الحرة:
2025-02-19@20:09:10 GMT

العيادات النفسية.. سلاح إيراني جديد ضد رافضات الحجاب

تاريخ النشر: 15th, November 2024 GMT

العيادات النفسية.. سلاح إيراني جديد ضد رافضات الحجاب

أعلنت هيئة حكومية إيرانية، الأربعاء، عن خطط لإنشاء عيادة في طهران لـ"علاج" النساء اللائي يخالفن قوانين الحجاب الإلزامي، في خطوة اعتبرها نشطاء ومنظمات حقوقية تصعيدا وانتهاكا خطيرا لحقوق الإيرانيات وحرياتهن الأساسية.

وقالت رئيسة قسم المرأة والأسرة في مقر طهران للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مهري طالبي دارستاني، إن العيادة ستقدم "علاجا علميا ونفسياً لخلع الحجاب"، مضيفة أن المركز سيستهدف "خاصة جيل المراهقين والشباب والنساء الباحثات عن الهوية الاجتماعية والإسلامية".

"محاولة قمع أخرى"

وأدان نشطاء بارزون ومدافعون عن حقوق الإنسان الخطوة، مشيرين إلى أنها تندرج ضمن مساعي السلطات لتصنيف معارضة الحجاب كمرض نفسي.

في هذا السياق، قالت الناشطة الإيرانية ليلى جزايري، إن قمع النساء تحت ذريعة عدم الالتزام بالحجاب الإجباري يُعد "أحدث أدوات النظام لخلق أجواء القمع في المجتمع وإسكات أي صوت معارض".

وأضافت في تصريح لموقع الحرة، أن النظام يكافح لقمع معارضي سياسات الحجاب الإجباري، مشيرة إلى أن هذه محاولة أخرى لقمع النساء، تثير غضبا شعبيا وتكشف أكثر عن الصراعات الداخلية بداخل النظام.

واعتبرت أن "العنف والقمع ضد النساء، إلى جانب الإعدامات اليومية، هما الوسيلتان الوحيدتان اللتان يمكن للنظام من خلالهما البقاء في السلطة، وهو الذي يغرق في الأزمات الداخلية والخارجية".

وتابعت جزايري أن جميع جهود النظام، بما في ذلك إنشاء هذا المركز، تهدف إلى السيطرة على مجتمع متفجر، وخاصة الشباب والشابات المصممين على إسقاط النظام الديني الحاكم في إيران.

لم تستجب السلطات لطلبه.. ناشط إيراني ينهي حياته احتجاجا على القمع أقدم كيانوش سنجري، الصحفي والناشط السياسي الإيراني على الانتحار احتجاجاً على الأوضاع السياسية في البلاد والاعتقالات والاستجوابات التي تعرض لها هو وغيره من النشطاء.

ويأتي الإعلان عن افتتاح العيادة، أياما قليلة، بعد أن ذكرت وسائل إعلام رسمية، أن طالبة جامعية اعتُقلت ونقلت إلى مستشفى للأمراض النفسية، إثر  خلع ملابسها، في احتجاج على تعرضها لاعتداء من قبل حراس الأمن في الحرم الجامعي بسبب مخالفة قانون الحجاب.

وانتشرت عبر الإنترنت، لقطات تُظهر شابة، عُرّف عنها بأنها طالبة في جامعة آزاد الإسلامية في طهران، وهي جالسة بعد التجول لفترة وجيزة في الحرم الجامعي ثمّ في الشارع بملابسها الداخلية.

وقالت منظمة العفو الدولية، إن الطالبة "اعتُقلت بعنف بعد أن خلعت ملابسها احتجاجا على فرض مسؤولي الأمن الحجاب الإلزامي بشكل مسيء".

وتفرض إيران على النساء تغطية الرقبة والرأس وارتداء ملابس محتشمة منذ الثورة الإسلامية عام 1979.

"تلاعب نفسي"

وعبرت منظمات حقوق الإنسان عن قلقها إزاء حملة القمع ضد النساء اللواتي يُعتبرن مخالفات لقواعد اللباس الإلزامية في إيران، مشيرة إلى موجة حديثة من الاعتقالات وحالات اختفاء قسري ترتبط بانتهاكات مفترضة لقوانين الحجاب.

وتزايد استخدام السلطات الإيرانية لمؤسسات الصحة النفسية في مواجهة المعارضة، في أسلوب يدينه المدافعون عن حقوق الإنسان باعتباره مسيئا ويشمل تلاعبا بنفسية رافضي التضييق على حرية المرأة في البلاد.

في هذا الجانب، تقول الناشطة الحقوقية الإيرانية، مسيح علينجاد، إن "النظام الإيراني يفتتح في القرن الحادي والعشرين ما يُسمى بعيادة الحجاب في طهران، حيث سيتم التعامل مع النساء اللواتي يتحدين بشجاعة قواعد اللباس القمعية للنظام على أنهن مريضات نفسياً".

وأضافت في منشور على منصة إكس: "هذه ليست رعاية صحية، بل هي تكتيك آخر من تكتيكات الفصل العنصري القائم على النوع الاجتماعي. النظام يريد أن يمارس التلاعب النفسي على النساء لإقناعهن بأن رغبتهن في الحرية هي اضطراب نفسي".

وتساءلت علينجاد باستنكار: "هل من الجنون المطالبة بحق العيش بحرية في بلدك؟ المطالبة بالكرامة والسيطرة على جسدك؟".

أُدخلت مصحة نفسية.. باحثة إيرانية تندد بـ"عقاب غير قانوني" لـ"فتاة الجامعة" استنكرت الباحثة الإسلامية والناشطة المدنية الإيرانية صديقة وسمقي، الثلاثاء، إدخال الطالبة الجامعية التي احتجت قبل أيام بالتعرّي خارج الحرم الجامعي، إلى مصحة للأمراض النفسية. من عقوبة إلى "علاج نفسي"

ويشكل موضوع الحجاب الإجباري في إيران نقطة توتر رئيسية في المجتمع، حيث اندلعت احتجاجات واسعة النطاق في مختلف المدن الإيرانية استمرت لعدة أشهر، في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية، مهسا أميني، (22 عاماً) في سبتمبر 2022.

وكانت شرطة الأخلاق قد أوقفت أميني بتهمة مخالفة قواعد اللباس الصارمة المفروضة على النساء، قبل أن تُعلن وفاتها بعد أيام من احتجازها في ظروف أثارت جدلا واسعاً.

وأسفرت موجة الاحتجاجات التي عُرفت بشعار "مرأة، حياة، حرية" عن مقتل المئات، بينهم عشرات من عناصر قوات الأمن، فيما تم اعتقال الآلاف من المتظاهرين، وفقا لمنظمات حقوقية.

وخلال هذه الاحتجاجات، تلقت فنانات نشرن صورا بدون حجاب، بمن فيهن ممثلات بارزات، أوامر قضائية بزيارات أسبوعية للمراكز النفسية للحصول على شهادات صحة نفسية ردا على سلوكهن.

وكشف نائب رئيس الشؤون الاجتماعية والثقافية في هيئة الأمر بالمعروف، محمد رضا مير شمسي، أن خطة العيادات الطبية ستكون بديلاً عن غرامات عدم ارتداء الحجاب، حيث سيتم إحالة النساء إليها بأمر قضائي، حسبما نقلت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا).

وأوضح المسؤول الإيراني، أن "فئة من النساء اللواتي سيراجعن هذه المراكز هن ممن ارتكبن العمل غير القانوني المتمثل في خلع الحجاب، وقد قرر القضاة المحترمون في السلطة القضائية اعتبار الحضور في هذه المراكز حكماً بديلاً عن الغرامة".

في هذا السياق، أكد المرصد القانوني "دادبان" المتخصص في تقديم الاستشارات القانونية للناشطين، أن الإحالة الإجبارية للنساء إلى هذه العيادات كعقوبة بديلة عن السجن "غير قانونية تماماً"، مشيراً إلى أن مثل هذه العقوبة لا وجود لها في القوانين الجنائية الإيرانية.

وأضاف المرصد في بيان، أن قرار فرض عقوبة جديدة ليس من اختصاص السلطة القضائية أو هيئة الأمر بالمعروف، إذ يجب أن تُضاف أي عقوبة جديدة إلى قانون العقوبات في شكل مادة قانونية لتكتسب الشرعية القانونية.

وسبق أن أدانت أربع جمعيات للطب النفسي في إيران، في بيان مشترك عام 2023، لجوء الحكومة إلى إصدار تشخيصات غير علمية، من بينها ما أطلقت عليه "اضطراب الشخصية المعادية للأسرة"، واستخدامها كذريعة لمعاقبة النساء المحتجات على قانون الحجاب الإلزامي.

بعد عودته إلى الرئاسة.. هل يستأنف ترامب "الضغط الأقصى" على إيران؟ يحمل فوز دونالد ترامب بولاية ثانية العديد من التوقعات المتعلقة بملفات متنوعة عمل عليها في ولايته الأولى (2016- 2020)، منها الملف النووي الإيراني، وتكثيف الضغوطات على طهران من أجل الاستجابة للمطالب الدولية. "سلاح الصحة النفسية"

وتقول منظمات حقوق الإنسان، بما فيها منظمة العفو الدولية، إن هناك أدلة على استخدام التعذيب والعنف والأدوية القسرية ضد المتظاهرين والمعارضين السياسيين الذين تعتبرهم السلطات غير مستقرين عقلياًا ويتم وضعهم في خدمات الطب النفسي التي تديرها الدولة.

في هذا الجانب، تقول الناشطة الحقوقية، منى السيلاوي، أن هذه المراكز المزعومة لإعادة التأهيل ما هي إلا أداة قمع جديدة يستخدمها النظام ضد المعارضين، موضحة أن السلطات الإيرانية باتت تستخدم بشكل متزايد "قضية الصحة النفسية كسلاح ضد النشطاء السياسيين".

وأشارت في تصريح لموقع الحرة إلى أن السلطات تتهم الأشخاص الذين يتخذون أساليب راديكالية في الاحتجاج بأنهم "مرضى نفسيون"، مقارنة ذلك بحركات الاحتجاج في السبعينيات حيث "كان هناك الكثير من الأشخاص الذين أقدموا على حرق أنفسهم احتجاجا على حرب فيتنام أو قضايا أخرى، ولم يكن يتم اتهامهم بأنهم مرضى نفسيون".

وتابعت السيلاوي أن "ممارسة العنف على المعارضين في المشافي النفسية ومعاملتهم كمجانين لن تكون ناجحة"، مؤكدة أن "هذا التصرف يتعارض حتى مع المفاهيم الإسلامية في حرية المعتقد".

من جهته، يورد المرصد القانوني "دادبان"، أن اعتبار المعارضة مرضا نفسيا وتصنيف المخالفين كمجانين هو أحد الأساليب التي استُخدمت مرارا عبر التاريخ كأداة للقمع ضد المواطنين.

وأشار إلى أن هناك العديد من الأمثلة التي تُظهر أنه في الماضي القريب، تم نقل العديد من المواطنين في بعض البلدان إلى مثل هذه المراكز لما يُسمى "العلاج" بسبب أفكارهم المختلفة عن العقيدة المفروضة من قبل النظام الحاكم، في حين أن هذه المراكز كانت في الواقع أماكن للتعذيب النفسي.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: حقوق الإنسان هذه المراکز فی إیران إلى أن فی هذا

إقرأ أيضاً:

النجاة معًا: لنتحدث عن الأبعاد السياسية والاجتماعية للصحة النفسية

قبل دخولي إلى المدرسة -أذكر أن إخوتي كانوا يذهبون إلى حصص الزراعة - كطالبة كانت لدينا حصص التربية الأسرية التي تعلمنا منها أشياء عن الطبخ، والخياطة والحياكة. مساقات صارت تتناقص، لتُصبح شؤون الحياة الفعلية أمرًا هامشيًا، مُقابل التدريب التقني على الأعمال المكتبية والمهن، ونُترك مع شعور أن الحياة بحاجة إلى تمرين تنقصنا ممارسته. ضاعف هذا فكرة التخصصية، التي تؤكد على أننا لا نحتاج إلا لإتقان شيء واحد في الحياة من أجل أن ننجو. فإذا ما أتقنت مهنتك، فبإمكانك أن تُؤجر أحدًا ليفعل لك أي شيء يخطر ببالك. أخذ هذا منا طقوسًا اجتماعية من شأنها أن تمنحنا مشاعر اللحمة والتضامن. أتحدث عن أمور مثل أن نطهو معاً، أو نُسرّح شعرنا، أو نفعل أياً من الأنشطة الحميمة التي نكلف اليوم الغرباء بها.

«فين الدواء»؟

«يقولك واحد راح لطبيب نفسي، وما شخصه باضطراب الشخصية الحدية» هكذا تذهب النكتة التي تلتقط جانباً من مشاكل التشخيص النفسي. عندما تشتكي من ألم في الحلق، تقول: آآآه وينظر الطبيب إلى البقع البيضاء على لوزتيك ويخبرك ليس عن الالتهاب الذي تعانيه، بل وحِدّته أيضاً. ماذا عن الأمراض التي لا نملك لتشخيصها لا الفحص عبر الأشعة السينية، ولا أخذ خزعات، ولا تحليل أي من إفرازات الجسم؟ فوق هذا، فواحدة من تحديات التشخيص في المرض النفسي، أنه يعتمد على الحكم الذاتي على المشكلة وحدتها، وما إذا كانت تستدعي التدخل.

في عملية تشخيص الأمراض النفسية، يقوم الطبيب أولاً باستبعاد الأسباب العضوية للأعراض التي يُظهرها المريض. على سبيل المثال، يتسبب قصور الدرقية بأعراض مماثلة للاكتئاب، وكذلك بعض الحالات من عوز فيتامين B12. لهذا يتم إجراء فحص الدم للتثبت أولاً - كما قلنا - من أن السبب غير عضوي. ما يفعله هذا النوع من الفحوص إذا هو استبعاد كل احتمال آخر إلى أن لا يبقى سوى الاكتئاب، والأمر ذاته يحدث مع أمراض نفسية أخرى. بالإضافة لفحص الدم، ثمة أيضا مسوح الدماغ، وتحديدا التصوير الوظيفي بالرنين المغناطيسي fMRI الذي يرصد نشاط المخ عبر رصد التغيرات المرتبطة بتدفق الدم.

اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه يُمكن، والذي يؤدي إلى ضعف التركيز، وتذكر المعلومات،والذي -لدى الأطفال خصوصا- يتجلى في صعوبة التحكم بالسلوك. تدعي بعض الدراسات الحديثة أن مسوح الدماغ لا تقتصر فائدتها على أنها ترصد وروم الدماغ، والتلف، والإصابات الناتجة عن الصدمات، وبذلك يُمكن الاستنتاج من غيابها أن المشكلة نفسية - ولكنها فوق ذلك قادرة على رصد الفارق في أدمغة المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه والمتمثل في صغر حجم الدماغ، وزيادة في ترابطه الوظيفي، والنقص في تدفق الدم. مع هذا ففحوص كهذه لا تزال في مراحلها المبكرة، عدا أنها مُكلفة وقليلًا ما يلجأ لها الأطباء النفسيون، إلا إذا كان لديهم اعتقاد بإمكانية وجود تلف أو ورم في الدماغ، ونادرا -حتى لا أقول قطعا- ما تستخدم في تشخيص الاضطرابات النفسية.

وإن كان اضطراب الشخصية الحدية هو الموضة قبل سنوات، فالدارج اليوم هو التشخيص باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه عند البالغين، أو الحالة الخاصة منه اضطراب تشتت الانتباه أو نقص الانتباه. وكلمة «موضة» هنا لا تقصد التسفيه، إنه يُعبر فقط عن ظاهرة تنمو. تقول الأرقام إن 366 مليونا من سكان الكوكب يعانون منه.

كيف يجب أن نُفكر في المسألة؟

يسهل صرف النظر عن الظاهرة باعتبار أن الجميع يُظهر بين الفينة والأخرى خصيصة من الخصائص السلوكية لهذا الاضطراب، وأن أعداد المشخَصين المتنامية ليست انعكاسًا حقيقيًا لانتشار المرض. يُمكن المجادلة بعكس ذلك والقول إن الزيادة في الحالات المشخصة هو انعكاس لزيادة الوعي بهذا الاضطراب، ورفع العار عن المرض النفسي، وفوق ذلك هو نتيجة لطبيعة الحياة المتسارعة اليوم. يُمكن نقل النقاش إلى بعد آخر، ومناقشة خطورة التشخيص الخاطئ أو أخطار التداوي دون التيقن من صحة التشخيص. يمكن أن نذهب خطوة أبعد ونفكر لماذا يضع الناس الفعالية فوق أي اعتبار آخر؟ أي أنهم يختارون تعاطي الأدوية دون تيقنهم من دقة التشخيص، ولمجرد أنه يجعلهم أكثر إنتاجية. بل وفي بعض الحالات الإصرار على تعاطيها لأنها تساعدهم فقط، رغم معرفتهم بأنهم لا يعانون من هذا المرض.

لا يُمكنني أن أصف لكم عدد الإعلانات التي تحاول إقناعي بإني مريضة بنقص الانتباه. إنها تطاردني حيثما أذهب في فضاء الإنترنت. وهذا تمثيل لواحدة من ميزات عصرنا: الترزق على مخاوف الناس الحقيقية، من انخفاض الإنتاجية، وبالتالي تهديد أمانهم الوظيفي والمالي.

إننا أمام معضلة حقيقية، حيث يُطالب المرء بأن يكون منتجًا، لحدٍ يُشجع إساءة استخدام الأدوية. ويُطالب المرء بأن يكون «واعيًا بذاته»، ويتعامل مع صدمات الطفولة، مع الوعد الضمني بأن هذا سيشفيه، وسيجعله أكثر حضورًا، أكثر لياقة ببيئة العمل، ويمنحه الصداقات والشراكات العاطفية التي يتوق لها. في تجاهل كامل للظرف الذي أنتج المشاكل التي يحاول المرء تجاوزها أو علاجها.

«الثيربي» أيضًا خيار

يُستخدم هذا التعبير عادة للهزء ممن يذهبون بعيدًا (ممارسة أنشطة رياضية متطرفة، الرياضات الخطرة، إدمان العمل) في تعاملهم مع التحديات النفسية. وهو ما يختصر التحول ليس بإزالة وصمة العار عن العلاج النفسي فحسب، بل اعتباره أمرًا جذابًا (كوول)، هو وإظهار الهشاشة، ومعالجة التروما. بشرط أن لا يتسرب من الفضاء الإلكتروني أو الاجتماعي الخاص إلى أماكن العمل.

عائشة خان كتبت مؤخرًا مقالًا مطولًا من جزأين بعنوان «هل يجعلنا التركيز على التعافي والعناية بالذات وتطوير الذات أكثر مرضًا؟» تختصر القضية في قولها: «وها هي الرأسمالية كعادتها، تخلق القلق ثم تعده مرضًا، لأنه لا يخدم العمل. يقلل القلق من إنتاجيتنا ولكن عبء إدارته يُلقى على عاتق الفرد؛ الأمر الذي يُفسر الشعبية الهائلة لعلم وطب النفس الشعبوي». وهي تُلفت الانتباه إلى أننا غير مصممين لقضاء هذا الوقت في رؤوسنا. وتُجادل أنه وإن يكن تعلم الوعي بالذات، والمُراجعة الناقدة لسلوكنا الرأسمالي الباطن (أي الشعور بالذنب في أوقات الراحة، والحط من إنجازاتنا، وجعل الإنجاز أولوية تعلو على العافية)، إلا أن هذه أمور يُفترض بنا ممارستها جماعيًا، من خلال الحياة نفسها.

تُوفر النظريات النفسية الشعبية قدرًا من المعرفة يُربك أكثر من كونه يكشف ويُعين. إذ تُجهدنا بإيجاد الروابط العجيبة لتحليل سلوكنا (خصوصًا الجوانب التي لا تُرضينا من سلوكنا)، والتنظير حول أصل ونمط السلوك. والنتيجة؟ من فرط محاولتنا لأن نُحسن أنفسنا، ونراعيها ونراعي الآخرين، نُصبح متمركزين حول ذواتنا على نحو هوسي، حتى صرنا نُعرف بأننا «جيل من المفرطين في التفكير»، أو بكلمات عائشة خان: «نصبح مستغرقين في أنفسنا أكثر فأكثر بمجتمع مصمم أصلًا لتوليد النرجسية والفردانية الشرسة».

الفردانية التي تذكي التركيز على الذات والبعد عن مفهوم النجاة الجماعية، تجعلنا أكثر وحدة وأقل تنظيمًا. وعوضًا عن معالجة المشاكل السياسية والاجتماعية، ونسعى لحلها، نعمل على تطوير أنفسنا، ورعاية أنفسنا بحيث نتقبل وجود هذه المشاكل كواقع حتمي. لتصبح مساعدة الذات هي صناعة تقدر قيمتها بـ52 بليونا، أما الاهتمام بالذات والعافية فهي صناعة تقدر قيمتها بـ5.6 تريليون دولار. من هنا تأتي أهمية معالجة المشاكل النفسية من منظور اجتماعي وسياسي، وباعتباره نتيجة لظواهر اجتماعية وسياسات، وليس كمشكلة فردية.

طيب، إن لم يكن هذا سبيل الخلاص، فما السبيل؟

ثمة طرق طبيعية وغير واعية للتعامل مع الأزمات، علينا أن نشجعها ونربيها. الفكاهة مثلًا إحدى آليات التكيف. تقزم المآسي عوضًا عن الانشغال بها، وتكبيرها، والانهماك في معرفة جذرها. لعلها ليست صدفة أن يكون للغزيين حس فكاهة استثنائي. ليس هذا للدفاع عن إيجابية مزيفة، ندعي فيها أن بإمكان البسمة أن تحل أعتى المشاكل، وأن الحرمان من الغذاء، والسكن، وفقدان المرء لعائلته يُمكن أن يُتجاوز عبر الهزء من الظروف. بل هو لنقول بإعطاء الجراحات الصغيرة والصدمات المبكرة موقعها وثقلها الحقيقي، وتجاوزها من أجل أن يُفسح المجال لمعالجة مشاكل العالم الحقيقية، والعمل على التفكير بالنجاة كفعل جماعي، وليس باعتباره حقا حصريا لمن يملكون ثمنه.

الحياة الاجتماعية المتراحمة، والانتظام لحل قضايا العالم هو طريقنا للعافية. التبادلية في الدعم الاجتماعي، عدم أخذ الأمور بجدية، حسن الظن، وعدم حساب النقاط في علاقات الأخذ والعطاء اليومية مع أقاربنا، زملائنا، معارفنا، وبالطبع أصدقائنا. وقد يُفيدنا أيضًا القبول بأن العالم ليس مكانًا منصفًا، دون أن يعني هذا فقدان الأمل في تغييره.

دعونا نضحك على مشاكلنا، نتحمل بعضنا، معارفنا وزملاؤنا وأصدقاؤنا، ونطالبهم بأن يتحملوا أمزجتنا بدورهم.

تغيير الوضع القائم يتطلب شجاعة، يتطلب قبولًا بأن محاولة النجاة الجمعية مكلفة على المدى القريب، لكنها الطريقة لتحدي الوضع القائم.

نوف السعيدية كاتبة وباحثة عمانية في مجال فلسفة العلوم

مقالات مشابهة

  • أمنستي تنتقد مشروع قانون تمييزيا يحظر الحجاب في الألعاب الرياضية
  • إيران.. تطوير سلاح جويّ لا يقاس بأي «منظومة دفاعية» أخرى في العالم
  • اتفاق عراقي إيراني لإحكام السيطرة على المنافذ إلكترونياً
  • العيادات الشاملة بدرعا تقدم برنامجاً متكاملاً لمرضى السكري
  • النجاة معًا: لنتحدث عن الأبعاد السياسية والاجتماعية للصحة النفسية
  • قائد عسكري إيراني: الوعد الصادق 3 حتمية.. ولا حرب مع إسرائيل لهذا السبب
  • وزير التعليم العالي يفتتح جناح العيادات الخارجية الجديد بالمستشفيات الجامعية بالمنوفية
  • تمثيل إيراني رسمي في تشييع نصرالله
  • مسرور بارزاني يبحث مع مسؤول إيراني العلاقات بين كوردستان وطهران
  • رمضان عبد المعز: شكر الله وحمده يجلب البركة والراحة النفسية