زيارة ليندركينغ للشرق الأوسط .. هل ستسهم في تمديد الهدنة وإنهاء حرب اليمن؟ .. تقرير
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
شهد مطلع العام الجاري وحتى أبريل الماضي تطورات دعت للتفاؤل في ملف الأزمة اليمنية، خصوصاً بعد إنهاء الأزمة بين الرياض وطهران، وزيارة وفد سعودي لأول مرة صنعاء، التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، منذ عام 2014، بعد انقلاب على الحكومة الشرعية أفضى إلى تدخل الرياض عسكرياً.
لكن ومنذ مطلع مايو الماضي وحتى اليوم بدا أن الأزمة اليمنية تراوح مكانها دون أي تقدمٍ يذكر خلال الأشهر الثلاثة الماضية، باستثناء إنهاء جزء من معضلة خزان صافر النفطي، مع حديثٍ عن تعنت حوثي أمام الوساطة العُمانية والمقترحات الأممية والدولية.
ويبدو أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تريد إغلاق ملف الأزمة اليمنية قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، من خلال تحريك سياستها الخارجية عبر مبعوثها إلى اليمن الذي زار الخليج منتصف أغسطس، فهل تكون الزيارة مفتاحاً لعودة الحراك الدبلوماسي بشأن اليمن، أم أن الأزمة ستبقى على ما هي عليه في اللاحرب واللاسلم؟
ليندركينغ بالخليج
تتزاحم التطورات في المنطقة وعلى المستوى الدولي بخصوص عدد من الأزمات، من ضمنها حرب أوكرانيا وأزمة النووي الإيراني، لكن فيما يتعلق باليمن، بدت التحركات أقل مما كانت عليه قبل عدة أشهر.
وترتبط التطورات باليمن بملفات دولية مختلفة، كالانتخابات الرئاسية الأمريكية، والتي ربما كانت السبب في تحرك جديد تقوم به واشنطن بإرسال مبعوثها ليندركينغ إلى الخليج لبحث "هدنة دائمة وسلام شامل" في البلد العربي، فيما كانت آخر زياراته للخليج مطلع مايو الماضي.
وجاء في بيان نشرته الخارجية الأمريكية على موقعها الإلكتروني: "يسافر ليندركينغ إلى الخليج في 14 أغسطس، لدفع الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لتمديد الهدنة وإطلاق عملية سلام شاملة".
وقالت الخارجية: إن "الولايات المتحدة ملتزمة بدعم حل للصراع اليمني في أقرب وقت ممكن"، مضيفة: "نعمل عن قرب مع الأمم المتحدة والسعودية والإمارات وعمان وشركاء آخرين للبناء على الهدنة الأممية في اليمن التي وفّرت أطول فترة من الهدوء منذ بدء الحرب، وتمكين اليمنيين من تكوين مستقبل أكثر إشراقاً لبلادهم".
وكانت أولى محطاته في الإمارات، (14 أغسطس 2023)، والتقى فيها أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي، وبحثا الجهود الدولية لحل أزمة اليمن، حيث أكد الأخير "أهمية الجهود التي تقودها السعودية من أجل إيجاد تسوية سلمية تنهي الأزمة اليمنية وتداعياتها الإنسانية".
وأكد قرقاش "الالتزام التاريخي للإمارات باستقرار اليمن وازدهاره، ودعم الجهود كافة الرامية لإيجاد حل للأزمة اليمنية بما يحقق مصالح الشعب اليمني".
وبحسب الخارجية فإن ليندركنغ سيلتقي خلال زيارته مسؤولين من اليمن والسعودية والإمارات وعُمان وغيرهم من الشركاء الدوليين، حيث سيناقش معهم الخطوات الضرورية لتأمين وقف دائم لإطلاق النار.
جمود سياسي
وخلال الأشهر الماضية، منذ توقف التحركات السعودية العُمانية في أبريل الماضي، شهدت الأزمة اليمنية جموداً كبيراً، باستثناء بعض التصريحات، كان من بينها ما كشفه رئيس مجلس القيادة الرئاسي باليمن، رشاد العليمي، عن أن "جهود السلام لم تحقق أي تقدم حتى الآن على مختلف المسارات"، رغم الجهود الكبيرة للتحالف العربي والمبعوثين الأممي والأمريكي.
وحمّل العليمي الحوثيين "المسؤولية عن هذا الوضع، بعد أن دفعت مؤخراً بتعزيزات عسكرية مؤلفة من آلاف الجنود والآليات إلى محافظات حجة وتعز والجوف، في مسعى لخوض جولة جديدة من الحرب، وإجهاض أي تحرك من أجل الهدنة".
كما حملت تهديدات الحوثيين خلال الشهر الأخير إشارات إلى فشل التقارب مع السعودية، وعلى رأس تلك التهديدات ما جاء على لسان زعيم الجماعة المتمردة في اليمن (12 أغسطس 2023)، من استهداف "مدينة نيوم"، أهم المشاريع السعودية العملاقة التي وجهت كل إمكاناتها للمضي قدماً نحو تدشينها ضمن رؤية 2030.
وأواخر يوليو الماضي، خرج العراق معلناً، على لسان وزير خارجيته فؤاد حسين، استعداده للتوسط في حل الأزمة اليمنية، متسلحاً بنجاحه في المساعدة بشكل رئيس في إنهاء الأزمة السعودية الإيرانية، التي أفضت إلى عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وكان ينظر إلى هذا التقارب على أنه سيكون مفتاحاً لإنهاء أزمة اليمن.
لا جديد
يرى الباحث السياسي اليمني نجيب السماوي، أن زيارة المبعوث الأمريكي إلى الخليج "لا تحمل أي جديد سوى رغبة أمريكية بالتخلص من أحد الملفات العالقة في سياسة إدارة بايدن الخارجية"، مستبعداً تحقيق ذلك على المدى القريب.
ويشير في حديثه إلى ما وصفه بـ"الفشل" في إحداث تفاهمات بين السعودية والحوثيين سابقاً، موضحاً: "عُمان التي ينظر إليها على أنها وسيط مقبول من الحوثيين والسعودية فشلت في تحقيق اختراق ملموس في هذه الأزمة".
وأكمل، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، بقوله: "سلطنة عُمان نجحت في إدارة جولة أولى من المشاورات بين السعودية وجماعة الحوثي في أبريل الماضي، لكنها فشلت في تحقيق اختراق سياسي ملموس لدفع المسار التفاوضي، سواء بخفض سقف المطالب التي تتبناها جماعة الحوثي، أو دفع السعودية إلى قبول اشتراطاتها".
ويؤكد السماوي أن المشكلة الحقيقية "ليست لدى السعودية، الطرف الذي يرى الحوثي أنه يتحمل اشتراطاته، بل بلغة الانتصار المبالغ فيها من قبل الحوثي، والتي إن تم القبول بها بضغوط دولية ستكون أقرب للهزيمة مما كانت عليه سابقاً كتقاربات لإنهاء أزمات المنطقة".
وتابع: "القوى المتصارعة في اليمن، خصوصاً الحوثيين، استثمرت قضية رواتب موظفي الدولة، ولن تعمل على إيجاد حل لمعاناتهم، بل سوف تستمر في توظيفها لانتزاع مكاسبها، إلى جانب معارك سلطات الحرب لفرض شروطها واستحقاقاتها السياسية، وهو ما يعني أن أي حديث عن هدنة أو اتفاق سياسي لن يأتي إلا بتحقيق هذا الأمر، والذي يشكل انتصاراً للحوثي".
إنهاء الحرب
كان اليمنيون يتوقون إلى أن ينفذ بايدن وعده الذي أبرمه خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحرب في اليمن، مستخدماً نفوذ الولايات المتحدة لجلب جميع الأطراف إلى طاولة المفاوضات وإنهاء الصراع، لكن ولايته الأولى على وشك أن تنتهي ولم يتحقق من ذلك سوى القليل فقط.
وأكثر ما ساهم في الهدنة والتوقف شبه الكلي للحرب ليست التحركات الأمريكية، بل المصالحة بين السعودية، التي تقود تحالفاً عسكرياً داعماً للحكومة اليمنية، وإيران، الداعمة للمتمردين الحوثيين في اليمن، والتي أعلن عنها في مارس من العام الجاري.
وفي المقابل توقفت المفاوضات السعودية الحوثية منذ نحو ثلاثة أشهر بعد زيارة وفد سعودي عُماني إلى صنعاء في أبريل الماضي، في وقتٍ بدت الجهود المبذولة إقليمياً ودولياً لإحلال السلام في اليمن شبه متوقفة.
وكان الوفدان، العُماني والسعودي، قاما بزيارة إلى صنعاء اليمنية الخاضعة لسيطرة الحوثي، وهي الزيارة الأولى بالنسبة للسعوديين منذ بدء الحرب، والتقيا بقيادات جماعة الحوثي، تتويجاً لجهود الوساطة العمانية والجهود الدولية المكثفة التي بذلتها الولايات المتحدة والأمم المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي لإحلال السلام في اليمن.
وتتفق جميع الأطراف الفاعلة في اليمن على أهمية الوصول إلى سلام دائم ينهي الحرب، لكنها تختلف حول الطريقة التي توصل إلى ذلك، خصوصاً مع ارتفاع سقف الاشتراطات الحوثية خلال الأشهر الأخيرة.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
اليمن على حافة الانهيار: أرقام صادمة تكشف حجم الكارثة (تقرير)
(خاص من موقع / شمسان بوست)
منذ اندلاع النزاع في اليمن عام 2014، تعيش البلاد أزمة إنسانية واقتصادية خانقة، حيث ألقت الحرب بظلالها على جميع جوانب الحياة. دُمرت البنية التحتية، وانتشرت البطالة والفقر، وأصبحت موارد الدولة هدفاً للعبث من قبل الأطراف المتصارعة، مما زاد الوضع تعقيداً.
الوضع الاقتصادي: تدهور شامل
انكماش الناتج المحلي: وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، تراجع الناتج المحلي الإجمالي لليمن بنسبة 50% منذ بدء النزاع، حيث انخفض من 39 مليار دولار في 2014 إلى 19.5 مليار دولار في 2021.
ارتفاع التضخم: وصلت معدلات التضخم إلى 40% سنوياً في بعض المناطق، مما أدى إلى انخفاض القدرة الشرائية ودفع الملايين تحت خط الفقر.
قطاع النفط والغاز: مصدر دخل مفقود
تراجع الإنتاج: انخفض إنتاج النفط من 450,000 برميل يومياً في 2014 إلى أقل من 50,000 برميل يومياً في 2022، نتيجة لتدمير المنشآت وتعاظم المخاطر الأمنية.
إيرادات ضائعة: تشير التقديرات إلى أن اليمن فقد نحو 11 مليار دولار من الإيرادات بسبب توقف صادرات النفط والغاز.
الفساد والاحتكار: عبء إضافي
تفشي الفساد: حلت اليمن في المرتبة 179 من أصل 180 في مؤشر الفساد العالمي لعام 2022، مما يعكس ضعف الشفافية وسوء إدارة الموارد.
احتكار الموارد: تسيطر جماعات مسلحة على الموارد الطبيعية، بينما تُهدر الثروات الوطنية لصالح القلة.
الخدمات الأساسية: انهيار شبه كامل
التعليم: تفيد تقارير اليونيسف بأن مليوني طفل خارج المدرسة، في حين يعاني 4.5 مليون آخرون من نقص الخدمات التعليمية.
الصحة: تدمير أكثر من 50% من المنشآت الصحية أدى إلى حاجة 16 مليون شخص للرعاية الصحية الأساسية.
الحلول: استجابة عاجلة مطلوبة
دعم دولي: تحتاج اليمن إلى 4.3 مليار دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية والاقتصادية العاجلة.
إصلاحات داخلية: تشمل تعزيز الشفافية، مكافحة الفساد، وضمان التوزيع العادل للموارد.
الخلاصة
تمر اليمن بمرحلة حرجة تتطلب استجابة شاملة وفعّالة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. التعاون المحلي والدولي هو الحل الوحيد لمعالجة آثار الحرب، إعادة بناء الاقتصاد، وضمان مستقبل مستدام للشعب اليمني.