الأحوال الشخصية: صراع ايديولوجي تحت قبة البرلمان.. وتأثيرات خارجية في الأفق
تاريخ النشر: 15th, November 2024 GMT
15 نوفمبر، 2024
بغداد/المسلة: في أروقة البرلمان العراقي، تتردد أصداء مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لعام 1959. هذا القانون الذي وُصف عند صدوره بأنه “ثورة قانونية” يهدف إلى تنظيم شؤون الأسرة تحت مظلة الدولة، بات اليوم محط نزاع بين رؤى متباينة تُحكمها الخلفيات السياسية والمذهبية.
وقالت تحليلات إن القوى الشيعية المحافظة التي تضغط لتمرير التعديلات تسعى لجعل القانون متوافقاً مع الشريعة الإسلامية من خلال تضمين “مدونات فقهية” يكتبها الوقفان السني والشيعي.
وتحدثت مصادر برلمانية عن وجود تحالف قوي يضم 188 نائباً يعارضون التعديلات المقترحة. هؤلاء يرون أن القانون النافذ يمثل ضمانة للمواطنة المتساوية وحماية لحقوق المرأة والطفل من التمييز الطائفي.
في هذا السياق، قال مصدر إن النقاشات داخل البرلمان تحولت إلى “ساحة حرب أيديولوجية”، حيث يستخدم كل طرف أدواته للتأثير، من الضغوط السياسية إلى البيانات الجماهيرية.
في مؤتمر عقد في بغداد مؤخراً، أطلقت منظمات حقوقية وناشطات نسويات حملة رفض واسعة للتعديلات، مشيرات إلى أن “التعديلات المقترحة تأتي بخلفيات مذهبية تضر بوحدة الأسرة العراقية”. وذكرت إحدى الناشطات في كلمتها أن “الدولة يجب أن تبقى الناظمة الوحيدة لشؤون الأسرة، وأن أي محاولة لإضعاف هذه الولاية ستؤدي إلى تفتت اجتماعي”.
في المقابل، ترى القوى المؤيدة للتعديلات أنها “تصحيح لمسار قانون يناقض الشريعة”، وفق ما جاء في تصريحات بعض النواب. وقال ناشط في تغريدة عبر منصة “إكس”، إن “إقرار التعديلات ضرورة لإعادة الاعتبار للمبادئ الإسلامية في التشريعات العراقية”.
من جهة أخرى، أثار رئيس البرلمان الجديد، محمود المشهداني، جدلاً إضافياً حين انتقد النواب الذين قدموا مشروع التعديل، مشيراً إلى “قلة خبرتهم” لعدم تضمين المدونات الفقهية مع نص التعديل. وقال إن “هذه الطريقة تُضعف جدية المشروع، وتفتح الباب أمام طعون قانونية”. وأفادت تحليلات بأن هذا التصريح يعكس توجهاً سياسياً محابياً لقوى الإطار التنسيقي التي دفعت به إلى رئاسة البرلمان.
ووفق معلومات، فإن تمرير القانون يواجه عقبات كبيرة، رغم الدعم الذي تحظى به التعديلات من قوى مؤثرة في البرلمان. وقال تحليل سياسي إن “العراق يعيش حالة انقسام عميق، حيث يُنظر إلى هذا القانون كاختبار جديد لمدى قدرة الدولة على تجاوز الصراعات المذهبية”.
التوقعات تشير إلى أن مصير التعديلات سيُحسم على الأرجح في الشارع قبل قاعة البرلمان. وذكرت مصادر مطلعة أن قوى مدنية تخطط لتنظيم تظاهرات، في حين تسعى القوى الدينية إلى حشد دعم شعبي من خلال خطاب ديني مؤثر.
وفيما تحاول المنظمات الحقوقية تدويل القضية، أشار مركز “ويلسون” الأميركي إلى أن “المجتمع الدولي يجب أن يضغط على الحكومة العراقية لإلغاء التعديل المقترح”. لكن هذا الموقف قد يُثير ردود فعل معاكسة من القوى السياسية العراقية التي ترفض أي تدخل خارجي.
في تدوينة أثارت جدلاً، كتب الباحث الاجتماعي أحمد سعيد: “الصراع على قانون الأحوال الشخصية ليس صراعاً بين الدولة والدين فقط، بل هو صراع حول من يملك السلطة لتنظيم شؤون الأسرة. عندما صدر القانون في 1959، واجه معارضة لأنه مثّل تدخل الدولة في مجال اعتادت المؤسسات المجتمعية والدينية احتكاره”.
ومع استمرار هذا الجدل، يبدو أن العراق أمام مفترق طرق جديد. هل ستتمكن القوى المدنية من حماية مكتسبات قانون الأحوال الشخصية؟ أم أن التعديلات ستفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التنازع الطائفي والقانوني؟
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: الأحوال الشخصیة
إقرأ أيضاً:
البرلمان الفنلندي يصوت على قانون يقيد أستخدام الهواتف الذكية في المدارس
أبريل 29, 2025آخر تحديث: أبريل 29, 2025
المستقلة/- صوّت البرلمان الفنلندي يوم الثلاثاء على قانون يُقيّد استخدام التلاميذ للأجهزة المحمولة في المدارس الابتدائية والثانوية.
من المتوقع أن تدخل القواعد الجديدة حيز التنفيذ بعد انتهاء العطلة الصيفية في أغسطس.
لا يحظر القانون استخدام الهواتف المحمولة في المدارس حظرًا تامًا، وسيُسمح باستخدامها في حالات مُحددة. ولكن بشكل عام، سيُحظر استخدام الهواتف أثناء الحصص الدراسية.
سيحتاج التلاميذ إلى الحصول على إذن خاص من المعلمين لاستخدام هواتفهم، لمساعدتهم في الدراسة، أو للاهتمام بأمورهم الصحية الشخصية، على سبيل المثال.
كما يمنح القانون الجديد موظفي المدرسة سلطة مصادرة الأجهزة المحمولة من التلاميذ إذا تسببت في تعطيل العملية التعليمية أو التعلمية.
في أواخر العام الماضي، أكد وزير التعليم أندرس أدليركروتز (SPP) أن المهارات الرقمية للأطفال ستظل مدعومة على الرغم من القيود المفروضة على استخدام الهواتف.