زهير عثمان

اختيار أحمد هارون، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، رئيسًا لحزب المؤتمر الوطني المحلول يعكس صورة واضحة لممارسات الحزب الحاكم السابق، الذي كان ركيزة السلطة في السودان لثلاثة عقود. هذه الخطوة الجريئة، التي تترافق مع خلافات داخلية حادة، تشير إلى عودة محتملة لممارسات النظام السابق واستغلال الهياكل السياسية والتنظيمية لتحقيق أهداف شخصية أو فئوية.


تجرؤ غير مبرر أم دلالة على النفوذ؟
ما يدعو للتساؤل هو كيف يمكن لمجموعة من القيادات الحزبية التي كانت جزءًا من النظام المنهار، والمتورطة في جرائم موثقة داخليًا وخارجيًا، أن تجتمع وتعلن قرارات سياسية جريئة دون خشية من المحاسبة؟ الإجابة تكمن في البيئة السياسية الراهنة بالسودان، حيث تبدو حكومة الأمر الواقع في بورتسودان غير قادرة أو غير راغبة في التصدي للنفوذ المتبقي للنظام السابق.
استغلال الفراغ السياسي
البيئة السياسية المضطربة في السودان، التي تفاقمت بفعل الحرب الجارية بين الجيش وقوات الدعم السريع، سمحت لأعضاء المؤتمر الوطني بالتحرك بحرية نسبية.
الحكومة الانتقالية السابقة حاولت تحجيم نشاط الحزب بحله ومصادرة أمواله، لكن الاضطرابات الأخيرة أضعفت تلك الجهود وسمحت بإعادة تشكيل التنظيمات المحظورة.
التواطؤ أو غض الطرف
يبدو أن الحكومة الحالية، التي تسيطر على بورتسودان، تتسامح ضمنيًا مع عودة أنشطة النظام السابق، ما يشير إلى احتمال وجود تواطؤ أو تحالف غير معلن.
الانتقادات الموجهة للحكومة بأنها جزء من امتداد النظام السابق تعززها هذه الممارسات التي تتحدى قرارات قانونية بحظر الحزب.
الخلافات الداخلية مؤشر على انقسامات عميقة
الخلافات بين مجلس الشورى والمكتب القيادي للحزب المحلول تعكس أزمة داخلية أعمق. هناك اتجاهان واضحان داخل الحزب:
الاتجاه الأول -و يسعى إلى الاستمرار في استغلال الهياكل التنظيمية لإعادة التمكين، كما يظهر في إصرار مجلس الشورى على انتخاب أحمد هارون.
الاتجاه الثاني هو الذي يدرك أن وجود شخصيات مثل هارون يشكل عبئًا داخليًا وخارجيًا بسبب الاتهامات الجنائية الدولية.
هذه الانقسامات قد تفضي إلى انشقاقات تهدد وحدة الحزب، لكنها تعزز أيضًا فكرة أن المؤتمر الوطني لم يتغير في جوهره، بل يظل أسيرًا للعقلية التي تسببت في سقوطه.
دلالة سياسية واجتماعية
استمرار العقلية القديمة في انتخاب أحمد هارون يشير إلى أن عقلية "الحصانة من المحاسبة" ما زالت مترسخة لدى أعضاء النظام السابق. هؤلاء الأفراد يعتقدون أن النظام القضائي السوداني أو الدولي غير قادر على محاسبتهم.
ضعف الدولة: هذه الممارسات تدل على غياب آليات فعالة لفرض القانون، وهو ما يعزز الشكوك بشأن قدرة الدولة الحالية على حماية مكتسبات الثورة ومنع عودة النظام القديم.
دور حكومة الأمر الواقع في بورتسودان
تتحمل حكومة الأمر الواقع مسؤولية كبيرة في تمكين هذه التحركات. وجودها في المشهد السياسي الحالي مع غياب رد فعل حاسم يشير إلى احتمالية تحالفها مع قوى النظام السابق، سواء بشكل مباشر أو عبر دعم ضمني. هذا يعكس تراجع مشروع التحول الديمقراطي الذي كان يهدف إلى بناء دولة سودانية جديدة على أنقاض النظام السابق.
خطر إعادة التمكين
ما يحدث حاليًا هو تذكير صارخ بأن الثورة السودانية لم تكمل أهدافها بعد. تصرفات المؤتمر الوطني المحلول تدل على أن النظام السابق لم يُستأصل بالكامل، بل يستفيد من الصراعات الحالية لملء الفراغ السياسي واستعادة نفوذه. يتطلب الوضع الحالي ضغطًا شعبيًا وسياسيًا لضمان عدم التفريط في مكتسبات الثورة والعمل على محاسبة كل من تورط في إجهاض مشروع السودان الجديد.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: المؤتمر الوطنی النظام السابق

إقرأ أيضاً:

الحزب القومي الاجتماعي يدين استمرار العدوان الأمريكي على اليمن



واعتبر الحزب هذا القصف الوحشي دليلا على حالة التخبط والفشل الذريع للإدارة الأمريكية في تحقيق أي هدف عسكري، لتتجه إلى استهداف المدنيين، معبرةً عن نزعتها الإرهابية التي لا تعرف حدوداً للقانون أو الأخلاق.

وأكد أن هذا العدوان الآثم، الذي ينتهك كل القوانين الدولية والإنسانية، بدءاً من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي يكفل في مادته السادسة الحق في الحياة لكل إنسان، وصولاً إلى اتفاقية جنيف التي تحمي المدنيين في أوقات الحروب، يضع الولايات المتحدة في قفص الاتهام كدولة مارقة تسعى لاستباحة الشعوب وإراقة دماء الأبرياء دون وازع أو ضمير.. لافتا إلى أنه لا يوجد أي سند قانوني أو تشريع دولي يبرر قصف المنازل وقتل النساء والأطفال، وهو ما يؤكد أن الادعاءات الأمريكية باستهداف مكون معين ليست سوى أكاذيب مفضوحة، بل إن القضية تتعلق باستباحة عامة تستهدف الإنسانية جمعاء.

كما أكد الحزب القومي الاجتماعي وقوفه التام إلى جانب أبناء الشعب اليمني الصامدين في وجه هذه الجرائم، وكذا جرائم العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة.. داعيا كل الشعوب والقوى الحرة في الأمة والعالم إلى رفع الصوت عالياً ضد هذا الإرهاب المنظم، ومحاسبة الولايات المتحدة على انتهاكاتها السافرة للشرائع السماوية والمواثيق الدولية.

وحيا صمود الشعب اليمني الأبي وقواته المسلحة الباسلة في مواجهة هذا العدو المتغطرس وإسناد الشعب الفلسطيني.. مؤكداً أن دماء الشهداء لن تذهب هدراً، وأن هذه الجرائم ستظل وصمة عار على جبين الإدارة الأمريكية ومن يساندها.

مقالات مشابهة

  • بنك اليابان يتوقع نمو النشاط الاقتصادي
  • وزير الشباب يُكرم أعضاء الوفود العربية والإسلامية والأجنبية المشاركة في مؤتمر فلسطين
  • وزير الشباب يُكرم أعضاء الوفود الدولية في مؤتمر فلسطين
  • الحزب القومي الاجتماعي يدين استمرار العدوان الأمريكي على اليمن
  • وزير الشباب يُكرم أعضاء الوفود المشاركة في مؤتمر فلسطين بصنعاء
  • حملة أمنية واسعة في خان شيخون لملاحقة فلول النظام السابق
  • وزير الثقافة والسياحة يكرم الوفود المشاركة في مؤتمر فلسطين الثالث
  • صنعاء تكرّم الوفود المشاركة في مؤتمر فلسطين تأكيدًا على مركزية القضية
  • تكريم أعضاء الوفود المشاركة في مؤتمر فلسطين
  • تعرف على نوعية الأسلحة التي يستخدمها الجيش الأميركي في ضرباته ضد الحوثيين في اليمن؟