سامانثا هارفي الفائزة بجائزة بوكر تروي رحلتها الأدبية إلى الفضاء
تاريخ النشر: 16th, November 2024 GMT
رأت رواية "مداري" الحائزة أخيرا على جائزة بوكر العريقة النور بسبب افتتان مؤلفتها سامانثا هارفي بالفيديوهات الحية من محطة الفضاء الدولية، على ما قالت الروائية البريطانية أول أمس الخميس.
ويروي هذا الكتاب المفعم بالشاعرية والتأملات ما يدور خلال يوم كامل على متن محطة الفضاء الدولية على إيقاع ظواهر الشفق الـ16 التي يرصدها رواد الفضاء أثناء دورانهم حول الأرض.
وبينما تقول إنها لا تزال في حال من "البهجة" و"عدم التصديق" توضح سامانثا هارفي أن "هذا الاختيار قد يبدو غريبا بعض الشيء لأنني لم أكن أعرف شيئا عن الفضاء رغم أنه كان يثير اهتمامي دائما" كما روت لوكالة الصحافة الفرنسية.
لكن الروائية البالغة 49 عاما لم تشعر بالحاجة إلى التفاعل مع رواد فضاء، وبدلا من ذلك انغمست في كتاباتهم "الجذابة جدا" في أحيان كثيرة عن الفضاء، كما أجرت أبحاثا مكثفة.
وقد استلهمت بصورة رئيسية من البث الحي بالفيديو من محطة الفضاء الدولية، والذي يمزج بين مناظر الأرض وتفاصيل يوميات شاغلي المحطة خلال قيامهم بمهامهم.
وتقول هارفي إن هذا البث المباشر "يسمح بالسفر مع رواد الفضاء حول مدار الأرض، وهذا ما فعلته لسنوات: السفر كل يوم".
وتضيف الروائية -التي صدرت أولى رواياتها عام 2009- "أعتقد أن هذه الرواية تدور حول الأرض أكثر من الفضاء"، وقد "سمحت لي بالكتابة عن الزمن والاضطراب وتجربة الزمن الغريبة التي شغلتني في كل رواياتي".
وقد توجت لجنة تحكيم جائزة بوكر هذه الرواية الحزينة التي تعكس جمال الأرض وهشاشتها تزامنا مع انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "كوب 29" وبعد أيام قليلة من إعادة انتخاب دونالد ترامب المعروف بمواقفه المشككة بتغير المناخ لرئاسة الولايات المتحدة.
ومع ذلك، تقول هارفي إنها كتبت "مداري" بهدف وحيد يتمثل في إنجاز عمل "يمكن تصوره بصريا"، مع إدراكها أن التساؤلات بشأن تغير المناخ ستُطرح بشكل طبيعي، مثل مسألة الحفاظ على الفضاء.
وتضيف "نحن نستغله وندمره بالطريقة عينها التي استغللنا بها هذا الكوكب ودمرناه"، داعية إلى "التحرك" في هذا الصدد.
وتوضح "مسؤوليتي جمالية (..) لو كان لهذا الكتاب تأثير إيجابي من شأنه أن يساهم في التغيير فسأكون سعيدة للغاية، لكنني أعتقد أن هذا الأمر ليس بيدي".
عندما أكملت المؤلفة رواية "مداري" -التي كُتبت جزئيا أثناء فترات الإغلاق خلال الجائحة- لم يكن الغزو الروسي لأوكرانيا قد حدث بعد.
لكن "كان من الواضح بالفعل أن مشروع السلام هذا المتمثل في محطة الفضاء الدولية -والذي يجمع رواد فضاء من روسيا والولايات المتحدة وأوروبا- "أصبح مقيدا أكثر فأكثر" كما تقول.
وتضيف "نعلم أن محطة الفضاء الدولية ستخرج من الخدمة في غضون سنوات قليلة، ولدي شعور بأن هناك شيئا مؤثرا للغاية في حقيقة أن هذا الرمز الجميل للسلام والتعاون بعد الحرب الباردة آخذ في الانهيار".
وتجهل الكاتبة الإنجليزية المنهمكة في كتابة روايتها التالية التأثير الذي ستُحدثه جائزة بوكر التي تضمن للفائزين بها شهرة عالمية مرادفة للنجاح في المبيعات.
وتشدد على أن "هذه الجائزة تشكل التكريس الأكبر لأي مسيرة أو عمل لشخص ما، أريد أن أستمد منها كل ما أمكن من ثقة وشجاعة"، دون السماح لأي شكل من أشكال "الضغط الخارجي".
هذا العام كان من بين المرشحين الستة النهائيين لجائزة بوكر 5 نساء، وهن رايتشل كوشنر وآن مايكلز وشارلوت وود ويائيل فان دير وودن، وسامانثا هارفي أول مؤلفة فائزة منذ عام 2019.
ويتوج ذلك -برأي هارفي- "التغيير الذي حدث في القطاع خلال العقدين أو العقود الثلاثة الماضية".
الأرض من الخارجوتتناول الرواية التكلفة والثمن الذي يدفعه البشر للقيام برحلات إلى الفضاء في مقابل إلحاح واحتدام أزمة المناخ، فبينما يتجمع إعصار مهدد للحياة جنوب شرق آسيا يتحرك 6 رواد فضاء حول الأرض في المحطة الفضائية الدولية في حياة المختبر الرتيبة التي يكسرها منظر رائع للكوكب الأزرق بين الليل والنهار والظلام والضوء، بحسب عرض للرواية نشرته الجزيرة نت عقب الإعلان عن فوزها بالجائزة.
وتلتقط الرواية ببراعة يوما واحدا في حياة 6 نساء ورجال ينطلقون عبر الفضاء، ليس نحو القمر أو المجهول الشاسع، ولكن حول كوكبنا، إذ تم اختيارهم من أميركا وروسيا وإيطاليا وبريطانيا واليابان لواحدة من آخر مهام محطة الفضاء قبل تفكيك البرنامج، وتركوا حياتهم وراءهم للسفر بسرعة فيما تتأرجح الأرض تحتهم.
ويلقي قارئ الرواية نظرة خاطفة على لحظات من حياتهم الأرضية قبل المغادرة من خلال اتصالات قصيرة مع عائلاتهم وصورهم ودعواتهم، ويعايش حياتهم في المحطة الفضائية وهم يعدّون وجبات مجففة ويطفون في نوم خالٍ من الجاذبية ويمارسون التمارين الرياضية وفقا لروتين منظم لمنع ضمور العضلات، ثم يراهم يشكلون روابط ستقف بينهم وبين العزلة التامة.
وهذه هي الرواية الخامسة لهارفي، ووصف رئيس لجنة التحكيم إدموند دي وال "أوربيتال" بأنه "كتاب عن عالم جريح" موضوعه "الجميع ولا أحد".
وأضاف "بلغتها الغنائية وأسلوبها تجعل هارفي عالمنا غريبا وجديدا لنا".
وقالت هارفي عندما قبلت جائزة بوكر "النظر إلى الأرض من الفضاء يشبه نظر الطفل في المرآة واكتشافه أن الشخص الذي يراه فيها هو نفسه، ما نفعله للأرض نفعله لأنفسنا".
وأضافت في مقابلة مع منظمي الجائزة بعد إدراج روايتها في قائمة بوكر الطويلة "أردت أن أكتب عن احتلالنا البشري للمدار الأرضي المنخفض خلال ربع القرن الأخير، ليس بأسلوب خيال علمي بل بواقعية".
وتابعت "هل يمكنني استحضار جمال نقطة المراقبة هذه بعناية؟ هل يمكنني الكتابة عن الدهشة؟ (..) هذه كانت التحديات التي وضعتها لنفسي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات محطة الفضاء الدولیة جائزة بوکر
إقرأ أيضاً:
الدكتورة هيفاء يونس تروي قصة تحولها من الطب إلى الدعوة
وخلال حلقة 2025/3/24 من بودكاست "ملهمات"، قالت هيفاء -وهي عراقية أميركية- إن إحدى المعلمات غرست فيها حب الدين منذ المرحلة الإعدادية، لكنها لم تهتم جديا بأمر الدين إلا بعد انتهاء دراستها.
ولاحظت الداعية الإسلامية أن الدين يظهر في الشدائد، وقالت إنها بدأت بحفظ القرآن وهي في مرحلة التدريب المهني عندما توفيت صديقتها وهي في العقد الثالث من عمرها، لأن هذا الأمر لفت انتباهها إلى أن الله لم يقبض روحها بعد كما قبض روح غيرها.
ومع التفاتها للقرآن، بدأت الطبيبة تنتبه إلى بعض الكلمات وترتيبها في القرآن الكريم، وشعرت بأن الله يدفعها نحو التعمق في الدين، وهو ما بدأته بعد حصولها على البورد الأميركي في الطب.
وبدأت هيفاء دراسة الشريعة الإسلامية في الجامعة الأميركية المفتوحة بعد 11 سبتمبر/أيلول 2001، وكان التعليم عن طريق الهاتف. وقد واصلت التعمق في التعليم حتى رزقها الله أداء فريضة الحج.
بداية هيفاء مع الدعوةوبعد هذه الفريضة، شعرت هيفاء بأن شيئا لا تعرفه قد تغير فيها، رغم أنها كانت منتظمة في عملها كطبيبة، وكان الأميركيون في ذلك الوقت لا يعرفون شيئا عن الإسلام، كما تقول.
ومن هنا، بدأت الداعية الإسلامية الحديث للناس عن الإسلام وتعريفهم به، وذلك مع مواصلتها التعليم الشرعي حتى قررت دراسة الشريعة بشكل جاد في المملكة العربية السعودية عام 2006.
إعلانورغم أنها ذهبت إلى المملكة بعرض عمل، فإنها كانت عازمة على تعلم الشريعة الإسلامية لأنها لم تكن بحاجة لعمل خارج الولايات المتحدة، وهي تقول إن دراسة الإسلام كانت أهم لديها من دراسة الطب.
وتلقت هيفاء تعليمها الشرعي في جامعة أم القرى بمدينة جدة، وقد لمست دعم الله لها بأن كان المستشفى الذي تعمل به مجاورا للمعهد الذي تدرس فيه مما سهل عليها كثيرا، كما تقول.
وقضت في هذه المرحلة عامين، وحضرت الكثير من الدورات والتقت كثيرا من العلماء، وهي تقول إن الاحتكاك بالعلماء مهم جدا في تلقي العلم والتعمق بالدين.
وترى هيفاء أن تلقيها العلم الشرعي على يد سيدات في المملكة كان له دور مهم في حياتها، لأنه ساعدها -كما تقول- على التعمق في كثير من أمور الدين المتعلقة بالنساء، مشيرة إلى أن مهنة الطب أيضا ساعدتها كثيرا في علمها الشرعي.
ورغم حالة المادية المسيطرة على العالم، فإن هيفاء تقول إن الناس متعطشة للدين لأنهم يبحثون عن شيء يمنحهم الراحة والسكينة في عالم لا يعرف الراحة، وهو أمر لمسته في دول غير مسلمة مثل هونغ كونغ.
ومن بين الأمور المهمة في الدعوة -برأي الطبيبة- أن يلامس كلام الداعية قلوب الناس لا أسماعهم فقط، وهي ترى أن على الداعية والإنسان عموما أن يجعل القرآن منهج حياة لا مجرد كلام يردده.
البساطة والصدق
وبعد تجربتها في الدعوة إلى الله، ترى الداعية أن تبسيط الدين وصدق الداعية واتساقه مع ما يقول في حياته تعتبر أمورا حاسمة في تحقيق المراد من الدعوة.
وفي حين تمنح الأسرة والأولاد والوظيفة والنجاح للإنسان كثيرا من الراحة، فإن البعد عن الدين سيشعره دائما بأن هناك شيئا ناقصا في حياته، برأي هيفاء التي تقول إن هذا الشيء لن يجده المرء إلا في دين الله.
لذلك، تقول الطبيبة إن كثيرين من الداخلين في الإسلام بالولايات المتحدة يقولون إنهم وجدوا فيه شيئا لا يعرفونه لكنهم لطالما كانوا يبحثون عنه، مضيفة أن قوة المرأة التي يتحدثون عنها غير موجودة إلا في الإسلام وكذا الطمأنينة.
إعلانولا ترى الطبيبة في العيش مع الله تشددا أو تشدقا، ولكنها تعتقد أن على الإنسان جعل حياته مزرعة لآخرته وليست هدفا، والتعامل مع كل يوم على أنه آخر أيام حياته.
ووفقا لهيفاء، فإن الله لم يمدح الدنيا أبدا في القرآن لكنه مدح الآخرة ووصفها بالخيرية، واستدلت على ذلك بأن المرء لو علم أنه سيموت في وقت محدد فلن يتمسك بشيء من الدنيا وإنما سيبحث عن الله.
البحث عن رضى الله
وتعتقد الداعية الإسلامية أن على المرأة المسلمة أن تكون قدوة لمجتمعها وأولادها لأنها لا تقل مكانة عن الرجل، وقالت إن البحث عن رضى الله تعالى سيجعلها تقوم بهذا الدور حتى لو من دون قصد منها.
وفي وصفها للقدوة، قالت الداعية إنها المرأة التي تعمل العمل الصحيح الذي يرضي ربها بغض النظر عن رضا الناس أو حظها من الدنيا، وأن تلتزم بهذه القاعدة، وترضى بحظها من الدنيا، حتى لو لم تكن مشهورة ولا معروفة، لأن الشهرة والظهور قدر من الله تعالى ولا يجب على الإنسان السعي له أو العمل من أجله.
واستدلت الداعية على ذلك بأم الإمام أحمد وأم الإمام البخاري وأم الإمام الشافعي، وقالت إنهن جميعا يذكرن في الكتب بهذا الوصف وقلة من تعرف أسماؤهن.
وخلصت الداعية الإسلامية إلى أن على المرأة -والمسلم عموما- وضع مرضاة الله نصب عينيه في كل عمل يعمله وألا ينساق وراء إرضاء الناس، محذرة من أن من سن سنة حسنة سيكون له أجرها وأجر من عمل بها، ومن سن سنة سيئة سيكون له وزرها ووزر من عمل بها.
24/3/2025