كيف علقت القوى السياسية اللبنانية على تصريحات جعجع بشأن سلاح حزب الله؟
تاريخ النشر: 15th, November 2024 GMT
بيروت- أطلق رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، سلسلة من المواقف السياسية التي أثارت ردود فعل متباينة بين القوى السياسية اللبنانية، وخاصة تلك المتعلقة بدعوة حزب الله للتخلي عن سلاحه، لإنهاء الحرب التي تشنها إسرائيل على لبنان، مبديا في الوقت نفسه معارضته قيام الجيش اللبناني بنزع سلاح حزب الله بالقوة.
وكان جعجع قد دعا -في مقابلة إعلامية- حزب الله والدولة اللبنانية إلى تنفيذ الاتفاقات المحلية والقرارات الدولية لحل الفصائل المسلحة خارج سيطرة الدولة، مؤكدا أنه "لا يرى إمكانية لاندلاع حرب أهلية في لبنان"، وأن حزبه لا يريد أن تبدأ تلك الحرب.
واعتبر جعجع أن ضغوط الحملة العسكرية الإسرائيلية الشديدة تشكل فرصة لإعادة البلاد إلى مسارها الصحيح، كما رأى أن نزوح اللبنانيين الشيعة إلى مناطق سنية ومسيحية من شأنه إثارة مشاكل في بلد يعاني مشاكل اقتصادية.
توضيح الحزبوأصدرت دائرة الإعلام الخارجي لحزب القوات اللبنانية بيانا وضحت فيه "أن الحديث الذي نشر لا يعبّر في بعض نقاطه بشكل صحيح عما قاله جعجع، إذ إنّ الترجمة التي تولّتها الوكالة قد حرّفت مضمون بعض الأجوبة أو افتقرت إلى الدقة".
وفي حديث لمسؤول جهاز الإعلام في حزب القوات اللبنانية شارل جبور، للجزيرة نت، أوضح أنه عندما تُجرى المقابلات مع صحفيين أجانب وباللغة الأجنبية، قد يحدث أحيانا سوء فهم لبعض المصطلحات أو التوجهات السياسية، مما يؤدي إلى تفسير الأمور بشكل مغاير للمواقف الفعلية.
وأضاف جبور أنه "تم التنبيه إلى أن بعض النقاط كانت غير واضحة بسبب سوء الترجمة أو التقدير"، مؤكدا أنهم اكتفوا بالتوضيح الذي ورد في البيان الصادر أمس الخميس، من دون الدخول في تفاصيل حول النقاط التي تسببت في اللبس أو نقص الدقة في التعبير.
لكن اللافت في مواقف جعجع أنه أطلقها:
عشية الإعلان عن تسليم السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون رئيس مجلس النواب نبيه بري ورقة خطية تتضمن مسودة اقتراح لوقف إطلاق النار. عشية زيارة علي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني إلى بيروت قادما من دمشق، ولقائه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري للبحث معهما حول العدوان الإسرائيلي على لبنان. بعد أيام قليلة على القرار الإسرائيلي بتوسيع العملية البرية في لبنان. التمسك بالقراروتعليقا على مواقف جعجع، يرى الدكتور علي درويش النائب السابق في الكتلة البرلمانية لرئيس الحكومة اللبنانية أن "حل مشكلة سلاح حزب الله يكمن في تطبيق القرار 1701"، مذكرا أن هذا الحل الذي لطالما نادى به كل من رئيس الحكومة ميقاتي ورئيس مجلس النواب بري، اللذان يمثلان السلطة الرسمية اللبنانية حاليا، ومشددا على ضرورة التمسك بالمرجعية الرسمية اللبنانية، مع احترام مختلف الآراء.
وأشار درويش -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن تطبيق القرار 1701 من شأنه أن يعيد الأمور إلى مسارها الصحيح، "حيث يتولى الجيش اللبناني مسؤولية الانتشار في الجنوب، مما يضمن عدم وجود أي مسلحين في المناطق التي يسيطر عليها الجيش"، ورأى أن هذه الخطوة، حتى وإن لم تحقق الحل النهائي، فإنها تشكل بداية نحو وقف الحرب وتطبيق القرار.
وفي ما يتعلق بتداعيات الحرب الراهنة، قال درويش "إننا نواجه أزمة نزوح كبيرة من المتوقع أن تنحسر مع نهاية الحرب، لذلك، يجب التركيز على إنهاء الحرب كخطوة أساسية لحل معظم الأزمات التي يعاني منها لبنان، ولتبديد الهواجس التي تقلق البعض"، كما أكد أهمية الوحدة الوطنية، التي تعدّ ضرورية لدعم لبنان في هذه المرحلة الحرجة وفي المراحل المقبلة.
جعجع دعا حزب الله والدولة اللبنانية إلى تنفيذ الاتفاقات المحلية والقرارات الدولية لحل الفصائل المسلحة (رويترز) إعادة تقييممن جانبه، اعتبر عضو المجلس السياسي في التيار الوطني الحر وليد الأشقر أن جعجع أثار نقطة وصفها بالمهمة، وهي "استحالة نزع سلاح حزب الله بالقوة"، وأوضح أن هذه المسألة كانت دائما محط تأكيد من التيار منذ 20 عاما.
وأشار الأشقر -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن جعجع "الذي طالما بالغ في تصريحاته حول ضرورة نزع سلاح الحزب على مدى السنوات الماضية، اعترف اليوم، في خضم المعركة التي يخوضها حزب الله ضد إسرائيل، بعدم إمكانية تحقيق هذا الهدف بالقوة".
وأكد أن التيار الوطني الحر يرحب بأي موقف يؤيد هذه الرؤية، حتى وإن جاء متأخرا، مشددا على موقف التيار المستمر منذ عقدين بضرورة وضع إستراتيجية دفاعية شاملة تلتزم بها جميع الأطراف اللبنانية.
وفي ما يخص ملف النازحين، أشار الأشقر إلى أهمية احتضان المدنيين النازحين من مناطق القصف، مؤكدا أن التخوف من الاعتداءات الإسرائيلية يبقى دائما حاضرا بسبب عدم تمييز إسرائيل بين المدنيين والعسكريين، مستشهدا باستهداف مركز للدفاع المدني في بعلبك أمس الخميس، وأضاف أن "الادعاء بوجود مسلحين بين المدنيين يخدم مصلحة العدو الإسرائيلي فقط".
وختم الأشقر حديثه للجزيرة نت بالدعوة إلى ضرورة التضامن بين اللبنانيين، محذرا من خطر الفتنة الداخلية، ودعا إلى الحفاظ على التوازن في العلاقة بين المستضيفين والنازحين، بحيث يبقى كل طرف ضمن حدوده سواء في الضيافة أو في المتطلبات، دون تجاوز المقبول.
سيادة الدولةبدوره، رأى أمين السر العام في الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر، في حديثه للجزيرة نت، أن "إعادة بناء الدولة ومؤسساتها ينبغي أن تكون أولوية قصوى، بحيث تصبح الدولة وحدها بمختلف أطرها المرجع الأساس لإدارة شؤون اللبنانيين"، وأكد أن "منطق سيادة الدولة يستوجب أن تكون وحدها صاحبة القرار في مسائل السلام والحرب والأمن".
وفي ما يتعلق بإشكالية سلاح حزب الله، شدد ناصر على أن الحل يكمن في الحوار الوطني، وصولا إلى إستراتيجية دفاعية وطنية تستوعب كل القدرات الدفاعية تحت كنف الدولة، كما أشار إلى أهمية "ضمان أمن الجنوب وسلامة أهله في وجه العدو الإسرائيلي"، معتبرا أن اتفاقية الهدنة يمكن أن تشكل حلا واقعيا على المستويين الأمني والعسكري، عبر تبني نهج "لا حرب ولكن لا سلام".
وبالنسبة لمسألة النزوح، أوضح ناصر أن "هذه الأزمة هي في الأساس قضية إنسانية، مما يستدعي تضامنا وطنيا لمواجهتها"، ورغم أن حجم النزوح الحالي غير مسبوق سواء من حيث الأعداد أو المدة الزمنية، فإنه نفى وجود أي مبرر للحديث عن خطر حرب أهلية بسببه، مؤكدا أن اللبنانيين ليسوا في هذا الوارد أصلا.
ولفت ناصر إلى أن النازحين سيعودون إلى قراهم بمجرد وقف إطلاق النار، مؤكدا أن التوترات التي قد تحدث بين الحين والآخر لا تعني بالضرورة أنها ستفضي إلى حرب أهلية، خصوصا في ظل الدور الذي تقوم به القوى الأمنية والجيش لضبط الأوضاع ومعالجة المشاكل على الأرض.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات سلاح حزب الله مؤکدا أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة:الصراع بين القوى السياسية تسبب في أكبر أزمة جوع في العالم
أم درمان " وكالات": اكدت الأمم المتحدة اليوم الخميس إن الصراع بين القوى السياسية المتحاربة في السودان دفعت 11 مليون شخص للفرار من منازلهم وتسبب في أكبر أزمة جوع في العالم موضحة بأن نحو 25 مليون نسمة، أي نصف سكان السودان تقريبا، يحتاجون إلى المساعدات في وقت تنتشر فيه المجاعة في مخيم واحد للنازحين على الأقل اضافة الى ذلك فأن إحصاء عدد القتلى يشكل تحديا في ظل الحرب.
من جهة ثانية، أظهر تقرير جديد أصدره باحثون في بريطانيا والسودان أن التقديرات تشير إلى أن أكثر من 61 ألفا قتلوا في ولاية الخرطوم خلال أول 14 شهرا من الحرب في السودان مع وجود أدلة تشير إلى أن العدد الكلي أعلى بكثير مما سجل من قبل.
وشملت التقديرات سقوط نحو 26 ألفا قتلى بجروح خطرة أصيبوا بها بسبب العنف وهو رقم أعلى من الذي تذكره الأمم المتحدة حاليا للحصيلة في البلاد بأكملها.
وتشير مسودة الدراسة، التي صدرت عن مجموعة أبحاث السودان في كلية لندن للحفاظ على الصحة وطب المناطق الحارة أمس قبل مراجعة من زملاء التخصص، إلى أن التضور جوعا والإصابة بالأمراض أصبحا من الأسباب الرئيسية للوفيات التي يتم الإبلاغ عنها في أنحاء السودان.
وقال الباحثون إن تقديرات أعداد الوفيات الناجمة عن كل الأسباب في ولاية الخرطوم أعلى بنسبة 50 بالمائة عن المتوسط المسجل على مستوى البلاد قبل بدء الحرب التي نشبت بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023.
ويقول باحثون إن حتى في أوقات السلم لا يتم تسجيل الكثير من الوفيات في السودان. ومع تصاعد حدة القتال، تقطعت بالسكان السبل للوصول للجهات التي تسجل الوفيات، مثل المستشفيات والمشارح والمقابر. كما تسبب الانقطاع المتكرر في خدمات الإنترنت والاتصالات في عزل الملايين عن العالم الخارجي.
تقول ميسون دهب المختصة بعلوم الأوبئة والمديرة المشاركة بمجموعة أبحاث السودان، وهي أيضا من قادت الدراسة، إن الباحثين حاولوا "رصد (الوفيات) غير المرئية" من خلال أسلوب عينات يعرف باسم "الرصد وإعادة الرصد".
وأضافت أن هذا الأسلوب المصمم بالأساس للأبحاث البيئية استُخدم في دراسات منشورة لتقدير عدد من قتلوا خلال احتجاجات مطالبة بالديمقراطية في السودان في 2019 ووفيات جائحة كوفيد-19 في وقت لم يكن يتسنى فيه إحصاء الأعداد بالكامل.
وباستخدام بيانات من مصدرين مستقلين على الأقل، بحث الباحثون عن أفراد يظهرون في عدة قوائم. وكلما قل التداخل بين القوائم، زادت فرص وجود وفيات غير مسجلة وهي معلومات يمكن البناء عليها لتقدير الأعداد الشاملة للوفيات.
وفي تلك الحالة، جمع الباحثون ثلاثة قوائم للمتوفين.
القائمة الأولى بناء على مسح للجمهور عبر منصات التواصل الاجتماعي بين نوفمبر 2023 ويونيو 2024. أما القائمة الثانية فقد اعتمدت على نشطاء في المجتمع المدني و"سفراء للدراسة" لتوزيع المسح بشكل شخصي على معارفهم وشبكات تواصلهم.
والقائمة الثالثة جمعت من منشورات نعي على وسائل تواصل اجتماعي وهو أمر شائع في مدن الخرطوم وأم درمان وبحري التي تشكل معا منطقة العاصمة السودانية.
وكتب الباحثون "ما خلصنا إليه يشير إلى أن الوفيات ظلت دون رصد إلى حد كبير".. فهناك وفيات غير مسجلة لا تشكل الوفيات التي رصدتها القوائم الثلاث سوى خمسة بالمائة فحسب من تقديرات إجمالي الوفيات في ولاية الخرطوم وسبعة بالمائة من تلك الوفيات يعزى إلى "إصابات متعمدة". وتقول الدراسة إن النتائج تشير إلى أن مناطق أخرى منكوبة بالحرب من البلاد ربما شهدت خسائر بشرية مماثلة أو أسوأ.
وأشار الباحثون إلى أن تقديراتهم لعدد الوفيات الناتجة عن العنف في ولاية الخرطوم تجاوزت 20178 حالة قتل تم تسجيلها في أنحاء السودان خلال نفس الفترة بجهود من مشروع بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة (أكليد)، وهي مجموعة معنية بمراقبة الأزمات مقرها الولايات المتحدة.
ويستند مسؤولون من الأمم المتحدة ووكالات أخرى معنية بالمجال الإنساني إلى بيانات أكليد التي تعتمد على تقارير من مصادر تشمل مؤسسات إخبارية ومنظمات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان وسلطات محلية.
وقالت ميسون إن الباحثين لم يكن لديهم بيانات كافية لتقدير معدلات الوفيات في مناطق أخرى من البلاد أو تحديد عدد الوفيات إجمالا الذي يمكن ربطه بالحرب.
وتشير الدراسة أيضا إلى قيود أخرى. إذ تفترض المنهجية المستخدمة على سبيل المثال أن فرص كل حالة وفاة متساوية للظهور في البيانات. لكن الباحثين يقولون إن أفرادا معروفين جيدا ومن قتلوا نتيجة العنف ربما تكون احتمالات إعلان موتهم أكبر.
وقال بول شبيجل رئيس مركز الصحة الإنسانية في كلية جونز هوبكنز بلومبرج للصحة العامة الذي لم يشارك في الدراسة إن هناك مشكلات في المصادر الثلاثة للبيانات قد تؤدي إلى انحراف التقديرات. لكنه قال إن الباحثين راعوا مثل هذه القيود في منهجيتهم وتحليلهم.
وأضاف "رغم صعوبة معرفة كيف يمكن للتحيزات المتنوعة في منهجية الرصد وإعادة الرصد تلك أن تؤثر على الأعداد الكلية، تشكل تلك محاولة جديدة ومهمة لتقدير عدد الوفيات ولفت الانتباه لتلك الحرب المروعة في السودان".
وقال مسؤول في تجمع الأطباء السودانيين بأمريكا (سابا)، وهي منظمة تقدم الرعاية الصحية بالمجان في أنحاء السودان، إن النتائج تبدو مقنعة.
وقال عبد العظيم عوض الله مدير برنامج سابا لرويترز "العدد ربما يكون أكبر حتى من ذلك" مشيرا إلى أن ضعف المناعة بسبب سوء التغذية يجعل الناس أكثر عرضة للإصابة بالعدوى.
وقال "أمراض بسيطة تقتل الناس".
وجاء تمويل الدراسة من المراكز الأمريكية لمكافة الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة ووزارة الخارجية وشؤون الكومنولث والتنمية في بريطانيا.