???? مأساة سعدية بت الأمين والجاك ود الحسين.. ماذا فعل الدعامة بأسرة سودانية؟
تاريخ النشر: 16th, November 2024 GMT
من أحاجي الحرب( ٨٥٧٣ ):
○ كتب: د. إبراهيم شقلاوي
□□ مأساة سعدية بت الأمين والجاك ود الحسين
○ هذه القصة المفجعة انقلها لكم مع الاحتفاظ بالأسماء الحقيقية لأبطالها، حتي تكون رسالة للعالم المتماهي مع الظلم والانتهاكات التي تجري في بلادنا والذي ما يزال يوصف حربنا أنها بين جنرالين، ولاولئك الذين ما يزالون يقفون في المنطقة الرمادية دون وعي، وللذين يشكلون الغطاء السياسي والإعلامي للمليشيا بعد أن وقعوا معها تلك الوثيقة البالية والتعهدات المخزية في فبراير من هذا العام في أديس أبابا وسموها بإعلان المبادي، تلك المبادئ التي لم يلتزم بها أحد ولا يعرف كيف تصان “عن أي مبادئ تتحدثون ؟! “.
□ إن مأساة سعدية بنت الأمين والجاك ود الحسين ليست سوى قصة مؤلمة” لعائلة سودانية ضمن مئات القصص” لعوائل تعاني من ويلات الحرب والظروف الصعبة التي أجبرتها على النزوح والفرار بحثًا عن الأمان.
□ تسلط هذه القصة الضوء علي معاناة هذه العائلة التي تعرضت لإصابة أطفالها الثلاث بنيران مليشيا الدعم السريع، بينما كانوا يحاولون الفرار للنجاة بأنفسهم حتي نعلم حجم المأساة والكارثة الانسانية التي حلت بهم .
□ بدموع تنهمر من عينيها تروي سعدية تفاصيل مأساتها حيث عاشت لحظات عميقة من الألم بأحدي قرى مدينة الهلالية، أثناء محاولتهم الهروب هي وزوجها ود الحسين وأطفالهما فروا من جحيم الحرب التي نزلت عليهم بغتة، بعد انحياز القائد كيكل للجيش السوداني وتخليه عن قيادة المليشيا، ليجدوا أنفسهم فجأة في مواجهة ظروف أمنية وإنسانية كارثية تهدد حياتهم .
□ كانوا يستعدون لاستقبال مولود جديد، وقد أعدوا جميع المستلزمات التي تجهزها الأسرة السودانية لاستقبال المولود، والتي أصبحت جميعها غنيمة سائغة للغنامة والشفشافة من أفراد المليشيا لم يُترَكوا لهم حتي ملابس الطفل المنتظر أو ما كانت تعده سعدية من عطور لزينتها كما تفعل النساء، فضلاً عن الذهب والملابس رغم ذلك لم يجد ودالحسين ما يفدي به أسرته للسماح لها بالخروج من منزلهم سوى تلك العربة التي تعود لشقيقيه، والتي كانت موجودة في بيته منذ سنوات د، متمسكاً بالاعتقاد أن مدينة الهلالية بولاية الجزيرة مكانا آمنا.
□ خرج الجاك ود الحسين مكسور القلب مع أسرته بعد أن فقدوا كل ما كانوا يملكون، حمل طفليه أسامة المصاب، الذي يبلغ من العمر عامين، وراوية، ذات الأربعة أعوام التي فقدت إحدى عينيها، على كتفيه، بينما ترك محمود ذو السبعة أعوام يعتصر ألم المسير، يمضي على قدميه غير مكترث بالأشواك والأحجار التي كانت تؤلمه. كانت سعدية تحمل في أحشائها تلك الطفلة التي كشف الطبيب عن هويتها و بشرهم بها، كانت في الأشهر الأخيرة من الحمل بحسب روايتها. كانت وهي تحكي عن مأساتها، تخرج الكلمات من بين أنفاسها المتعبة في عناء كما لو كانت تحاول سحب سفينة عملاقة من أعماق البحر . خلف تلك الكلمات كانت تعتصر الالم و تخفي الحزن العميق.
□ تسألت كيف لها أن تغادر بيتها وموطنها في الهلالية تبكي وهي تتذكر كيف تركت جيرانها الذين أحبتهم منذ أن جاءت عروسا إلى تلك البلدة، لم تجد منهم أحد يواسي حزنها أو يضمد جراحها لأن الجميع مضي جريا خائفا من المليشيا أو قتل علي يد شفشافتها وغنامتها ومنهم من نجا بعد معاناة.
□ توجهت سعدية مع عائلتها إلى ولاية القضارف بعد صعوبة الطريق ومشقته، كانت تأمل بالعثور على أمان وحياة أفضل. لكن للأسف الأمور لم تسر كما كانت تأمل، فقد واجهتها الحروب والمعاناة التي أضرت بأطفالها وأجبرتها على مواجهة العديد من المصاعب تذكرت بنت الامين أن كل هذه المعاناة التي تعيشها واسرتها حدثت بعدما سيطرت القوات المتمردة على ود مدني، عاصمة الولاية في منتصف ديسمبر الماضي، فاضطروا للتعايش أول الأمر فقد كان القائد كيكل يوفر لهم بعض الحماية .
□ وبعدما نزحت مع عائلتها إلى ولاية القضارف في شرق البلاد، كانوا يخططون للانتقال إلى ولاية نهر النيل، حيث تقيم عشيرتها، تقول إنها قررت ذلك مع زوجها ود الحسين الذي كان يستمع الي سردها المفجع في ألم بالغ وحزن عميق وهو يغالب دموعه المحتشدة في كبرياء حتي لا تراها عائلته قال: لي” لو لم أكن مصابا بالسكري لكنت الآن مع المجاهدين لأثأر لكل هذه الانتهاكات التي تعرضنا لها”.
بعد أن قضت سعدية أسبوعين أو يزيد في القضارف في ظل تهديد القوات المتمردة باجتياح المدينة وتدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع أسعار السلع وإيجارات المنازل، كانوا يستعدون للتوجه إلى ولاية نهر النيل. لكن لسوء حظهم، لم يستطيعوا، فقد فاجأها الألم المخاض الذي أفقدها طفلتها المنتظرة “أريج” كما كانت تنوي تسميتها. لم تجد من يواسيها في آلامها وفجيعتها غير زوجها وأطفالها وتلك المرأة التي كانوا ينادونها حبوبة سارة كانت جارتهم في المكان .
بالرغم من كل تلك المحن التي عاشتها سعدية وعائلتها، إلا أنها لم تفقد الأمل والإيمان بأن يأتي يوم أفضل حين ينتصر الجيش في هذه الحرب الوجودية ويستعيد الأمن والسلام هذا ما قالته لي، فهي تحمل أملًا في أن الظروف ستتحسن وستجد عائلتها بجانبها بأمان وهدوء. عليه يظل وجه الحقيقة في التأكيد علي إن مأساة سعدية بنت الأمين والجاك ود الحسين تعد عبرة لنا جميعًا على ضرورة التضامن من أجل نصرة بلادنا ودعم جيشنا لطرد المليشيا من حياتنا إلى الأبد والمساعدة في إغاثة العائلات المتضررة من هذه الحرب . فالدين والإنسانية تتطلب منا أن نكون دعمًا لبعضنا البعض في اللحظات الصعبة ونعمل معًا من أجل بناء بلد آمن مطمئن بجهد الجميع .
دمتم بخير وعافية .
الجمعة 15 نوفمبر 2024م. Shglawi55@gmail.com
#من_أحاجي_الحرب
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: إلى ولایة
إقرأ أيضاً:
التشكيك: سلاح خفي في الحرب النفسية التي تشنها المليشيات
في الحروب، لا تُطلق النيران فقط من فوهات البنادق والمدافع، بل تنطلق أيضاً من وراء الشاشات وصفحات التواصل، عبر رسائل مشبوهة وأحاديث مثبطة، في إطار ما يُعرف بالحرب النفسية. ومن بين أبرز أدوات هذه الحرب وأكثرها خبثاً: “التشكيك”. هذا السلاح الناعم تُديره غرف إلكترونية متخصصة تابعة للمليشيات، تهدف إلى زعزعة الثقة، وتفتيت الجبهة الداخلية، وبث الهزيمة النفسية في قلوب الناس، حتى وإن انتصروا في الميدان.
التشكيك في الانتصارات العسكرية، أحد أكثر الأساليب استخداماً هو تصوير الانتصارات المتحققة على الأرض من قِبل القوات المسلحة السودانية على أنها “انسحابات تكتيكية” من قبل المليشيات، أو أنها “اتفاقات غير معلنة”. يُروّج لذلك عبر رسائل تحمل طابعاً تحليلياً هادئاً، يلبسونها لبوس المنطق والرصانة، لكنها في الحقيقة مدفوعة الأجر وتُدار بخبث بالغ. الهدف منها بسيط: أن يفقد الناس ثقتهم في جيشهم، وأن تتآكل روحهم المعنوية.
التشكيك في قدرة الدولة على إعادة الإعمار، لا يكاد يمر يوم دون أن نقرأ رسالة أو منشوراً يسخر من فكرة إعادة الإعمار، خصوصاً في مجالات الكهرباء والمياه وإصلاح البنى التحتية المدمرة. هذه الرسائل تهدف إلى زرع الإحباط وجعل الناس يشعرون أن لا جدوى من الصمود، وأن الدولة عاجزة تماماً. لكن الواقع أثبت أن إرادة الشعوب، حين تتسلح بالإيمان والثقة، أقوى من أي دمار، وقد بدأت بالفعل ملامح إعادة الحياة تظهر في أكثر من مكان، رغم ضيق الموارد وشدة الظروف.
التشكيك في جرائم النهب المنظمة، مؤخراً، لاحظنا حملة تشكيك واسعة، تُحاول التغطية على جرائم النهب والسلب والانتهاكات التي ارتكبتها المليشيات طوال عامين. الحملة لا تنكر تلك الجرائم بشكل مباشر، بل تثير أسئلة مغلّفة بعبارات تبدو عقلانية، لكنها في جوهرها مصممة بعناية لإثارة دخان كثيف ونقل التركيز نحو جهات أخرى.
كيف نُساهم – دون قصد – في نشر التشكيك؟ المؤسف أن الكثير منا يتداول مثل هذه الرسائل بعفوية، وأحياناً بدافع الحزن أو القلق على الوطن، دون أن يتوقف ليتساءل: من كتب هذه الرسالة؟ ولماذا الآن؟ وما الذي تهدف إليه؟ وبهذا نُصبح – دون أن ندري – أدوات في ماكينة التشكيك التي تخدم أجندة المليشيات وتطعن في ظهر الوطن.
كيف نواجه هذه الحرب النفسية؟
الرد لا يكون بصمتنا أو بتكرار الرسائل المشككة، بل بـ:
وقف تداول أي رسالة مجهولة المصدر أو الكاتب.
عدم إعادة نشر أي محتوى يحمل ظنوناً أو يشكك أو يُحبط أو يثير اليأس.
نشر الإيجابيات، وبث الأمل، وتعزيز الثقة بالله أولاً، ثم بمؤسسات الدولة مهما كانت لدينا من ملاحظات أو انتقادات.
في الختام، التشكيك لا يبني وطناً، بل يهدمه حجراً حجراً. فلنكن على وعي، ولنُفشل هذا السلاح الخفي، بمناعة داخلية قائمة على الإيمان، والعقل، والأمل، والثقة بأن الوطن سيعود أقوى، ما دام فينا من يرفض الانكسار ويؤمن بأن النصر لا يبدأ من الجبهة، بل من القلب والعقل.
عميد شرطة (م)
عمر محمد عثمان
٢١ أبريل ٢٠٢٥م