لجريدة عمان:
2024-12-16@16:51:19 GMT

النسب .. موصول بالمودة

تاريخ النشر: 15th, November 2024 GMT

تُمْتَحَنُ المودةُ في كثير من نقاط تقاطعاتها مع الأطراف التي: من الواجب، من المؤمل، من المفترض، من المسنون، من المندوب، من المكروه، أن تلتقي معها، ذلك أن كل الأطراف تعيش على النقيضين (الحب/ الكره) يزيد أحدهما على حساب الآخر في لحظة ما، ويحدث العكس في لحظة أخرى، وذلك كله اعتمادا على حالتي الصفاء والرضا، أو حالتي الكره والغضب، ومن الحسن والمؤسف في آن واحد أن هذين النقيضين ليس لهما تاريخ انتهاء، فهما حاضران على طول خطي الأفقي والعمودي في مجال العلاقات بين مختلف الأطراف، إلا أنه، ومع ذلك فإن تم التسليم لهذه الحقيقة بين الأطراف التي لا تجمع بينهما حالة نسب، فإن هذا التسليم لا بد له أن يكون له «خط رجعة» للأطراف التي تجمع بينهم حالة نسب، فهذا أمر شرعي أكثر منه اجتماعي، ولأنه شرعي مرتبط بشمولية الدين – فالإيمان بالدين لا يتجزأ- فعلى النقيضين (الحب/ الكره) في حالة حضورهما معا، أن ينسلا بعيدا، ويبقى ما يلثم ثغرة التناقض، وهنا يشار إلى الحب والمودة أكثر، فهما الكفيلان برتم مجموعة الانشقاقات التي تحدث من أثر تقاطع العلاقات بين الناس، سواء في حالة النسب، وهي الأهم أكثر، أو في حالات العلاقات العابرة، وأصفها بـ«العابرة» لأن مقومات دوامها لا ترتبط بالنسب، وإنما تكون في إطار العلاقات العامة بين الناس، تتأصل في مرحلة زمنية معينة، ولظروف خاصة، أحيانا، وتنفك عراها في مرحلة زمنية أيضا ولظروف خاصة، إلا في حالات استثنائية، والتي يعض فيها كلا الجانبين أو أحدهما بالنواجذ للبقاء لأطول فترة زمنية ممكنة، وهذا من الإحسان.

يمثل النسب مشروعا اجتماعيا كبيرا، وضخما، ومعقدا، فهو الشبيه بكرة الثلج المتدحرجة، تزداد نموا، ولا تنقص إطلاقا، لأن التسلسل الآتي من ذلك البعيد البعيد حيث الأجداد، لا يزال مستمرا في مسيرته، حيث الآباء فالأبناء فالأحفاد، ومن ثم القائمة تطول، فالقافلة في طريقها إلى ما لا نهاية، إلا بنهاية الحياة الدنيا، حيث ختام الغايات، وبذلك فالمسألة في غاية الأهمية، وفي غاية التعقيد كذلك، وفك رموز تعقيداتها لا ينهيه إلا تجاوز مظان النفس التي لا تلبث بعد كل فسحة للرضا، إلا وتعانق صداما آخر للكره، حيث تبقى المودة حائرة بين طرفي النزاع، وتنتظر لحظة الرضا والأمان، لكي تستبسل في بقائها على أطول مدة ممكنة لخاطر بقاء هذا النسب وتعزيز دوره الاجتماعي في حياة الناس، وعدم تشويه صورته إكراما لما جاء من تبجيل له في كثير من نصوص القرآن الكريم، ومن الهدي النبوي الشريف، على صاحبه الصلاة والسلام، ومن ذلك قوله، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ، فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الأَهْلِ، مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ، مَنْسَأَةٌ فِي الأَثَرِ» – ومعنى «منسأة في الأثر» أي زيادة في العمر – كما جاء في المصدر، ووفق نص الحديث فإن الأرحام تتناسل من الأنساب.

يأتي تصادم الأنساب، نتيجة أسباب كثيرة، أغلبها النزعة الذاتية التي تستهجن التطاول عليها، ولذلك يكون تصادم الأنساب مؤذيا، وقسوته على النفس أكثر أثرا، للارتباط الوجداني القائم بين الأنساب، وقول طرفة بن العبد: «وظُلمُ ذَوي القُربى أَشَدُّ مَضاضَةً عَلى المَرءِ من وَقعِ الحُسامِ المُهَنَّدِ» يعكس هذه القسوة الوجدانية على كلا الطرفين، وإن أظهرا صمودا مفتعلا، بتمسك كل منهما بموقفه، وأنه الأصح في تبرير ظلمه، أو إساءته للطرف الآخر، والمبررات مهما كانت وجاهتها، وواقعيتها، يفترض أن تنسحب من ميدان تفاعل الأنساب، وعدم حشوها بالمفرقعات المشتعلة حريقا لا يذر مع انطلاقة شرارته الأولى.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

المجلس الرئاسي طرف في النزاع.. التهامي ينتقد دوره في المصالحة

ليبيا – التهامي: نجاح مبادرة المصالحة الوطنية يعتمد على النوايا الصادقة وضمانات دولية

أكد المحلل السياسي أحمد التهامي أن نجاح مبادرة المصالحة الوطنية في ليبيا يعتمد على وجود نوايا صادقة من جميع الأطراف، مشيرًا إلى أهمية دور الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر كأكبر قوة عسكرية محترفة في تنفيذ المبادرة.

التهامي أوضح في تصريح لوكالة “سبوتنيك“ أن تصفية القضايا العالقة بين الأطراف السياسية تُعد شرطًا أساسيًا لنجاح جهود المصالحة، مع ضرورة توفير ضمانات دولية تضمن تنفيذ الاتفاقات وحماية مصالح جميع الأطراف.

تمثيل عادل لجميع الأطراف

شدد التهامي على أن أي مبادرة تسعى لتحقيق التوافق الوطني يجب أن تضمن تمثيلًا عادلًا لجميع الأطراف السياسية، بما يسمح لكل الأحزاب والجماعات بالتعبير عن مواقفها، معتبرًا أن هذه الخطوة ستساهم في معالجة الأزمة الليبية بشكل عملي.

انتقادات للمجلس الرئاسي

انتقد التهامي المجلس الرئاسي، مشيرًا إلى أنه أصبح طرفًا في النزاع وفقد دوره كوسيط بين القوى السياسية. وأكد أن قرارات المجلس، مثل إزالة شهداء الجيش الليبي من قوائم تقديم الخدمة والتعويض، أظهرت انحيازه للميليشيات في الغرب، مما أفقده المصداقية اللازمة لقيادة جهود المصالحة.

تعقيدات الخلافات والوساطات الدولية

وأشار التهامي إلى أن تراكم الخلافات بين الأطراف الليبية وتعقيدها على مر السنوات جعل التفاوض المباشر بينها صعبًا، مشددًا على أن الوساطات الدولية وضمانات تنفيذ الاتفاقات هي السبيل الوحيد لتحقيق التقدم في المصالحة الوطنية.

الاستقرار يتطلب تضحيات وتنازلات

أكد التهامي أن المبادرة تحتاج إلى وقت والتزام دولي لدعم مسار المصالحة، لافتًا إلى أن تحقيق الاستقرار في ليبيا يتطلب تضحيات وتنازلات متبادلة لإنقاذ البلاد من أزماتها الراهنة.

مقالات مشابهة

  • تركيا وسوريا الجديدة.. مكاسب كبيرة وتحديات مقلقة
  • المجلس الرئاسي طرف في النزاع.. التهامي ينتقد دوره في المصالحة
  • من يطفئ نار الطبخة الرئاسية؟
  • كيفية التعامل مع الأطفال غير الشرعيين .. دار الإفتاء تجيب
  • البيان الختامي للاجتماع الدولي حول سوريا.. تفاصيل
  • غزة أكثر مناطق العالم التي يعيش فيها مبتورو الأطراف .. والسبب العدوان الإسرائيلي
  • رئيس (كوب 16): المؤتمر صدر عنه في ختام أعماله أكثر من 35 قرارًا لتعزيز الجهود الدولية للحد من تدهورالأراضي والجفاف والمملكة تُطلق ثلاث مبادرات بيئية مهمة
  • رئيس (كوب 16): صدور أكثر من 35 قرارًا لتعزيز الجهود الدولية للحد من تدهور الأراضي
  • الكونغو الديمقراطية.. أكثر من 1200 وفاة بسبب جدري القردة في 2024
  • أكثر من 1200 حالة وفاة بسبب جدري القردة منذ بداية السنة في الكونغو الديمقراطية