العنف الأسري في العراق.. ارتفاع في المعدلات وغياب القانون الخاص بمناهضته
تاريخ النشر: 15th, November 2024 GMT
بغداد اليوم- بغداد
ينتظر مشروع قانون مناهضة العنف الأسري في العراق المصادقة عليه في مجلس النواب منذ أكثر من 4 سنوات على إقراره من قبل الحكومة، بينما تشهد البلاد ارتفاعا ملحوظا في نسب الجرائم الناجمة عن العنف الأسري.
ويتعامل القضاء العراقي مع حالات العنف الأسري وفق المادة (41- 1) من قانون العقوبات رقم (111 لسنة 1969)، الذي ينص، على أنه "لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالا لحقٍ مقرر بمقتضى القانون، ويعتبر استعمالا للحق: 1–تأديب الزوج لزوجته وتأديب الآباء والمعلمين ومن في حكمهم الأولاد القصر في حدود ما هو مقرر شرعاً أو قانوناً أو عُرفاً".
"سارة" اسم مستعار لشقيقة إحدى ضحايا العنف الأسري في العراق، توفت إحدى شقيقاتها قبل سنوات بعد معاناة مع العنف الذي تعرضت له على يد زوجها.
تقول سارة: "تزوجت أختي من رجل ذو وضع مادي واجتماعي مرموق، إلا أنه كان عنيفا وغاضبا دائما بشكل هستيري، يفرغ غضبه عليها وينهال عليها بالضرب المبرح، وعلى الرغم من أنها كانت تشتكي لوالدي مما تعانيه من زوجها، لكن دون جدوى، فقط يطالبانها بتحمل زوجها ويلتمسان له الأعذار بأن عمله مجهد، وأن طلاقها منه لن يجديها نفعا"
وتضيف سارة أن "عائلتنا تغاضت عما كانت تمر به شقيقتي، حتى عندما كسر أحد ساعديها تلقت العلاج في عيادة غير رسمية، كي لا تسجل كحالة عنف أسري"، مشيرة إلى أن التغاضي عن معاناتها أدى إلى انتحارها حرقا في نهاية المطاف.
لكن سارة وعائلتها يشككون في إمكانية انتحارها ويرون أن زوجها هو الذي قتلها.
وأقرت الحكومة السابقة مشروع قانون مناهضة العنف الأسري في 2020، لكنه واجه معارضة شديدة عند طرحه للتصويت في مجلس النواب، من قبل الأحزاب والحركات ذات التوجهات الإسلامية والأجنحة السياسية للفصائل المسلحة الموالية لإيران.
وتعتبر هذه الأطراف القانون معارضا للشريعة الإسلامية وسببا من أسباب تفكك الأسرة، ومازالت هذه الأطراف ترفض تشريعه.
ويؤكد عضو مجلس النواب، أحمد طه الربيعي، رفض مفهوم العنف الأسري، لكنه يرى أن مسودة قانون مناهضة العنف الأسري تتضمن بعض المغالطات.
ويوضح الربيعي، أن "مسودة القانون تتضمن بعض البنود التي ربما تتعارض مع المنظومة القيمية والشرعية والأعراف التي اعتاد عليها المجتمع العراقي.. نعتقد أن هناك بعض المواد التي تشجع بشكل مباشر وغير مباشر على موضوع تفتيت الأسرة، من خلال إرسال رسائل وايحاءات للأفراد للتشكي".
ويشير الربيعي إلى أن المضامين الموجودة في القانون تتعارض في بعضها مع المفاهيم الإسلامية، لافتا "هذه المضامين قد تؤدي إلى تفكيك الأسر من خلال تشجيع أفراد الأسرة من منطلق أن لكل شخص استقلاليته وكينونته، بحيث أن للإبن الحق أن يشتكي على الأب وللبنت أيضا، كذلك الزوجة لها حق تسجيل الشكوى على الزوج والأخ، في حين أن السنة الإلهية والسنة القرآنية تشيران إلى حل هذه القضايا داخليا وليس من خلال المحاكم".
ويرى الربيعي أن قانون العقوبات العراقي كفيل بالردع في حال وجود جرائم عنف أسري، وأن وجدت الحاجة لبعض الإضافات يمكن إضافتها على قانون العقوبات.
وتختلف العضو في مجلس محافظة ديالى، إيمان عبدالوهاب مع الربيعي، وتلفت إلى أن غياب قانون خاص بمناهضة العنف الأسري خلف آثارا سلبية على الواقع المجتمعي في العراق وخاصة على المرأة والطفل، وتسبب تأخير تشريعه في زيادة حالات تراجع المجتمع، وأسرع تفكيك الآلاف من الأسر العراقية.
وتضيف عبدالوهاب "عند تشريع أي قانون يهم المجتمع والمواطن في العراق، تجد من يعرقله دائما، وهذا هو الحال مع قانون مناهضة العنف الأسري تجد من يضع كل المعوقات في طريقه، كي لا ينجز، لأن أكثر جناة في هذه الجرائم هم من أهل الدولة والسياسة".
وتشير إحصائية صادرة في سبتمبر أيلول الماضي عن المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، إلى ارتفاع حالات العنف الأسري في البلاد خلال السنوات الثلاث الماضية إلى 53 ألف حالة.
ووفق الإحصائية بلغ معدل حالات اعتداء الزوج على الزوجة خلال الثلاث سنوات الأخيرة 75 في المئة من إجمالي الحالات، أما اعتداء الزوجة على الزوج فقد بلغت نسبته 17في المئة، بينما وصلت نسبة اعتداء الأبوين على الأطفال إلى 6 في المئة، والاعتداء على كبار السن كالجد والجدة بلغ 2 في المئة.
من جهتها تشير المحامية شيرين زنكنة إلى أن تشريع قانون مناهضة العنف الأسري سيقلل من حالات التعنيف ويمنع حدوثها.
وتبين زنكنة، أن "المادة الثانية من مسودة القانون تؤكد أن هذا القانون يهدف إلى حماية الأسرة، وعلى وجه الخصوص النساء والفتيات من كافة أشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي، والحد من انتشاره والوقاية منه، ومعاقبة مرتكبيه، والتعويض عن الضرر الناتج عنه، وتوفير الحماية للضحايا، وتقديم الرعاية اللازمة لهم وتأهيلهم، وتحقيق المصالحة الأسرية."
ووفق ناشطات وحقوقيات في مجال المدافعة عن المرأة والطفل، تسعى الأحزاب الإسلامية إلى رفض مشروع القانون وإنهائه بالكامل، عبر ترويج أنه مخالف للشريعة الإسلامية.
وتوضح الناشطة في مجال حقوق المرأة والطفل، إسراء السلمان، أن "ذريعة مخالفة القانون للشريعة الإسلامية هي لتشتيت وتفتيت المجتمع، بالتالي كلامهم ليس مبني على أساس صحيح، حتى الإشاعات التي يحاولون الترويج لها في الشارع العراقي، هي تحريض على القانون لشرذمته وإيجاد مبررات مجتمعية لرفضه."
في عام 2012 توصلت دراسة لوزارة التخطيط أن 36 بالمئة على الأقل من النساء المتزوجات أبلغن بالتعرض لشكل من أشكال الأذى النفسي من الأزواج، وأبلغت 23 بالمئة بالتعرض لإساءات لفظية، وأبلغت 6 بالمئة بالتعرض للعنف البدني، و9 بالمئة للعنف الجنسي.
وفي عام 2020، أعربت وكالات الأمم المتحدة في العراق عن قلقها إزاء العدد المتزايد لحالات العنف الأسري خلال وباء فيروس كوفيد-19.
وخلال العام 2021 أحصت وحدة حماية الأسرة في وزارة الداخلية، التي خصصت خطا ساخنا لتلقي الشكاوى، 17 ألف دعوى اعتداء زوج على زوجة.
وفي تقريرها الصادر عن العراق في عام 2023 اتهمت منظمة العفو الدولية البرلمان بالتقاعس عن تجريم العنف الأُسري وتوفير حماية كافية للنساء والفتيات من العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي.
المصدر: موقع الحرة
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: العنف الأسری فی فی العراق فی المئة إلى أن
إقرأ أيضاً:
التضخم في سلطنة عمان من بين أدنى المعدلات عالميًا
أكدت وزارة الاقتصاد في بيان أن التدابير والسياسات الاستباقية لسلطنة عمان ساهمت في إبقاء معدلات التضخم عند مستوى معتدل حتى خلال ذروته عالميا في عام 2022، وكان التضخم في أسعار المستهلكين في سلطنة عمان من بين أدنى المعدلات في العالم وضمن الحدود الآمنة المستهدفة في الخطة الخمسية العاشرة 2021-2025.
ويأتي بيان الوزارة في إطار متابعة ما تنشره وسائل الإعلام حول مختلف الملفات الاقتصادية، وتقدم الوزارة توضيحا للبيانات المتعلقة بتطورات وتوجهات التضخم في سلطنة عمان والعالم والتي وردت في الاستطلاع الصحفي نشرته "عمان" بتاريخ 25 نوفمبر 2024، وتناول مستويات أسعار المستهلكين في سلطنة عمان وأشار إلى توقع زيادة في معدلات التضخم العالمي خلال الفترة المقبلة.
وأوضحت الوزارة أن ظاهرة التضخم المتفاقم عالميا ظلت موضع الاهتمام والمتابعة طوال السنوات الماضية بهدف احتواء معدلاته ضمن مستهدفات السياسات المالية والاقتصادية والاجتماعية لسلطنة عمان، وتجنب تفاقمه للمعدلات التي شهدتها الكثير من الدول المتقدمة والناشئة والنامية، مما أثر على نمو الاقتصاد وعلى مستويات المعيشة في هذه الدول، حيث أدى تفشي الجائحة في عام 2020 وما صاحبها من إغلاقات وقيود على الحركة والأنشطة الاقتصادية إلى مشكلات في سلاسل التوريد والإمداد وحركة التجارة العالمية وارتفاع كلفة الخدمات وأسعار الغذاء، والتي واصلت الصعود بفعل تداعيات الأزمة في أوكرانيا وتأثيراتها على أسعار الطاقة والخدمات وكلفة الشحن والتأمين، والسلع الغذائية مثل الحبوب والبذور والزيوت النباتية والحليب، وأسفرت كافة هذه التطورات عن تفاقم التضخم عالميا ليصل إلى أعلى مستوياته خلال عام 2022. وفي ظل هذه الأزمة، انعكست تأثيرات الارتفاعات العالمية على الأسواق المحلية مع استيراد الاحتياجات من السلع والمنتجات.
وأشارت الوزارة إلى أنه في الكثير من الأحيان يتولد انطباعا لدى المستهلكين بارتفاع الأسعار، بالرغم من أن البيانات الرسمية تظهر تباطؤا في معدلات التضخم. وبشكل عام، تعود أسباب هذه الظاهرة، إلى أن الكثير من الأشخاص يستخدمون كلمة التضخم للإشارة إلى أي زيادة في الأسعار. وفي الواقع، فإن التضخم يقيس المستوى العام للأسعار، وليس سعر سلعة أو خدمة بحد ذاتها، أو مجموعة مختصرة من السلع. وبالتالي، فإنه من الممكن أن يظهر معدل التضخم تباطؤا في الوقت الذي قد يكون هنالك ارتفاع في أسعار السلع والخدمات الناجمة عن ظروف العرض والطلب المتغيرة. كما قد يتشكل هذا الانطباع لدى المستهلكين نتيجة لأسباب مختلفة من أبرزها: قد يكون هناك اختلاف بين ما يشعر به الأفراد في حياتهم اليومية وما تظهره الأرقام. على سبيل المثال، قد يلاحظ المستهلكون زيادة في أسعار السلع الأساسية مثل الغذاء والوقود، بينما قد لا يعكس معدل التضخم هذه الزيادات نتيجة لتراجع أو تباطؤ أسعار بقية السلع في سلة التضخم. وثانيا، يمكن أن تؤثر التجارب الشخصية على انطباعات الأفراد. فإذا كان شخص ما يواجه صعوبة في تحمل تكاليف المعيشة ناتجة عن زيادة الأعباء، فقد يشعر بأن الأسعار مرتفعة أكثر مما تشير إليه البيانات. وثالثا، قد يقوم المستهلك بتقييم مستوى أسعار بعض السلع والخدمات مقارنة بفترات زمنية طويلة كسنتين أو ثلاث سنوات، الأمر الذي يظهر ارتفاعا كبيرا مقارنة ببيانات المقارنة لعام واحد. ورابعا، قد تلعب وسائل الإعلام دورا في تشكيل هذه الانطباعات، حيث يمكن أن تركز التقارير على حالات معينة من الارتفاعات في الأسعار، مما يعزز شعور القلق لدى الجمهور.
وتشير بيانات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن متوسط معدل التضخم وفقا للأرقام القياسية لأسعار المستهلكين في سلطنة عمان سجل نحو 1.7 بالمائة خلال الفترة من 2021-2023، وانخفض إلى ما يقل عن واحد بالمائة في نهاية عام 2023، وخلال العام الجاري 2024، بلغ معدل التضخم في أسعار المستهلكين نحو 0.8 بالمائة خلال الفترة من يناير حتى أكتوبر، وتفاوتت معدلاته بين مختلف المحافظات حيث سجل التضخم أدنى المعدلات في محافظة جنوب الباطنة بنسبة 0.4 بالمائة، وبنسبة 0.6% في محافظتي مسقط وظفار، وبنسبة 0,7 بالمائة في كلا من محافظتي الظاهرة والبريمي، و0.8 بالمائة في محافظة شمال الباطنة، في حين تم تسجيل أعلى معدل للتضخم في محافظة جنوب الشرقية بنسبة 1.9 بالمائة وفي كلا من محافظتي مسندم والوسطى بنسبة 1.6 بالمائة ومحافظة شمال الشرقية بنسبة 1.3 بالمائة ومحافظة الداخلية بنسبة 1.1 بالمائة، وبشكل عام يرتبط تفاوت معدلات التضخم على النطاق الجغرافي بعدد من العوامل من أهمها الموقع الجغرافي ونشاط الاقتصاد المحلي في كل محافظة.
ويأتي تراجع التضخم على أساس سنوي بنهاية أكتوبر من عام 2024 مقارنة مع نفس الشهر من عام 2023، في ظل استقرار الأسعار القياسية لمجموعة السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى، ومجموعة الاتصالات، ومجموعة التبغ، وتراجع الأرقام القياسية لأسعار مجموعة النقل بنسبة 2.6 بالمائة، مع ارتفاع أسعار مجموعة السلع الشخصية المتنوعة والخدمات بنسبة 4.8 بالمائة ومجموعة المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية بنسبة 3.5 بالمائة ومجموعة الصحة بنسبة 3.2 بالمائة، مع زيادات محدودة في مجموعات المطاعم والفنادق، والملابس والأحذية، والأثاث والتجهيزات والمعدات المنزلية وأعمال الصيانة والتعليم.
وفي أحدث تقرير لصندوق النقد الدولي في نوفمبر الماضي في ختام مشاورات المادة الرابعة لعام 2024 مع سلطنة عمان، أشار التقرير إلى تراجع التضخم في سلطنة عمان إلى 0.6 بالمائة خلال الفترة من بداية العام الجاري وحتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري 2024، مقابل نسبة تضخم بلغت 0.9 بالمائة في عام 2023، لتظل معدلات التضخم في أسعار المستهلكين عند مستويات منخفضة في سلطنة عمان، وتتوقع وزارة الاقتصاد أن يظل معدل التضخم معتدلا وضمن المستهدفات على المدى المتوسط، كما تتابع الوزارة من خلال مؤشر تنافسية المحافظات تطورات التضخم في مختلف المحافظات بهدف تحديد تفاوتات الأسعار والعوامل المؤثرة على التغير في الأسعار للمساعدة في اتخاذ ما يلزم من إجراءات تحد من هذه التفاوتات وتحقق توازن الأسواق والأسعار.
وأوضحت وزارة الاقتصاد أن التفاوت في أسعار السلع والخدمات في سلطنة عُمان يعكس تداخلاً متشابكاً بين مجموعة متنوعة من العوامل الاقتصادية، أبرزها هيكلية سلة الاستهلاك وتفاوت أنماط الإنفاق بين المحافظات، إذ تعتمد سلة الاستهلاك بشكل رئيسي على سلع وخدمات أغلبها مَحَلّي المنشأ كالمسكن والاتصالات والنقل والتعليم والمطاعم والفنادق والثقافة والترفيه والتي تتميز باستقرار أسعارها، مما يسهم في الحفاظ على ثبات المؤشر العام للأسعار.
في المقابل، تظهر التباينات في أسعار المستهلكين بصورة واضحة على مستوى المحافظات؛ حيث تسجل بعض المحافظات زيادات ملحوظة في أسعار سلع محددة تُفضي إلى تضخم إيجابي، بينما تشهد محافظات أخرى انخفاضات طفيفة. علاوة على ذلك، تلعب السلع المستوردة، دوراً متفاوتاً في التأثير على الأسعار، في حين يستمر ارتفاع أسعار مكونات أساسية مثل الغذاء والشراب والسلع الأولية. ساهم هذا التباين في تحقيق استقرار نسبي للأسعار على مستوى سلطنة عمان.
وأكدت وزارة الاقتصاد أن تعزيز الإنفاق الاجتماعي والإنفاق على الخدمات الأساسية من الصحة والتعليم والإسكان أولوية حافظت عليها سلطنة عمان لتحسين مستويات المعيشة وتخفيف أعبائها وترقية الخدمات حتى إبان فترة تأثر الوضع المالي للدولة بتبعات الجائحة وتراجع أسعار النفط، حيث تم إطلاق حزمة من المبادرات الاجتماعية التي ساهمت في مساندة الفئات المتأثرة بتبعات الأزمات العالمية، وتضمنت السياسات والتدابير الحكومية التي تحد من تأثير التضخم على مستويات معيشة المواطنين تثبيت أسعار الوقود ودعم السلع الغذائية وتوسعة قائمة السلع الغذائية المعفاة من ضريبة القيمة المضافة ودعم خدمات كالنقل والمياه والكهرباء والصرف الصحي وغيرها من الخدمات. وعزز الاستقرار المالي الذي حققته سلطنة عمان الثمار التي تنعكس على تحسين مستويات الرفاه والحماية الاجتماعية ومعيشة المواطنين ودعم التنمية المستدامة وفقا لمستهدفات "رؤية عمان 2040" حيث يتوجه 30 بالمائة من حجم اعتمادات المشاريع الإنمائية للخطة الخمسية العاشرة لتعزيز الهياكل الاجتماعية بما يصل إلى 3 مليارات ريال عماني منذ بدء تنفيذ الخطة وحتى نهاية أكتوبر 2024.
ومع الارتفاع الذي شهدته أسعار النفط خلال عام 2022، قضت التوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- بحسن استغلال الفوائض المالية التي تحققت من ارتفاع أسعار النفط وتوجيهها نحو تسريع سداد الدين وتنفيذ المشروعات التنموية وتوجيه جانب من هذه الفوائض لتخفيف أعباء تبعات الأزمات العالمية على معيشة المواطنين، وشهدت السنوات الماضية دعما مستمرا لمخصصات الميزانية العامة للدولة لبند الدعم والمساهمات الموجهة لتخفيف أعباء المعيشة وتنفيذ مستهدفات التنمية المستدامة ومواكبة تنفيذ "رؤية عمان 2040" ورفعت سلطنة عمان مخصصات بند المساهمات والنفقات الأخرى في الميزانية العامة إلى 1.931 مليار ريال عماني في عام 2022 وتم توجيه 546 مليون لدعم الكهرباء و730 مليون لدعم المنتجات النفطية و20 مليون ريال عماني لدعم السلع الغذائية، وبلغت مخصصات بند المساهمات والنفقات الأخرى 1.689 مليار ريال عماني خلال عام 2023، كما تم خلال العام الماضي تعزيز الإنفاق الاجتماعي من خلال مخصصات أسر الضمان الاجتماعي ومخصصات إعفاء عدد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من القروض، ومخصصات دعم فوائد القروض التنموية والإسكانية، وتعزيز ميزانية قطاعي الصحة والتعليم لتغطية التوسع في تقديم الخدمات، إضافة إلى رفع مخصصات الطلبة المبتعثين في الخارج بنسبة 15 – 90% وفق المستوى المعيشي في تلك الدول بسبب ارتفاع التضخم العالمي, وإضافة 150 بعثة خارجية ليصل إجمالي البعثات الخارجية إلى 550 بعثة.
ومع تطبيق منظومة الحماية الاجتماعية خلال العام الجاري، تم رفع مخصصات بند المساهمات والنفقات الأخرى في الميزانية ويبلغ عدد المشمولين بخدمات صندوق الحماية الاجتماعية الشهرية أكثر من 2.39 مليون مواطن من بينهم نحو 1.5 مليون مواطن من مختلف شرائح المجتمع يستفيدون من منافع الحماية الاجتماعية بما في ذلك منفعة كبار السن ومنفعة الأطفال، وقد وجه صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله- بتخصيص 72 مليون ريال عُماني ضمن الميزانية العامة للدولة، لتمويل برنامج منفعة دعم الأسرة ضمن منافع صندوق الحماية الاجتماعية، كما تم خلال العام الجاري تنفيذ ترقية أقدمية 2013 وأقدمية 2014 بإجمالي تكلفة للترقيات بلغ نحو 60 مليون ريال عماني في ميزانية العام الجاري، ويستفيد منها أكثر من 52 ألف موظف في الجهاز الإداري للدولة، ومن خلال الميزانية العامة للدولة لعام 2024 تم اعتماد نحو 2.177 مليار ريال عماني في بند المساهمات والنفقات الأخرى، وتمثل نحو 19 بالمائة من إجمالي الإنفاق، وتتضمن 560 مليون ريال عماني لبرنامج الحماية الاجتماعية، و460 مليون ريال عماني لدعم قطاع الكهرباء، و184 مليون ريال عماني لدعم قطاع المياه والصرف الصحي، و240 مليون ريال عماني للمشاريع ذات الأثر التنموي، و35 مليون ريال عماني لدعم المنتجات النفطية، و84 مليون ريال عماني لدعم قطاع النقل، و59 مليون ريال عماني لدعم قطاع النفايات، و25 مليون ريال عماني لدعم السلع الغذائية، و55 مليون ريال عماني لدعم فوائد القروض التنموية والإسكانية، و35 مليون ريال عماني لدعم قطاعات أخرى إضافة إلى 400 مليون مخصص للديون، و40 مليون ريال عماني مساهمات في مؤسسات محلية وإقليمية ودولية، كما تواصل الميزانية إعطاء الأولوية للمشاريع ذات البعد الاجتماعي مثل مشاريع التعليم والصحة والإسكان الاجتماعي، ويبلغ إجمالي المعتمد لهذه القطاعات في ميزانية عام 2024 نحو 4.8 مليار ريال عماني، بما يمثل نسبة 41 بالمائة من إجمالي الإنفاق، ودعما لقطاع التعليم، أقر مجلس الوزراء خلال العام الجاري تخصيص مبلغ إضافي 40 مليون ريال عُماني ضمن الخطة الخمسية الحالية لتسريع بناء مدارس جديدة في عدد من المحافظات.
وحول تطورات قطاع الأمن الغذائي ودورها في دعم الاكتفاء الذاتي ووفرة الإمدادات المحلية من منتجات الغذاء في سلطنة عمان، أوضحت وزارة الاقتصاد أن أنشطة الخدمات وأسعار السلع الغذائية كانت الأكثر تأثرا بتفاقم التضخم العالمي عقب تفشي الجائحة في عام 2020 وازدادت التأثيرات مع تبعات الحرب في أوكرانيا التي أثرت على سلاسل الإمداد العالمية وأسعار الغذاء، وتزامن ذلك مع بدء انطلاقة "رؤية عمان 2040" والتي ساهم تنفيذها في تطورات إيجابية واسعة ومتواصلة في تعزيز الأمن الغذائي خلال السنوات الماضية بما في ذلك زيادة الإنتاج الغذائي وتشجيع الاستثمار في صناعات الغذاء والإجراءات الاحترازية لتجنب التقلبات العالمية وتأثيرها على أسعار السلع الغذائية، حيث وسعت سلطنة عمان عمليات الاستيراد المباشر للسلع والخدمات من خلال خطوط الشحن الدولية المباشرة لمجموعة أسياد التابعة لجهاز الاستثمار العماني والتي تربط حاليا موانئ سلطنة عمان مع أكثر من 37 ميناء في 11 دولة، وتساهم في تحقيق الأمن الغذائي وتنويع مصادر الاستيراد إضافة إلى تسهيل سلاسل الإمداد من وإلى سلطنة عمان وخفض كلفة الواردات، كما أمنت سلطنة عمان الاحتياطي الاستراتيجي من الحبوب لفترات طويلة مع تشغيل صوامع تخزين الحبوب بصحار بطاقة تخزينية تبلغ 160 ألف طن، وهناك تقدم متواصل في قطاع الأمن الغذائي من خلال تحسين مؤشرات الاكتفاء الذاتي وزيادة حجم الإنتاج الزراعي والسمكي والتوسع في صناعات الغذاء بهدف خفض الواردات الغذائية وزيادة حصة المنتجات والصناعات الغذائية من إجمالي صادرات سلطنة عمان، وقد ساهمت استراتيجيات الأمن الغذائي ومختبرات وعيادات الأمن الغذائي التي تم تنظيمها خلال السنوات الماضية في تعزيز جاذبية الاستثمار في قطاع الغذاء وإيجاد الممكنات المشجعة للاستثمار وتأسيس المشروعات الجديدة، كما تتوسع سلطنة عمان في منظومة موانئ الصيد وتحقيق تكاملها مع سلاسل إنتاج الغذاء والتصنيع، ومنظومة المدن والتجمعات الاقتصادية المتكاملة للغذاء، من خلال المشاريع في مدينة خزائن الاقتصادية ومنطقة النجد في محافظة ظفار ومنطقة الدقم، وقد أدت حزمة المشاريع التي تم إقامتها خلال السنوات الماضية من خلال الشركات التابعة لجهاز الاستثمار العماني وبالشراكة مع القطاع الخاص ومن خلال استثمارات القطاع الخاص في رفع معدلات الاكتفاء الذاتي من منتجات أساسية مثل الحليب والدواجن وبيض المائدة واللحوم الحمراء، ويغطي الانتاج السمكي الاحتياجات المحلية مع حصة جيدة من الصادرات، كما يشهد الانتاج الزراعي زيادة ملموسة تعزز الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية، وتضمنت المبادرات خلال مختبر الأمن الغذائي 2024 مبادرة إحلال الواردات التي تهدف إلى تطوير برنامج زمني لرفع نسبة الاكتفاء الذاتي لعدد من السلع المستهدفة لتصل إلى 75 بالمائة، وتطوير حزمة من الفرص الاستثمارية المرتبطة بالقيمة المحلية المضافة لتعظيم العائد الاقتصادي من الموارد الطبيعية ضمن تنفيذ السياسة الوطنية للمحتوى المحلي.
وأوضحت وزارة الاقتصاد أنه فيما يتعلق بتطورات وتوجهات التضخم عالميا، فمنذ عام 2021 تحول التضخم إلى واحد من أكبر التحديات التي واجهت العالم خلال العقود الأخيرة، وفي ظل جهود البنوك المركزية العالمية لاحتواء التضخم ودفعه للتراجع من خلال رفع معدلات الفائدة المصرفية، بدأ التضخم في التراجع بشكل ملموس بداية من العام الماضي ويواصل الانخفاض خلال العام الجاري، وتشير توقعات البنوك المركزية العالمية والمؤسسات الدولية إلى أن معدلات التضخم تنحسر بشكل متواصل، وحسب تقرير آفاق الاقتصاد العالمي لشهر أكتوبر 2024 الصادر عن صندوق النقد الدولي بلغ التضخم الكلي ذروته عالميا عند معدل 9.4 بالمائة في الربع الثالث من عام 2022، مقارنة مع نفس الفترة من 2021 وتراجع إلى 6.7 بالمائة خلال العام الماضي ومن المتوقع أن ينخفض التضخم الكلي عالميا إلى نسبة 5.8 بالمائة في 2024، مما يشير إلى أن جهود البنوك المركزية تحقق نجاحا متزايدا في احتواء التضخم، وبناء على هذه التطورات، قام صندوق النقد الدولي بخفض توقعاته للتضخم خلال العام المقبل، وبعد أن كانت التوقعات تشير إلى معدل تضخم متوقع يبلغ 4.4 بالمائة في عام 2025، تم خفض التوقعات إلى 3.5 بالمائة مع حلول نهاية العام القادم 2025، وهي نسبة أقل قليلا من متوسط التضخم خلال العقدين السابقين على تفشي الجائحة، مشيرا إلى أنه في معظم دول العالم، أصبح التضخم يقترب الآن من مستهدفات البنوك المركزية، وفي ظل هذا التراجع للتضخم بدأت البنوك المركزية الكبرى خلال العام الجاري خفض معدلات الفائدة المصرفية إيذانا بانتهاء سياسات التشدد النقدي ورفع الفائدة المصرفية التي تم تبنيها من قبل البنوك المركزية خلال الأعوام السابقة.