات الأمتار من مواقع جيش الاحتلال، وذلك بوضع عوائق من الحجارة، أو بملاحقة الشاحنات واعتلائها، وأحيانا عديدة بإطلاق النار صوب السائقين أو إطارات الشاحنات، ما يتسبب في توقفها، ويسهّل السيطرة عليها.
في أعقاب ذلك، يقود اللصوص الشاحنات صوب مناطق بعينها تقع قرب الحدود الشرقية لرفح، أي في مناطق تخضع بالكامل لقوات الاحتلال، بل وتصنف مناطق عمليات، وهناك يجري إنزال الحمولات من المساعدات، تمهيدا لبيعها مجددا في السوق السوداء بمبالغ باهظة، لا يستطيع النازحون شرائها.
في أحيان أخرى، يقوم المسلحون بطلب فدية من بعض الشاحنات، لا تقل عن 5 آلاف دولار مقابل السماح لها بمواصلة السير نحو وجهتها النهائية، وغالبا ما يتم هذا الإجراء مع الشاحنات التي تتبع القطاع التجاري، والمخصصة للبيع في الأسواق، الأمر الذي يتسبب أيضا في رفع أسعار تلك البضائع، بعد حساب الإتاوة التي فُرضت عليها.
ما الدلائل على تورط جيش الاحتلال؟
تجرى عمليات النهب والسرقة تحت أعين قوات الاحتلال، بل هو من يحدد خط سيرها وفق خرائط تسلم للسائقين، ويمنعهم من سلوك طرق بديلة ربما تكون آمنة نسبيا، ورفض مرات عديدة مساعدة سائقي شاحنات تعرضوا لهجمات من اللصوص.
ترفض قوات الاحتلال تمركز أي قوة شرطة في غزة، سواء فلسطينية أو دولية، لإيصال المساعدات إلى السكان، الأمر الذي فاقم أزمة الجوع.
تتميز المنطقة التي يتم فيها نهب المساعدات الإنسانية بأنها شديدة الخطورة، ومصنفة منطقة قتال خطرة، وتقع تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي، وهذا يعني أنه يمنع فيها وجود الفلسطينيين الذين يحملون أسلحة.
وكشف تحقيق نشرته "هآرتس" أن "الجيش الإسرائيلي" يتيح لعصابات مسلحة ابتزاز شاحنات المساعدات وأخذ الخاوة منها، ومن يرفض تبقى مساعداته في مخازن "الجيش" داخل معبر كرم أبو سالم.
ولفتت إلى أن "الجيش" يقصف أي قوة أمنية أو شرطة تتقدم لحماية قوافل المساعدات، لكنه لا يقوم بالشيء نفسه مع العصابات المسلحة التي تسرق هذه الشاحنات، وهو دليل واضح على رعايته لهذه الفوضى.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير من إحدى المنظمات العاملة بغزة لم تسمه: "رأيت دبابة إسرائيلية ومسلحا ببندقية كلاشينكوف على بعد مائة متر فقط منها، ضرب المسلحون السائقين وأخذوا كل المساعدات".
ماذا موقف الحكومة في غزة؟
الحكومة في غزة بدورها قالت إن فئات منفلتة وخارجة عن القانون تعمل في جنوب قطاع غزة على سرقة شاحنات البضائع والمساعدات المخصصة للتجار "بشكل يُسيء لشعبنا الصامد ويُسيء لتضحياته، ويعمل على تأزيم ظروف الحياة للنازحين".
مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي، إسماعيل الثوابتة قال في تصريح خاص لـ"عربي21"، إن الحكومة "حاولت منذ اللحظة الأولى معالجة هذه الإشكالية مع الفئة الخارجة عن القانون، ونجحت بشكل نسبي في هذا الأمر، ولكن مازالت المشكلة قائمة إلى يومنا هذا".
وأكد الثوابتة أن "هذه الفئات تعمل في مساحة جغرافية لا تستطيع الطواقم الشرطية التحرك فيها بسبب خطورة الوضع الأمني الذي يفرضه جيش الاحتلال ، وعلاوة على ذلك فإن هذه الفئة الخارجة عن القانون يتحركون تحت نظر الاحتلال، ما يساعد في تعزيز سياسة التجويع المتعمد.
وشدد على أن سلوك هذه العصابات الخارجة عن القانون يتماشى ويتساوق مع أهداف الاحتلال "الإسرائيلي" وسياساته العدوانية بحق شعبنا الفلسطيني.
ولفت الثوابتة إلى أن الحكومة في غزة تبذل كل الجهود في إطار معالجة المواقف الميدانية مع هذه العصابات الخارجة عن القانون، والكثير منهم قام بتسليم نفسه للأجهزة الحكومية وأعرب عن تراجعه عن هذه السلوكيات، وتعهّدوا بعدم تكرار هذا الأمر.
وقال : "سنستمر بكل الطرق المتاحة وبكل الوسائل؛ من أجل تحييد هذه الفئة الخارجة عن القانون من أجل ضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها من أبناء شعبنا، ومن لا يستجيب سنتعامل معه وفق القانون".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الاحتلال عصابات غزة نهب المساعدات الفلسطينية فلسطين غزة الاحتلال عصابات نهب المساعدات المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الخارجة عن القانون العصابات المسلحة معبر کرم أبو سالم قوافل المساعدات قوات الاحتلال جیش الاحتلال هذه العصابات قطاع غزة إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
الأونروا: منع دخول المساعدات إلى غزة عقاب جماعي ويقرّب القطاع من مجاعة حادة
#سواليف
حذّر المفوض العام لوكالة ” #الأونروا “، فيليب #لازاريني، من أن استمرار #الحصار المفروض على قطاع #غزة ومنع إدخال #المساعدات الإنسانية منذ ثلاثة أسابيع، يفاقم #خطر #المجاعة ويشكل “عقابًا جماعيًا” بحق السكان.
وقال لازاريني في منشور له على منصة “إكس”،: مرّت ثلاثة أسابيع منذ أن منعت سلطات #الاحتلال دخول الإمدادات إلى غزة: لا #طعام، لا #أدوية، لا #مياه، ولا وقود. هذا حصار مشدد أطول من ذلك الذي فُرض في المرحلة الأولى من الحرب.
وأضاف أن “سكان غزة يعتمدون على الواردات عبر إسرائيل للبقاء على قيد الحياة. وكل يوم يمرّ دون دخول مساعدات يعني مزيدًا من الأطفال يخلدون إلى النوم جائعين، وتفشّي الأمراض، وتعمّق مظاهر الحرمان”.
مقالات ذات صلةوشدّد لازاريني على أن “منع دخول المساعدات يشكل عقابًا جماعيًا لغزة، حيث أن الغالبية الساحقة من سكانها هم من الأطفال والنساء والرجال العاديين”.
ودعا إلى رفع الحصار فورًا، قائلاً: “يجب رفع الحصار، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية والإمدادات التجارية بلا انقطاع وبكميات كافية”.
الجيش الإسرائيلي يعلن استكمال حصار حي “تل السلطان” في رفح.
في المقابل، يواصل جيش الاحتلال حربه على قطاع غزة، وارتكاب مجازر دموية بحق الفلسطينيين، فيما حذّرت المديرية العامة للدفاع المدني في قطاع غزة، في بيان، من “خطر محدق يتهدد أرواح ما يزيد عن 50,000 فلسطيني في منطقة البركسات، غرب محافظة رفح، بعد محاصرتهم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
كما حذّرت المديرية من “المساس بطواقم الدفاع المدني التي تعرضت للحصار في ذات المنطقة بعد تدخلها لإنقاذ طواقم من الهلال الأحمر”، مشيرة إلى أن “الاتصال بهم ما زال مفقودًا”.
ودعت الصليب الأحمر والمنظمات الدولية إلى “القيام بمسؤولياتها في حماية المواطنين والطواقم المحاصرة”.
وأفادت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي لا تزال تحاصر أربع مركبات إسعاف تابعة لها في رفح جنوب قطاع غزة، مشيرةً إلى أن الاتصال لا يزال مفقودا مع الطاقم المحاصر.
وأضافت الجمعية في بيان، اليوم الأحد، أنها لا تزل تنتظر الضوء الأخضر للوصول إلى الطاقم المحاصر في منطقة الحشاشين في رفح.
وكانت الجمعية قد أعلنت، صباح اليوم، إصابة عدد من مسعفي الجمعية برصاص الاحتلال الإسرائيلي خلال محاصرتهم في المنطقة منذ عدة ساعات.
وذكرت مصادر محلية أن طائرات الاحتلال المسيّرة أطلقت نيرانها صوب مركبات الإسعاف، وسط قصف مكثف من مدفعية الاحتلال يستهدف المنطقة.