بوابة الوفد:
2025-01-15@18:35:25 GMT

نسخة أكثر وحشية من «خطة الجنرالات»

تاريخ النشر: 15th, November 2024 GMT

إسرائيل تنفذ تطهيرا عرقيا فى شمال غزة، وتخدع العالم بشأن أهدافها الحقيقية فى المنطقة المحاصرة. وقد أدلى بهذا الاعتراف العميد إيتسيك كوهين، وهو ضابط كبير فى جيش الدفاع الإسرائيلي. وتباهى بأن القوات الإسرائيلية تقترب من «الإخلاء الكامل» لجباليا وبيت حانون وبيت لاهيا - المدن الثلاث الواقعة فى أقصى شمال غزة، والتى تعرضت لقصف إسرائيلى مكثف منذ أوائل أكتوبر.

ليست هناك نية للسماح لسكان شمال قطاع غزة بالعودة إلى منازلهم. 
ما نراه يحدث على الأرض فى شمال غزة هو بالضبط كما وصفه كوهين: عشرات الآلاف من المدنيين يجبرون على مغادرة منازلهم وملاجئهم ومستشفياتهم ، يومًا بعد يوم، بسبب الغارات الجوية، ونيران المدفعية، وطائرات بدون طيار رباعية المراوح، أو الكتائب المسلحة التى تصل إلى أبوابهم. ويعانى السكان المتبقون من المجاعة؛ ويضطر بعضهم إلى البقاء على قيد الحياة على الملح والماء فقط. وفى ظل عدم وصول أى طعام إلى المناطق المحاصرة لأكثر من شهر.
تزعم إسرائيل أن عمليتها الحالية فى شمال غزة ــ التى تشبه نسخة أكثر وحشية من «خطة الجنرالات» سيئة السمعة الآن ــ أطلقت لقمع محاولات حماس إعادة ترسيخ موطئ قدم لها فى المنطقة.
ويبدو أن هذه الرغبة تزداد قوة يوما بعد يوم بين شريحة متنامية من اليمين الإسرائيلى الذين يرون فى هذه اللحظة لحظة الخلاص. فمع تطهير شمال غزة من سكانها الفلسطينيين، سوف يتمكن المستوطنون الإسرائيليون ـ بمن فى ذلك المهندسون الخفيون لخطة الجنرالات ـ من تحقيق ما كانوا يحلمون به منذ «فك الارتباط» الإسرائيلى بالأرض المحتلة فى عام 2005، والذى ظلوا يصرخون من أجله منذ الأيام الأولى للحرب الحالية: إعادة إنشاء المستوطنات اليهودية فى الأراضى المحتلة. والواقع أن الخطط جاهزة بالفعل .
لا شك أن هذه ليست السياسة الإسرائيلية الرسمية ــ على الأقل حتى الآن. ولكن التصريحات التى أدلى بها كوهين تقدم بلا أدنى شك مؤشرات قوية على أن هذا هو الاتجاه الذى نسير إليه. وجاء مؤشر آخر فى هيئة دعوة وزيرين إضافيين من أقصى اليمين للانضمام إلى مجلس الوزراء الأمنى الإسرائيلى فى بداية هذا الأسبوع: أوريت ستروك ، وزيرة المستوطنات والبعثات الوطنية، وإسحاق فاسرلاوف، وزير تنمية المناطق النائية والنقب والجليل. وإذا كنت تبحث عن أعضاء الكنيست الأكثر قدرة على تقديم المشورة بشأن الاستيطان فى غزة، فإن هذين المرشحين هما الخيار الأمثل لك.
وبينما تواصل إسرائيل استعداداتها لتحويل هذا إلى حقيقة، ربما تكون القطعة الأخيرة من اللغز قد سقطت للتو فى مكانها. إن عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، الذى اتسمت ولايته السابقة بالتخلى عن مواقف الإجماع الأمريكية والدولية الراسخة بشأن إسرائيل وفلسطين، تضع الدعم الأمريكى لضم إسرائيل لشمال غزة على الطاولة بقوة..
على مدى أكثر من عام، فشلت الضغوط الدولية فى وضع حد للهجوم الإسرائيلى المجنون على غزة، والذى وصفه العديد من الخبراء بأنه إبادة جماعية. والمحاكم الدولية غير قادرة على مواكبة المذبحة على الأرض، فى حين أدت سلسلة من التهديدات الفارغة من واشنطن إلى زيادة جرأة الحكومة اليمينية المتطرفة فى إسرائيل وقاعدتها. الأمر متروك الأن لبقية المجتمع الدولى لممارسة ضغوط حقيقية ضد إسرائيل فى شكل حظر الأسلحة والعقوبات.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي د مصطفى محمود شمال غزة غزة شمال غزة

إقرأ أيضاً:

ماذا يحدث في السودان؟

بعد نحو عامين من اشتعال نيرانها، طفت الحرب في السودان مؤخراً على سطح وسائل الإعلام الغربية فجأة. في بريطانيا، صحيفة «التايمز» وصفتها بالحرب المنسية. يا إلهي!

الآن، بعد «خراب مالطا»، وأكثر من 150 ألف قتيل وفق إحصاءات منظمات الإغاثة الدولية، وملايين المشردين والنازحين واللاجئين، والتهديد بحدوث مجاعة تشبه تلك التي حدثت في إثيوبيا خلال النصف الأول من الثمانينات من القرن الماضي؛ تذكرت وسائل الإعلام الغربية الحرب المهلكة في السودان. وبدأت تحذّر من مغبّة مصير الموت جوعاً الذي أكدت أنه ينتظر الباقين من السودانيين، ممن لم يُقتلوا بعد، أو يشردوا، أو يصيروا لاجئين في بلدان كثيرة.

ليس من الإنصاف وصف الحرب في السودان بالأهلية، كما دأب البعض من المعلقين على ذلك. الوصفُ الأصحُّ لها، أنّها حرب جنرالات على السلطة والنفوذ. هم الجنرالات أنفسهم الذين قبل أشهر قليلة من اختلافهم، اتفقوا على ضرب التجربة الديمقراطية، والقضاء على الحكم المدني، بتدبير انقلاب عسكري. وهم الجنرالات أنفسهم الذين كانوا يصدرون الأوامر لجنودهم بإطلاق النيران على المتظاهرين من الشباب السوداني من الجنسين، ممن كانوا يجوبون شوارع الخرطوم وغيرها من مدن السودان، يطالبون بعودة العسكر إلى ثكناتهم، وبعودة الحكم المدني. وهم الجنرالات أنفسهم الذين فتحوا الأبواب على مصارعها أمام قوى أجنبية كي تدخل السودان، وتحوّل الحرب إلى حرب بالوكالة، يقومون بها نيابة عن دول كثيرة أخرى. وهم الجنرالات أنفسهم الذين سيقودون السودان إلى هاوية التقسيم والتفتت.

في ردّها على بيانات منظمات الإغاثة الدولية بسوء الأوضاع في السودان ومؤشرات حدوث مجاعة غير مسبوقة، أصدرت إدارة الرئيس الأميركي بايدن مؤخراً قراراً بمنع قائد «قوات الدعم السريع» وأفراد أسرته الأقربين من دخول الولايات المتحدة، بعد تأكدها من قيام قواته بعمليات وحشية ضد السكان. الإدارة الأميركية ترسل أسبوعياً إعانات إلى أوكرانيا وإسرائيل بملايين الدولارات، واكتفت بمساعدة السودان وإغاثة الجوعى من النساء والشيوخ والأطفال بمنع الجنرال حميدتي وأسرته من دخول أميركا! كأنها بذلك أسدت خدمة إنسانية غير مسبوقة للشعب السوداني، وأنقذته من كارثة المجاعة المحيقة به. في الوقت الذي تستغيث فيه المنظمات الدولية للإغاثة طالبة مساعدة من المجتمع الدولي بقيمة تصل إلى نحو 2.7 مليار دولار لتقديم المساعدات الإنسانية للسودانيين، ولم تحصل إلا على أقل من نصف المبلغ المطلوب، حسب بياناتها.

مراكز إيواء اللاجئين في البلدان المجاورة لم تعد قادرة على تحمل مزيد من أعداد اللاجئين السودانيين. والجنرالات في المعسكرين المتحاربين يصرون على عدم التفاوض وإيجاد تسوية تحفظ السودان والسودانيين من كارثة المجاعة والتقسيم، وتضمن عودة اللاجئين والنازحين والمشردين إلى ديارهم. ولم يعد خافياً على أحد الدور الذي تلعبه دول كثيرة في الحرب بحرصها على استمرار إرسال الأسلحة والذخائر إلى الطرفين.

الأخبار المقبلة من السودان كل يوم غير مطمئنة إطلاقاً. المنظمات الدولية تؤكد أن 26 مليون سوداني معرضون للمجاعة، نتيجة الضرر الذي لحق بنظام الري وتأثيره على المحاصيل الزراعية. ويزداد انتشار وباء الكوليرا، وتتفاقم الاغتصابات، والتنظيف العرقي والتعذيب. أضف إلى ذلك ارتفاع أعداد السودانيين في قوائم المهاجرين إلى بلدان أوروبا، فراراً من الموت.

لسوء حظ السودان والشعب السوداني أن جنرالاته لم يحسنوا حتى وقت اختيار الحرب؛ إذ اختاروا إشعال نيرانها في الوقت غير الملائم؛ أي في وقت كان المجتمع الدولي فيه منشغلاً وقلقاً من اشتعال نيران الحرب الأوكرانية - الروسية. وزاد الطين بلّة اشتعال نيران حرب إبادة أخرى في قطاع غزة. وفي خضم الحربين أدار المجتمع الدولي ظهره إلى كارثة السودان.

الاتحاد الأفريقي سعى قليلاً لمحاولة تهدئة الموقف وحث الطرفين على التفاوض، ثم حين لم تجد دعواته وجهوده استجابة، أدار ظهره هو الآخر. ولم نسمع بأي جهود من طرف جامعة الدول العربية للسعي لحث الطرفين على التفاوض. وما نسمعه ونقرأه في الأخبار يقتصر على ما يصدر من تقارير من جهات ومنظمات دولية مختلفة.

جمعة بوكليب
كاتب ليبي؛ صحافي وقاص وروائي ومترجم.
نقلا عن الشرق الأوسط  

مقالات مشابهة

  • كيف بددت عمليات المقاومة أوهام الجنرالات شمال غزة؟
  • الأمن القومي الأمريكي: الناتو الآن أكثر قوة ووحدة
  • استهداف أكثر من 90 كنيسة على يد الجماعة الإرهابية وحلفائها
  • أبو عبيدة: في 72 ساعة قتلنا أكثر من 10 جنود وأصبنا العشرات
  • مقتل وإصابة أكثر من 10 جنود إسرائيليين بحدث أمني في بيت حانون
  • أكثر من 34 مليار دولار خسائر إسرائيل بسبب الحرب
  • أبو عبيدة: مقتل أكثر من 10 جنود إسرائيليين في غزة خلال 72 ساعة
  • أبو عبيدة .. خسائر الاحتلال أكثر بكثير مما يعلنه وسيندحر خائبا
  • أبو عبيدة: أكثر من 10 قتلى إسرائيليين شمال قطاع غزة آخر 72 ساعة
  • ماذا يحدث في السودان؟