الكومبرادورية الإستشراقية وإنحراف الثورة
تاريخ النشر: 16th, November 2024 GMT
قالت روزا لوكسمبورغ أن ” إنحراف الثورة عن مسارها، يعتبر أشد خطراً عليها من توقفها.”
ولا شك أن الثورة السودانية بدات مسيرة انحرافها منذ منتصف ٢٠١٩. وكان هذا الإنحراف بائنا لبعض من كان خارج دوائر السلطة حينها ولكنه لم يكن بائنا للجميع وهذا مفهوم.
ولكن تفاقم الإنحراف في نهاية ٢٠١٩ وبدايات ٢٠٢٠ بصورة يصعب إخفائها.
وكان الخطاب السياسي السائد ما وصفه محمد طه القدال بانه ” الكلام المبهرج وخاوى…الكلام المزيف ولا فيه غير إحتلام وانفصام.. يوم تقوم القصائد مقام الطبول والبخور…عليها المصائب تمام التمام… القصائد بتنزل مُريدة وتسبح بحمد الذى ابتلاك وهدانى الودار.”
يتضح الآن الثمن الباهظ للصمت عن الإنحراف حينما كان من الممكن إصلاحه واحتوائه قبل أن يستفحل ويضعنا في حافة الهاوية.
إختلفت دوافع الصمت عن الإنحراف. أعتقد البعد أن نقد الممارسة السياسية للمجموعة الحاكمة يساعد الكيزان لذلك سكتوا. جل هؤلاء وطنيون شرفاء أخطأوا في التقدير وهذا عادي فكلنا بشر نخطئ ونصيب ولكن عليهم تعلم الدرس بان واجب الشعب هو مراقبة السلطة بصورة دائمة وان لا يكتبوا شيكا علي بياض لأي جهة مهما حسنت صورتها وحسن ظنهم بها ومهما تأنقت سيرتها الذاتية أو إحمرت كرفتاتها.
وكان هناك أيضا الساكتون عن إنحراف الثورة من خوف. الخوف من عنف الهجمة المضادة المتوقعة من أهل الحكم وكتابهم فالسلطة دائما تكره النقد وتسعي لتدجين الراي العام وتطويع المثقفين الفاعلين بالذات.
الذين تصدوا مبكرا لقضية إنحراف الثورة عن مسارها كانوا علي سنة روزا لوكسمبورغ التي قالت إنه “لا يكفي أن نشرح للجماهير أنّهم مضطهدين سياسياً، بل من الضروري أن نظهر لهم انتهازية هؤلاء الذين يقدمون الكثير من الأعذار في جميع الأوقات والظروف لوقف إكمال أهداف الثورة، يتخذون مواقف إصلاحية من أجل إجراء تعديلات سطحية على السلطة القديمة للجلوس مكانها. “
ولكن من سولت له نفسه نقد السلطة المنحرفة دفع ثمنا أقله نعته بانه كوز وشيوعى في نفس الفقرة أو ربما نعتوه بما هو أسوأ من ذلك وربما لحقه ضرر مادي مباشر. من دعا لإصلاح الخطأ حين كان ذلك ممكنا تم تشويه صورته بوصفه بكسر المقاديف ونشر التشاؤم والتكلس الأيديلوجي لان الشعار السائد كان شكرا قحتوك، سنعبر وننتصر في ظل شراكة مثالية غير مسبوقة في تاريخ البشرية بين جيش وجنجا وقحت.
أما الذين انتقدوا السلطة بنعومة لا تفسد لودهم مع أهلها قضية فربما كان سكوتهم أفضل حتي لا يضيفوا النفاق أو علي الأقل حتي يتجنبوا فتح إحتمال أن يكون نقدهم فكا للملام وتبرئة للذمة من غير أن يتكبدوا أي خسائر شخصية أو لان الإعتدال في مقاومة الشر المهدد للحياة ليس من ضمن الفضائل المعروفة.
الفئة الأخيرة من الذين سكتوا ولم يقوموا المنكر لا بيدهم ولا بلسانهم فعلوا ذلك عن طمع. الطمع في ألا تحرمهم السلطة من إمتيازات القرب منها. وإن لم يكونوا علي قرب فلا داعي لحرق الجسور الممكنة مع أهل الحل والعقد وعلية القوم ولا داعي لنسف إحتمال أن يصيبهم منهم خير ما وربما منصب أو تشبيك أو حتي شروى ورشة ترفع البريستيج وقد يكون فيها سفرة مجانية ونثريات وذلك أضعف الايمان.
والان يبدو إننا قد عبرنا إلي وادي الموت محمولين علي خازوق ثلاثي المواسير من سوء التقدير بحسن نية وخوف وطمع. وما زال فلاسفة الشراكة المثالية يؤمنون إيمانا قاطعا بحقهم في الوصايا علي الشعب السوداني وشتمه إن لزم الأمر إستنادا علي أيديلوجيا يمكن وصفها بانها كومبرادورية إستشراقية يرون في مرآتها أنفسهم صفوة نوعية مجازة من الخواجة والاجنبي بينما شعبهم أهالي، “بيئة” خليط من البراغيث والجهلاء والكيزان والمغفلين والشرذمة وسقط المتاع والمجرمين والعطالى.
معتصم أقرع
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
مصدر فلسطيني: موافقة الاحتلال على الاتفاق قائمة ولكن التفاصيل تعطل التوقيع حالياً
سرايا - أكد مصدر فلسطيني مطلع على المفاوضات للميادين أن الموافقة العامة للاحتلال على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة قائمة، لكن التفاصيل الضرورية تعطّل التوقيع وبدء الهدنة.
وعن هذه التفاصيل، قال المصدر إنّ الاحتلال لم يقدم تفاصيل حول آلية تبادل الأسرى، ولا توضيحاً حول كيفية خروج المصابين للعلاج.
وتابع أن الاحتلال لم يقدم أيضاً خريطة الانسحاب العسكري من قطاع غزة، ولا أي تفصيل حول إدارة معبر رفح ودخول الشاحنات.
ولفت المصدر الخاص إلى أن سلوك الاحتلال "الاسرائيلي" هذا يعطّل حتى الآن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وكان مسؤولون عرب وأميركيون و"إسرائيليون" قد أكدوا أنّ "مسودة وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى جرى الاتفاق عليها من حيث المبدأ. وإذا سارت الأمور على ما يرام، فسيتم الانتهاء منها هذا الأسبوع بين إسرائيل وحماس".
إقرأ أيضاً : رئيس الوزراء الفلسطيني يؤكد حق السلطة الفلسطينية وحدها بحكم قطاع غزةإقرأ أيضاً : إصابة 3 جنود "إسرائيليين" بانفجار عبوة ناسفة قرب جنينإقرأ أيضاً : المحكمة العليا في بنغلاديش تبرئ رئيسة الوزراء السابقة خالدة ضياء
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
طباعة المشاهدات: 1682
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 15-01-2025 01:29 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...