أعلنت السفارة الأمريكية لدى اليمن اليوم السبت، عن دعم مبادرتين لحماية التراث الثقافي اليمني والحفاظ عليه، بتمويل من صندوق سفراء الولايات المتحدة للحفاظ على التراث الثقافي، ضمن جهود التعاون بين البلدين لحماية واستعادة التراث الثقافي.

وأوضحت السفارة في بيان صحافي، ان المبادرة الأولى التي أطلقتها بالشراكة مع وزارة الثقافة، تتضمن مشروع ترميم قلعة القاهرة التاريخية في تعز، وتركز على ترميم المناطق الرئيسية وإعادة بناء متحفها الذي دمر أثناء الحرب.

فيما تتضمن المبادرة الثانية، التي تنفذ بالتعاون مع وزارتي الثقافة و الداخلية، مشروع مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية ضمن منحة تنفيذ اتفاقية الممتلكات الثقافية، بهدف منع الاتجار غير المشروع بالتراث الثقافي اليمني، عبر إنشاء وحدة إنفاذ قانون متخصصة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، حيث سيوفر المشروع برامج بناء القدرات، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي، وتبني إشراك المجتمع المحلي من خلال الحملات التثقيفية والتوعية العامة.

وأكد السفير الأمريكي ستيفن فاجن، ان قلعة القاهرة في تعز، ليست مجرد موقع تذكاري، بل هي رمز لتاريخ اليمن الغني والمتنوع وصمودها الثقافي، وهو ما يتطلب الحفاظ عليها لكي يضمن للأجيال القادمة من اليمنيين الوصول إلى تاريخهم وتراثهم المشترك.

واشار الى ان مشروع مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، يؤكد الالتزام المشترك بالحفاظ على التراث الثقافي اليمني للأجيال القادمة، حيث تستند هذه المبادرة إلى اتفاقية الملكية الثقافية بين الولايات المتحدة واليمن الموقعة في أغسطس 2023، والتي تفرض قيودًا أمريكية على استيراد المواد الثقافية اليمنية، مما يعزز التعاون الثنائي في الحفاظ على التراث".

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: الاتجار غیر المشروع التراث الثقافی

إقرأ أيضاً:

بدية.. من رمال صامتة إلى مشروع وطني حي

 

 

 

فيصل بن حميد الحجري **

 

 

في عالم تتسابق فيه الدول على إعادة تعريف هويتها الاقتصادية، تُقدّم سلطنة عمان مثالًا حيَّا على الرؤية الهادئة والمتأنية نحو التنمية، رؤية تستند إلى الهوية، والبيئة، والإنسان، وتجد تعبيرها العملي في جهود وزارة التراث والسياحة، بالتكامل مع مكاتب المحافظين، والمجتمع المحلي.

ومن بين النماذج الناضجة التي يمكن أن تُلهم الكثير من الولايات الأخرى، تبرز ولاية بدية بمحافظة شمال الشرقية، كحالة تنموية متفردة، تتحوّل فيها الصحراء إلى فضاء للاستثمار، والمجتمع إلى شريك حقيقي، والسياحة إلى أداة لصياغة مستقبل شامل.

وحين أطلقت وزارة التراث والسياحة دراسة تطوير رمال الشرقية، لم يكن الهدف مجرد تخطيط عمراني أو استثمار سياحي، بل كان المشروع بمثابة إعادة قراءة للرمال كعنصر اقتصادي وإنساني، قابل للتنمية دون أن يفقد هويته. الدعوة التي وجهتها الوزارة لمختلف الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المحلي للمشاركة في هذه الدراسة، كانت رسالة واضحة: أن السياحة في عُمان لا تُدار من برج عاجي، بل تُبنى من تحت، على أرض الواقع، بالشراكة لا بالتوجيه.

في بدية، المخيمات ليست مجرد منشآت؛ بل تجارب تُعاش، وسرديات تُروى. الضيافة هنا تبدأ من الخيمة ولا تنتهي عند الفنجان؛ بل تمتد إلى تجربة الرمال، ودفء المجالس، ورحلات المغامرة، والاندماج مع البيئة المحلية.

ورغم أن البيانات الرسمية تشير إلى وجود أكثر من 700 غرفة في المخيمات السياحية المرخصة في السلطنة، فإنَّ بدية تُعد من أكثر الولايات تفاعلًا مع هذا النمط من السياحة، من حيث حجم النشاط ونوعية التجربة، وتكاملها مع المجتمع. وهذه المُخيمات باتت جزءًا من الدورة الاقتصادية المحلية؛ حيث تُشغّل أبناء المنطقة، وتدعم الحرف، وتنقل الزائر من الاستهلاك إلى الانغماس في الثقافة العُمانية.

ولم تكن الفعاليات التي احتضنتها بدية مجرد محطات سياحية، بل أصبحت ركائز رئيسية لحراك ثقافي وتنموي مُستدام، يقوده تكامل بين الجهات الحكومية، والكيانات الأهلية، والمجتمع المحلي، وأذكر منها: مهرجان المغامرات الصحراوية، بتنظيم وزارة التراث والسياحة، وبالتعاون مع مكتب سعادة محافظ شمال الشرقية، وبمشاركة ميدانية من نادي بدية للسيارات، شكّل منصة ترويجية حقيقية لأنشطة السياحة الصحراوية، وفتح الباب لتفاعل مباشر بين الزوار والبيئة المحلية. وكذلك كرنفال بدية السياحي، بمبادرة وتنظيم مباشر من نادي بدية للسيارات، وبإشراف ودعم من مكتب سعادة المحافظ، قدم نموذجًا ناضجًا لمفهوم "السياحة المجتمعية"، حيث تصنع الفعالية بأيدٍ محلية وتنظم وفق أطر رسمية متكاملة.

أما ماراثون عُمان الصحراوي، فقد كان ثمرة مبادرة فردية من أحد أبناء المجتمع، وتحوّل بدعم كريم من الوزارة والمكتب إلى حدث دولي يستقطب رياضيين من أكثر من 30 دولة، ويضع بدية على خارطة المغامرات العالمية.

وفي السنوات الأخيرة، أحدثت وزارة التراث والسياحة تطورًا ملحوظًا في تسهيل إجراءات التراخيص، ورقمنة الخدمات، وتوفير الأدلة الإرشادية، مما أتاح لرواد الأعمال وأصحاب المشاريع الناشئة الدخول إلى القطاع بثقة ووضوح. ولم يكن لهذا الأثر أن يظهر لولا توفر بيئة مؤسسية مرنة، تستمع وتُراجع وتتطور، وهو ما نشهده فعليًا في تجربة ولاية بدية، حيث بات المجتمع يشعر أنه ليس مجرد مستفيد، بل شريك ومُوجّه في عملية التنمية السياحية.

ولأنَّ التنمية السياحية المُستدامة لا تُبنى بجهود جهة واحدة؛ بل تتطلب تكامل الأدوار بين المؤسسات والمُجتمع، تبرز أهمية تفعيل المبادرات المجتمعية التعاونية التي تساهم في التنسيق بين الجهات، وتبادل التجارب، وتحقيق استجابة مرنة للتحديات.

وفي هذا السياق، تؤدي اللجنة الاقتصادية المشتركة بين المجلس البلدي وغرفة تجارة وصناعة عُمان بمحافظة شمال الشرقية دورًا محوريًا في تبني ودعم عدد من الفعاليات والأنشطة السياحية والتنموية، إلى جانب تمكين الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز بيئة العمل المحلي برؤية تنموية موحدة.

إننا لا نقترح إنشاء كيانات جديدة؛ بل ندعو إلى تنشيط هذه المبادرات تحت المظلة القانونية والتنظيمية القائمة، لضمان أن تظل المشاريع السياحية انعكاسًا حقيقيًا للهوية المحلية، واستجابة لتطلعات المجتمع والمستثمر معًا.

إنَّ التجربة التي تشهدها ولاية بدية ليست مجرد مشروع سياحي محلي؛ بل نموذج وطني متكامل، يتقاطع فيه التوجيه الرسمي، مع المبادرات الفردية، والجهود المجتمعية، في لوحة تنموية عنوانها: التكامل لا التوازي، والمشاركة لا المركزية.

كل التقدير والامتنان لكل من ساهم في هذا المشهد، وفي مقدمتهم وزارة التراث والسياحة، ومكتب سعادة محافظ شمال الشرقية، واللجنة الاقتصادية بالمحافظة، ولكل مواطن يرى أن المستقبل لا يُستورَد؛ بل يُبنى من أرضه، وبأيدي أهله، وتحت راية رؤيتنا الوطنية.

** رئيس نادي بدية للسيارات

مقالات مشابهة

  • جهات التحقيق تستجوب متهم بغسل حصيلة تجارته بالعملة
  • سفارة واشنطن في اليمن تكشف الهدف الرئيسي للضربات الأمريكية على مليشيا الحوثي
  • وزير الثقافة الفلسطيني يؤكد أهمية تحديث اللائحة الوطنية التمثيلية لعناصر التراث الثقافي
  • الأنفوشي الأول.. قصور الثقافة تعلن نتيجة مسابقة أفضل المواقع الثقافية لعام 2024
  • البحث العلمي تعلن انتهاء المرحلة الأولى لموسوعة الأغذية الشعبية المصرية
  • بدية.. من رمال صامتة إلى مشروع وطني حي
  • التخطيط تعلن نتائج الدورة الثالثة من مبادرة المشروعات الخضراء الذكية
  • السجن المؤبد عقوبة الاتجار في المواد المخدرة طبقا للقانون
  • لاند مارك العقارية تعلن عن تسليم المرحلة الأولى من حي الأعمال ضمن مشروع ONE NINETY بالقاهرة الجديدة
  • مسام: نزع 552 لغماً وذخيرة حوثية في اليمن خلال الأسبوع الماضي