مراجعة سرية لمجلس محلي بلندن بحثا عن التطرف.. ماذا كانت النتيجة؟
تاريخ النشر: 16th, November 2024 GMT
كشف تقرير نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، أن وزير المجتمعات المحلية البريطاني السابق، مايكل غوف، أمر بإجراء مراجعة سرية لمجلس منطقة تاور هامليتس في لندن بتكليف من السفير البريطاني السابق لدى السعودية، السير جون جينكينز، على خلفية مخاوف من وجود "التطرف" داخل المجلس.
وتعتبر منطقة تاور هامليتس من أكثر الأحياء ذات الكثافة السكانية المسلمة العالية في لندن.
ووفقا لهذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، فقد جاء قرار غوف بتعيين جينكينز بناء على التحقيق المثير للجدل الذي أجراه في سنة 2015 حول جماعة الإخوان المسلمين بهدف تحديد المخاطر المحتملة المرتبطة بـ "التطرف" في مجلس تاور هامليتس.
وعلى الرغم من أن غوف أصدر أمراً بإجراء المراجعة في شباط/ فبراير الماضي، إلا أنه لم يكشف علناً أن "التطرف" كان أحد الأسباب الرئيسية وراء هذه المراجعة.
وأكد تقرير نُشر الثلاثاء الماضي أن المراجعة التي أجراها جينكينز لم تكشف عن أي دليل على وجود "التطرف" بين صفوف مجلس تاور هامليتس ولم يتم حتى البحث عن صلات محتملة للتطرف.
ومع ذلك، أوصى التقرير بتعيين مبعوثين وزاريين لمراقبة إدارة المجلس بعد أن كشف عن غياب الرقابة الفعّالة فيه. كما وصف التقرير إدارة المجلس بأنها "مشبوهة ودفاعية" مع تحذيرات بشأن "ثقافة المحاباة" السائدة داخله.
وأضاف التقرير أن وزير المجتمعات المحلية السابق، مايكل غوف، طلب من فريق التفتيش التأكد من تطبيق المعايير المتوقعة لإدارة الحكم المحلي الفعّالة، بما في ذلك دراسة آليات صرف الأموال وتعيين كبار الموظفين في المجلس.
ومع ذلك، أثار تعيين جينكينز، الدبلوماسي المخضرم الذي يفتقر إلى الخبرة في إدارة الشؤون المحلية، تساؤلات حادة من قبل منظمات المجتمع المدني والسياسيين المحليين. ففي آذار/ مارس الماضي، وجّه هؤلاء رسالة إلى غوف اتهموا فيها جينكينز بمشاركة منشورات معادية للإسلام على وسائل التواصل الاجتماعي.
ورد في الرسالة أن "سجل جينكينز الطويل في الأدوار الدبلوماسية يثير تساؤلات حول سبب اختياره مفتشاً لمجلس يُمثّل أكثر الأحياء تنوعاً في بريطانيا".
جينكينز و"مكافحة التطرف"
وذكر الموقع أن تعيين جون جينكينز مفتشاً لمراجعة مجلس تاور هامليتس جاء بناءً على "خبرته المتخصصة في مكافحة التطرف"، وذلك وفقاً لرسالة من محامي الحكومة رداً على دعوى قانونية رفعها المجلس.
وأوضحت الرسالة أن الوزير السابق مايكل غوف كان "قلقاً بشأن وجود أدلة تشير إلى التطرف داخل المجلس، وتأثير ذلك على قدرة المجلس على تقديم أفضل قيمة في المجالات التي طُلب فيها التفتيش".
وحسب عمدة تاور هامليتس، لطف الرحمن، فإن الحكومة السابقة استخدمت المراجعة كعملية "استقصائية للبحث عن التطرف داخل المجلس"، دون إبلاغ السلطات المحلية بذلك مسبقاً.
وقال عمدة تاور هامليتس: "حتى الآن، لم يتم تقديم أي دليل يثبت وجود أي صلة بين المجلس والتطرف". وأضاف أنه "لم يتم إبلاغ المجلس رسمياً أو بشكل غير رسمي من قبل الحكومة أو المفتشين بأن التحقيق كان يهدف إلى التحقيق في التطرف".
الأعلام الفلسطينية في تاور هامليتس
تزامن أمر وزير المجتمعات المحلية البريطاني السابق، مايكل غوف، بالتحقيق في مجلس تاور هامليتس مع موجة من الجدل السياسي حول رفع الأعلام الفلسطينية في المنطقة.
ففي كانون الثاني/ يناير الماضي، قدّمت مجموعة ضغط تُدعى "محامون بريطانيون من أجل إسرائيل" شكوى إلى الشرطة البريطانية، زاعمة أن الأعلام الفلسطينية التي تُرفع في الحي تُعتبر "مسيئة".
وفي شباط/فبراير الماضي، أثار الوزير المحافظ السابق، بول سكالي، جدلاً واسعاً حينما وصف المناطق ذات الكثافة السكانية المسلمة العالية في لندن، مثل تاور هامليتس، بأنها "مناطق محظورة".
ورغم ردود الفعل الغاضبة والانتقادات الواسعة، قدّم سكالي اعتذارًا في اليوم التالي عن تصريحاته، التي أثارت استنكاراً من مختلف الأوساط السياسية والاجتماعية.
انتقادات واسعة حول التحقيق
بينما أكّد تقرير المراجعة الحكومية على "بطء استجابة المجلس" تجاه مسألة رفع الأعلام الفلسطينية، كشف التحقيق أن المفتشين الحكوميين قد طرحوا أسئلة حول الخلفيات السياسية لأعضاءٍ في المجلس، ما أثار موجة من الغضب بين الموظفين المحليين. وفي ردٍ على تلك الانتقادات، نفى محامو الحكومة هذه الادعاءات بشدة.
كما سلط التقرير الضوء على ممارسات التحقيق التي اعتُبرت مثيرة للجدل، حيث أشار إلى أن المفتشين قد وجّهوا أسئلة "عدائية" لموظفين من أصول بنغلادشية في المجلس، استفسروا خلالها عن انتماءاتهم السياسية.
وقد اعتبر البعض أن هذه الأسئلة تمثل تدخلاً غير مبرر في شؤونهم الشخصية، مما زاد من حدة الانتقادات الموجّهة إلى أسلوب التحقيق.
نظرة مشككة تجاه سياسة مكافحة التطرف
لا تزال سياسة غوف لمكافحة التطرف، التي تستند إلى تقرير جينكينز حول جماعة الإخوان المسلمين، تثير تساؤلات كبيرة، خاصة في ظل تراجع الحكومة البريطانية عن موقفها بعد نشر التقرير في 2014.
وهذا التراجع يجعل من الصعب تحديد ما إذا كانت السياسات المعتمدة فعلاً تدعم مكافحة التطرف، أم أنها تسهم في تعزيز الانقسامات الاجتماعية بشكل أكبر. ويبقى السؤال الأبرز: هل كان التحقيق المزعوم في مجلس تاور هامليتس يهدف حقاً إلى البحث عن التطرف، أم كان محاولةً لفرض قيود على الأنشطة السياسية التي تتناول قضايا شائكة مثل الصراع الفلسطيني؟
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية تاور هامليتس لندن بريطانيا بريطانيا لندن تاور هامليتس صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأعلام الفلسطینیة مکافحة التطرف
إقرأ أيضاً:
ماذا نعرف عن قوات كوريا الشمالية التي تؤازر روسيا؟
أكد حلف شمال الأطلسي (ناتو) أن قوات من كوريا الشمالية انتشرت في روسيا. وكانت تقارير أشارت إلى وجودهم هناك منذ عدة أشهر، والآن ثمة أدلة متزايدة على أن هناك ما يصل إلى 10 آلاف جندي يرافقهم عدد من القادة، بينهم 3 جنرالات، قد انتقلوا من كوريا الشمالية إلى مناطق سيطرة الجيش الروسي في مقاطعة كورسك جنوبي روسيا، وأنهم سيشاركون قريبا في عمليات قتالية.
وجمع الصحفي في موقع الجزيرة الإنجليزي أليكس غاتوبولوس معطيات رئيسية بشأن انتشار هذه القوات في منطقة النزاع والأسباب التي تدفع كوريا الشمالية للمشاركة في الحرب الروسية مع أوكرانيا:
قوات قليلة الخبرةلا إنكار لصلابة الجندي الكوري الشمالي، لكن قوات هذا البلد لم تخض تجربة القتال بالوسائل والأسلحة المتطورة للقرن الحادي والعشرين.
وهذا الميدان تجتمع فيه الطائرات المسيّرة وأجهزة الاستشعار والمراقبة الدائمة مع تكتيكات القتال القديمة عبر الخنادق والمدفعية بعيدة المدى. وهي خبرات تحتاج إليها كوريا الشمالية بشدة إذا أرادت أن تشن حربا على جارتها الجنوبية.
الزعيمان الكوري الشمالي (يمين) والروسي خلال لقاء جمعهما في بيونغ يانغ في يونيو/حزيران الماضي (رويترز) مكاسب كوريا الشماليةعانت الدولة الشيوعية المنعزلة من تراجع المحاصيل الزراعية في عدة مواسم متتالية وتواجه حاليا شحا في إمدادات الغذاء. كما أنها تواجه نقصا في الأموال التي تحتاجها في السوق السوداء، إذ إن الالتفاف على العقوبات الدولية باهظ التكلفة.
وتستطيع روسيا المساعدة في حل أزمات بيونغ يانغ، وذكرت تقارير أنها تدفع ما يصل إلى 2000 دولار للجندي الواحد. وهناك علاقات عسكرية وثيقة بين البلدين وقد وقعا في الآونة الأخيرة معاهدة دفاعية.
وتزود كوريا الشمالية روسيا بكميات كبيرة من ذخائر المدفعية عيار 122 مليمترا و152 مليمترا بالإضافة إلى قذائف الهاون والصواريخ التي تستخدمها الراجمات الروسية المتعددة.
واستُخدمت صواريخ كوريا الشمالية في القتال ضد أوكرانيا، لكن جودتها منخفضة. وتستطيع روسيا إرسال مستشارين تقنيين لتحسين جودة وإنتاجية تلك الصواريخ والذخائر.
مكاسب روسيااستخدمت موسكو موارد ضخمة لمواجهة التوغل الأوكراني في كورسك جنوبي روسيا، وشنّ حملتها الهجومية في دونيتسك شرقي أوكرانيا. وقد نجحت في احتواء الهجوم الأوكراني على أراضيها، وصارت تتقدم في دونيتسك حيث تشن هجمات متتالية يصعب صدها على مدينة بوكروفسك.
لكن هذا كلف روسيا أثمانا باهظة، إذ تشير التقديرات إلى أن 80 ألف جندي قتلوا أو جرحوا في هذه العمليات، أي بمعدل 1200 جندي يوميا، وهي خسارة كبيرة لا تتحملها حتى روسيا.
وربما يكون المدد الكوري الشمالي هو ما تحتاجه روسيا الآن، بعد أن صارت قواتها منهكة بشدة عقب أشهر من القتال.
ماذا سيفعل الكوريون؟من المحتمل أن تستخدم روسيا القوات الكورية الشمالية في الخطوط الأمامية، مثلما دفعت في السابق بموجات من الوحدات الروسية.
وهؤلاء الجنود الذين يفتقرون للخبرة القتالية هم أصلح للانتشار في المواقع الدفاعية، ما يعني تفريغ المزيد من القوات المدربة لشنّ عمليات هجومية لاستعادة الأراضي الروسية التي انتزعتها أوكرانيا.
وهذه الغاية هي التي تدفع روسيا حاليا لحشد المشاة والمدفعية والدبابات في كورسك، استعدادا لشن هجوم معاكس جديد.
مسار الحربستودي الاستعانة بالقوات الكورية إلى تداعيات قريبة وبعيدة على مسار الحرب.
وهناك سؤالان هنا: الأول، كيف ستؤثر العملية الروسية في كورسك على مسار الحرب إذا كللت بالنجاح؟ والثاني، ماذا سيكون تأثير العنصر الكوري فيها؟.
إذا تمكنت روسيا من طرد القوات الأوكرانية حتى الحدود، فستفقد كييف ورقة تفاوضية مهمة كان بالإمكان استغلالها في المفاوضات النهائية.
كما أن هذه النتيجة قد تمكن روسيا من تفريغ عشرات الآلاف من جنودها للقتال في دونيتسك، بؤرة الحرب بأكملها، وهو ما يعني تعزيز فرصها في بسط السيطرة على هذه المقاطعة.
مخاوف أوكرانياتخشى أوكرانيا ومعها حلف الناتو أن تكون القوات الكورية الشمالية في كورسك طليعة لمزيد من القوات التي ستأتي تباعا.
وإذا اتجهت روسيا للتصعيد بالدفع بأعداد كبيرة من القوات الأجنبية إلى هذا الصراع، فما الذي سيمنع دول الناتو من الدفع بوحدات متطوعة للقتال نيابة عن أوكرانيا؟.
وتوجد حاليا أعداد صغيرة من المتطوعين الأجانب يقاتلون على كلا الجانبين. لكن فتح الباب رسميا من قبل الناتو للدفع بقوات أجنبية في هذا الصراع سيكون أمرا مختلفا تماما وسيضع الناتو والقوات الروسية في مواجهة مباشرة.
ويعني هذا أن مخاطر الحسابات الخاطئة والتصعيد المنفلت باتت واقعية جدا، حتى بالنظر إلى التطورات السياسية في الولايات المتحدة التي انتخبت دونالد ترامب رئيسا جديدا، وهو الذي تعهد خلال حملته بوضع حد للحرب بين روسيا وأوكرانيا.