مع استمرار التصعيد في جنوب لبنان، تتجه الأنظار إلى الجهود الدولية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، ولكن يبدو أن الورقة الأمريكية التي قدمها المبعوث آموس هوكشتاين إلى رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري قد أضافت تعقيدات جديدة إلى المشهد، خاصة مع الشروط الإسرائيلية التي اعتُبرت تجاوزًا للسيادة اللبنانية وإضعافًا لدور حزب الله.

شروط إسرائيلية مرفوضة

أكد المحلل السياسي اللبناني أحمد مرعي أن الشروط الإسرائيلية الواردة في الورقة الأمريكية تهدف إلى تقويض دور حزب الله المقاوم وإضعاف نفوذه السياسي داخليًا وإقليميًا.

وأضاف مرعي في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن هذه الشروط تشمل السيطرة على المرافق الحيوية اللبنانية مثل الموانئ والمعابر الحدودية، بالإضافة إلى منح إسرائيل حرية التدخل العسكري في لبنان متى رغبت، وهو ما يرفضه حزب الله بشدة.

وأشار المحلل السياسي اللبناني، إلى أن مثل هذه الشروط تمثل انتهاكًا واضحًا للسيادة الوطنية اللبنانية وتهدد استقرار البلاد، مضيفًا أن حزب الله لن يوافق على هذه الشروط التي تقطع خطوط إمداده وتحاول إنهاء دوره كقوة مقاومة، مما يضع مستقبل المفاوضات في خطر.

القرار 1701 ومأزق التعديلات

من جانبه، أوضح عمرو حسين، الباحث في العلاقات الدولية، أن لبنان وافق سابقًا على تطبيق القرار الدولي 1701 "دون زيادة أو نقصان"، ولكن أي محاولة إسرائيلية لتعديل أو توسيع بنوده قد تؤدي إلى رفض الورقة الأمريكية بالكامل.

وأضاف حسين في تصريحات خاصة لـ "الفجر"،  أن مطالب إسرائيل تشمل نزع سلاح حزب الله وفرض رقابة جوية إسرائيلية على جنوب لبنان، وهو ما يرفضه الحزب كليًا.

وبيّن الباحث في العلاقات الدولية، أن هذه المواقف المتباينة تعقد المفاوضات، خاصة في ظل دعم إيران لحزب الله عبر زيارة علي لاريجاني، مستشار الرئيس الإيراني، إلى لبنان، والتي تحمل رسائل واضحة عن موقف إيران الثابت في دعم المقاومة اللبنانية.

تصاعد التوترات ومخاطر التصعيد

يرى مراقبون أن التصعيد الإسرائيلي قد ينعكس بشكل مباشر على الأوضاع الأمنية والإنسانية في لبنان، مع استمرار القصف واستهداف المناطق السكنية. ويبدو أن المفاوضات لن تشهد تقدمًا كبيرًا ما لم تُقدم تنازلات متبادلة أو يتم وضع حلول وسط ترضي جميع الأطراف.

في ظل هذه الأجواء المشحونة، يبقى الوضع مفتوحًا على كافة السيناريوهات، بين استمرار التصعيد أو الوصول إلى تسوية تضمن حقوق لبنان وتحافظ على استقراره وسيادته.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: لبنان اسرائيل حزب الله القرار 1701

إقرأ أيضاً:

ماذا قال تقريرٌ إسرائيلي عن انتخاب عون؟ اقرأوا هذه التفاصيل

قالت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية إن إسرائيل مطالبة الآن بالتصرف بحكمة دبلوماسيا وعسكريا وعدم ترك الفرصة اللبنانية تفلت منها. وأضافت أنه على إسرائيل أن تجعل وقف إطلاق النار مع لبنان دائم الوجود.

وذكرت أن انتخاب قائد الجيش جوزاف عون رئيسا للبنان يشكل حدثا مهما بالنسبة للبنان وتطورا جيوسياسياً إيجابيا بالنسبة لإسرائيل، وهو يسلط الضوء على الحاجة إلى تحويل وقف إطلاق النار على الحدود الشمالية لإسرائيل إلى ترتيب دائم. 

وأفادت بأنه أصبح للبنان الآن زعيم بعد أكثر من عامين من المحاولات الفاشلة لانتخاب رئيس، مشيرة إلى أن عون يحظى بدعم الولايات المتحدة والسعودية وفرنسا في المقام الأول وهو ينتمي إلى المؤسسة العسكرية المسؤولة عن الحفاظ على وقف إطلاق النار مع إسرائيل وهذه أخبار واعدة ولكن تحقيق إمكاناتها يعتمد أيضا على تصرفات إسرائيل.

وأشارت إلى أنه في العام الماضي وجهت إسرائيل ضربات عنيفة إلى حزب الله في لبنان، موضحة أن استخدام إسرائيل للقوة خلال خريف وصيف عام 2024 كانت سببا في دفع الجماعة إلى الموافقة في نوفمبر على وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما، والتخلي عن التزامها بمواصلة القتال طالما استمرت إسرائيل في قتال حماس في غزة.

كما مهد إضعاف حزب الله الطريق أمام الحملة الناجحة التي شنتها المعارضة السورية للإطاحة بنظام الأسد في دمشق، حليف حزب الله وإيران.

وبينت الصحيفة أن وقف إطلاق النار مع حزب الله هو أحد الإنجازات الدبلوماسية القليلة التي تمكنت إسرائيل من تأمينها منذ هجوم 7 تشرين الثاني الذي نفذته حماس.

وفي السياق، تقول "جيروزاليم بوست" إن مصلحة إسرائيل يجب أن تتمثل في جعل هذا الهدوء المؤقت في القتال دائم الحضور واغتنام الفرص التي يقدمها إضعاف حزب الله داخل السياسة الداخلية اللبنانية وإعادة تشكيل العلاقات الإسرائيلية اللبنانية تدريجيا. 

شكوك حول المستقبل
ويتابع المصدر ذاته قائلا: "لكن مع اقتراب فترة وقف إطلاق النار التي استمرت ستين يوما من نهايتها، تتزايد الشكوك حول التزام إسرائيل بالاتفاقيات التي تم التوصل إليها وإنهاء القتال على الجبهة الشمالية".

وأوضح أنه ولتحقيق هذه الغاية، يتعين على إسرائيل أن تتصرف بحكمة على الجبهتين العسكرية والدبلوماسية على النحو الأمثل لخدمة أهدافها الاستراتيجية الطويلة الأجل.

ويرى معارضو حزب الله في لبنان أن هذه فرصة لتغيير ميزان القوى، وقد عملوا بنجاح على انتخاب رئيس جديد منذ بدء وقف إطلاق النار، ويرون في ذلك فرصة لإنشاء قيادة جديدة في لبنان تعارض حزب الله وتتحالف مع الغرب والدول العربية المعتدلة. 

وعلى الرغم من قوتها العسكرية، فإن نفوذ إسرائيل على السياسة الداخلية في لبنان محدود، وينبغي لها أن تتجنب الإجراءات التي تصورها وكأنها تحاول إملاء العمليات أو تعيين القادة هناك تماما كما فعلت في ثمانينيات القرن العشرين.

ومع ذلك، فإن تصرفات إسرائيل تخلق سياقا يؤثر على التطورات الداخلية في لبنان.

وذكر المصدر في السياق أنه يتعين على إسرائيل أن تتعلم من تجربة حرب لبنان الأولى عام 1982، خاصة وأن إنجازاتها العسكرية السريعة آنذاك تآكلت تدريجيا عندما واجهت الوضع الداخلي المعقد في لبنان. 

ويؤكد أنه يتعين على إسرائيل الآن أن تتجنب إلحاق الأذى أو تعطيل العمليات الداخلية في لبنان، وأن تعرب عن التزامها بتنفيذ وقف إطلاق النار بما في ذلك انسحاب جيش الدفاع الإسرائيلي من جنوب لبنان، وأن تعلن عن رغبتها في السلام في المستقبل مع الدولة اللبنانية، وأن تستثمر دبلوماسيا في توسيع التنسيق وقنوات الاتصال مع لبنان بمساعدة الجهات الفاعلة الدولية مثل الأمم المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا ودول الخليج، وهذا أكثر أهمية في ضوء التغيرات الدراماتيكية التي تحدث في سوريا والتي من المرجح أن تشكل مستقبل المنطقة في السنوات المقبلة.

وفي ختام المقال شددت الصحيفة على أن "الاستخدام المفرط والمطول للقوة العسكرية الإسرائيلية ضد لبنان من شأنه أن يؤدي إلى انهيار وشيك لوقف إطلاق النار، وتأخير عودة سكان الشمال إلى منازلهم، وإلحاق المزيد من الأذى بجنود جيش الدفاع الإسرائيلي، وتعزيز قوة حزب الله، وزيادة العداء تجاه إسرائيل بين العناصر المعتدلة في لبنان، ومحو الإنجازات العسكرية المثيرة للإعجاب التي حققتها إسرائيل". (روسيا اليوم)

مقالات مشابهة

  • حكومة لبنان تتعهد بالعمل على وقف إطلاق النار.. هل ينجح نواف سلام في ذلك؟
  • إسرائيل تخشى سيناريو 2006... هذا ما قد يقوم به حزب الله
  • رغم الاتفاق.. قوة إسرائيلية تتقدم من بلدة يارون اللبنانية
  • ماذا قال تقريرٌ إسرائيلي عن انتخاب عون؟ اقرأوا هذه التفاصيل
  • "جيروزاليم بوست": إسرائيل مطالبة بالتصرف بحكمة وعدم تفويت الفرصة اللبنانية
  • استاذ اقتصاد: استمرار وقف النار بلبنان يمثل تحديًا كبيرًا للمجتمع الدولي
  • ضربات اسرائيلية على شرق وجنوب لبنان
  • لأوّل مرّة منذ «وقف إطلاق النار».. غارات إسرائيلية على الحدود اللبنانية السورية
  • عون يجري استشارات نيابية لتسمية رئيس للحكومة اللبنانية
  • ضربات إسرائيلية على شرق لبنان وجنوبه