يواجه المرضى والمصابون في مستشفى كمال عدوان فبي شمال غزة أوجاعهم بعيدا عن أنظار العالم، ودون تلقيهم الحد الأدنى من العلاج، حيث أصبحت أقصى آمالهم الحصول على أدوية مسكنة تخفف من وطأة آلامهم.

أحد المرضى في الثلاثين من عمره، طلب عدم ذكر اسمه، قال للأناضول إن "ظروف إصابته صعبة للغاية، حيث يحتاج تركيب أسياخ بلاتين في القدم، إلا أنها غير متوفرة في شمال القطاع".



وأضاف بصوت متعب: "أوصلوني إلى المستشفى (عقب الإصابة) بعربة يجرها حمار، ولا يوجد هنا إسعافات أو خدمات صحية. لا يوجد شيء".

إلى جانب ذلك، يقول الشاب إنه "لا يوجد أطباء" في المستشفى من أجل المتابعة الصحية أو تقديم الخدمات.

وعبر الشاب الفلسطيني عن حسرته من عدم وجود أدوية مسكنة تخفف من حدة آلامه التي تؤرّق ليله.

"المحلول الغذائي" هو أكثر ما يمكن أن يتلقاه المريض أو المصاب مهما اختلفت طبيعة جراحه، وفق ما أفاد به فلسطينيون داخل المستشفى.

هذا النقص الحاد بالإمكانيات الذي يتعمد الجيش الإسرائيلي إيقاعه بالمنظومة الطبية في محافظة الشمال، يتسبب بشكل أو بآخر بقتل المرضى والجرحى جراء نقص العلاجات.

ورفضت "إسرائيل" مرارا، وفق ما أفاد به مسؤولون دوليون وأمميون، دخول أدوية ومستلزمات طبية وأغذية إلى المحافظة المنكوبة، بهدف إجبار سكانها على الهجرة القسرية تحت وطأة الجوع والتقتيل.

وحذر مسؤولون فلسطينيون، مرارا، من فقدان مرضى وجرحى جراء نقص الإمكانيات الطبية في شمال القطاع.

كما أطلقوا على مدار أكثر من 40 يوما من الإبادة الإسرائيلية للمحافظة، نداءات استغاثة لمؤسسات ومنظمات دولية وأممية تعنى بالمجال الصحي، لكن دون جدوى.

وفي 5 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بدأ الجيش الإسرائيلي اجتياحا بريا في شمال قطاع غزة؛ بذريعة "منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة".

بينما يقول الفلسطينيون إن "إسرائيل" ترغب في احتلال شمال القطاع وتحويله إلى منطقة عازلة بعد تهجير سكانه، تحت وطأة قصف دموي متواصل وحصار مشدد يمنع إدخال الغذاء والماء والأدوية.

وتسببت هذه العملية في خروج المنظومة الصحية عن الخدمة وفق تصريحات مسؤولين حكوميين، فضلا عن توقف عمل جهاز الدفاع المدني ومركبات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني.

ورغم ذلك، تحاول المستشفيات الثلاثة الرئيسية في المحافظة "كمال عدوان" و"الإندونيسي" و"العودة"، العمل بأقل الإمكانات وبطبيب واحد أو اثنين وفي ظل نفاد مخزونها من الأدوية والمستهلكات الطبية، لتقديم الحد الأدنى من الخدمة للجرحى والمرضى.


منظومة صحية "منكوبة"
مدير مستشفى "كمال عدوان" حسام أبو صفية، قال للأناضول إن كل يوم يمر منذ بدء الإبادة في محافظة الشمال، "يزداد فيه الوضع سوءا".

وتابع: "ما زالت المنظومة الصحية منكوبة، نقدم الخدمة بالحد الأقل من الأدنى".

وجدد تأكيده على شح توفر الإمكانيات الطبية في محافظة الشمال عموما ومستشفى كمال عدوان.

وأوضح أن "إسرائيل" تواصل رفضها وصول الوفود الطبية ذات التخصصات الجراحية إلى محافظة الشمال.

كما تواصل "إسرائيل"، وفق أبو صفية، رفضها وصول مركبات الإسعاف إلى المحافظة التي تشهد قصفا جويا ومدفعيا متواصلا ما يتسبب بإحداث مجازر يذهب ضحيتها عشرات الفلسطينيين في الكثير من الأحيان.

أحداث مدمية
ما حدث في محافظة شمال قطاع غزة، على مدار أكثر من 40 يوما، يوصف بأنه "مدمٍ"، وفق أبو صفية.

يقول مدير "كمال عدوان" عن ذلك: "الأحداث الجارية هنا مؤلمة، تدمي القلوب".

ويوضح أن المستشفى يصلها نداءات استغاثة لنساء وأطفال من تحت ركام منازلهم التي يدمرها القصف الإسرائيلي، لكن دون أن يكون بمقدورهم تقديم أي نوع من العون والمساعدة.

وذلك يأتي في ظل عدم توفر إمكانيات لدى الطواقم المختصة في محافظة الشمال لإزالة أطنان كبيرة من الركام وإنقاذ المصابين، فضلا عن عدم وجود أي مركبة إسعاف تعمل في المكان، وفق قوله.

واستكمل قائلا: "في اليوم التالي، تختفي أصوات الاستغاثة من تحت الركام، ونعلم أن من كان حيا استشهد، فتحولت منازلهم إلى قبور لهم".

استغاثات دون مغيث
تتواصل الإبادة الإسرائيلية في محافظة الشمال وهي جزء من الإبادة الجماعية في القطاع التي ترتكبها "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

هذه الإبادة تستمر وتشتد أساليبها على مرأى ومسمع من العالم حيث تُنشر مقاطع فيديو توثق عمليات قتل وقصف مدنيين وحرق منشآت ومراكز إيواء، دون أي تغير حقيقي بالمواقف على مستوى المنظمات الحقوقية والطبية والعالمية يدفع باتجاه وقفها.

أبو صفية، يقول إن الوضع بات "مؤلما وكارثيا، والمؤسف أننا وجهنا نداءات استغاثة للعالم دون مجيب".

وأضاف: "لا يوجد مجيب أي من مدعيي الإنسانية غير قادر على خرق الحصار المطبق على الشمال".

وشدد على ضرورة كسر الحصار عن المحافظة وإدخال الوفود والمساعدات والمستلزمات الطبية ومركبات إسعاف ولو كانت واحدة من أجل نقل المصابين وإنقاذ حياتهم.

بدوره، يقول مريض آخر (لم يذكر اسمه)، إنه يعيش رغم وضعه الصحي المتردي "على المحاليل الملحية فقط".

وتابع: "من يقدم الخدمة هنا هم متطوعون، لكن لا يوجد كوادر طبية أو إمكانيات لمساعدتنا من خلالها".

وأوضح أن الآلام تحول بينه وبين النوم في ساعات الليل، مضيفا: "طيلة ساعات الليل أصرخ من الألم لكن لا يوجد مسكنات، هنا نأخذ المحلول فقط، حتى المضادات الحيوية غير موجودة".

وتغيب عن محافظة شمال قطاع غزة مقومات الحياة حتى الطعام، وفق قول المريض.

ويخيم شبح المجاعة على محافظة الشمال التي يفرض عليها الجيش حصارا عسكريا مطبقا مانعا بذلك دخول إمدادات الطعام والمياه والأدوية إليها.

هذا ما أكده مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، في تقرير نشره في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، قائلا إن إسرائيل منعت "لمدة قاربت شهرًا، جميع المحاولات التي بذلتها المنظمات الإنسانية من أجل إرسال المواد الغذائية إلى السكان في المناطق المحاصرة بمحافظة شمال غزة".


والجمعة، حذر تقرير للجنة مراجعة المجاعة التابعة للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي “IPC” (فريق من كبار الخبراء الدوليين المستقلين في مجال الأمن الغذائي والتغذية والوفيات) من وجود احتمال قوي بحدوث مجاعة وشيكة في مناطق بشمال غزة، فيما يواصل الاحتلال الإسرائيلي إبادة شمال قطاع غزة.

وبدعم أمريكي ترتكب "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 147 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وتواصل "إسرائيل" مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية غزة الاحتلال غزة الاحتلال جرائم ابادة مستشفي كمال عدوان المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی محافظة الشمال شمال قطاع غزة کمال عدوان شمال غزة أبو صفیة لا یوجد

إقرأ أيضاً:

واشنطن ترد على اتهام إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة

رأت الولايات المتحدة، الخميس، أن "لا أساس" لاعتبار لجنة خاصة تابعة للأمم المتحدة بأن ممارسات إسرائيل خلال حرب غزة "تتسق مع خصائص الإبادة الجماعية".

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل للصحفيين: "هذا أمر نختلف معه بشكل لا لبس فيه".

وأضاف باتيل: "نعتقد أن صياغات كهذه واتهامات كهذه لا أساس لها بالتأكيد".

وكانت لجنة خاصة تابعة للأمم المتحدة اعتبرت في وقت سابق، أن ممارسات إسرائيل خلال حرب غزة "تتسق مع خصائص الإبادة الجماعية".

واتهمت اللجنة إسرائيل بـ"استخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب".

وأفادت أن "سياسات إسرائيل وممارساتها خلال الفترة المشمولة بالتقرير تتسق مع خصائص الإبادة الجماعية".

وأشارت إلى "استهداف الفلسطينيين كجماعة، والظروف المهددة للحياة المفروضة على الفلسطينيين في غزة خلال الحرب والقيود المفروضة على المساعدات الإنسانية".

وتشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة منذ أزيد من سنة، قتل خلالها العديد من قادة حركة حماس أبرزهم رئيس الحركة يحيي  السنوار.

ومنذ بدء الهجوم العسكري الإسرائيلي في أكتوبر 2023، ارتفعت حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 43736، أغلبيتهم من الأطفال والنساء بحسب مصادر طبية.

مقالات مشابهة

  • حزب الله يعلن تنفيذ 31 عملية لصد محاولات تقدم الاحتلال وضد مواقع بشمال إسرائيل
  • نيويورك تايمز: الكر والفر سمة حرب إسرائيل الدموية بشمال غزة
  • واشنطن ترد على اتهام إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة
  • الاحتلال يعطل عمل الدفاع المدني بشمال غزة لليوم الــ23 على التوالي
  • كمال ماضي: أمريكا تمتلك 100% من كروت الضغط على إسرائيل
  • مدير مستشفى كمال عدوان: منازل المواطنين في شمال غزة تحولّت قبورًا لهم
  • مدير مستشفى كمال عدوان: منازل المواطنين في شمال غزة تحولّت قبور لهم
  • ختام النسخة الثالثة من كأس الجمهورية الجديدة بشمال سيناء
  • الاحتلال يقصف نازحين أمام مستشفى كمال عدوان وينسف مباني غربي جباليا