الإفتاء: المسح على الخفين مِن مظاهر التيسير في الشريعة الإسلامية
تاريخ النشر: 16th, November 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية إن من مظاهر اليُسر في الشريعة الإسلامية أنها أباحت للمكلَّف عند الوضوء أن يمسح على الخُفِّ وكذلك الجَوْرَب دون أن ينزعه ما دام قد لبسه وفق أحكامه المقررة في الشرع الشريف، والتزم بهذه الأحكام.
ورد عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: كُنْتُ مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وآله وسلم فِي سَفَرٍ، فَأَهْوَيْتُ لأَنْزِعَ خُفَّيْهِ، فَقَالَ: «دَعْهُمَا، فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ»، فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا.
وعنه أيضًا رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيه وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ» أخرجه الأئمة: أصحاب السنن الأربعة، وأحمد في "المسند" واللفظ له.
بيان مفهوم المسح والمراد بالخف والجوربوأوضحت الإفتاء أن المقصود بالمسح هو إمرار اليد المبتلَّة بالماء على الشيء دون تسييل للماء؛ كما في
"التعريفات" للشريف الجُرْجَانِي (ص: 212، ط. دار الكتب العلمية).
والخُفُّ هو نَعْلٌ مصنوعٌ مِن الجلد يغطي الكعبين، والكعبان: هما العَظْمَتان البارِزَتَان على جانِبَيِ القدم، وجَمْعُه: خِفافٌ بكسر الخاء؛ كما في "سبل السلام" للشيخ الصَّنْعَانِي (1/ 80، ط. دار الحديث).
والجَوْرَب هو ما يرتديه الإنسان في قَدَميهِ يُغَطِّيهما به للدِّفء ونحوه، سواء كان مصنوعًا مِن الصوفِ أو القُطْنِ أو الكِتَّانِ أو غير ذلك؛ كما في "تاج العروس" للإمام الزَّبِيدِي (2/ 156، ط. دار الهداية).
حكم المسح على الجورب الأعلى بعد المسح على الجورب الأسفل
وقالت الإفتاء إنه إذا لبس المصلي الجَوْرَبَيْن عَقِبَ طهارةٍ كاملةٍ، ثم انتقض وُضوؤه، فتوضأ ومسح عليهما، ثم لبس بعد ذلك جَوْرَبَيْن آخَرَين فوقهما، فالمختار للفتوى: أنه يجوز له أن يمسح على الجَوْرَبَيْن الظاهرَين (الأَعْلَيَيْن أو الفَوْقَانِيَّيْن) دون أن ينزعهما ما دام قد لَبِسَهُمَا بعدما مسح على الأَسْفَلَيْنِ، وهو مذهب المالكية، والشافعية في الأظهر، وصرَّح بعضُهم أنَّهُ الأصح، وهو قول شيخ الإسلام أبي حامد الغزالي، ومقتضى كلامِ الرافِعِيِّ وغيرِه ترجيحُه؛ لأنه في هذه الحالة قد لَبِسهما على طهارةٍ كاملةٍ.
وتابعت: إذا لبست المصلي الجَوْرَبَيْن على طهارةٍ كاملةٍ، ثمَّ انتقض وضوؤه، فتوضأ ومسح عليهما، ثم لبس جَوْرَبَيْن آخَرَين فوقهما، فإنه يجوز له -عند الوضوء- أن يمسح على الجَوْرَبَيْن الظاهرَين (الأَعْلَيَيْن أو الفَوْقَانِيَّيْن) دون أن ينزعهما ما دام في مدة المسح ومراعيًا أحكامَه.
قال العلامة الخَرَشِي المالكي في "شرح مختصر خليل" (1/ 178، ط. دار الفكر): [يرخَّص في المسح على الخُفِّ إن كان منفردًا، بل ولو كان جَوْرَبًا على جَوْرَب، أو خُفًّا على جَوْرَب، أو خُفًّا أو جَوْرَبًا على لفائف، أو خُفًّا أو جَوْرَبًا على خُفٍّ في الرِّجلين أو إحداهما في الجميع، والأخيرتان في "المدونة" وفيها الخلاف المشار إليه بـ"لو"، وشرط مسحه على الأَعْلَيَيْن: أن يكون لبسهما وهو على الطُّهْر الذي لبس بعده الْأَسْفَلَيْنِ، أو بعد أن أحدَث ومسح على الْأَسْفَلَيْنِ] اهـ.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أركان الوضوء الوضوء دار الإفتاء الإفتاء الج و ر ب ی ن المسح على على الج الله ع على ال
إقرأ أيضاً:
هل يجوز جمع الصلوات بسبب المرض؟.. الإفتاء تجيب
هل يجوز جمع الصلوات في الحضر عند المرض؟ سؤال أجاب عنه الدكتور مجدى عاشور مستشار مفتي الجمهورية السابق وامين الفتوى بدار الإفتاء المصرية.
وقال مجدى عاشور انه من المعلوم أن الصلاتين اللتين يجْمَعُ بينهما هما: الظهر والعصر، وكذلك المغرب والعشاء.
وأشار الى أنه يجوز للمريض الجمع بين الصلاتين بعذر المرض - على المختار في الفتوى والمصلي مُخيّر في أن يجمعهما جمع تقديم أو تأخير؛ خاصة إذا كان يلحقه بسبب أداء كل صلاة في وقتها مشقة وضعف أو ألم شديد .
واستدلت بما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما حيث قال : جمع رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بينَ الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء بالمدينة ، من غير خوف ولا مطر . فقيل لابن عباس : ما أراد إلى ذلك ؟ قال : أراد أن لا يحرج أمته " [رواه أبو داود وغيره .
ورواه مسلم بلفظ: "في غير خوف ولا سفر، قيل فعل ذلك من أجل المرض .
ونوه بأنه يلحق بذلك ايضا خوف فوت الوقت والإنسان في الطريق من غير سفر ، نظرا لزحام الطريق ، وكذلك للأطباء الذين يمكثون مدة طويلة في العمليات ، مما تستغرق وقتين مما يجمع بينهما ، وغير ذلك مما فيه مشقة أو ضرر .
حكم الجمع بين الصلوات لعذر المرض
وأوضحت دار الإفتاء أن الجمع بين الصلوات جائز في حالات العذر كالسفر أو المرض، مشيرة إلى أن للمريض الجمع بين صلاتي الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، سواء جمع تقديم أو تأخير، بشرط أن ينوي ذلك قبل دخول وقت الصلاة الثانية، كما هو الحال في المذهب المالكي.
في سياق متصل، أوضح الدكتور محمد عبد السميع، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء، أنه يجوز للعروس في ليلة الزفاف الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء جمع تأخير، إذا تعذر عليها أداء كل صلاة في وقتها.
طريقة جمع الصلاة
وأضاف أن طريقة الجمع تتم بتأدية صلاة المغرب أولًا في وقت العشاء، حيث تقام صلاة المغرب جماعة، وبعد الانتهاء منها وإقامة جديدة، تؤدى صلاة العشاء بشكل منفصل.
وأكدت دار الإفتاء أن الجمع بين الصلوات مشروط بوجود عذر معتبر كالمشقة أو المرض، مستشهدة بأحاديث نبوية شريفة. من ذلك حديث أنس رضي الله عنه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما"، وحديث معاذ رضي الله عنه: "خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فكان يصلي الظهر والعصر جميعًا، والمغرب والعشاء جميعًا".
وشددت دار الإفتاء على أن هذا الحكم يهدف إلى التيسير على المسلمين في الظروف التي يصعب فيها أداء كل صلاة في وقتها، مع الالتزام بالنية المسبقة والترتيب الصحيح بين الصلوات أثناء الجمع.