وجه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان رسالة الجمعة، قال فيها: "لأن القضية عند الله الإنسان بكل ما يعنيه من قيمة فردية وعامة ووظيفة وجودية وأخلاقية، ولأن القيمة الإنسانية تتوقف على نوع من الشراكة والخدمات والمبادئ والمنافع التي تكفل العدالة العامة بعيدا عن الظلم والفساد والطغيان والإنحراف بأشكاله المحلية والعالمية فقد قال الله تعالى: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، والعنوان هنا الإنسان ووحدته وقيمته الحقوقية وشراكته النظامية بخلفية القيمة الفكرية والتشريعية والسياسات الضامنة لخير الإنسان وقيمته الأخلاقية والوجودية في سياق تأكيد الحقوق العامة كملاذ مركزي للإنسان وكافة كياناته وقطاعاته المتعددة".



أضاف: "والمحسوم أن الله ضد الظلم والقمع والسطو والفساد والإضطهاد والدكتاتوريات المختلفة، ولأن قضية الحق العام مطلوبة بحد ذاتها لذا لم يكتف الله بإدانة الظلم والإضطهاد بل ألزم الخليقة أن تتجند بساحات الحق والعدل المنظم لقمع الظلم والفساد والعدوان لتأكيد الحقوق الوجودية والأخلاقية للناس، وعليه فقد حسم الله قضية "العدل العملي" ومنع الظلم والعدوان الفعلي كسياسات ضامنة بدنيا الإنسان وكياناته المختلفة، وهذا يفترض وحدة بشرية أو أخلاقية أو كيانية أو عالمية تعيد تنظيم وجودها فكريا واجتماعيا ومورديا بكل ما أوتيت من قوة وفعالية لتأكيد عدالتها الوجودية وقيمتها الإنسانية بكل مجالات الحياة، ومعه فقد أدان الله تعالى العدوان والإحتلال والطغيان بكافة أشكاله العسكرية والإقتصادية والدعائية والتقنية والمالية والثقافية وغير ذلك".   وتابع: "من هنا، قلنا بأن التماهي مع المواقف الإسرائيلية جزء من الشراكة مع الصهيونية الظالمة، والربح والخسارة هنا يحدده الحق وليس القوة، ومستوى التضحية يتوقف على القيمة الرئيسية لحق الإنسان بمنع الظلم والعدوان عن نفسه ومجتمعه ومشروع إدارته السياسية والأخلاقية، وفي هذا المجال فإن التعاون والتضامن الوطني ضرورة أخلاقية وواجب إنساني وسياسي، وهو أكبر الأولويات الوطنية بالبلد، لذا قلنا بأن قيمة لبنان من قيمة عائلته الوطنية وتضامنه الكامل بعيدا عن لعبة الثأر والتفصيل الطائفي".

ورأى المفتي قبلان "ان الخطر يكمن باللغة الطائفية والإرتزاق السياسي والإصرار على ركب الموجة الدولية التي تتربص بالبلد وتدفع نحو الخراب".
 
وقال: ولأهمية اللحظة التاريخية، أقول للسيد سمير جعجع: قطع المجرة الشمسية كلها أسهل من النيل من سلاح المقاومة، ولا قيمة للبنان بلا المقاومة، وأنصح البعض ألا يتطوع لمهمة لا تستطيع إسرائيل القيام بها، وما يجري حرب بحجم المنطقة، وسلاح المقاومة ضمانة بحجم هذه الحرب، ولا مصلحة لأحد بلعب دور إسرائيل في لبنان".
 
وقال: "وفي هذا السياق، أشدد على قيمة الجيش الوطنية ووظيفته العليا بالشراكة الميثاقية وتوظيفاتها الفعلية، ولبنان قوي بطائفته اللبنانية ووحدته الوطنية وسلمه الأهلي وتضامنه الجامع للطوائف، ولا محل في هذا البلد للثأر الطائفي أو السياسي، والحكومة مطالبة بحماية الشراكة الوطنية وخدمة مواطنيها النازحين من دون تلكؤ والهيئة العليا للإغاثة مطالبة بكشوفات واضحة وشفافية كاملة، وما يقدم للنازحين مخيب للآمال، وهناك شيء غامض جدا ويجب توضيحه، ولبنان بتركيبته السياسية لن يتغير ولا يحلمن أحد بالتغيير أو اللعب بالموازين الوطنية".
 
وجدد قبلان التأكيد "أن الثنائي الوطني شريك كامل بالحياة السياسية وقوته من قوة لبنان وسيادته الوطنية، ووفاءه لهذا البلد دليله الدماء والأشلاء والتضحيات السيادية، وأي محاولة لفرض واقع سياسي مخالف للشراكة الوطنية لن يمر والثمن سيكون أمر، ولعبة جس النبض واختبار التوازنات الداخلية مقامرة خطيرة وفخ قاتل، واللحظة للبنان ووحدته الوطنية وقدرته السيادية، والطائفة الشيعية دفعت الكثير في سبيل هذا البلد ولها الكثير، والحكومة مطالبة بالكثير الكثير، وترك الطائفة الشيعية أو معاقبتها بقطارة الإغاثة أمر كارثي، وإطفاء النار بالبنزين يحرق البلد، وواقع البلد مفتوح على غرف وأحلام خطيرة، واللعب بالنار مدمر للسلم الأهلي، وتطبيق أجندات أو الترويج لأفكار تخدم إسرائيل يضع البلد بالمجهول".  
وأكد "لن نقبل بهدنة موقتة أو وقف نار متقطع، والحل فقط بوقف الحرب نهائيا ودفعة واحدة، ولا مكان لأي اتفاق على مراحل، ولن يخرج لبنان من هذه الحرب إلا عزيزا(إن شاء الله)، ولا شيء أهم من تحصين الميدان والوضع الداخلي، ولا لشيطنة أحد، ولا غالب ولا مغلوب والمسيحية تؤام الإسلام، والكنيسة والمسجد قطبا لبنان، وقيمة لبنان من قيمة شعبه، وقيمة شعبه من قيمة سيادته، وأثمان الحماية الوطنية مهما غلت ليست أغلى من السيادة الوطنية، والمقاومة والشعب والمشروع الوطني والجيش أكبر ضمانات لبنان، وما يجري على الأرض دليل مطلق على التضحيات السيادية التي تقدمها المقاومة ومشروعها الوطني الضامن للبنان".

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: من قیمة

إقرأ أيضاً:

فيلم "صبيان وبنات" يعود بعد 30 عامًا ويثير الجدل: هل فضح يسري نصر الله واقع الطبقة الكادحة قبل الأوان؟


عاد فيلم "صبيان وبنات" للمخرج يسري نصر الله إلى الواجهة بعد ما يقرب من 30 عامًا على إنتاجه، بعدما انتشر مقطع منه على مواقع التواصل الاجتماعي يُظهر بدايات الفنان باسم سمرة حين كان لا يزال مدرسًا بإحدى المدارس الصناعية، قبل أن يحلم بدخول عالم التمثيل.

 أعاد هذا المشهد البسيط، الذي ظهر فيه سمرة ووالدته في حوار تلقائي داخل منزلهم، النقاش حول العمل الوثائقي الذي مرّ مرور الكرام عند عرضه الأول، لكنه اليوم يُقرأ بعيون مختلفة ويُستقبل بتفاعل لافت.

الفيلم الذي أُنتج عام 1995 لا يُعد مجرد تسجيل لحياة شاب يحلم بالتمثيل، بل وثيقة بصرية تكشف الكثير عن مصر في التسعينات، من خلال عدسة تسائل وتنتقد وتُحلل، بعيدًا عن الزخرفة الفنية. المدهش أن نصر الله آنذاك لم يلجأ لممثلين محترفين أو سيناريو تقليدي، بل قرر أن يترك الكاميرا تلتقط الحياة كما هي، فكان باسم سمرة هو نفسه، وأسرته هم أنفسهم، والطموح والألم والحيرة على وجوههم لم تكن تمثيلًا بل واقعًا صارخًا.

وإن كانت تجربة "صبيان وبنات" قد بدت حينها محاولة فنية خاصة لجمهور نخبوي، فإن الزمن أعاد لها قيمتها الحقيقية. رواد مواقع التواصل وجدوا أنفسهم أمام مشاهد تصف واقعهم اليومي رغم مرور السنوات، بل اعتبر البعض أن يسري نصر الله سبق عصره حين أضاء على المهمّشين قبل أن يصبح ذلك تيارًا دارجًا في السينما.

اللافت أن الفيلم، رغم جرأته، لم يحظَ حينها بتقدير نقدي واسع ولا توزيع جماهيري ملائم، وهو ما دفع البعض اليوم للتساؤل: هل كان الوسط الفني والجمهور مستعدًا حينها لتلقّي عمل يكشف بواقعية مؤلمة هشاشة الحلم في بيئة قاسية؟ وهل قدّمت السينما التجارية لاحقًا بديلاً حقيقيًا لهذا النوع من التوثيق الصادق؟

يعيد "صبيان وبنات" فتح النقاش حول دور السينما في توثيق الحياة، لا تجميلها، ويضع الضوء على بداية نجم مثل باسم سمرة، الذي انطلق من الشارع الحقيقي، لا من ورشة تمثيل أو مكتب إنتاج. كما يرسّخ موقع يسري نصر الله كمخرج لا يخشى كسر القوالب، حتى لو كان الثمن التهميش المؤقت.

 

مقالات مشابهة

  • أسعار الذهب اليوم .. وهذه قيمة عيار 21 الآن
  • سوريا والفتنة والأحداث في جرمانا وأشرفية صحنايا.. المفتي اسامة الرفاعي يثير تفاعلا بخطاب
  • سلوم التقى وزير الصحة وطلب منه العمل على تحسين واقع الصيادلة
  • أردوغان بشان هجمات إسرائيل على سوريا: لن نسمح بفرض أمر واقع
  • أردوغان: لن نقبل بأي محاولة لتهديد استقرار سوريا
  • المفتي من أوزباكستان: المدرسة الماتريدية أنموذج أصيل للتسامح العقائدي
  • المفتي قبلان: لا بدّ من فهم الضرورات اللبنانية جيداً حتى لا تتحول الضغوط الدولية إلى برميل بارود
  • فيلم "صبيان وبنات" يعود بعد 30 عامًا ويثير الجدل: هل فضح يسري نصر الله واقع الطبقة الكادحة قبل الأوان؟
  • فضل شهر ذو القعدة .. نهى الله فيه عن الظلم وتُستحب العُمرة خلاله
  • «الوطنية لحقوق الإنسان» تناقش دعم وتمكين أصحاب الهمم