شراكات استثمارية عالمية لتوفير توقعات الطقس «عالية الجودة»
تاريخ النشر: 16th, November 2024 GMT
باكو- أذربيجان (الاتحاد)
أخبار ذات صلة شيخة بنت سيف: التسامح ركيزة أساسية في هويتنا الوطنية مراجعة التصاميم النهائية لمركبة «مهمة الإمارات لاستكشاف حزام الكويكبات»كشفت آلية التوسع في الابتكار الزراعي (AIM for Scale) خلال قمة قادة دول العالم للعمل المناخي في مؤتمر الأطراف COP29 عن أول حزمة ابتكارات تهدف إلى توفير توقعات طقس عالية الجودة لدعم المزارعين على التكيف مع آثار التغير المناخي.
وتهدف الآلية إلى إطلاق مزيد من الابتكارات لتوسيع نطاق الحلول القادرة على معالجة التحديات المتداخلة للتغير المناخي والأمن الغذائي والزراعة.
وقد صمّمت آلية التوسع في الابتكار الزراعي (AIM for Scale)، بالتعاون مع مفوضية الابتكار لتغير المناخ والأمن الغذائي والزراعة، حزمة من الابتكارات لتوفير توقعات الطقس لمئات الملايين من المزارعين حول العالم.
وتستند حزمة الابتكارات هذه إلى القدرات التحولية للذكاء الاصطناعي لمساعدة المرافق الوطنية للأرصاد الجوية على توفير توقعات طقس عالية الجودة لدعم المزارعين.
ويمكن أن يؤدي توفير هذه التوقعات ونشرها على ملايين المزارعين إلى تعزيز القدرة على التكيف مع التقلبات المناخية، خصوصاً وأن التغير المناخي يجعل أنماط الطقس أقل قابلية للتنبؤ.
وتستند هذه العملية إلى الجهود السابقة، وتراعي الاحتياجات المختلفة للدول مع التأكيد على ضرورة الشمول والمساواة بين الجنسين لضمان تحقيق تأثير عادل وواسع النطاق.
وتعهد تحالف من الشركاء العالميين بحشد استثمارات كبيرة خلال السنوات الثلاث المقبلة لدعم تنفيذ حزمة ابتكارات توقعات الطقس التي أطلقتها آلية التوسع في الابتكار الزراعي (AIM for Scale).
ففي إطار طموحاته المتعلقة بالأمن الغذائي للفترة 2022 - 2025، يعتزم بنك التنمية الآسيوي استثمار ما يقارب 300 مليون دولار في مجال التنبؤات الجوية المتقدمة لدعم احتياجات المزارعين في آسيا والمحيط الهادئ ضمن إطار محفظة عمليات الأمن الغذائي التي يقودها البنك خلال الفترة 2025 - 2027.
وأعلن البنك أيضاً تقديم منحة دعم فني بقيمة 600 ألف دولار لتسهيل الاستثمار في هذا المجال.
ويعتبر الأمن الغذائي من الأولويات القصوى في الاستراتيجية المحدثة لبنك التنمية الآسيوي لعام 2030.
بدوره، يتوقع بنك التنمية للبلدان الأميركية الاستفادة من التنبؤات الجوية لدعم محفظة قروضه البالغة قيمتها 280 مليون دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وأعلن البنك وضع برنامج لمنح 600 ألف دولار لمساعدة الدول في تقديم تنبؤات جوية قائمة على الذكاء الاصطناعي ومُصمّمة خصيصاً لتلبية احتياجات أصحاب القروض الزراعية من بنك التنمية في البلدان الأميركية في أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.
من جانبه، يستثمر البنك الدولي حالياً 1.46 مليار دولار في البيانات والزراعة الرقمية والابتكارات التي تنسجم مع أهداف مبادرة التوسع في الابتكار الزراعي (AIM for Scale).
وتدعم هذه الاستثمارات، ومنها حوالي 591 مليون دولار في أفريقيا، سجلات البيانات الجغرافية المرجعية للمزارعين، ونظم معلومات التربة، والاستشارات الذكية بشأن المناخ، ونظم الإنذار المبكر، وتشخيص الآفات الزراعية، وستوفر الآن الأداة المثلى لنقل معلومات الطقس عالية الجودة إلى ملايين المزارعين في أفريقيا.
وأطلقت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وجامعة شيكاغو -ممثلةّ بمبادرتيها «التنبؤات الجوية المرتكزة على الإنسان» و«الذكاء الاصطناعي من أجل المناخ»- وبالتعاون مع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ومرفق تمويل الرصد المنهجي التابع للأمم المتحدة، برنامجاً بحثياً وتدريبياً لتحسين الوصول إلى تنبؤات طقس عالية الجودة لدعم المزارعين في أكثر من 30 دولة منخفضة ومتوسطة الدخل.
مبادرة الابتكار الزراعي
وقالت معالي الدكتورة آمنة بنت عبدالله الضحاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة: «قبل ثلاث سنوات، أطلقت دولة الإمارات -بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية- مبادرة الابتكار الزراعي من أجل المناخ بهدف حشد الاستثمارات في ابتكارات نظم الغذاء حول العالم. وقد حققنا بالفعل نجاحاً كبيراً في ذلك. واليوم مع إطلاق آلية التوسع في الابتكار الزراعي (AIM for Scale)، نعمل على تسريع المساعي لتطوير ابتكارات زراعية واعدة وصديقة للمناخ، وإزالة العقبات التي تحول دون توسيع نطاقها».
من جانبها، أكدت معالي مريم المهيري، رئيس مكتب الشؤون الدولية في ديوان الرئاسة، أهمية التعاون الدولي قائلةً: «تهدف الشراكة القائمة بين دولة الإمارات ومؤسسة “بيل وميليندا جيتس” إلى دعم مبادرات مثل حزمة ابتكارات توقعات الطقس ونسعى من خلال الشراكة إلى تسريع جهود تحويل نظم الغذاء والعمل المناخي، حيث يمكن للابتكارات أن تساهم في تحسين حياة الأشخاص الذين يهدد التغير المناخي سبل عيشهم».
المعلومات المناخية
قالت سيليست ساولو، الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية: «يساهم توفير المزيد من البيانات المحسنة في تعزيز التنبؤات الجوية، وأنظمة الإنذار المبكر، وخدمات المعلومات المناخية في قطاع الزراعة والقطاعات الاقتصادية الحيوية الأخرى، كما يساهم سد ثغرات البيانات الأساسية في إثراء نماذج الذكاء الاصطناعي ذات الصلة. ويعتبر قطاع الزراعة بلا شك واحداً من أكثر القطاعات عرضة لتداعيات تغير المناخ، وبالتالي ثمة حاجة ماسة إلى عقد المزيد من الشراكات لضمان توفير خدمات الطقس والمناخ إلى المزارعين بما يعزز مستويات المرونة والتكيف في قطاع الزراعة».
وأكد الدكتور عبدالله المندوس، رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، مدير عام المركز الوطني للأرصاد في دولة الإمارات، أهمية تزويد المزارعين بمعلومات الطقس عالية الجودة، وقال بهذا الصدد: «يشكّل إطلاق حزمة ابتكارات توقعات الطقس من آلية التوسع في الابتكار الزراعي (AIM for Scale) نقلة نوعية لدعم ملايين المزارعين ممن يهدد التغير المناخي سبل عيشهم، حيث تتيح لهم حزمة الابتكارات هذه الوصول إلى توقعات طقس دقيقة تساعدهم على التكيف مع الظروف الجوية غير المتوقعة. وتؤكد هذه المبادرة أهمية الشراكات والتكنولوجيا والبيانات في بناء المرونة المناخية للمجتمعات الأشد حاجةً إليها».
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الابتكار الزراعي العمل المناخي المناخ الإمارات التغير المناخي تغير المناخ مؤتمر المناخ قمة المناخ مؤتمر المناخ العالمي التغيرات المناخية مؤتمر الأطراف كوب 29 آمنة الضحاك مريم المهيري عبدالله المندوس التنبؤات الجویة التغیر المناخی للأرصاد الجویة توقعات الطقس
إقرأ أيضاً:
الحروب والتغير المناخي
تعتبر الحروب والتغير المناخي من أخطر التحديات التي تهدد استدامة الموارد الطبيعية واستقرار المجتمعات البشرية. فمنذ بداية الثورة الصناعية، شهد العالم ارتفاع في درجات الحرارة العالمية بمعدل تجاوز 1.1 درجة مئوية، كما تشير إليه تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. وقد ترتب على هذا التغير الحاد في المناخ تهديدات واسعة على النظم البيئية وتدهور مستمر في الموارد الحيوية التي تُمدّ البشرية باحتياجاتها الأساسية.
ولا يمكن حصر الآثار السلبية للتغير المناخي في مجرد ذوبان الأنهار الجليدية وارتفاع مستوى سطح البحر؛ بل في الظواهر التي أصبحت تُهدد المدن الساحلية والجزر الصغيرة بالغرق وتآكل الأراضي الرطبة الصالحة للزراعة. ووفقاً لتقديرات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، قد يرتفع مستوى سطح البحر بما يصل إلى 1.1 متر بحلول عام 2100 في حال استمرار معدلات الارتفاع الحالية في الانبعاثات الكربونية. هذا الارتفاع يشكل تهديداً صريحاً للأمن الغذائي ويضع المجتمع الدولي أمام أزمة بيئية وغذائية متعددة الأبعاد، تهدد حياة الملايين الذين يعتمدون على هذه المناطق لإنتاج الغذاء.
من جهة أخرى، الكوارث الطبيعية المتزايدة مثل الفيضانات والجفاف والعواصف الشديدة أصبحت تُسهم في تفاقم الأزمات الإنسانية. ففي عام 2020 وحده، تأثر أكثر من خمسين مليون شخص بالكوارث المرتبطة بالمناخ، بحسب تقارير الأمم المتحدة، ما أدى إلى خسائر بشرية ومادية ضخمة وأضرار جسيمة في قطاع الزراعة، وأسهم في نقص الإنتاج الغذائي وارتفاع الأسعار العالمية. ووفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة، يعاني نحو 690 مليون شخص من الجوع، ويلعب التغير المناخي دوراً كبيراً في تفاقم هذه المشكلة.
في ظل هذه الظروف الضاغطة، لا يمكن تجاهل الدور المُدمر الذي تلعبه الحروب والنزاعات على البيئة والموارد الحيوية، ، لا سيما في سياق التغير المناخي المتفاقم. فلم تعد الحروب مُجرد صراعات مسلحة بين الأطراف المتنازعة؛ بل أصبحت عاملاً رئيسياً يُضاعف آثار التغير المناخي، حيث تساهم في تدمير البيئات المحلية، واستنزاف الموارد الطبيعية، وتفاقم تلوثها.
فعلى سبيل المثال، أدى الصراع في سوريا إلى تدمير نحو 40% من بنية المياه والصرف الصحي، وترك ملايين السكان يعانون من نقص حاد في المياه، في وقت يعاني فيه الإقليم أصلًا من موجات جفاف متكررة ناجمة عن التغير المناخي.
وفي اليمن، تتشابك آثار النزاعات مع التغير المناخي، حيث يواجه أكثر من 20 مليون شخص شحًا حادًا في المياه نتيجة تدمير البنية التحتية وندرة المياه الجوفية المتجددة بفعل ارتفاع درجات الحرارة. وبالمثل، تدهورت البنية التحتية للمياه في ليبيا بشكل كبير بسبب النزاعات المستمرة، حيث خرج 80% من نظام المياه عن الخدمة، مما زاد من مخاطر انتشار الأمراض المنقولة بالمياه، مثل الكوليرا والتيفوئيد، بينما يفاقم التغير المناخي الأزمات من خلال تراجع الموارد المائية المتاحة وتصحر الأراضي الزراعية.
أما في قطاع غزة، فإن الوضع القائم يُفاقم من أزمة المياه في ظل تأثيرات التغير المناخي التي تؤدي إلى زيادة ملوحة المياه الجوفية. ووفق تقارير المرصد الأورومتوسطي والمعهد العالمي للمياه والبيئة والصحة، فإن 97% من المياه في غزة غير صالحة للشرب والاستهلاك البشري، مما يجعل سكان القطاع أكثر عرضة لتداعيات التغير المناخي والنزاعات معاً.
تُظهر هذه الأمثلة أن تداعيات الحروب والنزاعات لا تقتصر على التأثير في المحيط المحلي للدول المُتضررة، بل تمتد في تداخل معقد ومتبادل التأثير لتؤثر بشكل كبير على النظم البيئية الإقليمية. هذا التداخل لا يقتصر على تدمير الموارد الحيوية، بل يسهم أيضًا في تفاقم أزمة المناخ من خلال استنزاف الموارد الطبيعية، وتدمير البنية التحتية البيئية، وزيادة معدلات التلوث. هذه العوامل المترابطة تُهدد استقرار النظم البيئية وتُضعف القدرة على مواجهة تحديات التغير المناخي.
ومع تفاقم آثار التغير المناخي، ظهرت تحديات جديدة قد تؤدي إلى نزاعات محلية وإقليمية مُقلقة وأكثر ضراوة؛ إذ إن ندرة الموارد الأساسية كالمياه والغذاء أصبحت تمثل عاملاً مؤثراً في تأجيج النزاعات، خاصة في المناطق التي تعاني من الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، مثل منطقة الساحل وغرب أفريقيا. وتقدر مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن فترات الجفاف الطويلة في هذه المناطق أدت إلى نزوح أكثر من 4.2 مليون شخص وزيادة النزاعات بين المجتمعات المحلية، وهو ما يبين بأن التغير المناخي يتجاوز في كونه أزمة بيئية مُجردة، بل يمتد إلى ما هو أبعد، ليطول الاستقرار الاجتماعي والسياسي.
كما أن التغير المناخي أصبح يغذي محور جديد للتنافس الجيوسياسي بين القوى العالمية التي تسعى للسيطرة على موارد النفط والغاز الطبيعي والمعادن غير المستغلة. وتقدر هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية بأن القطب الشمالي الذي يشهد ذوبان الجليد يحتوي على نحو 13% من احتياطيات النفط غير المكتشفة في العالم و30% من احتياطيات الغاز الطبيعي، وهو ما قد يضع منطقة القطب الشمالي في قلب توتر جديد بين الدول الكبرى ويجعل البيئة الهشة في تلك المنطقة عرضة لمخاطر الاستغلال الجائر.
وعلى الرغم من هذه التحديات الهائلة، إلا أنه لا زال الأمل قائماً في تخفيف آثار التغير المناخي من خلال التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية. ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (أيرينا)، يمكن لمصادر الطاقة المتجددة تلبية نحو 90% من احتياجات الكهرباء العالمية بحلول عام 2050، وهو ما سيسهم بدوره في خفض الانبعاثات الكربونية ويعزز الاستقرار المناخي.
إلى جانب ذلك، تعتبر حماية الغابات خطوة أساسية في الحد من تغير المناخ؛ إذ تشير منظمة الأغذية والزراعة إلى أن الغابات تمتص نحو 2.6 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً. أي أن تكثيف جهود مكافحة إزالة الغابات وبرامج إعادة التشجير يمكن أن يكون حلاً فعالاً للتصدي لأزمة المناخ. كما أن اعتماد استراتيجيات التكيف مع تأثيرات التغير المناخي، كتطوير أنظمة الري المستدامة وبناء الحواجز الطبيعية لحماية المناطق الساحلية، يعد جزءاً أساسياً من الحل الشامل.
ومع ذلك، من المنطقي أن ندرك بأن جهود مكافحة التغير المناخي وحماية الموارد الطبيعية لن تحقق نجاحاً حقيقياً دون استقرار وسلام دولي. ولتحقيق ذلك، ينبغي على الدول تبني سياسات متكاملة ومشتركة لمواجهة هذه الأزمة العالمية، وتكثيف التعاون في مجالات البحث والتطوير ونقل التكنولوجيا، إضافة إلى الالتزام الفعلي بتعهداتها ضمن اتفاقية باريس للمناخ.
كما يمكن للمبادرات المشتركة، مثل "الصفقة الخضراء الأوروبية"، أن تشكل نموذجاً للتعاون الدولي الفعال، بالنظر إلى ما حققته من نتائج وإنجازات ملحوظة كخفض انبعاثات الكربون بنسبة تتجاوز 20% منذ إطلاق الصفقة، وزيادة مساحة المناطق المحمية لتصل إلى 30% من أراضي ومياه الاتحاد الأوروبي، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة في المباني والصناعات، وإنشاء صناديق التمويل الجماعية لتحقيق تحول بيئي شامل ومستدام.
عامةً، في ظل التحديات الوجودية التي يواجهها العالم، لا بد للحكومات والمنظمات الدولية التساؤل عن مدى استعدادها للتخلي عن المصالح الضيقة لصالح المصلحة الجماعية للبشرية. فلا يمكن اختزال التغير المناخي والنزاعات المُسلحة في كونها أزمات بيئية أو سياسية عابرة؛ بل كتهديدات وجودية تستدعي استجابة دولية فورية وحاسمة. ومن دون اتخاذ خطوات جادة ومسؤولة، فإنها ستترك إرثًا من الدمار والعجز للأجيال القادمة. تحمل المسؤولية البيئية هي ضرورة حتمية، ولا يمكن ترك الأمر للصدفة والمصير.