تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

لعب المؤرخون الأقباط دورًا مهما في حفظ تاريخ مصر، سواء في العصور الفرعونية أو القبطية أو الإسلامية، تاركين إرثًا غنيًا من الكتابات التي سجلت الأحداث الدينية والاجتماعية والسياسية، وفي كل حقبة يبرز مؤرخ قبطي يسعى لتوثيق معالم حقبته، ويمثل المؤرخ ماجد كامل فهمي مثالاً معاصراً لذلك، حيث يكمل مسيرة المؤرخين الأقباط التي استمرت لقرون عديدة.


سيرة ومسيرة

يُعد ماجد كامل باحثاً في التراث القبطي وعضو لجنة التاريخ القبطي، سبق له أن صدر عنه الكتب التالية: (كتاب قديسون ومزارات صدر عن المركز الاعلامي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، كتاب عن عبد الله النديم، كتاب البابا تواضروس الثاني سنوات من العطاء الكنيسة والوطن، مائة شخصية قبطية على أرض مصر، كتاب عن مقالات في الهوية القبطبة صدر عن ايبارشية المعادي) كما أن له كتابات في العديد من المجلات الصحفية، له كتابات منتظمة بشكل شبه يومي على الصفحة الخاصة به على الفيس بوك.

وقدم لنا المؤرخ المعاصر عمل أدبي تاريخي ثري بعنوان «مائة شخصية قبطية على أرض مصر» لوحة فنية زاهية بالألوان والأحداث، حيث يسرد لنا الكاتب قصص مئة شخصية قبطية ساهمت بشكل كبير في بناء الحضارة المصرية، سواء في المجالات الدينية أو العلمية أو الفنية أو الاجتماعية، فكل شخصية تحمل في طياتها قصة فريدة وملهمة.
يعتمد الكاتب في دراسته على مصادر موثوقة، ويُقدم تحليلًا عميقًا لشخصياته، مما يجعل كتابه مرجعًا قيمًا لكل الباحثين المهتمين بتاريخ مصر وحضارتها. حيث يُعد الكتاب إضافة قيمة للمكتبة المصرية، كما يُشكل دعوة للجميع للاطلاع على هذا الجانب المهم من تاريخنا.
كما يُسلط الكتاب الضوء على حياة وإنجازات مائة شخصية قبطية بارزة، عاشت وترعرعت على أرض مصر منذ عصر محمد علي وحتى يومنا هذا، وعبر قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، عن تقديره للكتاب، واصفًا إياه بأنه سجل موسوعي فريد له كل التقدير والامتنان، إذ يحوي بين دفتيه حياة مائة شخصية قبطية نبتت على أرض مصر، وقدمت حياتها من أجل الوطن في جميع المجالات الأدبية والثقافية والعلمية والكنسية، وكانت وما زالت شموعًا على الدرب، وخلال أكثر من قرنين تُلهم الآخرين وتسهم فى بنيان الوطن والإنسان بأرفع القيم الإنسانية والمباديء الحياتية.

ولقى هذا الكتاب اهتمام البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، حيث وجه البابا الشكر إلى الكاتب والباحث ماجد كامل، قائلًا: «جامع هذه السير المباركة والأحباء الذين راجعوا وأعدوا هذا العمل الكبير للنشر، ويسرنا فى بطريركية الأقباط الأرثوذكس بالقاهرة، أن نقوم بالنشر عرفانًا بالجميل لكل هذه الأسماء التى أثرت حياتنا على مدى الأجيال».

وللمرأة نصيب في هذا الكتاب، حيث يحتوي على 8 شخصيات نسائية مثل: إستر فهمي ويصا (1895-1990) إحدى قيادات الحركة النسائية المصرية في العصر الحديث، حيث كان لها دورًا قياديًا ومؤثرًا خلال ثورة 1919 وما بعدها، والمؤرخة الكنسية الكبيرة إيريس حبيب المصري (1910-1994) صاحبة موسوعة «قصة الكنيسة المصرية»، التي يرجع إليها جميع الباحثين ورجال الكنيسة، وتتلمذ على يدها خلال فترة دراسته بقسم اللغة القبطية بمعهد الدراسات القبطية سنة 1987، وتمنى أن تتولى أي جهة جمع مقالتها المجهولة والمتناثرة في العديد من الدوريات، وأيضًا ‏نظيرة نقولا (1902-1992) التي اشتهرت بلقب "أبلة نظيرة" واحدة من أشهر السيدات اللواتي لعبن دورًا كبيرًا في البيت المصري، وصاحبة أول موسوعة باللغة العربية في فنون الطهي، واعتمد عليها معظم ربات البيوت.
كما تناول الكتاب لأشهر الصحفيين الأقباط منهم: تادرس شنودة المنقبادي (1857- 1932) أول من نادى بفكرة مصر للمصريين، حيث كان اقتصاديًا وطنيًا، وأحد رواد الصحافة المصرية، ومن مؤسسي جريدة مصر، ويمثل ميخائيل عبدالسيد (1860-1914) أهمية كبيرة في تاريخ الصحافة المصرية، فهو مؤسس جريدة الوطن، وأيضًا أنطون سيدهم (1915- 1995) أهم مؤسسي الصحافة القبطية، ودوره في تأسيس أحد أشهر الجرائد القبطية جريدة وطني، التي لا تزال تصدر حتى الآن، ومن أشهر الأقلام التي كتبت العديد من المقالات في الملف القبطي، ودخل في صراع مباشر مع الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
وأيضًا من بين الصحفيين الأقباط الذين لعبوا دورًا كبيرًا ومؤثرًا في خدمة قضايا الوطن والأقباط، مسعد صادق (1916-2000) وله عدد كبير من المقالات نُشرت في جريدة وطني وجريدة الفداء، والصحفي العجوز توفيق حبيب مليكة (1880-1941)، فهو مؤرخًا صادقًا وموضوعيًا مولعًا بالكتابة في السير والتراجم.
كما كتب «كامل» عن سيرة حياة الدكتورة أنجيل بطرس سمعان «1923-2011»، أستاذة الأدب الإنجليزي بجامعة القاهرة، التي لم تكتفِ بدورها الجامعي الرائد، وإنما شاركت في العمل العام كعضوة بمجلس الشورى، وأيضًا في خدمة معهد الدراسات القبطية.
كما يُبرز المؤلف شخصية إيريس حبيب المصري «1910- 1994»، ابنة السياسي ورجل المجتمع البارز حبيب المصري، ودورها كمؤرخة من خلال موسوعتها الشهيرة «قصة الكنيسة القبطية».=
ويُلقى «كامل» أضواءً مهمة على شخصيات لعبت أدوارًا مهمة، لكن ربما لا يعرفها أغلبنا مثل إيزاك فانوس «1919-2007»، رائد إحياء الفن القبطى المعاصر، وأيضًا أنيس عبيد «1909- 1988» ودوره في ريادة الترجمة السينمائية للأفلام الأجنبية بمصر، كما يكتب عن أحد أهم علماء مصر في القرن العشرين الدكتور رشدي سعيد «1920-2013» عالم الجيولوجيا المشهور، والعاشق لمصر ونهرها نهر النيل.

أبرز المؤرخين الأقباط

1- (يوليوس الاقفهصى) فى القرن الثالث الميلادى أول مؤرخ قبطى معروف، والذي اهتم بتسجيل أخبار الاضطهادات وسير الشهداء.
2- (يوسابيوس القيصري) وهو أسقف القيصرية فى القرن الرابع، ويلقبه البعض بأبو التاريخ الكنسي لريادته المبكرة.
3- (الأنبا يوحنا) أسقف نيقيوس بالمنوفية، فى القرن السابع الميلادي، صاحب المؤلف الشهير (تاريخ العالم القديم) الذى دوَّن فيه تاريخ العالم منذ بدء الخليقة حتى أواخر القرن السابع الميلادي
4- (الأنبا ساويرس بن المقفع) أسقف الاشمونين بالمنيا فى القرن العاشر، المؤرخ الضليع الذى سجل التاريخ القبطى باللغة العربية، فى مؤلفه الثمين "تاريخ بطاركة الإسكندرية"
5- (الأنبا يوساب) أسقف فوة فى القرن الثالث عشر، وهو راهب مقارى كتب "سير البطاركة السكندريين"، وغيره من الكتب التي تبحث في تعاليم الكنيسة.
6- اولاد العسال فى القرن الثالث عشر، وهم افراد عائلة قبطية مثقفة لهم الكثير من المؤلفات، من أشهرهم، الأسعد أبو الفرج هبة الله الذي ألف كتاب في الحساب ودون فيه قواعد فلكية وجدول للبطاركة وأحداث تاريخية وكتاب في اللغة القبطية وغيرها
7- القمص (أبو المكارم سعد الله بن جرجس بن مسعود) أيضا فى القرن الثالث عشر، من أشهر مؤلفاته كتاب "تاريخ الكنائس والأديرة" و"تتمة المختصر فى أخبار البشر".
8- (الأنبا يوحنا) أسقف البرلس، فى القرن الثالث عشر، وهو الشهير بـ"جامع السنكسار".
9- (الأنبا ميخائيل) أسقف اتريب ومليج في القرن السابع عشر الميلادى، وقد جمع سنكسار خاص به، كما كتب عدة كتب من بينها "الطب الروحاني مجموع من قوانين الآباء القديسين وأسئلة وأجوبة معلمي الكنيسة".
10- (إيريس حبيب المصري) عاشت في القرن العشرين أحد ابرز المؤرخين الاقباط عبر التاريخ وأبرز أعمالها قصة الكنيسة القبطية.

وفي النهاية، أرسل كامل تقديري واعتزازي إلى المؤرخ ماجد كامل على دوره البناء والبارز في تدوين التاريخ القبطي، متمنياً له المزيد من التألق والأبداع. 
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الحضارة المصرية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية البابا تواضروس الثاني سليمان شفيق حبیب المصری على أرض مصر ماجد کامل فی القرن من أشهر مؤرخ ا وأیض ا

إقرأ أيضاً:

مؤرخ يهودي: مؤسسو إسرائيل ضد الدين والإنجيليون يدعمونها أكثر من اليهود

جاء ذلك خلال حديثه في برنامج "المقابلة" الذي تناول فيه مسألة الفصل بين اليهودية والصهيونية وكذلك بين اليهود ودولة إسرائيل من جانب آخر، حيث يرى أن الأيديولوجيات والأساطير المحيطة بإسرائيل تعرقل الفهم السليم للواقع وتخلق حالة من الالتباس.

وولد البروفيسور رابكين في مدينة لينينغراد (التي تُعرف اليوم بسان بطرسبورغ) بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ونشأ في أسرة ذات أصول متنوعة؛ حيث وُلدت أمه في وارسو بينما وُلد أبوه في بيلاروسيا.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4"المسيح سيخلف نتنياهو".. هكذا تحيي إسرائيل الحلم التوراتي بإعادة احتلال لبنانlist 2 of 4موقع كندي: أينشتاين عارض الاستيطان الصهيوني وتنبأ بالكوارث الحاليةlist 3 of 4الكنيسة القبطية وإسرائيل.. قصة اللاهوت الحائر بين العروبة والإنجيلlist 4 of 4كيف تحالف البروتستانت مع الصهيونية رغم كره مارتن لوثر لليهود؟end of list

وفي الاتحاد السوفياتي الذي ترعرع فيه، كانت اليهودية تُعتبر جنسية وليست ديانة، وهو أمر انعكس في الوثائق الرسمية، وأوضح رابكين أن الدين لم يكن حاضرا في حياة عائلته، في ظل مجتمع علماني ركز على القومية السوفياتية.

وأشار إلى أن تصنيف اليهودية كجنسية يعود إلى حقبة الإمبراطورية الروسية في القرن التاسع عشر، عندما كان اليهود يعيشون في نطاق استيطاني خاص ولم يُسمح لهم بالانتقال إلى المدن الكبرى.

ومع تراجع الالتزام بالممارسات الدينية، بدأ بعض اليهود يتساءلون عن هويتهم، ما أدى إلى تعريف اليهودية كجنسية، ولفت إلى أن هذه الفكرة انتقلت إلى الاتحاد السوفياتي ثم إلى دولة إسرائيل، حيث استمرت اليهودية تُعرف كجنسية بجانب كونها ديانة.

إعلان مخالف للتقاليد الدينية

وفي سياق حديثه عن الحركة الصهيونية، قال رابكين إن غالبية الحاخامات اليهود عارضوا مشروع إنشاء وطن قومي في فلسطين، معتبرين أن الفكرة تخالف التقاليد الدينية.

وأوضح أن الصهيونية لم تكن فكرة يهودية المنشأ، بل كان المسيحيون الإنجيليون هم من روَّجوا لها لقرون، ساعين إلى تجميع اليهود في فلسطين تحقيقًا لنبوءات دينية تتعلق بالمجيء الثاني للمسيح، ورغم ذلك، رفض غالبية اليهود في أواخر القرن التاسع عشر هذا المشروع، معتبرين أن العودة الجماعية إلى فلسطين يجب أن تحدث فقط عند مجيء المسيح.

وأكد رابكين أن مؤسسي دولة إسرائيل، مثل ديفيد بن غوريون، كانوا علمانيين استغلوا المبررات الدينية لتحقيق أهداف سياسية، ولفت إلى المفارقة في أن هؤلاء القادة أنكروا وجود الله، ومع ذلك استخدموا وعده بالأرض كتبرير للسيطرة عليها.

وأضاف أن تغييرات جوهرية حدثت بعد حرب 1967، حيث طوَّر بعض الحاخامات ما يُعرف بـ"اليهودية القومية"، التي ربطت الصهيونية بالتوراة لتبرير الاحتلال والاستيطان، وأشار إلى أن هذا التيار القومي اليهودي كان وراء العديد من الجرائم ضد الفلسطينيين، خاصة من قبل المستوطنين في الضفة الغربية الذين يرون في أفعالهم تنفيذا لأوامر إلهية.

كما أوضح أن اليهودية التاريخية رفضت العنف وتبنت السلمية، إذ لم تكن لليهود سلطة سياسية لأكثر من ألفي عام. ومع ذلك، أُعيد تفسير النصوص الدينية من قِبل المستوطنين لمنح شرعية للعنف.

خلط متعمد

وفيما يتعلق بالعلاقة بين اليهودية والصهيونية، أكد رابكين أن هناك خلطا متعمدا تروج له دولة إسرائيل لتبرير سياساتها، وأشار إلى أن غالبية اليهود حول العالم لم يدعموا الصهيونية تاريخيا، حيث رأى الحاخامات أنها انحراف عن التعاليم الدينية.

وأضاف أن عددا متزايدا من الشباب اليهود اليوم يرفضون الصهيونية ويشاركون في المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، خاصة في ظل المجازر المستمرة في غزة ولبنان والضفة الغربية.

إعلان

وأوضح المؤرخ أن اليهود عاشوا فترات سلمية في البلدان الإسلامية مقارنة بالمسيحية، حيث كانت المعاناة اليهودية غالبًا نتيجة اتهامات الكنيسة لهم بقتل المسيح، واستشهد في هذا السياق بإسهامات حاخامات وعلماء يهود كتبوا مؤلفاتهم بالعربية، مثل موسى بن ميمون، لتوضيح التعايش الذي عاشوه في ظل الحضارة الإسلامية.

وأضاف أن الصهيونية، كمشروع استعماري بدأ في أوروبا، كانت محط معارضة شديدة من اليهود المتدينين الذين فضلوا الاندماج في بلدانهم الأصلية، مؤكدا أن دعم الإنجيليين المسيحيين للصهيونية كان دينيًّا بحتًا، حيث رأوا فيها وسيلة لتحقيق نبوءاتهم المتعلقة بالمسيح، دون اعتبار للمصلحة اليهودية.

ويرى رابكين أن الصهيونية كحركة لم تمثل اليهود عبر التاريخ، بل كانت مشروعا استعماريا أوروبيا يعبر عن مصالح محددة، مضيفا أن الخلط بين اليهودية والصهيونية أضر بالفلسطينيين واليهود على حد سواء، كما أكد على أهمية التمييز بين اليهودية كدين والصهيونية كأيديولوجية لفهم أعمق للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

وعن تأثير حرب 1967، أوضح أن الدعاية الصهيونية ركزت على مخاوف اليهود من غزو الجيوش العربية، ما دفع الكثيرين لدعم إسرائيل كوسيلة لتعريف هويتهم، ومع ذلك، أظهرت التطورات الأخيرة في غزة وغيرها أن إسرائيل قد تكون "فخًّا مميتًا"، كما حذر الحاخامات الأرثوذكس قبل أكثر من قرن.

14/1/2025-|آخر تحديث: 14/1/202506:23 م (توقيت مكة)

مقالات مشابهة

  • شمال الباطنة تحتفل بذكرى الحادي عشر من يناير
  • أبرزها «البلابيصا – البلامبيصا».. تعرف على الموروثات القبطية
  • مؤرخ يهودي: مؤسسو إسرائيل ضد الدين والإنجيليون يدعمونها أكثر من اليهود
  • الكنيسة القبطية تحتفل بعيد الختان وتستعد لـ الغطاس المجيد
  • الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تحتفل بعيد الختان المجيد
  • انطلاق الدورة السادسة والعشرين من «إنترسك»
  • الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تحتفل بـ عيد الختان المجيد غدا
  • مهرجان الشارقة للشعر العربي يختتم فعاليات الدورة الحادية والعشرين
  • سفير مصر فى بلجيكا يشارك فى افتتاح الكنيسة القبطية الجديدة فى مدينة بروج
  • الأنبا بولا: فصل كامل بين دور الكنيسة والقضاء في قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين