مع تسارع وتيرة التطورات الميدانية يقع اللبنانيون في حيرة من أمرهم حيال المستقبل بعد اليوم التالي من الحرب. فهم الذين "يأكلون العصي" فيما غيرهم يكتفي بالعدّ. بالتأكيد أن ما يلي هذه الحرب لن يكون كما قبلها. فالوضع السياسي اختّلت موازينه. وما ينطبق على السياسة يسري مفعوله سبعين مرّة سبع مرّات على الوضعين الاقتصادي والمالي.

وكذلك الأمر، إن لم يكن أسوأ، بالنسبة إلى الوضعين الاجتماعي والحياتي، وبالأخص لدى النازحين، الذين أصبحوا بلا منزل وبلا أرض بين ليلة وضحاها، ولا يعرفون إذا ما كانت عودتهم إلى قراهم ومنازلهم المدّمرة مضمونة، وهم يعانون حيث هم أكثر من غيرهم من النازحين لأنهم أبناء أرض طيبة ومعطاءة.  
ومع توالي القصف الإسرائيلي، الذي تسبقه عادة إنذارات، فإن ما يُحكى عن إمكانية التوصّل إلى تسوية لا يعدو كونه كلامًا في الهواء. فلبنان يرفض أن يفاوض تحت النار. ولذلك فهو يطالب بوقف النار قبل أي عمل تفاوضي، إذ أنه من غير المقبول الموافقة على أي شرط تحت تأثير الضغط الميداني، فيما تصرّ تل أبيب على مبدأ التفاوض بالنار اعتقادًا منها أنها قادرة على فرض شروطها بفعل ما تمارسه من ضغط ميداني.
وما تطالب به تل أبيب من ضمانات يمكن وصفه بالمضحك – المبكي. وهذه الضمانات التي يطالب بها الجانب الإسرائيلي تظهر مدى خشيته من تكرار عملية "طوفان الأقصى"، ولكن بنسخة لبنانية، والتي قد تكون ربما أقسى من النسخة "الحماسية". ولأنه يعرف مسبقًا أن لبنان لن يقبل بأن تبقى سيادته مخروقة من الجوّ بحجة مراقبة تنفيذ القرار 1701 من قِبل "حزب الله" فهو يضغط في اتجاه القبول بمعادلة جلوس الأميركي على طاولة المفاوضات كمراقب يرتاح الإسرائيلي إلى ما يمكن أن يقوم به الأميركيون لجهة إلزام "حزب الله" بالالتزام بكل مندرجات القرار الدولي 1701 وبما يتضمنه من قرارات دولية ذات صلة.
وفي معلومات غير رسمية أن لبنان لا يعارض من حيث المبدأ فكرة انضمام الولايات المتحدة الأميركية كطرف مراقب، وإن كان هذا الطرح يحتاج إلى الكثير من التوضيحات والتفسيرات، بحيث تأتي الصيغة المقترحة لهذا الضمّ خالية من أي التباس أو من أي ثغرة يمكن أن يستفيد منها الجانب الإسرائيلي للتملص من التزاماته الدولية.
وقد يكون ما يطالب به الجانب الإسرائيلي من ضمانات تحفظ أمن مستوطني الشمال قد جاء نتيجة ما عاينه من تحصينات وأنفاق "المقاومة الإسلامية" على امتداد الخط الأزرق من الناقورة حتى تلال مزارع شبعا. وفي الاعتقاد أن الغاية من هذه الانفاق والتحصينات مزدوجة. الغاية الأولى من هذه الانفاق تكمن في قدرة رجال "المقاومة" على التسلل إلى الجليل الأعلى في عمليات خاطفة وموجعة على غرار عملية "الطوفان". أمّا الغاية الثانية فتقوم على أساس تمكين "المقاومة" من صدّ أي هجوم برّي وإعاقة تقدّم قوات العدو. وهذا ما هو حاصل الآن في الميدان المباشر على الخطوط الأمامية، حيث يتبيّن من بيانات "المقاومة" أن التصدي للهجمات المعادية يتمّ في أغلب الأحيان من مسافة صفر.
فالموفد الأميركي آموس هوكشتاين، الذي حصل على تأييد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، لن يعود إلى المنطقة إلاّ إذا وردته من تل أبيب وبيروت إشارات تنبئ بإمكان القبول المبدئي بمسودة التسوية التي تم التوصل إليها من قِبل طرفي النزاع. وعلى أساس هذه المؤشرات يمكن للموفد الأميركي أن يواصل تحرّكه المشروط هذه المرّة.
وفي رأي أكثر من مراقب أن كلًا من إسرائيل و"حزب الله" يحتاجان إلى من ينزلهما من على شجرة التصعيد الميداني والإعلامي. وفي الاعتقاد أن ما تطرحه الولايات المتحدة الأميركية من حلول وسطية قد تكون الفرصة الأخيرة لوقف ارتكاب المزيد من المجازر في حرب تخطّت كل الخطوط الحمر.      المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

واشنطن: تطبيع السعودية مع إسرائيل سيحفزها للاعتراف بدولة فلسطينية

قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الثلاثاء، إن التطبيع بين المملكة العربية السعودية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، هو "أفضل حافز" لإسرائيل للاعتراف بالفلسطينيين.

جاءت تصريحات بلينكن خلال كلمة له بشأن صفقة تبادل الأسرى، ووقف الحرب في  غزة، قال خلالها إنها جاهزة للتنفيذ بمجرد أن توافق عليها حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس".




في سياق متصل، كشف خبير إسرائيلي مختص بالشؤون الأمريكية عن توقعاته لخطط ترامب المستقبلية في المنطقة عقب توليه مقاليد الحكم رسميا في الـ20 من الشهر الجاري، مرجحا أن يكون التطبيع مع السعودية على سلم الأولويات.

وقال الخبير شاي هار تسفي في مقال بصحيفة "معاريف"، إن "عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستؤدي بشكل طبيعي إلى تغييرات كبيرة في سياسة الإدارة الأمريكية على الساحة الدولية والإقليمية، وذلك بالنظر إلى الفوارق الكبيرة بين رؤى وسلوكيات ترامب وسلفه بايدن".




أما بالنسبة للشرق الأوسط، فقد قدر هار تسفي بأن الأهداف الثلاثة الرئيسية لترامب ستكون إنهاء الحرب في غزة، وإعادة الأسرى، ودفع اتفاق تطبيع تاريخي بين "إسرائيل" والسعودية، ومنع إيران من تطوير سلاح نووي. 

نهاية العام الماضي، توصلت إسرائيل والمملكة العربية السعودية مؤخرًا إلى اختراق في محادثات التطبيع، حسبما زعمت صحيفة هآرتس العبرية، فيما نفى مصدر دبلوماسي غربي مطلع لـ"عربي21" أن يكون حدث أي اختراق في ملف التطبيع.

وقال مصدر دبلوماسي غربي طلب عدم الكشف عن هويته لـ"عربي21" إن الحديث عن وجود اختراق في مفاوضات التطبيع بين السعودية والاحتلال غير دقيق، وأضاف المصدر أن بعض الأنباء التي تنشر في وسائل الإعلام الإسرائيلية تكون موجهة لأهداف سياسية، مشيرا إلى أن السعودية لا تزال متمسكة بشرط التعهد بإقامة دولة فلسطينية مستقلة قبل التطبيع مع إسرائيل.

مقالات مشابهة

  • واشنطن تعترف لأول مرة بهزيمة الاحتلال الإسرائيلي في غزة
  • الحوثي : طلبنا من السعودية التدخل لدى واشنطن لخفض التصعيد .. وهكذا كان الرد 
  • جماعة الحوثي: تلقينا سوء تقدير من السعودية حين طلبنا منها التدخل لدى واشنطن لخفض التصعيد
  • محلل سياسي فلسطيني: العالم ينتظر رد الجانب الإسرائيلي بالموافقة على وقف إطلاق النار في قطاع غزة
  • واشنطن: تطبيع السعودية مع إسرائيل سيحفزها للاعتراف بدولة فلسطينية
  • بلينكن: لا يمكن فرض دولة فلسطينية تحت قيادة حماس على إسرائيل
  • عبدالعاطي: نشدد على ضرورة الانسحاب الإسرائيلي من الجانب الفلسطيني لمعبر رفح
  • هل تستطيع إسرائيل التخلص من اعتمادها على أميركا؟
  • واشنطن: يمكن التوصل إلى اتفاق غزة هذا الأسبوع
  • إدارة ترامب تحث إسرائيل على ضبط النفس وتجنب التصعيد في المنطقة