استراتيجية إماراتية تحقق التوازن بين التنمية والحفاظ على البيئة
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلة جهود إماراتية لتحسين الأمن الغذائي العالمي في COP28 «الداخلية»: مسيرة الإمارات ماضية بثقة برؤية قيادتها الرشيدة مؤتمر الأطراف «COP28» تابع التغطية كاملةتمتلك دولة الإمارات سجلاً حافلاً في الاعتماد على الطاقة النظيفة والمتجددة، حيث باتت سبّاقة في انتهاج أفضل الممارسات العالمية في قطاع الطاقة، جنباً إلى جنب مع آخر التطورات التكنولوجية العالمية، وهو ما عززته بإطلاق استراتيجية الإمارات للطاقة 2050 التي تستهدف مزيجاً من مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة، لضمان تحقيق التوازن بين الاحتياجات الاقتصادية والأهداف البيئية، وخفض الاعتماد على مصادر الوقود الأخرى على مدار العقود الثلاثة المقبلة.
وتسعى دولة الإمارات إلى توسيع مجالات استخدام الطاقة الصديقة للبيئة، معتمدة في ذلك على أحدث الابتكارات الدافعة لمسيرة التنمية المستدامة، وعلى رأسها التحول نحو إنتاج الهيدروجين، سواء من مصادر الطاقة المتجددة، أو من مصادر الوقود الأحفوري الذي يعتبر حالياً الأكثر تنافسية من حيث التكلفة التي تبلغ 1.5 دولار للكيلو جرام.
وتخطط دولة الإمارات لأن تكون ضمن الدول الرائدة في تصدير الهيدروجين بحصة تصل إلى 25% من سوق الهيدروجين العالمي بحلول 2030، الأمر الذي يساهم في تنويع مصادر إنتاج الطاقة النظيفة في العالم، وهو ما ينسجم مع أهداف محور الطريق إلى تحقيق الحياد المناخي ضمن حملة «استدامة وطنية» التي تم إطلاقها مؤخراً تزامناً مع الاستعدادات لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28» الذي يُعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي، حيث تسعى دولة الإمارات إلى تحقيق أهداف الحياد المناخي وبما يتماشى مع التوجهات الوطنية للدولة وخططها الاستراتيجية.
طاقة لا تنضب
يعتبر الهيدروجين مصدراً من مصادر الطاقة الخضراء التي تعزز مسيرة دولة الإمارات في التحول الأخضر، حيث تمتلك الإمارات أول محطة في الشرق الأوسط لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
كما يعتبر الهيدروجين مصدراً متجدداً للطاقة، حيث يشكل نحو 75% من كتلة الكون، وهو أخف من الهواء بمقدار 14 مرة، ولا يسبب انبعاثات كربونية عند احتراقه، حيث ينتج الماء فقط عن عملية احتراقه، ويحتوي كل كيلو جرام من الهيدروجين على الطاقة ذاتها التي يحتويها 2.8 كيلو جرام من البنزين. ويتمثل التحدي الأكبر في عملية تخزين الهيدروجين، التي لا تعتبر عملية سهلة، نظراً لخفة وزنه الفائقة، حيث يتطلب نقله الخضوع للتبريد من أجل تقليص حجمه وتخزينه عند درجة حرارة 253 مئوية تحت الصفر، مما يعني أن عملية تخزينه ونقله مكلفة جداً.
مزايا تنافسية
وتمتلك دولة الإمارات الأسس والمزايا التنافسية التي تجعلها واحدة من أكبر الدول المنتجة للهيدروجين منخفض الكربون والأقل تكلفة على مستوى العالم، حيث تتمتع الدولة بمزايا كبيرة في إنتاج الهيدروجين مثل توافر الطاقة الشمسيّة، وخزّانات الغاز الطبيعي المناسبة للهيدروجين الأزرق، والبنية التحتية القائمة للطاقة، والشراكات التجارية. وينقسم الهيدروجين إلى عدد من الأنواع طبقاً لمدى خلوه من الكربون، ويأتي على رأسها الهيدروجين الأخضر الذي يتم إنتاجه عن طريق التحليل الكهربائي للماء باستخدام مصادر الطاقة المتجددة، مثل الرياح والطاقة الشمسية.
النوع الثاني وهو الهيدروجين الرمادي والذي ينتج من الوقود الأحفوري، ولا سيَّما الغاز الطبيعي أو الفحم اللذين يخضعان لإعادة تشكيل الوقود الأحفوري بالبخار لإطلاق الهيدروجين من جزيئات الهيدروكربون، وهي عملية تؤدي أيضاً إلى إطلاق ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي.
أما الهيدروجين الأزرق فينتج عن تحول الهيدروجين الرمادي إلى هيدروجين أزرق عندما يتم التقاط انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الصادر عن إنتاجه عبر تقنية التقاط الكربون، ما يخفض من تأثيره على البيئة.
استراتيجية متوازنة
ويشكل الهيدروجين الأخضر إحدى ركائز مستقبل مستدام يعتمد على تسريع الانتقال إلى الحياد الكربوني لدعم الاقتصاد الأخضر، حيث يحظى الهيدروجين الأخضر باهتمام عالمي متزايد في الفترة الأخيرة، كونه وقوداً نظيفاً يمكن أن يساند الجهود العالمية المبذولة حالياً لتخفيف الانبعاثات الكربونية العالمية والتي تعد عالية التكلفة، والتعامل مع قضية التغير المناخي والاحتباس الحراري. ومن المتوقع أن يسهم الهيدروجين الأخضر في خفض تكاليف إنتاج الطاقة النظيفة ورفع كفاءة إنتاجها.
وتنتهج دولة الإمارات استراتيجية متوازنة تشمل الهيدروجين الأزرق والأخضر، حيث يعتبر التوسع في إنتاج الهيدروجين الأزرق أكثر سهولة، وبالتالي فهو عنصر مهم لدعم نمو السوق العالمية الناشئة.
ويعتبر الهيدروجين الأزرق حالياً أقل تكلفة وخطوة مهمة نحو تطوير اقتصاد الهيدروجين منخفض الكربون، ومع ذلك يُتوقّع أن تنخفض تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر بمرور الوقت.
إمكانات طبيعية
وتتميز دولة الإمارات بإمكانات طبيعية كبيرة، بالإضافة إلى بنيتها التحتية الحالية وقدراتها الإنتاجية العالية لكلا النوعين، حيث يتم تمكين إنتاج الهيدروجين الأزرق التنافسي في دولة الإمارات من خلال كميات الهيدروكربونات الوفيرة والتنافسية، والمنشآت الحالية لإنتاج الهيدروجين والأمونيا واسعة النطاق، والقدرات الكبيرة لالتقاط وتخزين الكربون على نطاق واسع.
ويقف عدد من العوامل وراء سهولة إنتاج كلا النوعين من الهيدروجين النظيف منخفض الكربون في الإمارات من أهمها توافر البنية التحتية القوية ومنشآت التصدير في دولة الإمارات، بالإضافة إلى موقع الدولة الجغرافي الوسط بين الأسواق الرئيسية، والبيئة المستقرة والصديقة للأعمال.
خطوات سباقة
وأطلقت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» العديد من مبادرات الهيدروجين الأخضر، حيث تتخذ خطوات سباقة للتطوير والاستثمار في مشاريع استراتيجية وبناء منصات قابلة للتوسع والتطوير في الأسواق الرئيسية، ومن شأن ذلك المساهمة في دعم جهود إزالة الكربون العالمية ومساعي دولة الإمارات لتحقيق الحياد المناخي، بالإضافة إلى تطوير صناعة الهيدروجين الأخضر المحلية، بما يحقق قيمة كبيرة لإمارة أبوظبي ويسهم في تنويع الاقتصاد.
وتسعى «مصدر» لإنتاج مليون طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030، حيث تركز الشركة على تلبية الطلب على الهيدروجين الأخضر على المستويين المحلي والعالمي من خلال استهداف القطاعات الرئيسية، والتي تشمل الطيران، والأمونيا، والصلب، والنقل البحري، والطاقة، والتكرير، والنقل الثقيل.
وكانت «مصدر» سباقة نحو الاستثمار في مجال الهيدروجين الأخضر، إذ تعمل الشركة حالياً على قيادة مبادرات نوعية في هذا القطاع الحيوي، ومن ضمنها تأسيس مشروع محطة تجريبية في مدينة مصدر، المدينة المستدامة الرائدة في أبوظبي، لاستكشاف فرص تطوير الهيدروجين الأخضر والوقود المستدام وإنتاج الكيروسين من الكهرباء لأغراض النقل والطيران بالتعاون مع شركاء محليين وعالميين.
خطط طموحة
وضعت دولة الإمارات خططاً طموحة ترسخ من توجهها نحو الطاقة النظيفة، من خلال استهداف الاستحواذ على 25% من سوق وقود الهيدروجين منخفض الكربون بحلول 2030، ولتحقيق هذا الهدف تنفذ الدولة أكثر من 7 مشاريع في مجال الهيدروجين تستهدف بها أسواق التصدير الرئيسية، مثل اليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا والهند، وأسواقاً أخرى في أوروبا وشرق آسيا.
وتشمل المشاريع: منشأة عالمية المستوى لإنتاج الأمونيا منخفضة الكربون بسعة إنتاجية تصل إلى مليون طن متري سنوياً ضمن منظومة «تعزيز» الصناعية المتكاملة الجديدة، ومشروع الهيدروجين الأخضر ضمن مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، وهو أول منشأة لإنتاج الطاقة الشمسية الكهروضوئية والهيدروجين الأخضر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومدينة خليفة الصناعية، ومشروع الأمونيا الخضراء لشركة طاقة وموانئ أبوظبي.
فرص نمو
وتعمل شركة «أدنوك»، على تنفيذ العديد من المشاريع والمبادرات التي تستهدف الاستفادة من الفرص التي يوفرها الهيدروجين، وتنتج أدنوك اليوم أكثر من 300 ألف طن سنوياً من الهيدروجين في منشآت التكرير والبتروكيماويات التابعة لها، وتستخدم هذه الكميات بشكل أساسي لأغراض صناعية، كما تعمل أدنوك حالياً على تنفيذ خطط لزيادة إنتاجها من الهيدروجين إلى 500 ألف طن سنوياً، في الوقت الذي تستكشف فيه العديد من فرص النمو الجديدة في مجال الهيدروجين.
تطور متسارع
ويعتبر مشروع الهيدروجين الأخضر الذي نفذته هيئة كهرباء ومياه دبي بالتعاون مع «إكسبو 2020 دبي»، وشركة سيمنس للطاقة في مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، مشروعاً أساسياً في دعم مساعي دولة الإمارات لتحقيق تنافسية عالمية في سوق الهيدروجين الأخضر الذي يشهد تطوراً متسارعاً وتقدماً مطرداً، حيث تشير الدراسات إلى أن إنتاج الهيدروجين الأخضر سيرتفع بنسبة 57% سنوياً ليصل إلى 5.7 مليون طن في 2030، يتوقع أن يبلغ حجمه السوقي لأكثر من 400 مليار دولار.
ويسهم مشروع الهيدروجين الأخضر في تحقيق أسعار تنافسية في إنتاج الهيدروجين الأخضر.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الطاقة الطاقة النظيفة البيئة إكسبو دبي الإمارات الطاقة المتجددة
إقرأ أيضاً:
الترجمة.. جسور إماراتية بين الثقافات
هزاع أبو الريش
تلعب المؤسسات الثقافية في الإمارات دوراً لافتاً في دعم حراك الترجمة، إذ تعد ركيزة أساسية من ركائز نهضة الأمم، وتحضر الإمارات في هذا المجال حضوراً بارزاً عبر العديد من المبادرات والمشاريع، وهو ما يصنع جسوراً مضيئة وفاعلة بين الثقافات.
وهو ما تؤكد عليه الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان، رئيس مجلس إدارة مؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافية والتعليمية، والباحثة في الأمن الاجتماعي والثقافي، بقولها، إن صناعة الترجمة تعد رافداً أساسياً للحركة الثقافية والفكرية في أي مجتمع، وذلك لما لها من دور محوري في نقل الأفكار والمعارف بين الشعوب وتوسيع أفق التفاهم الحضاري، وأصبحت جزءاً من القوة الناعمة للدول التي تزيد من رقعة حضورها العالمي. ففي الماضي، لعبت الترجمات العربية لأعمال الفلاسفة والعلماء اليونانيين، مثل ترجمة ابن رشد لفلسفة أرسطو، دوراً كبيراً في إرساء أسس الفكر الغربي الحديث، حيث كانت تلك الترجمات نافذة أثرت في تطور الحضارة الغربية في مختلف المجالات الإنسانية. مضيفة: ومن هذا المنطلق، تعتبر الترجمة ركناً أساسياً في بنية المجتمع الثقافية والمعرفية، فهي لا تقتصر فقط على نقل الأفكار من اللغات الأخرى إلى لغتنا، بل تشمل كذلك ترجمة الفكر والأدب المحلي إلى لغات العالم، لتعريف الثقافات الأخرى بنتاجاتنا الفكرية والأدبية، ويتطلب تحقيق هذا الهدف مؤسسات ثقافية قوية تقدم الدعم والمساندة لحركة الترجمة بكل أركانها.
وتابعت الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان: «في الإمارات، تشهد حركة الترجمة نمواً ملحوظاً بفضل الدعم المؤسسي الذي توفره الدولة، فقد أطلقت مبادرات وطنية لدعم الترجمة، من أبرزها «مشروع كلمة للترجمة» التابع لدائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، كما يتم العمل على ترجمة الأدب الإماراتي إلى لغات متعددة لنشر الثقافة الإماراتية عالمياً. ويعتبر هذا الجهد جزءاً من استراتيجية ثقافية تقوم على بناء مؤسسات منفتحة على الثقافات العالمية، قادرة على دعم الترجمة كمحور رئيسي لتعزيز التبادل الثقافي والمعرفي بين الإمارات والعالم، وهذا ما جعلنا نقوم في مؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان بدورنا كمؤسسة ثقافية وطنية في دعم حركة الترجمة من ترجمة أعمال كثيرة من لغتنا إلى لغات أخرى، ومناقشة الأعمال المترجمة ضمن أنشطة مجلس الفكر والمعرفة، دعماً لرؤية الترجمة، وتماشياً مع التوجهات الثقافية التي تصب في عمق التواصل، وتجعلنا قريبين من الآخر».
الترجمة والتنمية
وحول دور المؤسسات الثقافية في دعم حراك صناعة الترجمة محلياً، يقول عبد الله ماجد آل علي، مدير عام الأرشيف والمكتبة الوطنية: «أرى الترجمة والتنمية فعلين متلازمين، فالترجمة تؤدي إلى التنمية والتطوير وهي غاية الإنسان، كما أنها عامل أساسي من عوامل النهوض الحضاري، وهي إحدى الوسائل المهمة في تحقيق التنمية الشاملة، إذ تلعب دوراً مهماً في نقل المعارف ونتاج الفكر العلمي والأدبي والثقافي بين الحضارات وفي بناء واقع فكري من شأنه التغيير المستمر نحو الأفضل».
ويضيف آل علي: «إيماناً من الأرشيف والمكتبة الوطنية بالدور الذي تؤديه الترجمة على صعيد التنمية والتطوير، كان مؤتمر الترجمة الدولي الذي ستنعقد نسخته الخامسة في أبريل 2025، وأملنا كبير بأن يواصل دوره محلياً وعربياً وعالمياً، لما له من أثر علمي وفكري وثقافي على الأوساط الثقافية الأكاديمية والمهنية التي تُعنى بشؤون الترجمة، ولما أسفر عنه من دراسات وبحوث جادة سلطت الضوء على الترجمة، قديمها. وستظل الترجمة هي الأبرز والأسمى في مدّ جسور الحوار الحضاري ونشر ثقافة التسامح بين الشعوب والأمم، وستظل دولة الإمارات العربية المتحدة في ظل قيادتها الرشيدة تطلق المبادرات الرائدة وتدعمها في كافة المجالات العلمية والأكاديمية والثقافية، ومن بينها دعم حركة الترجمة. ولما كان الأرشيف والمكتبة الوطنية حريصاً على أن يكون صرحاً علمياً ومنبراً للبحث، تتوافد إليه قوافل طلاب المعرفة ومبدعو الفنون ورواد الآداب والمثقفين، فإننا أولينا حركة الترجمة اهتمامنا، وسعينا من أجل توظيف التقنيات الحديثة ما يجعلها مصدراً أساسياً من مصادر التجديد العلمي والثقافي، وستظل الترجمة همزة الوصل بين المجتمعات على اختلاف مواقعها على مؤشرات التقدم والمعاصرة، وستبقى البوابة التي تعبر منها العلوم والتقنيات الحديثة».
ويختتم آل علي بقوله: «الأرشيف والمكتبة الوطنية وهو يدرك تماماً أن الترجمة رافد من روافد الفكر الإنساني العابر للثقافات والحدود، ورسالة مثاقفة وحوار بين الحضارات والثقافات، فإن إسهاماته تشكل حلقة مهمة وجوهرة نفيسة في العقد الذي تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة بمؤسساتها الثقافية أن تبرزه للعالم، حاملاً صورتنا الحضارية والثقافية التي نفخر بها جميعاً».
منصة عالمية
من جانبه يقول الدكتور سيف الجابري، رئيس مجلس إدارة اتحاد الأكاديميين والعلماء العرب، إن المؤسسات الثقافية تعد ركناً وثيقاً من أركان صناعة الترجمة التي أضحت منبراً ومنصة عالمية يقتدى بها في علوم الترجمة بأنواعها المختلفة كون دولة الإمارات العربية المتحدة تعتبر من أكثر الدول في العالم التي تعيش فيها جنسيات متعددة بلغاتها المتنوعة والمختلفة، مما أسهم ذلك في انتشار الترجمة بين المؤسسات حسب احتياجاتها من لوازم اللغات، ومن هنا يظهر الدعم المؤسسي للترجمة كصناعة رابحة تسهم في الناتج العام لدخل الدولة ومؤسساتها وأفرادها.
ويؤكد الجابري: «تلك الإنتاجات من الترجمات جعلتنا ذات قوة منافسة للخارج، وما هذه المعارض والمؤتمرات والندوات والمحاضرات الخاصة والمعنية بالترجمة، إلا جزء من هذا النسيج الفلسفي العميق، والحراك الثقافي الكبير المنغمس في صميم صناعة الترجمة».
ويتحدث محمد نور الدين، كاتب وناشر، مؤسس دار نبطي للنشر والتوزيع، قائلاً: إن هناك العديد من الإسهامات من القطاع العام في مجال الترجمة والتي تعتبر إضافة نوعية، ومميزة في الوقت نفسه، فترجمة الأدب المحلي والتاريخ الإماراتي إلى اللغات الأخرى يتيح الوصول إلى الآخر، وهو ذكاء ونهج حضاري يوصلك للآخر ليدرك مدى مكانتك وإبداعك وما لديك من فكر وثقافة وتاريخ. ومن هنا نلاحظ احترافية المؤسسات الثقافية المحلية في تبني مسألة الترجمة، والمضي بها قُدماً من خلال الندوات والمحاضرات والمؤتمرات وجذب كبار المترجمين للاستفادة من خبرتهم وتجاربهم، وهذا ما جعلنا اليوم نتميز في مجال الترجمة. لافتاً، إلى دور صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، في تبني عدد من الإصدارات والمؤلفات المحلية لترجمتها بعدة لغات، والمشاركة من خلالها في المعارض الدولية، وهذا ما يجعلنا نتيقن بأهمية الترجمة، ودورها، ومكانتها القيّمة والمُثلى في تسهيل عملية الوصول إلى الآخر.