مشاهد مؤلمة من وحي جريمة طابور البسكويت
تاريخ النشر: 15th, November 2024 GMT
غزة - «عُمان» - بهاء طباسي: بخطًى بريئة هرولت الطفلة زينة سعيد الغول، 10 أعوام، نحو استشهادها، داخل مدرسة لإيواء النازحين في مخيم الشاطئ، غربي مدينة غزة، حيث قتلتها قنبلة جيش الاحتلال العمياء في طابور البسكويت، غير مبالية بحداثة سنها، ولا جسدها الهزيل أو بطنها الخاوية.
هنا مدرسة أسماء مسرح جريمة الاحتلال بحق الإنسانية الطفلة.
الحدث: أطفال يصطفون في طابور لتوزيع البسكويت والكعك، وحولهم أشخاص كثيرون، من نازحين، وأولياء أمور، وصحفيون، ومصورون، وفي مقدمة الطابور نحو 3 مشرفين من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). الأبطال: الطفلة الشهيدة زينة سعيد الغول، والد الطفلة زينة، ووالدتها، وشقيقها.
المشهد الأول
تقف الطفلة زينة في منتصف طابور البسكويت، وعلى وجهها ابتسامة خفيفة مشرقة، تنكسر عبوسًا مع أشعة الشمس القاسية.
تخوض الطفلة حوارًا داخليًا مع ذاتها، لا يسمعه الناس، بل يقرأه أصحاب القلوب الرقيقة في عينيها.
علبة الكعك تلمع من بعيد، لا يفصلني عنها سوى هذا الطابور ويد الموزعة. آه نسيت.. مقاتلات جيش الاحتلال تحلق في سماء المكان، لكن لا يهم، أريد التهام قطعة كاملة من تلك العلبة أو ربما قطعتين.
يا سلام لو تمنحني المشرفة قطعتين أو ثلاث، سآكل كعكعة وأمنح أخي كعكعة، ونقتسم الثالثة سويًا! منذ زمن لم نر الكعك المحلى. نفتقد طعمه الحلو، ورائحته الزكية، وملمسه الناعم.
المشهد الثاني
تفتح الكاميرا عدستها لتظهر الواقفين في الطابور أمام زينة، التي تراقب بعينيها الطابور يتحرك ببطء، وهو سريع، قبل أن تغلق الكاميرا عدستها مجددًا على تنهيدة طويلة للطفلة، تعبر عن نفاد صبرها، فيما تقول في قرارة نفسها: هيا أسرعوا...
تركز الكاميرا على مقدمة الطابور، يتحرك الطفل الأول، فالذي يليه، وهكذا الثالث، بعد أن حصلوا على مبتغاهم.
تعود الكاميرا إلى وجه زينة يتهلل مستبشرًا: ها أنا أقترب، باقي ثلاثة أطفال، وأنا الرابعة. والآن قد حان دوري.
المشهد الثالث
تفتح المشرفة عبوة البسكويت، وتخرج منها كيسًا، وبينما تمد يدها لتناوله زينة، تهبط قنبلة من مقاتلة حربية إسرائيلية فوق مبنى المدرسة، ثم تتطاير منها شظية تطيح بزينة عن الصف.
المشهد الرابع
حالة من الهرج والمرج، أشخاص يحملون شهداءً ومصابين، وآخرون يفتشون بين الركام عن شهداء أو مصابين أو ناجين. ولكن أين الطفلة زينة؟!
المشهد الخامس
والد ووالدة الطفلة زينة يطوفون في الأرجاء بحثًا عنها، وعلى وجهيهما أمارات القلق الشديد، ينادي الأب سعيد الغول بصوت عالٍ وخلفه الأم: زينة.. زينة.. زينة... ولا يتلقيان إلا الصمت.
ثم يظهر شخص مغبر، يخبر الأبوين: هناك طفلة في هذا الركن، يبحث المنقذون عن ذويها.
المشهد السادس
يتحرك الأبوان باتجاه المكان، حيث يتجمع نحو 6 أشخاص حول الطفلة زينة، ويحملها أحدهم مضرجة في دمائها، ثم يخبر أبويها الفزعين: هذه ابنتكما.. الله يرحمها ويصبركم.
المشهد السابع
من هول الفاجعة يسقط الأبوان قاعدين على الأرض، قبل أن يتلقف الأب الطفلة، ويضمها بشدة إلى أحضانه، ويطلق النحيب في العنان صارخًا: «ابنتي»، وتتبعه الأم بصرخات مكتومة محيطة بذراعيها حول جثمان زينة: «يا وجعنا فيك يا حبيبتي».
المشهد الثامن
يظهر في الكادر طفل صغير، يبدو أنه يبلغ من العمر عامين، يمشي مترنحًا، ويقلب وجهه في الأرجاء، لا يفهم ما يحدث، لكنه يشعر به.
المشهد التاسع
أم تنوح وطفل يبكي: ماتت الأخت الكبرى وهي تحضر قطعتين من البسكويت، واحدة لها، والأخرى لأخيها.
المشهد العاشر
تقترب عدسة الكاميرا بشكل عامودي من فتافيت بسكويت مختلطة بالدماء ملقاة على الأرض، تغطي صورة الفتافيت المخضبة بالدماء الكادر، ترتفع الكاميرا شيئًا فشيئًا، لتتلاشى معها الصورة تدريجيًا، إلى ما يشبه الضباب.
غيم يبتلع المدرسة والناس، غيم أسود، يغطي سماء العالم المزيف، يعمي أنظاره عن جراح غزة.
مناشدة ابنة العم
وعبرت ابنة عم الطفلة زينة عن حزنها الشديد على فراق الطفلة البريئة، مناشدة العالم المتحضر عما تعرضت له قريبتها، ويتعرض له كثير من أطفال قطاع غزة من عنف وإبادة جماعية على يد جيش الاحتلال، مناشدة إياه التدخل من أجل إيقاف نزيف الدماء وإنهاء احتلال القطاع، والانتصار للإنسانية.
الوقوف مع غزة من أجل الإنسانية
تقول: «اليوم، استشهدت ابنة عمي الصغيرة زينة على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي بينما كانت تحاول ببساطة الحصول على الطعام من مدرسة أسماء في شمال غزة. لم تكن زينة سوى طفلة، مثل كثيرين آخرين، وقعت في رعب العنف والقمع. لقد تم قطع حياتها في هجوم وحشي يعد جزءًا من إبادة جماعية أكبر ومستمرة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة».
وتضيف: «يجب على العالم ألا يغض الطرف عن معاناة المدنيين الأبرياء. هذه ليست مجرد أرقام أو إحصائيات، بل هم أطفال وأسر وبشر لديهم أحلام وآمال ومستقبل. يجب علينا أن نقف ونتحدث علناً ونطالب بوضع حد لقتل أرواح الأبرياء».
وتؤكد أن «صمت المجتمع الدولي هو تواطؤ. إن سكان غزة بحاجة إلى أكثر من مجرد كلمات؛ إنهم بحاجة إلى العمل، وإلى الدعم، وإلى العدالة. ونحن نطلب منكم الوقوف معنا، ورفع أصواتكم، والدعوة إلى وضع حد فوري لهذا العنف والاحتلال».
طوابير الأطفال الجياع
ويعيش قطاع غزة مجاعة قاسية وسط الحرب الإسرائيلية والحصار المستمران على القطاع منذ 13 شهرًا، إذ بات أغلب سكان القطاع يتسولون المساعدات الإنسانية، فيما يعاني أطفالهم من سوء التغذية.
وثقت «عُمان» مشاهد تظهر معاناة الأطفال الفلسطينيين في مدينة دير البلح خانيونس، وسط وجنوب قطاع غزة، وهم مصطفون في طوابير إحدى التكيات الخيرية، من أجل الحصول على بعض الحساء لسد جوعهم.
ويحاول الغزاويون الحصول على وجبة طعام مجانية وسط المجاعة التي يعاني منها السكان النازحون في القطاع. وتظهر هذه الصور معاناة الأطفال في سعيهم للحصول على لقمة تسد رمق جوعهم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
بحضور «ماكرون».. تفاصيل ليلة مؤلمة في باريس وفرار الإسرائيليين خلال مبارة كرة قدم
بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ومسؤولين فرنسيين، وقعت اشتباكات بين مُشجعي فرنسا وإسرائيل في لقاء دوري الأمم الأوروبية بين البلدين، وشُوهد في عدد من الفيديوهات مُشجعي الاحتلال يلوذون بالفرار ويصرخون، فما تفاصيل ما حدث وما هو حال العاصمة الفرنسية بعد المباراة؟
وكانت مخاوف وقوع اشتباكات بين الإسرائيليين والفرنسيين خلال المباراة حدثًا هامًا سيطر على تصريحات المسؤولين الفرنسيين خلال الأيام الأخيرة قبل المباراة، وبعد وقوع الاشتباكات، حاول رجال الأمن في الاستاد الفصل بينهما، في أعقاب ذلك، قال شرطة باريس إنها لا تستطيع التعليق حتى تتلقى مزيدًا من المعلومات، بحسب وكالة «فرانس برس».
رغم الإجراءات الأمنية الاستثنائية، والدعم العسكري و السياسي والإعلامي الذي يحظون به أينما حلوا، فان اللعنة تطاردهم في كل مكان و زمان، في غزة وجنوب لبنان و أمستردام وباريس الليلة بمناسبة المواجهة الكروية بين فرنسا وإسرائيل والتي شهدت أضعف حضور جماهيري لمباراة المنتخب الفرنسي منذ… pic.twitter.com/nmJEA7x1qt
— hafid derradji حفيظ دراجي (@derradjihafid) November 14, 2024 وقعت الاشتباكات رغم تصريحات المسؤولينورغم محاولات باريس التأكيد على أنه لن يكون هناك أي اضطرابات أو اشتباكات خلال المباراة، ومع الإجراءات الأمنية المشددة، وحضور الرئيس الفرنسي وعدد من كبار الشخصيات، وتأكيد وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتيلو، أن تكرار ما حدث في أمستردام لن يحدث، استفز الجمهور الإسرائيلي مشجعي فرنسا أيضًا خلال أوقات عديدة من اللقاء، وهو ما تسبب في وقوع الاشتباكات، وتلقي جمهور إسرائيل «علقة ساخنة» من الجمهور الفرنسي، لكن لم يكشف عن عدد الإصابات في صفوف المشجعين.
الحالة الأمنية بعد المباراةونقلت وكالة «فرانس برس» الحالة الأمنية بعد المباراة، إذ يتنشر رجال الشرطة الفرنسية بشكل كبير في مُحيط الاستاد والمدينة، بينما تم تأمين خُروج المشجعين الإسرائيليين، الذين يصل عددهم إلى 150 مشجعًا فقط، بعد تعرضهم للضرب من مشجعي فرنسا، كما تواصل المروحيات التحليق فوق المدينة.
مروحيات تحلق فوق الرؤوسوخلال المباراة، حلقت مروحيات أيضًا فوق رؤوس المشجعين، وأطلقت صافرات الإنذار، كما حذر الضباط الموجودين أحد المشجعين من أن العلم الإسرائيلي الذي كان ملفوفًا حول كتفيه قد يجعله هدفًا للاعتداء، وداخل الاستاد، استقبل النشيد الوطني الإسرائيلي بمزيج من الهتافات والاستهجان.
وشهدت المباراة حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الفرنسي ميشيل بارنييه، والرئيسان الفرنسيان السابقان نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند.