من يريد أن يكون الأدنى؟ ملامح التهميش والتفكك في السودان
تاريخ النشر: 16th, November 2024 GMT
**تقديم**
*هذه محاولة مختصرة جدًا لتفكيك ملامح الأزمة السودانية عبر تتبع مساراتها السياسية والاجتماعية والثقافية، وعرض كيف أدى التهميش والانقسامات وهيمنة حكم الجيش إلى واقع معقد يتطلب إعادة نظر جذرية.
*السودان بلد ذو تاريخ معقد ومؤلم، مليء بالمآسي التي تعكس التفرقة الاجتماعية والعرقية والتهميش السياسي.
**الفصل الأول: انفصال الجنوب… رحلة الألم والتهميش**
*بالرغم من “الألفة والمحبة” التي جمعت السودانيين، اختارت الأغلبية من أبناء وبنات جنوب السودان التصويت للانفصال عام 2011. هذا القرار لم يكن مفاجئًا، بالنظر إلى الحروب القاسية والنضال الشرس الذي خاضه الجنوبيون منذ إعلان الاستقلال عام 1956.
فقد تعرضت مناطق الجنوب للدمار والقصف المستمر:
• مات الأطفال في أرحام الأمهات.
• اغتُصبت النساء.
• أُحرقت البيوت والمدارس والكنائس بالكامل.
• قصف الطيران الحكومي أراضي الجنوب بلا هوادة.
*في البداية، قصف طيران قائد الجيش حسن بشير نصر المزارع والغابات وحتى الحيوانات البرية.
*انفصل الجنوب لأنه لم يجد مكانًا له في السودان الموحد الذي كان يحلم به، في ظل سياسات التهميش والاستعلاء التي عمقت الجراح.
**الفصل الثاني: الانقلابات… دائرة لا تنتهي**
*منذ أن سلم رئيس الوزراء عبدالله خليل مفاتيح البرلمان لقائد الجيش إبراهيم عبود عام 1958، دخل السودان في دوامة من الانقلابات العسكرية.
*في 1964، تنفس الشعب الصعداء مع ثورة أكتوبر، معبرًا عن آماله في الحرية والخلاص. *حينها أنشد الشاعر هاشم صديق:
“*والنور في الآخر طل الدار
*والعزة اتهادت للأحرار…
*شهرنا سيوف عصياننا المدني
*وكانت وحدة صف يا وطني.”
*وردد الشعب وراءه :
"يا اكتوبر انحنا العشنا ليالي زمان
*في قيود و مظالم و قيد وهوان
*حلفنا نسير ما نضوق الراحة
*شهرنا سيوف عصيانا المدني
*وكانت وحدة صف ياوطني
*هزمنا الليل
*والنور في الآخر طل الدار
*و العزة اتهادت للاحرار"
*لكن هذه الآمال سرعان ما تبددت، وتوالت الانقلابات العسكرية تحت ذرائع مختلفة، أبرزها البحث عن حل لمشكلة الجنوب.
** و انفصل الجنوب!:
*يا هاشم صديق عليك الرحمة ماتت القرنتية
*لكن يا بختها بتها رجعت للسوباط
*حيث الكتوف متلاحقةً لا اعلي و لا ادني !
*كان انفصال الجنوب لاحقًا تتويجًا لهذه الأزمات، خاصة بعد صعود نظام الكيزان الذي أراد سودانًا إسلاميًا عربيًا مغلقًا.
**الفصل الثالث: مأساة دارفور والغرب**
*لم تقتصر المعاناة على الجنوب، بل امتدت إلى دارفور والغرب، حيث واجه سكان هذه المناطق تهميشًا مضاعفًا وصراعات دامية:
• تعرضت القرى والمزارع للقصف والتدمير الكامل.
• اغتُصبت النساء بالآلاف وسط صمت دولي ومحلي.
• شُرد الأطفال، ودُمرت البنى التحتية بالكامل.
*استُخدمت المليشيات مثل الجنجويد و كتايب النظام العام و البرآء وقوات الأمن المؤدلجة كأداة لتدمير المجتمعات المحلية، وبلغت المأساة ذروتها خلال حكم عمر البشير الذي صرح بشكل صادم بان “**اغتصاب الغرباوية شرف عظيم لها **”.
*في الحقيقة تم اغتصاب الاف الغرباويات بينما سمار الخرطوم والعاصمة المثلثة في صخبهم و هجيجهم و مدائحهم . و بينما الصفوة الأثرياء من الحركة الإسلامية يفترشون سجاجيد المساجد الفاخرة ياكلون الكيك و المعجنات و يشربون العصاير و ينكحونً في قصورهم ما طاب لهم مثني و ثلاث و رباع!
*رغم هذه المعاناة، استمر سكان دارفور والغرب في مقاومة التهميش، مما يجعلهم رمزًا للنضال ضد الظلم والاستبداد.
**الفصل الرابع: تهجير النوبيين… المثال الدائم للتهميش**
*النوبيون، أحفاد كوش وتهارقا وأماني ريناس، يمثلون أحد أقدم الشعوب السودانية وأكثرها تجذرًا في التاريخ. ومع ذلك، عانوا على مر العقود من سياسات إقصائية تمثلت في الإغراق والتهجير القسري، بدءًا من بناء سد أسوان في أوائل القرن العشرين وحتى سد مروي.
*هذه السياسات أدت إلى:
• إغراق أراضيهم التاريخية: طُمست مواقع أثرية كانت شاهدة على حضارتهم الممتدة لآلاف السنين.
• تهجيرهم القسري: تم نقل النوبيين إلى مناطق جافة وغير مأهولة، بعيدة عن النيل الذي كان شريان حياتهم.
• تفتيت مجتمعهم: تسبب التهجير في ضياع الهوية الثقافية وضياع التقاليد التي كانت تربطهم بأرضهم.
*التهجير لم يكن مجرد نتيجة لمشاريع تنموية، بل عكس سياسة ممنهجة لتهميش الثقافات الأصيلة. وبرغم كل هذه المآسي، لا يزال النوبيون يحتفظون بذاكرة جماعية قوية، ونضالهم المستمر يذكّرنا بضرورة الاعتراف بالتنوع الثقافي وبناء سودان يعكس هوياته المتعددة.
**الساقية لسة مدورة: الحلقة المفرغة للصراعات**
*رغم إسقاط نظام “الكيزان” عام 2019، لم تتوقف المآسي. استمرت الصراعات الداخلية، وازداد التدخل الأجنبي الطامع في موارد السودان، من الذهب إلى الأراضي الخصبة، مما زاد من تعقيد المشهد.
**كسرة: إشارات من التاريخ والشعر**
*رصد للأحداث والسياق التاريخي:
• كل البشرية تعود لأم إفريقية: كشفت الدراسات العلمية أن أصول البشرية تعود إلى أم إفريقية أطلق عليها العلماء اسم “حواء الميتوكوندريا”.
• السودان، إفريقيا المصغرة: يعكس السودان بتنوعه العرقي والثقافي مشكلات وتناقضات إفريقيا ككل، حيث التنوع نعمة ولعنة في آن واحد.
• المجموعات النيلية: مثل الدينكا، الشلك، والنوير، لعبت دورًا مهمًا في تشكيل تاريخ السودان منذ العصر الحجري الحديث.
• صلات القربى الجينية: كشفت الدراسات عن روابط جينية بين النوبيين والفور والزغاوة، وحتى بين سكان شمال السودان وسكان شرق إفريقيا مثل إثيوبيا، مما يدل على وحدة الجذور رغم الانقسامات السياسية والعرقية.
• “الغرابة”: مصطلح تاريخي يشير إلى سكان غرب السودان، تحول مع الزمن إلى أداة سياسية لتغذية التفرقة العرقية.
• الجلابة: وصف أُطلق على النخبة الشمالية التي سيطرت على الثروات والفرص، مما أدى إلى تعميق الفجوة بين المركز والهامش.
*من كلمات محمد الفيتوري:
“*الأعظم من قدر الإنسان هو الإنسان.
*أدنى من فينا قد يعلونا يا ياقوت،
*فتكن الأدنى تكن الأعلى فينا.”
*رسالة الكسرة:
*هذه ليست مجرد إشارات تاريخية أو مقتطفات شعرية، بل هي تذكير بأن السودان يحمل في داخله إرثًا عظيمًا يمكن أن يكون أساسًا لمستقبل أكثر عدالة.
**الخاتمة: هل يمكن أن نتعلم؟**
*قال رسول الله ﷺ:
“ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر، إلا بالتقوى.”
*السودان، هذا البلد الغني بتنوعه الثقافي والتاريخي، يحتاج إلى إعادة بناء نفسه على أسس العدالة والمساواة.
*فهل يمكننا أن نتعلم من الماضي؟ وهل نستطيع تحويل هذا التنوع إلى مصدر قوة بدلًا من أن يكون سببًا للصراع؟
د. أحمد التجاني سيد أحمد
15 نوفمبر 2024، روما، إيطاليا
ahmedsidahmed.contacts@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
فلسطين.. شعب لا يريد الموت.. كتاب جديد لآلان غريش
"فلسطين شعب لا يريد الموت" كتاب جديد لآلان غريش الصحفي الفرنسي والكاتب المتخصص في قضايا الشرق الأوسط والعالم العربي، ألّفه بعد شهور قليلة من أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 والحرب الإسرائيلية على غزة، كتبه على عجل لأنه لا يهم حربا تتعلق فقط بفلسطين ومستقبل الفلسطينيين، بل مستقبل الشرق الأوسط والعالم كله.
يذكر غريش في مقدمة الكتاب دواعي التأليف، ومنها أن الحرب على غزة عرفت من التضليل والافتراءات نادرا ما عرفته حرب أخرى، والتي تسعى إلى محو العمق التاريخي لأزمة وقضية تتجدد مع كل حرب.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2عن فلسطين.. في مرآة نعوم تشومسكي وإيلان بابيهlist 2 of 2مثقفو الاستعمار الجديد في عصر النيوليبرالية.. بوعلام صنصال أنموذجاend of listالكتاب وإن كان عملا شخصيا لآلان غريش إلا أنه ثمرة تفكير جماعي لمحرري وكتاب في طاقم مجلة "أوريان 21" الإلكترونية التي يديرها.
تناول الكتاب عبر 6 فصول وملحق بالاستناد إلى مصادر صحفية وتاريخية وسياسية متنوعة جديد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والوضع في فلسطين بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والحرب الإسرائيلية على غزة بتشعباتها العسكرية والإنسانية والاجتماعية والسياسية والإعلامية وتداعياتها الإقليمية والدولية والإستراتيجية.
واستحضر الكتاب محطات تاريخية للصراع في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومعاناة الشعب الفلسطيني، ومقارنات مع سوابق استعمارية للغرب في العالم العربي الإسلامي، خاصة في الجزائر.
إعلانوذكّر المؤلف في ثنايا الكتاب بتاريخ دخول الاحتلال الإسرائيلي الأراضي الفلسطينية ومحطات حربه وعدوانه على الشعب الفلسطيني، وكذلك واقع الواقع السياسي الفلسطيني وأبرز إشكالاته.
وسلط الكتاب الضوء على النفاق الغربي وازدواجية معاييره وتعامله، والمعركة الإعلامية والسياسة الفرنسية وتبعيتها، والتي وصفها بالمخزية لحكومة إسرائيل والإدارة الأميركية في التعامل مع أحداث غزة.
معاناة شعب وتاريخ احتلالويؤكد الكتاب منذ البداية أن ما يحدث في قطاع غزة يتجاوز حدوده الصغيرة، ويعكس محنة الشعب الفلسطيني التي امتدت لعقود (تهجير قسري، وحصار، واحتلال، واعتداءات متكررة)، محنة ليست مجرد نتيجة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بل تعود جذورها إلى استعمار واحتلال لم ينتهِ ونظام عالمي يدعمه ويتجاهل الحقوق الفلسطينية.
وينبّه إلى أن الحرب على غزة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 جسدت رغبة في إبادة الشعب الفلسطيني تطبيقا لمقولة مؤلف كتاب "عن الحرب" الجنرال كارل فون كلاوزفيتز "يجب تقييد الخصم لتنفيذ إرادتنا"، وهي القناعة التي يتقاسمها قادة دولة الاحتلال ويعتقدون أن الحرب هي السبيل لإجبار الفلسطينيين على الاستسلام والاقتناع بأنهم شعب مهزوم.
ويشرح الكتاب كيف باتت تلك الحرب من أكثر الحروب تدميرا في العصر الحديث حوّلت غزة إلى مركز صراع عالمي وعنوان أزمة عالمية تتشابك فيها القضايا المحلية مع الصراعات الإقليمية والجيوسياسية وتكشف هشاشة النظام الدولي وضعف مؤسسات الأمم المتحدة والانتهاك الممنهج للقوانين الدولية برعاية غربية عمّقت الفجوة بين الغرب وبقية العالم وكشفت نفاقه وازدواجية معاييره.
لكنها في الوقت نفسه -يقول الكتاب- أثبتت أن الشعب الفلسطيني صامد مقاوم لا يموت، ينبعث من تحت الرماد ويولد من جديد رغم كل أساليب القتل والاعتقال وسياسة الاستيطان والحصار الذي حوّل غزة إلى أكبر سجن مفتوح في العالم.
الفلسطينيون يستدعون ذاكرتهم الجماعية كأداة مقاومة ووسيلة للحفاظ على هويتهم (رويترز) الذاكرة أداة للمقاومةوفي السياق، استعرض غريش الخبير والمطلع على تاريخ القضية محطات من مقاومة الشعب الفلسطيني رغم صعوبة الظروف، جيلا عن جيل بانتفاضات متوالية وأشكال مقاومة مختلفة متنامية طورتها في ظل أصعب الظروف.
إعلانولفت الانتباه إلى ثنائيات وتقابلات تؤكد عمليا قوة الشعب الفلسطيني النابعة من قوة وعدالة قضيته أمام احتلال لا يمكنه الاستمرار إلا بالقمع والقوة اتجاه الفلسطينيين واستعمال سلاح التخويف اتجاه الإسرائيليين.
فبينما يتمسك الفلسطينيون بذكريات النكبة والتهجير القسري وإحيائها لإعطاء مقاومتهم شحنة وشعلة متجددة لنضالهم من أجل استعادة حقوقهم ولمواصلة الصمود من أجل التحرر تستخدم إسرائيل ذكرياتها في ألمانيا وغيرها لتبرير العدوان الشامل على الفلسطينيين، وإسكات كل انتقاد لها ومعاملته على أنه إنكار للتاريخ اليهودي أو المأساة اليهودية، مما يخلق حالة من الخوف داخل المجتمع الإسرائيلي، وتكريس الصمت على مستوى الغرب أيضا.
وهذا يعكس -حسب الكتاب- أهمية الذاكرة في الصراع، إذ يستعمل الفلسطينيون ذاكرتهم الجماعية كأداة مقاومة ووسيلة للحفاظ على هويتهم وتقوية عزيمة النضال والكفاح ضد الاحتلال.
في المقابل، يستعمل الاحتلال الذاكرة أداة للقمع ولإضفاء الشرعية على جرائمه ضد الشعب الفلسطيني، مما يؤكد أن الحرب الجارية في غزة وكل أرض فلسطين ليست حربا واحدة، بل حروب، حرب حول الأرض والذاكرة والهوية والتاريخ.
ويعتبر الكاتب أن الاحتلال الإسرائيلي نظام استعماري مستمر يسعى إلى فرض الهيمنة على الفلسطينيين.
الكتاب خصص حيزا مهما لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) تطرق فيه إلى مرجعتيها ومسارها منذ التأسيس حتى الآن (رويترز) 7 أكتوبر انهيار وهم الدولة الآمنة لليهود"خلق" هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول حالة من الخوف والغضب والصدمة داخل المجتمع الإسرائيلي، لأنه -يقول الكاتب- كشف اختراقا للنظام الأمني الإسرائيلي الذي لطالما اعتبر حصنا منيعا.
وأظهر الهجوم فشل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بعد الانهيار الأمني غير المتوقع، وعرّى نقاط الضعف الأساسية لدولة تسوّق نفسها على أنها الملاذ الآمن ليهود العالم، وهو ما يفسر الرد العنيف جدا الذي استهدف كل الفلسطينيين في غزة، وأسباب استدعاء فترات صادمة في التاريخ اليهودي، وأبرزها المحرقة النازية في خطاب الإعلام الإسرائيلي الرسمي والمساند في الداخل والخارج لتبرير سياساتها ضد الفلسطينيين.
إعلاناستدعاء هذا الخطاب يعد مظهرا من مظاهر سياسة التخويف التي تنتهجها إسرائيل داخل المجتمع الإسرائيلي، من جهة لخلق الشعور الدائم بالخطر الوجودي بتصوير الفلسطينيين كتهديد مستمر، ومن جهة أخرى لتبرير كل خططها وسياستها القمعية -سواء الحربية العدوانية المباشرة أو غير المباشرة- اتجاه الشعب الفلسطيني، من قبيل توسيع الاستيطان والتهام الأراضي وغيرها.
وفي هذا السياق، يورد الكاتب دعوات مفتوحة للإبادة الجماعية أطلقها مسؤولون إسرائيليون كبار ووثقتها الصحافة الإسرائيلية قبل غيرها، ومن بينها دعوة وزير الدفاع يوآف غالانت في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023 لحصار كامل على مدينة غزة يمنع عنها الكهرباء والطعام والوقود وإغلاق كل شيء.
وأطلق غالانت أيضا بعد ذلك يد القوات الموجودة على حدود غزة بأن تفعل ما تشاء وبدون قيود بقوله "نفرض حصارا كاملا على مدينة غزة، لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود، كل شيء مغلق، نحن نحارب حيوانات بشرية".
لقد اختارت إسرائيل تصعيد القمع وزيادة حدة الصراع والدخول في مرحلة جديدة من الحرب الاستعمارية ضد الشعب الفلسطيني، بهدف القضاء على وجوده وإزالته من أرضه، إذ شكلت الحرب الجارية على غزة نقطة تحول في الصراع، ودخول مرحلة جديدة في إستراتيجية ظلت متأرجحة منذ عام 1948.
ولوضع القارئ في السياق العام لذلك الصراع يستعرض الكتاب الواقع السياسي الفلسطيني وحالة الانقسام بين المكونات السياسية الكبرى للشعب الفلسطيني (حماس وفتح) وفشل الجهود المتكررة لتحقيق المصالحة الوطنية، وواقع السلطة الفلسطينية وضعفها وأعطابها وحالة الفساد داخلها وافتقارها إلى رؤية إستراتيجية وخضوعها لضغوط خارجية وتنسيقها الأمني مع الاحتلال، وكيف فقدت ثقة الشعب الفلسطيني وأصبحت عائقا أمام تطلعاته.
وخصص الكتاب حيزا مهما لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) تطرق فيه إلى مرجعتيها ومسارها من التأسيس إلى 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وانتخاب يحيى السنوار، مستعرضا التحولات التي شهدتها من المجال الدعوي والاجتماعي والفكري والعمل المسلح، ودخول العمل السياسي وإدارة قطاع غزة وعلاقتها مع السلطة الفلسطينية والتعامل الدولي معها.
إعلان انتهاك النظام الدولي ونهاية القانون الدوليوحذر الكتاب من أن استمرار الحرب في غزة يهدد نظام الأمم المتحدة، وأن الهجوم على القانون الدولي وتجاهله لا يفاقم فقط الأزمة في فلسطين، بل سيحول دون تحقيق العدالة أو حماية المدنيين في الصراعات المستقبلية.
ويقدم نماذج من الانتهاكات، أبرزها الحرب على المنظمات الإنسانية، وعلى رأسها وكالة غوث اللاجئين (أونروا) بتهمة أن بعض موظفيها شاركوا في هجوم 7 اكتوبر/تشرين الأول 2023.
لكن الهدف الحقيقي هو تجويع سكان غزة بدليل قصف إسرائيل قوافل منظمات إنسانية وأشهرها "مجزرة الطحين" في 29 فبراير/شباط 2024 حين أطلق جيش الاحتلال الذخيرة الحية على تجمّع من المدنيين العزل حول شاحنات طحين، مما أودى بأرواح أكثر من 100 شخص.
فإسرائيل تسعى -يقول الكتاب- إلى القضاء على وكالة غوت اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (أنشئت عام 1949)، لأنها تدعم قرابة 6 ملايين فلسطيني في الشرق الأوسط، بمن في ذلك 1.5 مليون في غزة بمجالات الصحة والتعليم ومساعدة الفئات الأكثر حرمانا.
النفاق الغربي.. السياسة الفرنسية نموذجاشرّح آلان غريش في كتابه السياسة الفرنسية اتجاه الحرب على غزة، وكشف ضعفها في التعامل مع الحرب الإسرائيلية على غزة، وكيف كانت تابعة بشكل مخزٍ للحكومة الإسرائيلية وحليفها الأميركي.
وأشار إلى أن الأغلبية العظمى من السفراء الفرنسيين في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط عبّروا لرئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون عن قلقهم من المواقف المؤيدة لإسرائيل، وتحولها من متزعمة أوروبا ومحركتها للدفاع عن القانون الدولي والفلسطينيين إلى متخلفة عن الركب خلف بلجيكا وإسبانيا وأيرلندا التي أدانت العقاب الجماعي لسكان غزة، وطالبت باتخاذ الإجراءات لمحاسبة الاحتلال وإيقاف جرائمه.
ورجع الكاتب إلى تاريخ بداية تحول موقف فرنسا من القضية الفلسطينية إبان رئاسة نيكولا ساركوزي عام 2007 ثم فرانسوا هولاند وإيمانويل ماكرون تدافع شفويا عن فكرة الدولة الفلسطينية، لكنها لم تتخذ أي إجراء في الـ15 سنة الماضية ضد الاحتلال، واكتفت ببيانات صحفية مصيرها صناديق قمامة وزارة الخارجية الإسرائيلية.
إعلانبالمقابل، عملت باريس على تعزيز العلاقات مع تل أبيب عمليا في المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية والعسكرية، ونشطت في الدفاع عن إسرائيل ومنحها مكانة مميزة في الاتحاد الأوروبي لا تتمتع بها أي دولة أخرى غير أوروبية.
وزاد الوضع سوءا مع الرئيس ماكرون الذي شطب وضع الشعب الفلسطيني من أجندته، وتوقع الكاتب أن تحمل الاختيارات التي اتخذتها فرنسا مخاطر جسيمة تخص علاقتها مع دول الجنوب.
بلد الأنوار يخنق الرأي الآخرأمر آخر فضحه الكاتب في السياسة الفرنسية، وهو قمعها الرأي المخالف للرواية الإسرائيلية واتهامه بدعم الإرهاب، وفرض القيود على النقاشات بشكل جعل الحاجة ماسة إلى فتح نقاش يحترم التعددية في فرنسا، إذ بات السؤال المحوري في كل مقابلة تلفزيونية أو إذاعية في الأسابيع التي أعقبت هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول "هل تعتبر حماس منظمة إرهابية؟".
وهذا السؤال الذي غيّب أسئلة أخرى مهمة تمكّن من فهم السياق الكامل للأحداث، كيف كانت الأوضاع في غزة قبل الهجمات؟ هل كان الفلسطينيون يعيشون في ظروف طبيعية؟ هل كانت هناك بوادر لحل سياسي يضمن حقوقهم؟
وتقابل أي محاولة في فرنسا لشرح السياق بتهمة دعم الإرهاب وتبرير خطوة حماس والتعاطف معها.
وتجاوز الأمر توجيه الاتهامات إلى المحاكمة، ورفعت في 30 يناير/كانون الثاني 2024 نحو 626 قضية بتهم "تمجيد الإرهاب" وحظر العديد من المظاهرات والندوات التي تدين الحرب على غزة وتدافع عن حقوق الفلسطينيين.
ويُظهر النموذج الفرنسي أن الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة تمنح إسرائيل دعما غير مشروط، مما يساهم في استمرار الاحتلال.
وينتقد الكاتب الموقف الدولي، مشيرا إلى أن الدول الغربية تُظهر انحيازا واضحا لإسرائيل على حساب حقوق الفلسطينيين، وأن الدعم العسكري والدبلوماسي الذي تقدمه الولايات المتحدة وأوروبا لإسرائيل يسهم في استمرار الاحتلال.
إعلانوشرح الكاتب كيف أصبح الدعم الغربي لإسرائيل عاملا رئيسيا في استمرار الاحتلال، لأن تساهل الولايات المتحدة وأوروبا تجاه انتهاكات إسرائيل حقوق الإنسان يساهم في استمرار المعاناة الفلسطينية.
بالمقابل، ينوه الكاتب برفض العديد من دول الجنوب السياسات الغربية وازدواجية المعايير الانتقائية في التعامل مع القضايا الدولية، ويشير إلى تصاعد الأصوات المعارضة لإسرائيل، لأنها تعتبر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي رمزا للهيمنة الغربية على العالم.
تصاعدت الأصوات المعارضة لإسرائيل، لأنها تعتبر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي رمزا للهيمنة الغربية على العالم (شترستوك) تهمة الإرهاب والسوابق الاستعماريةوفي سياق حديث الكتاب عن الحرب على غزة، يسائل الغرب على استعمال مصطلح "الحرب على الإرهاب" منذ أطلقته الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر/أيلول 2001، وكيف تحول إلى وسيلة لتبرير الانتهاكات ضد الشعوب وخوض الحروب رغم غموض مفهومه، وغياب اتفاق دولي على تعريف له، ليبقى الالتباس والخلط بين الإرهاب والمقاومة لأجل التحرر الوطني.
ويستحضر في مساءلته مقاومة الشعب الجزائري الاستعمار الفرنسي، وجواب العربي بن مهيدي أحد قادة جبهة التحرير الوطني الجزائرية أثناء معركة الجزائر عام 1957 على صحفيين فرنسيين انتقدوا استخدام القنابل في المقاهي بالقول "أعطونا دباباتكم وطائراتكم وسنعطيكم قنابلنا".
وقد خصص الكتاب للاستعمار الفرنسي للجزائر وكيف قاومه الجزائريون ملحقا استعرض أوجه الشبه بين ما حصل في الجزائر وما يجري اليوم في فلسطين من حيث الأساليب التي استعملها الاحتلال الفرنسي ضد المقاومة، ويسير الاحتلال الإسرائيلي على نهجه، والدروس والعبر التي يمكن للفلسطينيين أن يستلهموها من المقاومة الجزائرية.
ازدواجية معايير الغربالكتاب يكشف بالأمثلة والنماذج ازدواجية معايير الغرب في التوزيع الانتقائي للاتهامات بالإرهاب، فهو يسارع إلى إدانة هجمات حركة مقاومة، في حين لا يطلق التهمة نفسها على دولة ترتكب جرائم على نطاق واسع، ليؤكد أن الغرب غالبا ما يستعمل مفهوم "الإرهاب" كأداة سياسية للتلاعب بالرأي العام وشرعنه قمع بعض الحركات، وذريعة لتبرير القمع والانتهاكات بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول، كما استخدم لتبرير الحروب والتدخلات العسكرية في الشرق الأوسط ومناطق أخرى.
إعلانوالاحتلال الإسرائيلي يوظف على غرار الولايات المتحدة خطاب محاربة "الإرهاب" في حروبه المتكررة على الشعب الفلسطيني -خاصة غزة- لتبرير الجرائم والانتهاكات لحقوق الإنسان.
وفي هذا السياق، يقول الكاتب "إذا تم تصنيف حركة حماس منظمة إرهابية فإن إسرائيل يمكن أن تصنف دولة إرهابية"، خاصة أنها ترتكب جرائمها منذ عقود وعلى نطاق واسع، في حين عمليات حركة حماس تتم بأدوات بسيطة ومحدودة التأثير مقارنة بما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي.
والسلاح نفسه يستعمله اليوم الغرب لإسكات الأصوات والحركات المعارضة للحرب على غزة والمؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني، ويطلق عليها تهمة الإشادة أو تمجيد الإرهاب، دون خجل من ازدواجية المعايير حتى في المنظومة الغربية نفسها.
وقد أدان الغرب روسيا وفرض عليها عقوبات لقصفها المدن الأوكرانية، لكنه دعم إسرائيل عسكريا بدعوى حق الدفاع عن النفس، ومنحها الغطاء الدبلوماسي والإعلامي الواسع رغم ارتكابها جرائم أفظع مما ارتكبته روسيا في أوكرانيا.
ويدعو الكاتب إلى إعادة تعريف الإرهاب ليشمل الجرائم التي ترتكبها الدول، وينبه إلى عدم الخلط بين الإرهاب والمقاومة وأن الأخيرة ليست إرهابا، بل حق مشروع معترف به في القوانين الدولية، وهي السبيل للبقاء والحفاظ على الهوية الوطنية، الأمر الذي يفسر استمرار مقاومة الشعب الفلسطيني ورفضه الاستسلام، وأي وصف للمقاومة الفلسطينية بالإرهاب يسعى إلى تجريد الفلسطينيين من حقهم في الدفاع عن أرضهم وكرامتهم.
الكاتب يدعو إلى إعادة تعريف الإرهاب، وينبه إلى عدم الخلط بين الإرهاب والمقاومة (الفرنسية) الإعلام والقضية الفلسطينيةرصد الكتاب تعامل الإعلام الغربي والعربي والفلسطيني مع الحرب على غزة، ودور الإعلام في الحروب عموما من حيث صناعة الروايات وتشكيل الرأي العام والتأثير في الصراع، لأنه جزء لا يتجزأ من أي صراع سياسي أو عسكري وحرب على شاشات التلفاز وصفحات الصحف ومنصات التواصل الاجتماعي، وله دور كبير في حسم الصراع وفي اتجاهه.
إعلانفليس الإعلام مجرد وسيلة لنقل الأخبار، بل أصبح أحد أطراف الحروب والصراعات، إذ يسعى كل طرف إلى تقديم روايته والتأثير بها على الرأي العام الدولي، وبرز ذلك بشكل أقوى في الصراع على أرض فلسطين.
ويكشف الكتاب الآلة الإعلامية القوية التي تستخدمها إسرائيل للتأثير على الرأي العام العالمي، ومكنتها من السيطرة على الرواية الإعلامية في الغرب عبر شبكاتها الإعلامية والدبلوماسية، والتي قدمتها كضحية وكدولة ديمقراطية تدافع عن نفسها في مواجهة "الإرهاب الفلسطيني"، وأن ما تقوم به من هجمات عسكرية (عدوان) دفاع عن النفس، حتى ولو كانت في انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، في حين تصور أفعال المقاومة الفلسطينية على أنها تهديد لأمن واستقرار واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط، متجاهلة السياق الأكبر المتعلق بالاحتلال.
وأشار الكاتب إلى الدور الكبير لجماعات الضغط الموالية لإسرائيل في تشكيل التغطية الإعلامية في الغرب عبر طرق مختلفة، منها التأثير على السياسات التحريرية، واستهداف الصحفيين المنتقدين ومحاصرتهم وتهديدهم بفقدان وظائفهم، ومحاصرة المؤسسات الإعلامية والمنظمات التي تنتقد إسرائيل.
بالمقابل، يعاني الفلسطينيون من تحديات مختلفة لإيصال رسالتهم وروايتهم، أبرزها ضعف كبير في الإمكانيات والموارد بالمجال الإعلامي، وتحيز الإعلام الغربي ضدهم في تغطية الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي لصالح الأخير.
ويفضح الكاتب هذا التحيز في التغطية الإعلامية بأمثلة ونماذج متعددة، سواء في المصطلحات المستعملة أو في تقديم المعطيات والمعلومات، إذ يصف القصف الإسرائيلي والعدوان على الفلسطينيين بأنهما اشتباكات وصراع وصدامات.
بالمقابل، يصف عمل المقاومة بأنه هجمات و"إرهاب" وإطلاق صواريخ، فضلا عن تقديم صورة مخالفة للواقع وإظهار إسرائيل ضحية بالتركيز على خسائرها مقابل غض الطرف عن مآسي ومعاناة الفلسطينيين وخسائرهم، وعدم الإشارة إلى السياق التاريخي والسياسي للحرب والصراع، وإخفاء حقيقة أن الأمر يتعلق بالاحتلال والاستيطان والحصار.
إعلان وسائل التواصل الاجتماعي.. ساحة حرب جديدةكتاب آلان غريش "فلسطين.. شعب لا يريد الموت" سلط الضوء على ساحة أخرى جديدة للحرب الإعلامية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهي وسائل التواصل الاجتماعي، وقال إن تأثيرها غيّر قواعد اللعبة لأنها مكنت الفلسطينيين من نقل معاناتهم مباشر إلى العالم دون الحاجة لوسائل الإعلام التقليدية، إذ نقل الفلسطينيون الصور ومقاطع الفيديو التي تفضح جرائم الاحتلال.
وفي هذا السياق، يورد كيف صوّر الضحايا مأساتهم ونقلوها بأنفسهم إلى العالم، وكيف اعتمدت لائحة الاتهام التي قدمتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية في 12 يناير/كانون الثاني 2024 الفيديوهات والشهادات القادمة من غزة ونشرها فلسطينيون، مستشهدا بما قاله المحامي الأيرلندي بلين ني غرالاي عندما وصف غزة بأنها "أول إبادة جماعية في التاريخ يبث فيها الضحايا قصتهم في وقتها الحقيقي عسى أن يتحرك العالم ويفعل شيئا".
ويسجل الكتاب التحديات التي يوجهها المحتوى الفلسطيني على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، ومنها الرقابة والحذف بحجة انتهاك سياسات النشر، خاصة في منصة فيسبوك أو إنستغرام.
في المقابل، تسمح بحملات دعائية واسعة للرواية الإسرائيلية وتشويه الرواية الفلسطينية عبر الحسابات المزيفة ونشر المعلومات المضللة.
الجزيرة.. دور محوري بإبراز مظلمة الفلسطينيينأبرز الكتاب دور الإعلام الشعبي و"المستقل"، وما قام به من دور محوري في نقل معاناة الفلسطينيين إلى العالم العربي وإلى كل العالم، وقال إن قناة الجزيرة لعبت دورا كبيرا في إبراز القضية الفلسطينية رغم تعرضها لضغوط وانتقادات من أطراف مختلفة، وهي الضغوط والمضايقات التي واجهت قنوات غير رسمية، لأن إسرائيل ومن يدعمها تريد التلاعب بالرأي العام العالمي وعدم فضح روايتها.
ولم يكتفِ الكتاب برصد واقع الإعلامي الفلسطيني والداعم للقضية وتحدياته وإكراهاته، بل قدّم مقترحات بحكم خبرته الصحفية وتخصصه في قضايا الشرق الأوسط، من شأنها أن تساعد الفلسطينيين على تحسين حضورهم الإعلامي، وترفع إمكانية القدرة على مواجهة الهيمنة الإعلامية الإسرائيلية، ومنها تأسيس منصات إعلامية قوية قادرة على المنافسة دوليا، وتدريب الشباب الفلسطينيين على تقنيات الإعلام الرقمي، وتمكينهم من قدرات تسمح لهم بسرد القصص الإنسانية التي تعرّف بمعاناة الشعب الفلسطيني اليومية تحت الاحتلال.
الكاتب يطرح خيار المقاومة الشعبية واستمرار نضالها، لتعزيز الدعم الدولي للقضية الفلسطينية، وإجبار إسرائيل على التراجع عن سياساتها (الفرنسية) خيارات الشعب الفلسطينيوفي سياق حديثه عن مستقبل الصراع بالشرق الأوسط وخيارات الشعب الفلسطيني، ناقش الكتاب السيناريوهات المتداولة لحل الصراع، ومنها خيار الدولتين الذي بات بعيد المنال لغياب الإرادة السياسية لدى إسرائيل، وتوسيعها المستمر للمستوطنات في الضفة الغربية، واستبعادها الحلول السياسية، وتبنيها خطابا وإستراتيجية أمنية، مستفيدة من الدعم الأميركي الشامل وغير المشروط، وازدواجية المعايير الأوروبية.
إعلانوهناك خيار آخر، وهو الدولة الواحدة، لكنه مستبعد فلسطينيا لأن الكلمة فيها ستكون لإسرائيل التي لن توفر المساواة في الحقوق.
وبانسداد الأفق السياسي واستبعاد الخيارين المذكورين يطرح الكتاب خيارا ثالثا وهو المقاومة الشعبية واستمرار النضال لتعزيز الدعم الدولي للقضية الفلسطينية، وإجبار إسرائيل على التراجع عن سياساتها.
ويرى الكاتب أن هناك عاملين مهمين في هذا السياق يتعلق الأول بتصاعد دور قوى دولية كالصين والهند والبرازيل في السياسة الدولية من شأنه أن يخفف هيمنة الغرب وأن يمكّن للفلسطينيين حلفاء وداعمين جددا، والآخر بتزايد التضامن الشعب العالمي مع الفلسطينيين يقوده المجتمع المدني وحركات شعبية وشبابية انتفضت ضد ازدواجية المعايير الغربية.