القدس قدسنا وسيهزم المشروع الصهيوني كما هزمت الحملات الصليبية
تاريخ النشر: 15th, November 2024 GMT
كتب : الرئيس علي ناصر محمد
في عام 1099، حاصرت جيوش الغزاة الصليبيون القدس ورغم مقاومة الحامية الفاطمية فيها فقد اقتحم الصليبيون المدينة وارتكبوا فيها مجازر ضد سكانها العرب حتى وصلت الدماء إلى الركب.قام الصليبيون بطرد الأقلية اليهودية الضئيلة العدد من القدس وظلوا خارجها إلى أن سمح لهم محررها صلاح الدين الأيوبي عام 1187 بالعيش فيها بعد نحو 88 عامًا من احتلالها بعد انتصاره في المعركة الشهيرة ب”معركة حطين” التي عدت نقطة تحول في الصراع الصليبي -العربي الذي لم يبرح من ذاكرة الصليبيين الجدد الذين عبر عنهم الجنرال البريطاني اللنبي عندما احتل القدس عام 1917 بعبارته الشهيرة ” الآن انتهت الحروب الصليبية”.
إن صراع الفلسطينيين مع الدولة الصهيونية هو استمرار لصراع تاريخي يتخذ أسباب وأدوات جديدة لتركيع العرب واستمرار إذلالهم.
الذاكرة اليهو- صهيونية تتجاهل تسامح صلاح الدين مع أقليتها الضئيلة بالسماح لها بالعيش في القدس بعد فشل الحملة الصليبية وتعاند التاريخ وتزعم أن القدس يهودية على مدى ثلاثة ألف قرن وتنسى أن اليهود العرب غير يهود الخزر الذين ادعوا كذبا وصلا بفلسطين التي لم تطأها أقدامهم إلا في الحقبة الصهيو- إمبريالية.
لقد وجد الغرب في الحركة الصهيونية حصانه الرابح وبعد مؤتمرها الأول في بازل بسويسرا عام 1897صمت الغرب كله على نشاطها لاستعمار فلسطين وتعامل معها كممثل ليهود العالم رغم معارضة الأغلبية اليهودية آنذاك لها لكنه وجد قواسم مشتركة معها تعينه على جعل المنطقة العربية مفتتة ومخترقة . وبعد وعد بلفور عام 1917 ثم صك الانتداب البريطاني من قبل عصبة الأمم على فلسطين عام 1922 أسبِغت شرعية دولية على الحركة الاستعمارية الصهيونية التي ساعدتها بريطانيا بفتح أبواب الهجرة اليهودية إلى فلسطين وغض النظر عن نشاطها الاستيطاني واستخدامها القوة والعنف ومصادرة العصابات الصهيونية المسلحة للأراضي الفلسطينية. سياسة بريطانيا المراوغة في فترة الانتداب
وتخوفها من نجاح المقاومة الفلسطينية للمشروع الصهيوني – البريطاني دفعتها إلى تهدئة مقاومة
الهجرة واستعمار الأرض بالخديعة والادعاء بأنها ستسهم في تنمية الاقتصاد المحلي ولن تؤثر على حق الفلسطينيين في وطنهم .تلك الادعاءات كانت جزءًا من استراتيجية استعمارية لتسهيل مصادرة أوشراء اليهود للأراضي الفلسطينية من مالكيها الأثرياء وبعضهم لم يكونوا فلسطينيين.أما عن الدولة العثمانية – رجل اوربا المريض – التي كانت لاتزال مسؤولة عن إدارة فلسطين
فقد فشلت في إحباط التوسع الاستيطاني الصهيوني .
لقد ترافق تنفيذ وعد بلفور مع اتفاق سايكس – بيكو لتقسيم الشرق العربي بين القوتين الاستعماريتين الكبيرتين آنذاك بريطانيا وفرنسا
وبسبب الوعد ازدات وتيرة الهجرة اليهودية إلى فلسطين وخاصة أثناء وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. وفي عام 1948 قام الكيان الغاصب وارتكب جرائم التطهير العرقي ( مذبحة ديرياسين، ابريل 1948 مثالا)، وطرد مليون فلسطيني إلى الدول العربية المجاورة الذين ترفض دولة الاحتلال عودتهم إلى بيوتهم وأراضيهم.
لقد أُنشئ الكيان في منطقة لم تعادِ اليهود كما كان الحال في اوربا وامريكا وكان يفترض أخلاقيا وعمليا أن يُنشئ كيان يهودي في المانيا، البلد التي ارتكبت جرائم الهولوكست ولكن المخطط الاستعماري الغربي كان يهدف إلى تحقيق هدفين أولهما التخلص من الأقليات اليهودية التي لم يكن يرغب ببقائها في بلدانه وثانيهما زرع وكيل للغرب الاستعماري في المنطقة العربية يحول دون استقرارها ووحدتها ونموها. اليوم ترفض دولة الحرب والتوسع السلام مع العرب وفق معادلة الأرض مقابل السلام وإعطاء الفلسطينيين بعض أراضيهم وبرغم كل ماقدمه العرب من تنازلات بلغت مداها بالمبادرة العربية عام 2002 التي سنّت مبدأ التعايش مع دولة الاحتلال شريطة انسحابها من الأراضي المحتلة وقيام الدولة الفلسطينية إلا أن ذيل الكلب المسعور لايمكن أن يستقيم لأن شهية التوسع الاستعماري الصهيوني في ظل الدعم الغربي الكبير والمتنوع لاسقف لها واليوم في ظل سياسة ممنهجة لتدمير غزة وتشريد سكانها وإبادة مقاومتها والعدوان على لبنان الذي بدأ في 1 اكتوبر وارتكاب إسرائيل لنفس الجرائم التي ترتكبها يوميا في غزة لايبدو أن دولة الإبادات الجماعية في وارد الاكتفاء بالتوسع في محيطيها الفلسطيني واللبناني بل في سوريا والعراق والأردن والمملكة العربية السعودية ومصر.
وأتذكر بهذا الصدد حديثًا بيني وبين الرئيس الراحل حافظ الأسد في مكتبه، وأنا أتأمل لوحة نحاسية كبيرة معلقة على جدار مكتبه عن معركة حطين، قال فيه إن العرب حاربوا الصليبيين أكثر من 100 عام حتى أخرجوهم من فلسطين وغيرها من البلدان العربية، وأن مصير إسرائيل سيكون مصير الحملات الصليبية. ثم تحدث عن عرض قدِّمه له إسحق رابين بالانسحاب من الجولان مع الاحتفاظ.ببحيرة طبريا التي “يحب الإسرائيليون وضع اقدامهم في مياهها”، مقابل الاعتراف بالكيان الصهيوني، لكن الأسد رفض وقال أن العلم الإسرائيلي لا يمكن أن يرتفع في سماء دمشق، وأنه كما خرج الصليبيون سوف يخرجون من فلسطين.
إن الصراع مع إسرائيل صراع وجود عربي مع مشروع صهيو- غربي وإذا لم يتعامل العرب معه بمسؤولية وبجدية وبتضحيات فستصل نار الكيان إلى كل مكان تطاله.
المصدر: شمسان بوست
إقرأ أيضاً:
مشروع الاحتلال لتنخيل تراب الأقصى يقترب من نهايته.. لماذا؟
القدس المحتلة- أعلن القائمون على ما يُسمى مشروع "محطة تنقية أتربة جبل الهيكل"، الذي بدأته جمعية "العاد" الاستيطانية وواصلته جهات إسرائيلية عديدة بينها طلبة وباحثون، توقف أنشطته خلال أسابيع، منهيا بذلك عقدين من العبث بتراب المسجد الأقصى، بمدينة القدس المحتلة، ما أثار تساؤلات عن سبب وقف المشروع.
وحظى المشروع منذ انطلاقه قبل نحو 20 عاما، بدعم سخي على شكل تبرعات تراجعت مؤخرا بنسبة 70%، إضافة إلى الدعم الحكومي.
وشارك في المشروع -وفق إعلام عبري- أكثر من 260 ألف يهودي من جميع أنحاء العالم، وقام هؤلاء بغربلة وتنخيل الأتربة التي نتجت عن ترميم المصلى المرواني والأقصى القديم في تسعينيات القرن الماضي، ثم فصل قطع الفخار وبلاط الأسطح وبلاط الرخام عن بعضها والبحث بينها عن آثار تعود للهيكل المزعوم.
أكوام من الأتربة تشوه ساحات الأقصى (الجزيرة) "فاقد للمصداقية"تحدثت الجزيرة نت للباحث في الآثار والمقدسات الإسلامية في فلسطين عبد الرازق متاني، حول المشروع وأهدافه وسبب توقفه، فأوضح بداية أن الأعمال التي تقوم بها إسرائيل في القدس والأقصى "تفتقد للمصداقية لأن أذرعها سواء كانت جمعيات أو سلطة آثار هي مؤسسات غير محايدة".
وبالتالي -يضيف متاني- تسعى هذه الجهات من خلال الحفريات والتنقيب لفرض الرواية اليهودية، مضيفا أنه "في الحقل الأثري في القدس وفلسطين كثيرا ما نكتشف تزييفا أثريا متقنا، عبر زراعة قطع أثرية في مواقع أثرية على يد مختصين مهنيين وأساتذة آثار حاولوا من خلالها إثبات الوجود التاريخي اليهودي".
وحول ما تم القيام به من أنشطة في محطة تنقية أتربة المسجد الأقصى على مدار 20 عاما، يؤكد الباحث متاني أنه "لا بد من الالتفات لأمرين: الأول هل وجدت آثار؟ وهنا نضع الأمر في خانة الشك؛ لأن ما تم القيام به فاقد للمصداقية، ووجدنا شهادات لزرع قطع أثرية في كثير من الأماكن وهي مزيفة".
إعلانالأمر الثاني، يقول متاني، هو إيجاد التبريرات لهذه القطع بمعنى أنه في حال العثور على قطعة من الفترة الرومانية يتم إعطاء تفسيرات بأنها تعود للتاريخ اليهودي، وذلك لأن اليهود يدّعون أن البابليين دمروا "الهيكل الأول" عام 586 قبل الميلاد، وأن الرومان دمروا "الهيكل الثاني" عام 70 للميلاد.
تنخيل تراب استخرج من المصلى المرواني بالأقصى خلال ترميمه في تسعينيات القرن الماضي (الصحافة الإسرائيلية) فرض الوقائعوأكد متاني أن علم الآثار "هو علم حي يسعى الساسة من خلاله لتأكيد الهوية وزرعها في العقول، وإخراجها على أرض الواقع من خلال مأسسة العمل والاستفادة من كل الإمكانيات وتفعيل الحواس لربط الإنسان في القدس".
ومن أحد أبرز الأسباب -التي يرى الباحث الفلسطيني أهمية في التطرق لها بخصوص الإعلان عن توقف هذا المشروع- هو أنه باتت للحكومة الإسرائيلية أولويات في التمويل في ظل الحرب الحالية المكلفة، فتم تجميد هذا المشروع لصالح المضي قدما في مشاريع تهويدية أكثر أهمية.
وبالإضافة إلى ذلك فإن إسرائيل لا تجد اليوم حاجة للعمل في إطار موضوعي فهي بعد اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2023 أزالت الأقنعة، وانتقلت من مرحلة الترويج لعملية غربلة الأتربة بشكل يبدو مهنيا إلى مرحلة فرض الأمر الواقع، وفق الباحث في تاريخ فلسطين.
ويتساءل متاني: ما الحاجة لإعطاء العمل طابعا علميا ما دام بالإمكان فرض الرواية بالقوة؟ ويضيف "تحت هذه القاعدة باتت تعمل المؤسسات الحكومية، وهذا ما يفسر إعطاء المساحة لسلطة الآثار الإسرائيلية بالعمل في الضفة الغربية رغم أن القانون الدولي يعتبرها أراضي محتلة.
ويشير هنا إلى مشروع قانون لضم الآثار في الضفة الغربية لصلاحيات سلطة الآثار الإسرائيلية، أقر بالقراءة التمهيدية في الكنيست الإسرائيلي في يوليو/تموز الماضي.
مختصون يقولون إن أعمال التنقيب والبحث الإسرائيلية فاقدة للمصداقية (الصحافة الإسرائيلية) دعوة للتحركوحول المطلوب لمجابهة كل ذلك قال الباحث الفلسطيني إنه "لا بد من حراك جاد لوقف كل هذه الانتهاكات خاصة أن القانون الدولي يرفض كل الأعمال والتغييرات التي تحدثها إسرائيل في القدس التي يجب أن تخضع للقانون الدولي".
إعلانوتابع أن هذه المحطة التهويدية ستغلق أبوابها لكن لا بد من الالتفات إلى أن الحفريات أسفل وفي محيط المسجد الأقصى لا تزال مستمرة منذ عام 1967 حتى يومنا هذا.
وأشار إلى حفريات تجري اليوم في منطقة القصور الأموية جنوبي الأقصى، وأخرى في منطقة الجدار الغربي للمسجد و"تعد أخطر الحفريات، لأنه لا أحد يمكنه الاطلاع عليها، ووتيرتها تتصاعد لتهويد الحيز المكاني بالمدينة المقدسة".