سواليف:
2024-12-16@03:46:04 GMT

مضر بدران وإدارته للشأن الداخلي في ظرف عصيب . . !

تاريخ النشر: 16th, November 2024 GMT

#مضر_بدران وإدارته للشأن الداخلي في ظرف عصيب . . !

#موسى_العدوان

كتبت بتاريخ 18 / 9 / 2024 مقالا، لكيفية تصرف رئيس الوزراء الأسبق مضر بدران ( معتمدا على ما ورد في كتابه بعنوان ” القرار)، حين استقبل السفير الأمريكي ” توم بيكارنج ” في مكتبه، وشكره على وقف حكومة الولايات المتحدة، المساعدة المالية للأردن ذلك العام، لكي يحقق حلمه في تصميم موازنة الأردن المالية، بدون مساعدات مالية من أية دولة.

واليوم سأنقل صورة أخرى لكيفية معالجة مضر بدران للشأن الداخلي في ظروف صعبة مرت على الأردن، إثر حرب التحالف على العراق في أوائل التسعينات.

يقول مضر بدران في مذكراته وأقتبس : ” وسط الأجواء الملتهبة التي باتت تعيشها المنطقة بعد بدء العمليات العسكرية، كان لابد لنا في مجلس الوزراء، أن نكون دقيقين في معالجات الشأن الداخلي. ولذلك حرصنا على تفاصيل الأمور لأدق درجة، ولم نُغفل التفكير بأي شاردة أو واردة، لأن الخطأ كان يعني الكارثة، الغذاء والكهرباء والماء والمحروقات وكل ما يلزم تأمينه، والجيش الشعبي وإدارته وتسليحه، كنا نعيش فعلا أجواء خلية أزمة وطنية، والجهود تضافرت من كل المؤسسات، والراحل الحسين بقي ممسكا بدفّة القيادة السياسية، ومؤسساته الدستورية كانت بمثابة الجهاز التنفيذي، الذي يربط بين رؤية القائد، وطموحات شعبه. ومن هنا بدأنا بالتعامل مع تداعيات الحرب، وما ينتظرنا خلال أيامها. . .

مقالات ذات صلة التاريخ معلم 2024/11/13

بدأنا بتوزيع السلاح على الجيش الشعبي، وكنا حذرين في ذلك، فموضوع السلاح في يد المواطنين له إيجابياته في الحرب، لكن له سلبياته في السلم. لقد ساعدنا السوريون بتزويدنا بالنفط، وأوفى حافظ الأسد بوعده، وبدأت اللجان تعمل وتشرف على نقل صهاريج النفط من سوريا، وكان ذلك. بعد أن أخذنا سلسلة إجراءات للتعامل مع انقطاع النفط، إطفاء إنارة الشوارع، توقيف 50 % من سيارات الحكومة، تطبيق نظام المركبات الفردي والزوجي على المركبات الخصوصية، قمنا بتخفيض كميات البنزين الموزعة على سيارات السلك الدبلوماسي حتى يشعروا بأننا في أزمة وينقلوا ذلك لدولهم. وبدأنا بتوزيع الكوبونات على المواطنين، لنخفض حجم استهلاك السلع الأساسية من أرز وسكر وحليب.

كنا في مجلس الوزراء المصغّر، نناقش أدق التفاصيل حتى أننا كنا نرصد تأثير خطبة الشيخ علي الفقير، وكنا نستفيد منها سياسيا وتعبويا . . . هذا عدا عن متابعة إعداد الجيش الشعبي ودعوة الاحتياط بلا إعلان، وتابعنا تدريبات الجيش الشعبي، وكذلك الدفاع المدني على الإسعافات الأولية.

أما السفير الأمريكي ” روجرز هاريسون ” فواصل ضغطه علينا بشكل مستمر، حتى أبلغته صراحة أننا لن نغيّر موقفنا جراء أي ضغط أمريكي، وأننا مع الحل السلمي ومع الحل العربي لأزمة العراق والكويت، وموقفنا الشعبي ينسجم مع موقفنا الرسمي. وأبلغت مجلس الوزراء أن الأمريكيين سيستخدمون ورقة المساعدات للضغط علينا في كل مرة. وعندها بدأنا نهيئ أنفسنا لتقديرات تشير إلى أن عمر الأزمة ستطول.

كان أي خطأ يعني الكارثة على مستوانا، لأننا باختصار لا نستطيع أن ننعزل عن العالم والجوار، فروحنا معلقة بالمواد الأساسية التي نستوردها كلها من الخارج. فالنفط والقمح والسكر والأرز، كلها حاجات أساسية لا يمكن التقصير بتأمينها للمواطن، بل يجب أن يكون مخزوننا من هذه السلع وافيا. ( ولكي لا أطيل في الحديث سأنتقل للجزء الهام من الموضوع ).

بقينا تحت الضغط الأمريكي الداعي لتغيير موقفنا، والانضمام إلى التحالف الدولي، حتى أن القائم بالأعمال الأمريكي قال لنا : ” اعلنوا موقفكم ضد العراق . . وبعدها افعلوا ما تشاؤون “. وكان الملك حسين في حيرة شديدة في تلك المرحلة. فهو محاصر من جميع الأطراف، قوى شعبية ونيابية تضغط باتجاه دعم العراق في الحرب، وقوى دولية صاحبة قرار، تضغط باتجاه أن يكون الموقف الرسمي الأردني ضد العراق. لكن كيف تقوم بذلك وأنت تحت ضغط شعبي يغلي، ويريد أن ننتصر في الأردن الرسمي للعراق؟ كنا قد خرجنا للتوّ من أزمة ثقة شعبية بالنظام السياسي ( هبّة نيسان )، واغتمنا الفرصة ليعود الانسجام وتعود الثقة بين طرفي المعادلة السياسية الأساسية.

لقد أخذت على عاتقي هذا الدور، وأعرف كل محاذيره على المدى الطويل، لكني رئيس وزراء ويمكن تحميلي مسؤولية خطأ الموقف الأردني الرسمي وإقالتي من الحكومة، وبعدها يأتي من يغيّر تلك المواقف. صحيح أنني مع أي دولة عربية ضد أمريكا، لكنني أيضا أعرف اين مصالح وطني، وهي وحدها التي تجبرني على تغيير مواقفي، لأن الوطن أكبر مني، وأهم من مواقفي “. انتهى الاقتباس.

* * *

التعليق : هذا هو مضر بدران أحد رجالات الحسين، الذي حمل رتبة لواء وقاد مديرية المخابرات العامة، وتولى العديد من المناصب العليا من بينها وزيرا للتربية والتعليم، رئيسا للديوان الملكي، مستشارا للأمن القومي، والعديد من الوظائف العليا قبل أن يتول منصب رئيس الوزراء في الأردن خمس مرات، كانت آخرها عام 1989 – 1991.

فنذكره اليوم بعد أن غادر الدنيا منذ سنوات، لأنه ترك بصماته الناصعة على صفحات التاريخ الأردني، لتحكي إنجازاته للأجيال اللاحقة، مواقفه الوطنية التي تبعث على الفخر والاعتزاز، والتي يجب أن تذكّر دائما بإنجازاته وسيرته العطرة، والتي من بينها :

إحراق الملفات الأمنية الظالمة لبعض المواطنين الأردنيين، عندما كان مديرا للمخابرات العامة، بعد تنسيق مع رئيس الوزراء الأسبق وصف التل، ثم إنشائه لصوامع الحبوب في الجنوب والوسط والشمال. ويذكر الكثيرون إحداها التي كانت عصية على التفجير، عندما تقرر إعدامها واستبدالها بتخزين احتياطات الأردن من القمح، في شوادر أرضية مفتوحة لعوامل الطبيعة. وفي حزيران عام 1992 أعتزل العمل السياسي بعد أن رفض فكرة المشاركة في المفاوضات مع إسرائيل وجها لوجه.

رحم الله الحسين الذي كان يعرف كيف يختار رجال الدولة الوطنيين، الذين يعرفون كيف يدافعون عن الأردن في أوقات العسرة، ويهتمون بمصالح الأردنيين. ورحم الله رئيسا وزراء الأردن الأسبقين وصفي التل ومضر بدران، اللذين تركا خلفهما إرثا من الأعمال الوطنية، تخلّد ذكراهما لدى الأجيال اللاحقة . . !

التاريخ : 15 / 11 / 2024

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

شتاء الأستاذ.. فهمي عمر فى صورة مُغايرة

لا ينقضي شهر نوفمبر قبل أن يحضر الأستاذ إلى مسقط رأسه؛ ليقيم شهور الشتاء في فيلته الأنيقة ويعقد مجلسه العالي والكريم  فى الساحة الهمامية؛ كما اعتاد كل سنة، ويُحدث وجود فهمي عمر فى «الرئيسية» حراك ثقافي واجتماعي وسياسي فى شمال إقليم قنا الراكد فى باقي فصول السنة. 

في الرئيسية يظهر الأستاذ بشكل مُغاير عما اعتدنا أن نراه عليه في الفضائيات وشاشات التلفزيون والمحافل الرسمية، لصالح الزّي التراثي وهو الجلباب البلدي وفوق العباءة والكوفية الأنيقة، للاحتماء من قسوة الجو الشتوي، يُولد حضور الأستاذ في شهور الشتاء حالة من الدفء عند معيته فى الأجواء الباردة وكأن وجوده يدثرهم.   

في الشتاء الماضي 2023 لاحظ العلاّمة الدكتور أبوالفضل بدران عضو المجمع العلمي المصري وأستاذ النقد الأدبي، خلال زيارته للقرية؛ الحالة التي يُوجدها الأستاذ بحضوره السنوي، فكتب بدران فى يومياته فى صحيفة الأخبار يقول: توجهنا جميعا لصلاة الجمعة في مسجده الملاصق لديوان الهمامية، أشفقتُ على خطيب المسجد المفوّه وهو يلقي الخطبة وبين الحضور فصيح بليغ وهو فهمي عمر.

 عُدنا للديوان أجلسنا بجانبه على الدكك التي تحمل تاريخا مشرّفا بينما يجلس أبناء القبيلة في نظام متوارث؛ كِبار السن أولًا ثم الأصغر فالأصغر ومهما كانت وظيفتك ومركزك المهني فالسنُّ له الأولوية، ولديهم مَن وصل أعلى الرُّتب إذا وقفَ الكبير وقفوا وإذا جلسَ ظلوا واقفين حتى يأذن لهم بالجلوس، يشكو لي من هذه العادة، لكني أقول له: توقير الكبير من الإيمان، لكنه لا يريد أن يتعبهم. 

ويضيف «بدران»:كم أعجبني توقير الصعيد له وهو حقيق بكل تقدير واحترام، فديوانه يجمع ممثلي كل قبائل أهل الصعيد دون تمييز فقد التف الجميع حوله؛ كما يلجأ إليه ذوو الحاجات فلا يرد طالبا؛ ورأيتُ كيف يسأل عن الشباب والصغار الذين التفوا حوله قياما وهو يعلمهم ويثقفهم في حب ومودة، كان ديوان الهمامية عامرا والوقت يمر بسرعة استأذنّا في الانصراف فأقسمَ -فى تواضع الكبار- أن يسير معنا حتى سيارتنا، قِيمٌ وعادات حسنة أتمنى أن يعيها شبابنا وأن يتخذه قدوة في عمله وخلقه.

 

ارتباط بالجذور: 

يرتبط شيخ الإذاعيين بقريته المميزة ومحل ميلاده المُطلة على النيل، الرئيسية ـــ تقع جنوب القاهرة بنحو 600 كيلومتر وتتبع مركز نجع حمادي الواقع شمال محافظة قنا، تتخد القرية طابعًا عمرانيًا مختلفًا إذ تتراص على الشريط النيلي فيلات صغيرة وأنيقة لا تزيد عن طابقين، هذا التميز إضافة إلى توافر الخدمات بالقرية أدي إلي شيوع تسمية شعبية عنها إنها باريس الصعيد!  

يمكن الإلمام بمدي إرتباط «الأستاذ» بمسقط رأسه من خلال مذكراته «نصف قرن مع الميكروفون» التي نشرتها دار الهلال، يقول: على مدى أربع سنوات هي سنوات المرحلة الابتدائية مارست حياة شاقة حتى إنني كنت أتوق إلى ترك الدراسة والبقاء في قريتي مع أترابي، ولكن والدى - يرحمه الله - كان شديد الرغبة في أن يعلمني مهما كانت المشقات فكان يعنفنى بشدة عندما كنت أبدى رغبتي في أن أساعده في زراعته، بل إن الأمر بلغ حداً  جعلني أوقن أنه لا فكاك لى من مواصلة التعليم وكم أنا شاكر الآن لوالدي الذي أدعو له ليل نهار بالرحمة والمثوبة، كانت فرحة غامرة لى ولأسرتي وأبناء عمومتي عندما حصلت على الشهادة الابتدائية سنة 1940 ، وأذكر كيف انطلقت الزغاريد في المنزل عندما جاء الخبر بنجاحي، خاصة أنه كانت هناك مشقة عاتية في وصول خبر حصولى على الشهادة الابتدائية. 

فى مجلس الأستاذ وعندما يروي تغريبته وهو طفل ليدرس فى المرحلة بالمدرسة الابتدائية فى مدينة دشنا بعيدًا عن أسرته فإنه يُوسس لدي حضور مجلسه الذي يجمع كل الأطياف؛ أهمية التعليم ويوضح ضرورة المثابرة والاجتهاد فى تحقيق الأهداف! يُعيد الأستاذ التنبيه على إعمال  الثوابت والقيم فى مجلسه بشكل غير مباشر عبر روايات بسيطة فى ظاهرها ولكن باطنها أعمق ما يكون وهذه هي العبقرية بعينها. 

مقالات مشابهة

  • سياسي عراقي يكشف أسباب الزيارات المكوكية التي تشهدها العاصمة بغداد
  • سياسي عراقي يكشف أسباب الزيارات المكوكية التي تشهدها العاصمة بغداد- عاجل
  • المؤتمر السادس للصحفيين.. محاورات ومناقشات لإصلاح هيكلي للشأن الصحفي
  • رئيس الوزراء يؤكد وقوف العراق مع وحدة الأراضي السورية وعدم التدخل في شأنها الداخلي
  • السوداني يؤكد للحسان عدم تدخل العراق بالشأن السوري الداخلي: نقف مع وحدة أراضيهم
  • مصادر سياسية:بلينكن أبلغ السوداني بحل ميليشيا الحشد الشعبي
  • المالكي:تركيا وراء إسقاط نظام الأسد وما حصل فيها مؤسفاً والحشد الشعبي جاهزاً للدفاع عن النظام السياسي في العراق
  • الحشد الشعبي: ما حدث في سوريا "درس مهم للمنطقة"
  • الحشد الشعبي العراقي: ما حدث في سوريا درس مهم للمنطقة
  • شتاء الأستاذ.. فهمي عمر فى صورة مُغايرة