من أحاجي الحرب( ٨٥٧٣ ):
○ كتب: د. إبراهيم شقلاوي
□□ مأساة سعدية بت الأمين والجاك ود الحسين
○ هذه القصة المفجعة انقلها لكم مع الاحتفاظ بالأسماء الحقيقية لأبطالها، حتي تكون رسالة للعالم المتماهي مع الظلم والانتهاكات التي تجري في بلادنا والذي ما يزال يوصف حربنا أنها بين جنرالين، ولاولئك الذين ما يزالون يقفون في المنطقة الرمادية دون وعي، وللذين يشكلون الغطاء السياسي والإعلامي للمليشيا بعد أن وقعوا معها تلك الوثيقة البالية والتعهدات المخزية في فبراير من هذا العام في أديس أبابا وسموها بإعلان المبادي، تلك المبادئ التي لم يلتزم بها أحد ولا يعرف كيف تصان “عن أي مبادئ تتحدثون ؟! “.

□ إن مأساة سعدية بنت الأمين والجاك ود الحسين ليست سوى قصة مؤلمة” لعائلة سودانية ضمن مئات القصص” لعوائل تعاني من ويلات الحرب والظروف الصعبة التي أجبرتها على النزوح والفرار بحثًا عن الأمان.

□ تسلط هذه القصة الضوء علي معاناة هذه العائلة التي تعرضت لإصابة أطفالها الثلاث بنيران مليشيا الدعم السريع، بينما كانوا يحاولون الفرار للنجاة بأنفسهم حتي نعلم حجم المأساة والكارثة الانسانية التي حلت بهم .

□ بدموع تنهمر من عينيها تروي سعدية تفاصيل مأساتها حيث عاشت لحظات عميقة من الألم بأحدي قرى مدينة الهلالية، أثناء محاولتهم الهروب هي وزوجها ود الحسين وأطفالهما فروا من جحيم الحرب التي نزلت عليهم بغتة، بعد انحياز القائد كيكل للجيش السوداني وتخليه عن قيادة المليشيا، ليجدوا أنفسهم فجأة في مواجهة ظروف أمنية وإنسانية كارثية تهدد حياتهم .

□ كانوا يستعدون لاستقبال مولود جديد، وقد أعدوا جميع المستلزمات التي تجهزها الأسرة السودانية لاستقبال المولود، والتي أصبحت جميعها غنيمة سائغة للغنامة والشفشافة من أفراد المليشيا لم يُترَكوا لهم حتي ملابس الطفل المنتظر أو ما كانت تعده سعدية من عطور لزينتها كما تفعل النساء، فضلاً عن الذهب والملابس رغم ذلك لم يجد ودالحسين ما يفدي به أسرته للسماح لها بالخروج من منزلهم سوى تلك العربة التي تعود لشقيقيه، والتي كانت موجودة في بيته منذ سنوات د، متمسكاً بالاعتقاد أن مدينة الهلالية بولاية الجزيرة مكانا آمنا.
□ خرج الجاك ود الحسين مكسور القلب مع أسرته بعد أن فقدوا كل ما كانوا يملكون، حمل طفليه أسامة المصاب، الذي يبلغ من العمر عامين، وراوية، ذات الأربعة أعوام التي فقدت إحدى عينيها، على كتفيه، بينما ترك محمود ذو السبعة أعوام يعتصر ألم المسير، يمضي على قدميه غير مكترث بالأشواك والأحجار التي كانت تؤلمه. كانت سعدية تحمل في أحشائها تلك الطفلة التي كشف الطبيب عن هويتها و بشرهم بها، كانت في الأشهر الأخيرة من الحمل بحسب روايتها. كانت وهي تحكي عن مأساتها، تخرج الكلمات من بين أنفاسها المتعبة في عناء كما لو كانت تحاول سحب سفينة عملاقة من أعماق البحر . خلف تلك الكلمات كانت تعتصر الالم و تخفي الحزن العميق.

□ تسألت كيف لها أن تغادر بيتها وموطنها في الهلالية تبكي وهي تتذكر كيف تركت جيرانها الذين أحبتهم منذ أن جاءت عروسا إلى تلك البلدة، لم تجد منهم أحد يواسي حزنها أو يضمد جراحها لأن الجميع مضي جريا خائفا من المليشيا أو قتل علي يد شفشافتها وغنامتها ومنهم من نجا بعد معاناة.
□ توجهت سعدية مع عائلتها إلى ولاية القضارف بعد صعوبة الطريق ومشقته، كانت تأمل بالعثور على أمان وحياة أفضل. لكن للأسف الأمور لم تسر كما كانت تأمل، فقد واجهتها الحروب والمعاناة التي أضرت بأطفالها وأجبرتها على مواجهة العديد من المصاعب تذكرت بنت الامين أن كل هذه المعاناة التي تعيشها واسرتها حدثت بعدما سيطرت القوات المتمردة على ود مدني، عاصمة الولاية في منتصف ديسمبر الماضي، فاضطروا للتعايش أول الأمر فقد كان القائد كيكل يوفر لهم بعض الحماية .

□ وبعدما نزحت مع عائلتها إلى ولاية القضارف في شرق البلاد، كانوا يخططون للانتقال إلى ولاية نهر النيل، حيث تقيم عشيرتها، تقول إنها قررت ذلك مع زوجها ود الحسين الذي كان يستمع الي سردها المفجع في ألم بالغ وحزن عميق وهو يغالب دموعه المحتشدة في كبرياء حتي لا تراها عائلته قال: لي” لو لم أكن مصابا بالسكري لكنت الآن مع المجاهدين لأثأر لكل هذه الانتهاكات التي تعرضنا لها”.

بعد أن قضت سعدية أسبوعين أو يزيد في القضارف في ظل تهديد القوات المتمردة باجتياح المدينة وتدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع أسعار السلع وإيجارات المنازل، كانوا يستعدون للتوجه إلى ولاية نهر النيل. لكن لسوء حظهم، لم يستطيعوا، فقد فاجأها الألم المخاض الذي أفقدها طفلتها المنتظرة “أريج” كما كانت تنوي تسميتها. لم تجد من يواسيها في آلامها وفجيعتها غير زوجها وأطفالها وتلك المرأة التي كانوا ينادونها حبوبة سارة كانت جارتهم في المكان .

بالرغم من كل تلك المحن التي عاشتها سعدية وعائلتها، إلا أنها لم تفقد الأمل والإيمان بأن يأتي يوم أفضل حين ينتصر الجيش في هذه الحرب الوجودية ويستعيد الأمن والسلام هذا ما قالته لي، فهي تحمل أملًا في أن الظروف ستتحسن وستجد عائلتها بجانبها بأمان وهدوء. عليه يظل وجه الحقيقة في التأكيد علي إن مأساة سعدية بنت الأمين والجاك ود الحسين تعد عبرة لنا جميعًا على ضرورة التضامن من أجل نصرة بلادنا ودعم جيشنا لطرد المليشيا من حياتنا إلى الأبد والمساعدة في إغاثة العائلات المتضررة من هذه الحرب . فالدين والإنسانية تتطلب منا أن نكون دعمًا لبعضنا البعض في اللحظات الصعبة ونعمل معًا من أجل بناء بلد آمن مطمئن بجهد الجميع .
دمتم بخير وعافية .
الجمعة 15 نوفمبر 2024م. Shglawi55@gmail.com
#من_أحاجي_الحرب

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: إلى ولایة

إقرأ أيضاً:

ماذا تريد إسرائيل من عمليتها في جنين؟

رام الله- في اليوم السابع من عمليته العسكرية شمالي الضفة الغربية، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي حصار مدينة جنين ومخيمها بشكل مركز، ودفع سكانه للهجرة ثانية بعد هجرتهم من مدنهم وقراهم داخل أراضي 1948 خلال النكبة، فضلا عن حرق نحو 70 منزلا وتدمير 30 منزلا بشكل كامل ومئات المنازل بشكل جزئي.

وأدت العملية الحالية -التي أطلق عليها الاحتلال اسم "السور الحديدي"- إلى استشهاد 16 فلسطينيا وإصابة واعتقال العشرات، في حين تشير معطيات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" إلى نزوح سكان المخيم المقدر عددهم بنحو 20 ألف نسمة، في وقت توقفت فيه المدارس والخدمات الصحية لآلاف الأشخاص.

ومنذ بدء الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى ما قبل العملية الحالية، استشهد نحو 250 فلسطينيا في مدينة جنين ومخيمها، في حين تشير معطيات الأمم المتحدة إلى تدمير نحو 283 منشأة خلال الفترة نفسها، منها 144 في مخيم جنين و57 في مدينة جنين، ومن بين المجموع الكلي 176 منزلا مأهولا.

نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني حسن خريشة: عملية الاقتحام تحمل رسائل للفلسطينيين والسلطة أنه لا أحد في مأمن، وهذا العدوان الجديد إعلان حرب على الضفة الغربية بشكل كامل وعلى #جنين ومخيمها تحديدا#الأخبار pic.twitter.com/0Pd13LDGa0

— قناة الجزيرة (@AJArabic) January 22, 2025

إعلان تعويض الفشل

يرى برلماني وكاتب سياسي أن مخيم جنين لا يشكل خطرا يوازي حجم العملية والقوة العسكرية التي تستهدفه، وهو ما يشير إلى أن الهدف الحقيقي من العملية هو البحث عن "صورة" نصر توازي صورة الهزيمة في غزة بوقف الحرب وإطلاق مئات الأسرى وعودة النازحين إلى شمال القطاع من جهة، وتنفيذ خطط معلن عنها سابقا، خاصة خطة "ضم" الضفة التي توقفت جزئيا مع الحرب.

وفق البرلماني الفلسطيني حسن خريشة، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "يريد تعويض فشله في غزة بالضفة الغربية، وجنين تحديدا، حيث ثقل المقاومة منذ اجتياح مخيمها عام 2002".

لمواجهة "ظاهرة مخيم جنين" التي باتت تتسع لتطال أغلب مخيمات شمالي الضفة، متجاوزة محاولات تدجينها، استعانت إسرائيل بالسلطة الفلسطينية لكنها فشلت أيضا، فعاودت قوات الاحتلال هجومها بشكل أكبر على المخيم، وفق خريشة.

وأضاف أن الاحتلال الإسرائيلي "يخطط لإعادة احتلال الضفة الغربية وضم أجزاء كبيرة منها، وبدأ من جنين ومخيمها الذي يخضع لتدمير مبرمج، حيث أخرجوا سكانه منه عنوة إلى القرى المحيطة، ودمروا بنيته التحتية ومقومات الحياة فيه".

تدمير رموز النكبة

وتابع أن المطلوب "تدمير مخيم جنين وتحويله إلى منطقة غير قابلة للحياة، وجعله جزءا من الذاكرة"، مشيرا إلى رمزية المخيمات في الذاكرة الفلسطينية كنتيجة للنكبة عام 1948، ورجح "الانتقال تدريجيا إلى باقي مخيمات شمالي الضفة".

وإذا ما كانت الخطط الإسرائيلية قابلة للتنفيذ، قال خريشة "في ظل مراهنة البعض على التسوية والأوهام والولايات المتحدة نعم ممكن، وعليه المطلوب التنبه لهذا الخطر والعمل بروح وطنية ولم شمل الفصائل لمواجهة هذا التحدي".

وبرأي البرلماني الفلسطيني، فإنه رغم ما يجري في مخيم جنين، وخطط الاحتلال المعلنة، فإنه لا يحظى بالاهتمام المطلوب من الدبلوماسية الفلسطينية "حتى اللحظة المؤسسات الفلسطينية ومنها المجلس الوطني واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والمجلس المركزي للمنظمة والأمناء العامين الفصائل لم يجتمعوا لمناقشة ما يجري، أو وضع خطة لمواجهته، كما أن الدبلوماسيين وسفراء لا يدرون ماذا يجري".

إعلان

وقال خريشة، وهو عضو في المجلس الوطني، إنه وجه دعوة للمجلس للانعقاد وبحث ما يجري، "لكن لا مؤسسات منتخبة يمكن التعويل عليها وتحظى بثقة الناس".

جانب من اقتحامات قوات الاحتلال لمدينة جنين ومخيم (الجيش الإسرائيلي) صورة موازية

من جهته، يقول الكاتب السياسي أحمد أبو الهيجا إن نتنياهو يبحث عن "صورة" في جنين، توازي أو تغطي على صورة الصفقة الموجودة في غزة.

ويوم 19 يناير/كانون الثاني الجاري، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل، بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة، ويضمن عودة النازحين إلى شمال غزة وإطلاق سراح مئات الأسرى، بمن فيهم محكومون بالسجن مدى الحياة.

يوضح أبو الهيجا أن العمليات العسكرية التي ينفذها الاحتلال تبدأ عادة من جهاز الشاباك الذي يحدد بنك أهداف بالتعاون مع الجيش بناء على معلومات محددة، ثم تحظى بمصادقة المستوى السياسي وتأخذ طريقها إلى التنفيذ.

أما في عملية جنين هذه المرة، يقول الكاتب الفلسطيني، فإن العكس ما حدث، إذ لم تتم العملية بتوصية من جهاز الشاباك الذي كان متحفظا عليها، "بل جاء الاجتياح بقرار من المستوى السياسي الذي أوعز للجيش والشاباك بتحديد بنك الأهداف، وتنفيذ العملية العسكرية".

ولفت إلى أن طريقة الشروع في العملية هذه المرة أيضا جاء مختلفا عن المرات السابقة ولا تبرير لها من الناحية الأمنية: "هجوم مباغت، وقصف عشوائي غير مبرر أمنيا للطائرات، بعد أن كان القصف يستهدف مقاومين، والغرض من كل ذلك إحداث حالة هلع ونقل صورة للمستوطنين، تقابل الصور القادمة من غزة".

عودة مخطط الضم

لا يستبعد أبو الهيجا أن يوسع الجيش تحركاته ضد "ظاهرة" المخيمات في الضفة، خاصة مع نهاية الحرب في غزة بذريعة مواجهة المجموعات المسلحة "لتنظيف واستئصال المقاومة وإعادة الأمور لواقع ما قبل الحرب".

إعلان

وتابع أن ما يجري لا يمكن فصله، بل في صلب مخطط "إعادة مشروع ضم الضفة -الذي توقف بسبب الحرب- إلى الواجهة بما في ذلك قضية الحسم التاريخي والسيطرة التامة والضم المباشر وغير المباشر".

وفي أكثر من مناسبة، صرح وزراء ومسؤولون إسرائيليون عن خطط ضم الضفة، فنتنياهو تحدث عن ضرورة إعادة قضية ضم الضفة الغربية لجدول أعمال الحكومة، خاصة مع تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مهامه يوم 20 يناير/كانون الثاني الجاري.

في حين قال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وهو أيضا وزير بوزارة الدفاع، إن 2025 سيكون عام السيادة الإسرائيلية على "يهودا والسامرة" وهو الاسم الذي تطلقه إسرائيل على الضفة الغربية.

مقالات مشابهة

  • “هآرتس”: الحشود التي تعبر نِتساريم حطّمت وهم النصر المطلق‎
  • “هآرتس”: صور الحشود التي تعبر نِتساريم تُحطّم وهم النصر المطلق‎
  • على الرفاق في القوة المشتركة مراعاة سراويل الدعامة!!
  • قرار من القرض الحسن عن تعويضات الحرب.. ماذا فيه؟
  • من كانت تقاتل إسرائيل في غزة؟
  • الأمين العام لجهاز تنظيم شؤون السودانيين بالخارج يلتقي والي كسلا بحضور وفد الشركة السودانية للانشاء والتعمير
  • ماذا تعرف عن شركات الأمن التي تفتش مركبات العائدين لشمال غزة؟
  • جينيفر لوبيز تحتفل باللحظة التي كانت تنتظرها طوال حياتها
  • ماذا تريد إسرائيل من عمليتها في جنين؟
  • الوجود والهويات في عاصفة الرياح: قراءة في سردية «حديث الرياح» لسعاد محمود الأمين