رصد مصدر طبي إصابات بالكوليرا بين الفارين من الهلالية شرق ولاية الجزيرة  التي يقول ناشطون إن قوات الدعم السريع حاصرتها ونهبتها مجبرةً البعض على الاعتماد على بئر مياه ملوثة. وتحدثت الأمم المتحدة عما يشتبه تفشيا للكوليرا بشرق ولاية الجزيرة.

التغيير ــ وكالات

و قال مصدر طبي بحسب “رويترز” اليوم الجمعة 15 نوفمبر إن عشرات السكان الهاربين من مدينة الهلالية المحاصرة في ولاية الجزيرة السودانية ثبتت إصابتهم بالكوليرا، في تطور يوفر تفسيرا محتملا للوفيات المبلغ عنها للمئات هناك.

وفي حين يقول نشطاء محليون إن أكثر من 300 شخص لقوا حتفهم قدمت مجموعة من سكان الهلالية في الشتات لـ “رويترز” قائمة بأكثر من 400 حالة وفاة، وهو رقم يقولون إنه يتزايد كل ساعة.

المدينة المحاصرة

وتحاصر قوات الدعم السريع المدينة -التي تعد موطنا لعشرات الآلاف من السكان المحليين والنازحين- منذ 29 أكتوبر ضمن حملة هجمات في شرق ولاية الجزيرة ثأرا لانشقاق أحد كبار قادة القوة شبه العسكرية وانضمامه للجيش.

وقتل ما لا يقل عن 15 شخصا خلال هجوم قوات الدعم السريع الذي أدى لبدء الحصار، وفقا لنشطاء. ومع ورود تقارير عن وفيات جماعية، انتشرت شائعات حول سبب الوفيات وحول إنْ كان جنود قوات الدعم السريع سمموا الناس عمدا. لكن المصدر الطبي قال إن عددا متزايدا من الأشخاص الفارين من المدينة ثبتت إصابتهم بالكوليرا.

وذكر مسعفون آخرون من المدينة لـ “رويترز” أنه بعد أن طرد الجنود الناس من منازلهم -وسرقوا الأموال والسيارات والمواشي- لجأ معظم السكان إلى ساحات ثلاثة مساجد.

واستولى الجنود أيضا على الألواح الشمسية والأسلاك الكهربائية المستخدمة لاستخراج المياه الجوفية، مما أجبر بعض السكان، على الأقل، على الاعتماد على بئر تقليدية ضحلة لم تُستخدم منذ عقود وربما اختلطت مياهها بمياه الصرف الصحي، وفقا لمسعفين وشاهد.

وطلب المسعفون والشهود عدم الكشف عن هوياتهم خشية التعرض للانتقام من أي من طرفي الصراع. وقالت الأمم المتحدة في وقت سابق من هذا الأسبوع إن هناك تفشيا مشتبها به للكوليرا بين الفارين من شرق ولاية الجزيرة، وهو واحد من بين عدد من بؤر التفشي في أنحاء البلاد، لكنها لم تذكر مدينة الهلالية تحديدا.

آلام في المعدة وإسهال وقيء

وقالت غرفة طوارئ شرق النيل إن الأطباء في مستشفى أم ضوابان استقبلوا ما لا يقل عن 200 حالة كوليرا من المنطقة.

ووسط عدم وضوح السبب الدقيق بدأ العشرات في الهلالية يصابون بآلام في المعدة وإسهال وقيء. وقال أحد الأطباء إن الجنود نهبوا مستشفيات المدينة وعياداتها وصيدلياتها، لذلك لم يتمكن سوى عدد قليل من الناس من الحصول على المضادات الحيوية والتعافي.

وبدأ الباقون الذين لم يتمكنوا من الحصول على الدواء يموتون. وقال شهود وصلوا إلى مدينة شندي التي يسيطر عليها الجيش إن أولئك الذين أرادوا المغادرة دفعوا لجنود قوات الدعم السريع مبالغ ضخمة لنقلهم خارج الولاية. وبقي الآلاف. وقال رجل يبلغ من العمر 70 عاما “نجونا بأعجوبة من الموت لأن عددا من حولنا ماتوا بسبب المرض”.

ودمرت الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع البنية التحتية للسودان وأدت لانتشار الأمراض، مما أدى إلى أكبر أزمة جوع ونزوح في العالم.

عداد الوفيات

و في تقرير جديد أصدره باحثون في بريطانيا والسودان أظهر أن التقديرات تشير إلى أن أكثر من 61 ألفا قتلوا في ولاية الخرطوم خلال أول 14 شهرا من الحرب في السودان مع وجود أدلة تشير إلى أن العدد الكلي أعلى بكثير مما سجل من قبل. وشملت التقديرات سقوط نحو 26 ألفا قتلى بجروح خطرة أصيبوا بها بسبب العنف وهو رقم أعلى من الذي تذكره الأمم المتحدة حاليا للحصيلة في البلاد بأكملها.

وتشير مسودة الدراسة التي صدرت عن مجموعة أبحاث السودان في كلية لندن للحفاظ على الصحة وطب المناطق الحارة الأربعاء أول من أمس قبل مراجعة من زملاء التخصص، إلى أن التضور جوعا والإصابة بالأمراض أصبحا من الأسباب الرئيسية للوفيات التي يتم الإبلاغ عنها في أنحاء السودان.

وقال الباحثون إن تقديرات أعداد الوفيات الناجمة عن كل الأسباب في ولاية الخرطوم أعلى بنسبة 50 بالمئة عن المتوسط المسجل على مستوى البلاد قبل بدء الحرب التي نشبت بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل  2023.

الوسومالجزيرة الدعم السريع الكوليرا الهلالية وقيات غامضة

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجزيرة الدعم السريع الكوليرا الهلالية

إقرأ أيضاً:

القتل خارج نطاق القانون في حرب السودان (أحداث ولاية الجزيرة)

بقلم : محمد بدوي

ما تناقلته الوسائط الإجتماعية من مقاطع فيديو من حالات القتل خارج نطاق القضاء بولاية الجزيرة عقب إعادة الجيش السيطرة عليها بعد ما تجاوز العام بشهر منذ إنسحابه من عاصمتها ود مدني ، مثلت حلقة في سلسلة من المجازر والتي لم تشهد أي محاسبة أو إنصاف للضحايا على امتداد السجل التاريخي للدولة السودانية منذ اعلان الاستقلال.
هذه الانتهاكات ليست جديدة لكن السياق الزمني جعل الاحداث تاني عقب الثورة الرقمية، حيث وثق مرتكبوا الانتهاكات من جميع الاطراف لافعالهم، لياتي التوثيق كمرحلة اولي من مراحل الفضح لمرتكبي الانتهاكات وترسيخ للسجل المستقبلي لذاكرة الانتهاكات والانصاف حيث أبرز التطور الحقوقي الاختصاص العالمي لبعض الجرائم بما يمكن من القبض ومحاكمة المنتهكين في حال تواجدهم في الدول التي تتبني ذاك الاختصاص والذي يهدف للحد من الأفلات من العقاب والتجريم المطلق .

القتل خارج نطاق القضاء وأشكال مختلفة من الانتهاكات الاخري والتي ظلت تتكرر بشكل وحشي ومتصاعد ومرتبطا بسيطرة طرفي حرب السودان على المدن/ الحضر .

بين ود مدني بالجزيرة والجنينة بغرب دارفور يتكشف هذا النسق من الانتهاكات في مواجهة المدنيين لأسباب عرقية تدفع بالعقاب الجماعي نحوهم وليس توجيه البندقية نحو الطرف الآخر في الحرب، لذا فإن السيطرة أو إعادتها لا يمكن أن تصبح انتصارا ولو مجازا في حال اقترانها بالانتهاكات ضد المدنيين، لأن الجيوش وحركات الكفاح المسلحة يرتبط تعويضها الأساسي بحماية الانسان أو النضال من اجله، وأن من يقترب ذلك يندرج تحت طبيعة المليشيات والمرتزقة.

يمثل القتل خارج نطاق القضاء جريمة في القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الانسان، وحسنا ان أصدر الجيش بيانا حمل ما اختلف فيه من حيث المحتوي بأن ما تم من انتهاكات بالجزيرة عقب إعادة سيطرته عليها تم من قبل أفراد، ياتي اختلافي بان الجيوش من قادتها الي الرتب الدنيا لا يمكنهم الدفع بعدم المعرفة باتفاقيات جنيف لسنة ١٩٤٩ التي تفرض حماية على الجرحي والاسري والمدنين في تقليل لوحشية الحرب، وتسويرها باخلاق تعرف باخلاق الحروب، بيان الجيش ينتظر خطوة لاحقة هي التحقيق والمحاسبة وعلاج الجرحي وغيرها من الحقوق المرتبطة أو الناتجة من الانتهاكات، فدون ذلك يصعب عودة المدنيين إلي مساكنهم .

جاء القتل بالجزيرة واستهدف بشكل منهج في منطقة طيبة تحت ذريعة التعاون مع الدعم السريع، هذا يقود لعدة أسئلة على من يقع واجب حماية المدنيين بالجزيرة ابتداء؟ الأمر الثاني هل ذهب المدنيين إلي مناطق القتال ام انتقل الي داخل المساكن والاعيان المدنية؟ الأمر الثالث هل تعاون الجميع مع الدعم السريع ممن طالهم الموت اختيارا ام اجبارا؟ هل سجل طرفي الحرب منذ أن بدأت برز فيه ما ينم عن احترام القانون الدولي الإنساني؟ السؤال الرابع ما جدوي المحاكمات التي تشهدها محاكم عديدة للفصل في تهم لا تختلف خلفياتها عن الاتهام بالتعاون أو الانتماء للدعم السريع ؟.
القتل خارج نطاق القضاء يمثل احدي الجرائم ظلت تاريخيا تلاحق مرتكبيها والقادة الذين يشرفون عليهم مباشرة في حال عدم قيامهم بالمحاسبة، اما تهمة الموالاة لاحد أطراف الحرب لا يمكن أن تنطبق في حال تحول الحرب الي داخل الاعيان المدنية لانه حينها تنعدم إرادة المدنيين تماما،بل انها حالة تتشدد فيها الحماية للدرجة التي تشمل تهم القانون الدولي الإنساني المدنيين الذين يستغلون ظرف غباب/ تراجع الحماية في ارتكاب انتهاكات في حق المدنيين، ونلاخظ هنا ان الافعال تتحول من جرا؛م إلي انتهاكات، اي تحول في الاختصاص والتوصيف .

ظل نسق القتل خارج نطاق القضاء في السجل السوداني مرتبط بالحروب السياسية، سواء لدوافع سياسية تحت غطاء العرق، الاجبار على التهجير للاستيلاء على الارض،غياب المحاسبة على الدوام هو ما يحفزها نحو الانزلاق العرقي قد تتحول إلي التطهير العرقي كتطور لاحق، بالمقابل فإن حالات الانتقام تظل في ذاكرة الناجيين وذوي الضحايا في ظل استمرار غياب المحاسبة .

اخيرا: الكنابي مثلت نتاج لظروف اقتصادية وأمنية ارتبطت بالنزوح نتيجة للحروب السياسية، والنزوح نتيجة لاختلال السياسات الاقتصادية، بما شمل معالجة آثار الظروف الطبيعية مثل الفجوات الغذائية، بينما يظل إهمال العدالة الاجتماعية تاريخيا أحد عوامل بقاءئها ككنابي على مستوي الذاكرة .

badawi0050@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • القتل خارج نطاق القانون في حرب السودان (أحداث ولاية الجزيرة)
  • الجيش السوداني يرفض اتهامات بقتل مدنيين في ولاية الجزيرة ويؤكد ضرورة محاسبة المتورطين
  • مدني عباس: تجربة الدعم السريع مع ولاية الجزيرة كانت تجربة مريرة
  • القتل خارج نطاق القانون في حرب السودان «أحداث ولاية الجزيرة»
  • هل اقترب الجيش السوادني من السيطرة على الخرطوم وهزيمة الدعم السريع؟
  • احتفالات بسيطرة الجيش السوداني على مدينة ود مدني الاستراتيجية ومعقل قوات الدعم السريع
  • بعد السيطرة على ود مدني.. الجيش السودان ينتشر جنوب ولاية الجزيرة |تفاصيل
  • للمرة الثانية توالياً.. مسيّرات الدعم السريع تتسبب في أعطال وإظلام بسد مروي 
  • عاجل: الدعم السريع يلغي مؤتمراً صحفياً بالعاصمة الكينية نيروبي اليوم دون توضيح أسباب
  • ود مدني… سيناريوهات متطابقة في الحرب السودانية .. تبادل السيطرة على المدينة… ودور محوري لقوات «درع السودان»