شادو بان.. سلاح في يد منصات التواصل لإسكات المستخدمين
تاريخ النشر: 16th, November 2024 GMT
تحولت منصات التواصل الاجتماعي المختلفة سواءً كانت نصيّة من أمثال "فيسبوك" أو "إكس" أو مرئية مثل "إنستغرام" و"تيك توك" إلى ركن أساسي في حياة المستخدمين، وذلك وفق العديد من الإحصاءات المتعلقة بمعدل استخدام منصات التواصل الاجتماعي، ومن ضمنها الدراسة التي نشرتها جامعة "ماين" (Maine) مؤخرًا، إذ أشارت الدراسة إلى وجود 4.
ورغم غياب الإحصائيات عن عدد المنشورات التي تتم مشاركتها عبر منصات التواصل الاجتماعي بأنواعها المختلفة، فإن حجم المستخدمين الهائل يشير إلى وجود الملايين من المنشورات يوميًا، وبسبب صعوبة مراقبة ملايين المنشورات بشكل يدوي، بزغت الحاجة لتطوير الذكاء الاصطناعي والخوارزميات لفرز وتنقيح هذه المنشورات من أجل تعزيز ظهور المنشورات المناسبة وإخفاء المنشورات غير المناسبة أو السيئة من وجهة نظر المنصة.
وإذ تمتلك منصات التواصل الاجتماعي قوانين مجتمعية وضعت لمراقبة المحتوى وحذف ومعاقبة من يسيء استخدام المنصات لنشر محتوى ضار عبر حظر الحساب أو إيقافه تمامًا، فإن بعض أنواع المحتوى المشارك تقع في منطقة رمادية، إذ إنه لا يخالف القوانين والقواعد بشكل مباشر حتى يتم حظر صاحبه، ولكنه أيضًا لا يتماشى مع سياسات الشركة مهما كانت، لذا ظهرت الحاجة إلى مفهوم "شادو بان" (Shadow Ban)، وهو الحظر الخفي الذي لا يعيق المستخدم من الوصول إلى المنصة.
ما الحظر الخفي "شادو بان"؟وفق صفحة "غوغل" لتتبع الصيحات عبر محرك البحث، فإن مفهوم "شادو بان" ظهر للمرة الأولى في نهاية عام 2016، وبدأ باكتساب شعبية عالمية بحلول أغسطس/آب 2017، وفي المنطقة العربية، بدأ المفهوم باكتساب شعبيته عام 2020.
ورغم هذه الشعبية، فإن فكرة "شادو بان" تظل حتى اليوم أسطورة شعبية منتشرة بين مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها، ففي حين ترفض الشركات تأكيد وجودها، يؤكد خبراء التواصل الاجتماعي والتسويق الرقمي من أمثال نيل باتيل على وجودها وعلى وجود قواعد بعينها تجعل الحسابات تقع فيه.
ويعد الحظر الخفي أحد أهم وأقوى أساليب العقاب التي تستخدمها منصات التواصل الاجتماعي لتقويض وصول المحتوى الذي يخالف السياسات العامة للمنصة لمختلف المستخدمين حول العالم، ورغم أن هذا المحتوى لا يخالف السياسات بشكل كاف ليتم حظر الحساب بشكل كامل، فإن المنصات ترغب في منع انتشار بعض المنشورات بعينها بشكل خفي.
بالطبع ترجع الشركات هذا الأمر إلى مخالفة معايير المجتمع والنصائح العامة التي تقدمها لكل منصة على حدة حول آليات التعامل مع خوارزميات المنصة وجعلها تنشر المحتوى وتروج له، ويعد مفهوم "شادو بان" موجودًا في جميع منصات التواصل الاجتماعي على اختلاف أنواعها، سواءً كانت "فيسبوك" أو "إكس" أو "تيك توك" أو إنستغرام" أو "يوتيوب" وحتى محرك بحث "غوغل".
ويختلف الحظر الخفي عن الحظر الكامل في أن المستخدم يستطيع الوصول إلى المنصة بشكل كامل واستخدامها بشكل كامل وحتى مشاركة بعض المنشورات عبرها، ولكن في النهاية، فإن هذه المنشورات لا تصل إلى جميع المستخدمين ولا تحصل على فرصة عادلة أمام الخوارزميات، أي أن هذه المنشورات لا يتم نشرها عبر الخوارزمية، وربما لن تظهر حتى للأصدقاء المقربين والمشتركين مع المستخدم الرئيسي، وذلك وفق ما يراه خبير التسويق الرقمي نيل باتيل في تدوينة عبر موقعه الرسمي.
لماذا تلجأ المنصات إلى "شادو بان" بدلًا من الحظر المعتاد؟من أجل فهم دوافع منصات التواصل الاجتماعي المختلفة لاستخدام هذا الأسلوب، يجب النظر إلى الأهداف التجارية لهذه المنصات، فرغم أن استخدام معظم مزايا منصات التواصل الاجتماعي يعد مجانيًا، فإن هذه المنصات تعتمد على الإعلانات الممولة وحملات الترويج المدفوع لتحقيق الأرباح.
لذا يجب على إدارة هذه المنصات الموازنة بين جانبين متضادين، الأول، وهو المستخدمون الذين تظهر لهم الإعلانات، إذ يجب إرضاؤهم وعرض المحتوى الذي يجذبهم ويحافظ عليهم داخل المنصة، فضلًا عن الحفاظ على رغبات المعلنين ومنع أي محتوى قد يرونه ضارا بهم ومخالفا لمعاييرهم الخاصة.
وإذا قامت المنصات بحظر أي حساب يتعارض مع المعلنين، فإن هذا يؤدي إلى نفور عام من المنصة وهجرة للمستخدمين إلى أي مكان آخر يقدم حرية رأي أو يلبي احتياجاتهم، مما يضر في النهاية بمصالح المعلنين والمنصات، وإذا تركت المنصات هذا المحتوى المخالف للمعلنين ينتشر بشكل كبير، فإن المعلنين يبتعدون عنها ويتجهون إلى منصات أخرى، مما يضر بأعمال المنصة.
ويمكن القول بأن الـ"شادو بان" يقدم حلًا مرضيًا لجميع الأطراف، بين أن تمنع المنصات انتشار المحتوى المخالف غير المرضي للمعلنين دون أن تثير غضب المستخدمين بشكل مباشر، إذ تستطيع دومًا إدارة المنصة إنكار وجود "شادو بان" أو حظر جزئي لأي حساب وإرجاء الأمر إلى كون الخوارزمية وجدت المحتوى غير جدير بالنشر ومخالفا لها.
وربما كان ما حدث من "ميتا" مع المحتوى المتضامن مع القضية الفلسطينية منذ بدء حرب غزة في العام الماضي مثالًا حيًا على ذلك، إذ كانت المنصة تقوض وصول المنشورات التي تتضامن مع الفلسطينيين منذ اليوم الأول للحرب، وذلك وفق ما نشره موقع "ذا كونفرزيشون" (The Conversion) الغربي حول هذا الأمر، فضلًا عن ملاحظة العديد من المستخدمين للحظر الخفي عند نشره نصوصًا وصورًا تتضامن مع القضية.
ويمكن اعتبار "شادو بان" آلية القمع التي تستخدمها المنصات بشكل خفي دون أن يشعر بها أي طرف غير المستخدم الرئيسي الذي شارك المحتوى المخالف لما تراه الشركة.
كيف يمكن اكتشاف "شادو بان"؟رسميًا، لا توجد طريقة واضحة لاكتشاف وضع "شادو بان"، وذلك لأن المنصات لا تعترف بوجوده من الأساس، ولكن يمكن استنتاج ما يحدث عند مراقبة التحليلات المكثفة للمنشورات المختلفة، فإذا لاحظ المستخدم أن بعض منشوراته لا تصل إلى المستخدمين كما كانت، أو أن معدل التفاعل ووصول المنشورات انخفض رغم الحفاظ على جودة المنشور ومحتواه، فإن هذا يؤكد وجود "شادو بان".
وتنطبق هذه الطريقة على جميع منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، سواءً كانت لمشاركة مقاطع الفيديو أو مشاركة الصور أو النصوص، وتجدر الإشارة إلى أن بعض المستخدمين طوروا أدوات لاكتشاف هذا الحظر الخفي، ولكنها لا تفلح مع جميع الشركات ولا يمكن الاعتماد عليها بشكل كامل.
هل يمكن التغلب على الحظر الخفي؟رسميًا لا توجد طريقة واحدة أو ثابتة للتغلب على هذا النوع من الحظر، إذ لا يمكن التواصل مع ممثلي خدمة المنصات وتقديم شكوى بوجود حظر خفي، لأنه في النهاية ليس أمرًا تعترف به المنصة من الأساس.
ولكن بشكل عام، يمكن تفادي هذه الآليات عبر التغلب على آليات الاكتشاف لدى الخوارزميات، وذلك عبر كتابة النصوص العربية دون نقاط كمثال، أو تشويه الكلمة بحيث يمكن التعرف عليها من قبل المستخدمين البشر ولكن يصعب على الآلة التعرف عليها.
ورغم أن "شادو بان" لا يكون نشطا دائمًا، فإن بعض المنصات تجعله دائمًا على الحسابات التي تكرر مشاركتها لمحتوى مخالف للسياسات أو ترغب المنصة في إخفائه، وفي هذه الحالة، ينصح بترك الحساب الأصلي وبناء حساب جديد تمامًا من أجل ضمان الوصول بشكل مناسب.
ولا توجد طريقة واحدة ثابتة ناجحة في جميع الحالات، إذ يجب على المستخدم التجربة بشكل مستمر لإيجاد الحلول المناسبة للتغلب على الـ"شادو بان" وعودة التفاعل إلى الوضع الأساسي الخاص به، ومن المهم معرفة الفرق بين كون الحساب محظورا بشكل خفي، أو أن المحتوى المنشور عبره لا يستحق المشاركة ولا يشجع عليها بالفعل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات منصات التواصل الاجتماعی بشکل کامل
إقرأ أيضاً:
بيان مهم من المكتب الوطني للإعلامي لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي
أكد المكتب الوطني للإعلام أهمية التزام مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في الدولة بالقيم والمبادئ التي تعكس سياسات الدولة، ونهجها القائم على الاحترام والتسامح والتعايش.
وجاء ذلك في بيان رسمي شدد فيه المكتب على ضرورة مراعاة الضوابط الأخلاقية والقانونية عند استخدام المنصات الرقمية، وضرورة الامتناع عن نشر أي محتوى قد يتضمن إساءة أو انتقاصاً من الثوابت والرموز الوطنية، أو الشخصيات العامة، أو الدول الشقيقة والصديقة ومجتمعاتها. إجراءات قانوينةوشدد البيان على أن المكتب وبالتعاون مع الجهات المعنية سيتخذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد كل من يخالف هذه التوجيهات، وفقاً للقوانين المعمول بها في الدولة، والتي تهدف إلى الحفاظ على بيئة رقمية آمنة، ومتوازنة تعزز مناخ الاحترام المتبادل.
كما أشار البيان إلى أن نشر معلومات مضللة، أو خطاب يحض على الكراهية، أو التشهير بالآخرين بصريح العبارة أو بالتلميح أو بالإشارة أو ضمنياً، يعتبر من المخالفات التي ستواجه بعقوبات قانونية صارمة.
وشدد البيان على أن الجميع مسؤولون عن الحفاظ على السمعة الطيبة لدولة الإمارات، وهو ما أكده الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة لأبناء الوطن، عندما أشار إلى أنهم سفراء لدولة الإمارات، وأن عليهم ترسيخ سمعتها الطيبة وإعطاء صورة إيجابية عن الدولة، بعلمهم وتربيتهم الحسنة، وحسهم وانتمائهم الوطني، قائلاً: "كل أمر تفعله إيجاباً أو سلباً، يعكس هويّتك الإماراتية، لذا كلنا مسؤولون لخلق سمعة طيبة لهذا البلد، لأنّكم كلكم راع؛ وكلكم راع للحفاظ على تلك السمعة".
ودعا المكتب مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى التحلي بالمسؤولية في المحتوى الذي يُنشر أو يُتداول عبر مختلف المنصات.
وأشار المكتب إلى استمرار التنسيق مع الجهات المتخصصة لرصد أي مخالفات عبر منصات التواصل الاجتماعي، واتخاذ الإجراءات المناسبة ضدها. كما دعا إلى الإبلاغ عن أي محتوى مخالف أو مسيء عبر القنوات الرسمية المعتمدة، وذلك في إطار الجهود للحفاظ على بيئة إعلامية رقمية تتسم بالمسؤولية والمصداقية.
وحث المكتب الوطني للإعلام، رواد مواقع التواصل الاجتماعي على التخلق بأخلاق قيادتنا الرشيدة التي تضرب المثل في التواضع والأخلاق العالية، منوهاً بأن سلوك أبناء الوطن الفردي يجب أن يتسق مع رؤية القيادة الهادفة للتمسك بعاداتنا وقيمنا الأصيلة.
كما دعا المكتب إلى التمسك بالأطر العامة المميزة للشخصية الإماراتية على مواقع التواصل الاجتماعي والتي حددها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والمتمثلة في شخصية تمثل صورة الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأخلاق زايد في تفاعلها مع الناس، شخصية تعكس الاطلاع والثقافة والمستوى المتحضر الذي وصلته الإمارات، شخصية تبتعد عن السباب والشتائم وكل ما يخدش الحياء في الحديث، شخصية تقدر الكلمة الطيبة، والصورة الجميلة، والتفاعل الإيجابي مع الأفكار والثقافات والمجتمعات، شخصية نافعة للآخرين بالمعلومة وناشرة للأفكار والمبادرات المجتمعية والإنسانية التي يزخر بها الوطن.