ما اللغة التى يفهمها الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب، وكذلك رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو؟!
الأول يفهم لغة المصالح، والثانى يفهم لغة القوة، والاثنان لا يفهمان بالمرة لغة القانون الدولى وحقوق الإنسان والمحاكم الدولية وقرارات الشرعية الدولية.
هل معنى ذلك أن الرؤساء الأمريكيين، وكذلك رؤساء الوزراء الإسرائيليون السابقون كانوا ملائكة ويقدسون لغة القانون والشرعية الدولية؟!
الإجابة هى لا.
نعود إلى ترامب ونقول إنه يصف نفسه أحيانًا بأنه مجنون ومن يعرفه يقول عنه إنه يصعب التنبؤ بأفعاله، وأنه لا ينطلق من قواعد معروفة. هو لا يؤمن بفكرة المؤسسات، والدليل أنه همش حزبه الجمهورى، وهمش وسائل الإعلام وتحداها. كما يزدرى المؤسسات الدولية، بل إنه ينظر مثلًا إلى حلف شمال الأطلنطى باعتباره شركة مساهمة ينبغى أن تعود بالعوائد والأرباح باعتبار أن الولايات المتحدة هى أكبر مساهم فى هذه الشركة أو الحلف.
تقييم ترامب لقادة العالم يتوقف على قوتهم وجرأتهم وليس على التزامهم بالأخلاق والقيم والقوانين.
حينما علق على خبر قيام إيران برد الهجوم الإسرائيلى، نصح إسرائيل بتدمير المنشآت النووية الإيرانية، وقبل فوزه بالانتخابات الأخيرة نصح نتنياهو أن ينهى المهمة فى غزة ولبنان بأسرع وقت قبل أن يدخل البيت الأبيض رسميًا فى 20 يناير المقبل.
وإضافة إلى القوة، فإن المبدأ الأساسى الذى يحكم نظرة وقيم ومبادئ ترامب هو المصلحة. ورغم أنه يمثل قمة التيار الشعبوى فى أمريكا، والبعض يعتبره زعيم التيار المحافظ أو اليمين المتطرف، فلم يعرف عنه كثيرًا تعصبه للدين أو للمبادئ. هو يتعصب أكثر للمصالح. وباعتباره قطبًا وتاجر عقارات كبير، فإن جوهر عمله هو إنجاز الصفقات.
وانطلاقًا من هذا الفهم فإنه من العبث حينما يجلس أى مسئول فلسطينى أو عربى مع ترامب أن يحدثه عن قرارات الشرعية الدولية أو الحقوق أو القانون الدولى. هو يعرف قانون المصلحة أو القوة أو الأمر الواقع.
ويحكى أن وزير الخارجية الأسبق والأشهر هنرى كسينجر نصح وزيرة الخارجية الأسبق مادلين أولبرايت قبل أن تلتقى الرئيس السورى الأسد، وقال لها: «إذا حدثك الأسد عن الحقوق والشرعية قولى له نحن أمة قامت على اغتصاب حقوق الآخرين أصحاب الأرض، وهم الهنود الحمر، وبلدنا تاريخها لا يزيد على 500 سنة، وبالتالى نؤمن بالواقع والقوة وليس القانون».
هذا هو نفس الفكر الذى يؤمن به ترامب، لكن بصورة خشنة وفظة. هو يتعامل مع أى قضية من زاوية هل ستحقق له منافع وأرباح أم لا.
وربما انطلاقًا من هذا المبدأ يمكن للدول العربية الكبرى أن تقدم له لغة تنطلق من هذا المبدأ. بالطبع هناك أهمية كبرى للحقوق وللشرعية وللقرارات الدولية والقانون الإنسانى، ومن المهم التأكيد عليها دائمًا، لكن وإضافة إليها ينبغى التعامل مع ترامب باللغة التى يفهمها. أتخيل أن اللجنة الوزارية المنبثقة عن القمة العربية الإسلامية يمكنها أن تتفاوض مع ترامب بمجرد بدء عمله فى البيت الأبيض. بمنطق أنه إذا تمكن من وقف العدوان الإسرائيلى على فلسطين ولبنان فسوف تحصل بلاده على منافع مادية محددة، أما إذا أصرت على موقفها المنحاز?فسوف تخسر كذا وكذا.
بالطبع هذا المنهج يتطلب وجود حد أدنى من المواقف العربية الموحدة، ولا أعرف يقينًا هل هذا متاح أم لا، وهل هناك إرادة عربية يمكنها أن تتحدث مع الولايات المتحدة وإسرائيل بهذا المنطق الوحيد الذى يفهمونه أم لا؟
الإجابة سوف نعلمها حتمًا فى الفترة من الآن حتى 20 يناير موعد دخول ترامب إلى البيت الأبيض
خصوصًا أن تعيينات ترامب المبدئية كلها لشخصيات صهيونية حتى النخاع، وهى إشارة غير مبشرة بالمرة.
أما عن نتنياهو فكما قلنا فهو لا يفهم إلا لغة القوة. وقوته وقوة جيشة وبلاده مستمدة أولًا وثانيًا وثالثًا وعاشرًا من قوة الولايات المتحدة، وبالتالى سنعود مرة أخرى إلى أن العرب والفلسطينيين يقاتلون أمريكا فعليًا وليس إسرائىل فقط.
(الشروق المصرية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب الشرق الأوسط امريكا ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة رياضة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
قواتٌ صاروخيّة تعانقُ النّصر
محمّد يحيى فطيرة
في ظل المتغيرات الكبرى التي تشهدها المنطقة يبرز الشعب اليمني كواحد من الشعوب التي ضربت أروع الأمثلة في الصمود والتوكل على الله.. شعب معتمدٌ على الله، يمتلك قيادة إيمانية مع القائد العلم، مستمدًا قوته من إيمانه العميق وقيادته الحكيمة المتمثلة بالقائد العلم الذي حمل هم الأُمَّــة وقضاياها المصيرية بوعي وحكمة وإرادَة لا تلين.
لقد تمكّن هذا الشعب من تحويل المحنة إلى منحة واستطاع في ظل الحصار والحرب أن يطور قوة صاروخية فريدة ونظام طيران مسير متقدم جعل اليمن رقمًا صعبًا في معادلة الصراع.
القوة الصاروخية اليمنية التي بدأت بإمْكَانات بسيطة تطورت بشكل مذهل فأصبحت قادرة على إصابة الأهداف بدقة فائقة لتثبت أن الإبداع العسكري ليس حكرًا على القوى الكبرى بل هو نتيجة طبيعية لإرادَة الشعوب الحرة التي تؤمن بحقها في الدفاع عن سيادتها واستقلالها كما أن الطيران المسير اليمني بات سلاحًا استراتيجيًّا أحدث فرقًا كَبيرًا في ميادين المواجهة وفرض معادلات ردع جديدة جعلت العدوّ يعيد حساباته مرارًا.
إن القضية الفلسطينية التي تمثل جوهر الصراع في المنطقة وجدت في الشعب اليمني سندًا صادقًا ودعمًا حقيقيًّا تجاوز الشعارات إلى الأفعال، فاليمن لم يكتف بالمواقف السياسية المعلنة بل جعل من قوته الصاروخية وطيرانه المسير أدَاة دعم حقيقية للمقاومة الفلسطينية ليؤكّـد أن تحرير فلسطين واجب ديني وقومي وأن الأُمَّــة رغم ما تعانيه ما زالت قادرة على تقديم الدعم لمن يقف في مواجهة الكيان الصهيوني.
القيادة اليمنية التي يقف على رأسها القائد العلم قدمت نموذجًا مشرفًا للقيادة الإيمانية التي تجمع بين الثبات على المبادئ والعمل الدؤوب؛ مِن أجلِ تحقيق الأهداف الوطنية والقومية فهذه القيادة التي انطلقت من مبدأ التوكل على الله والثقة بقدرات الشعب اليمني استطاعت في ظل الحصار الخانق أن تبنيَ جيشًا عقائديًّا يمتلك أحدث التقنيات العسكرية وأن توجّـه هذه القوة لخدمة قضايا الأُمَّــة وعلى رأسها قضية فلسطين.
الشعب اليمني الذي لم تكسره سنوات الحرب والحصار يقف اليوم شامخًا بفضل إيمانه بالله وبفضل قيادته التي جسدت معاني الصمود والإبداع ليقدم نموذجًا لشعب متوكل على الله لا يعرف المستحيل شعب جعل من القوة الصاروخية والطيران المسير وسيلة لدعم قضايا الأُمَّــة والوقوف في وجه أعدائها ليبرهن أن النصر يصنعه الإيمان والإرادَة الحرة والقيادة الحكيمة.