الجراح الفلسطيني عدنان البرش.. من مستشفيات غزة إلى الشهادة في سجون الاحتلال (شاهد)
تاريخ النشر: 15th, November 2024 GMT
استشهد الطبيب الفلسطيني الشهير، وجراح العظام في قطاع غزة، عدنان البرش، في سجون الاحتلال خلال الحرب على قطاع غزة، بعد أن تعرض للتعذيب على يد قوات الاحتلال، وترك وراءه قصصا كبيرة من عمله في القطاع رغم الحرب والحصار، كما نشر موقع شبكة "سكاي نيوز".
وقال الموقع في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21، إن الدكتور عدنان البرش أمضى معظم حياته المهنية جراح عظام شهير في علاج الأطراف المكسورة في مستشفى الشفاء بغزة، وكان واحدًا من أفضل الأطباء المدربين في القطاع.
عمل على مدار الساعة
عندما اندلعت الحرب في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كان يعمل على مدار الساعة؛ وتُظهره الصور الموجودة على هاتفه المحمول وهو يحفر بمجرفة هو وزملاؤه قبورًا جماعية بينما كانت أصوات الانفجارات تدوي خلف جدران المستشفى.
بعد فترة وجيزة من اندلاع الصراع، أدرك الجراح وزوجته ياسمين أن عالمهما قد تغير إلى الأبد. وتتذكر ياسمين أنها قالت له مع بداية الحرب إنه سيكون هناك الكثير من العمليات الجراحية وسيحتاجون إلى مساعدته، فذهب إلى المستشفى لاستقبال الجرحى وبقي هناك لمدة 24 ساعة دون راحة، وكان يقضي أيامه في غرفة العمليات وينام ليلًا في غرفة الأطباء.
كما كان يحتفظ بمذكرات من نوع خاص على هاتفه المحمول، يوثق فيها المشاهد المأساوية التي كانت تتكشف من حوله، وقال وهو يصور أحد المشاهد في غرفة العمليات المزدحمة: "رغم الألم، نحن صامدون".
وأشار الموقع إلى أن إسرائيل ادعت وجود أنفاق تحت مستشفى الشفاء، وبينما كانت القوات الإسرائيلية تتقدم نحو المبنى، وثق الدكتور البرش الأجواء داخله؛ حيث يُظهر مقطع فيديو آخر على هاتفه المحمول أحد زملائه في غرفة الموظفين وهو يتذكر محادثة مؤلمة مع زوجته.
وبحلول منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر، كان مستشفى الشفاء تحت حصار القوات الإسرائيلية، وبعد أسبوع، صدرت الأوامر بإخلاء المرضى والموظفين ونحو 50,000 نازح من السكان الذين كانوا يحتمون حوله.
وقد صوّر الدكتور البرش مشهد الصفوف الطويلة من الناس وهم يسيرون باتجاه جنوب غزة، لكن الجراح المخضرم لم يتبعهم، بل اتجه إلى الشمال الشرقي، وتحديدا إلى المستشفى الإندونيسي في شمال غزة، وما وجده هناك عند وصوله أصابه بالصدمة؛ حيث قال في مقطع فيديو إنه وجد بعض الجرحى ينتظرون إجراء عمليات جراحية منذ أكثر من عشرة أيام، وكانت جروحهم ملتهبة بشدة.
وفي 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، حاصرت الدبابات الإسرائيلية المستشفى الإندونيسي، وتم إطلاق القذائف على الطابق الثاني واستشهد 12 شخصًا على الأقل.
نجا الدكتور البرش وأصيب بخدوش طفيفة، لكن المدخل الأمامي للمبنى تم تدميره بالكامل، وقال في مقطع فيديو آخر: "الدمار في كل مكان".
تهديد واعتقال
بحلول أوائل كانون الأول/ ديسمبر 2023، انتقل الدكتور البرش إلى مستشفى صغير في الشمال يسمى مستشفى العودة، وتُظهره الصور المنشورة على صفحة المستشفى على مواقع التواصل الاجتماعي وهو يفحص المرضى والإرهاق ظاهر على وجهه.
قتلوه قتلهم الله
الدكتور عدنان البرش شهيداً، بعد أن قتله العدو تحت التعذيب.
الدكتور عدنان من كبار جراحي العظام في قطاع غزة، وثبت طوال الحرب في مستشفى الشفاء، وبعد اقتحام المستشفى أول مرة خرج وانطلق من فوره، لا لبيته، وإنما ليكمل مهمته في مستشفيات الشمال (كمال عدوان و مستشفى… pic.twitter.com/JiR9NS5Eqm — Saeed Ziad | سعيد زياد (@saeedziad) May 2, 2024
وقد حاصر الجيش الإسرائيلي المستشفى في 5 كانون الأول/ ديسمبر، وكان الموظفون قلقين مما قد يفعله الجنود. وفي نهاية المطاف، أخبرهم مدير المستشفى أن عليهم مغادرة المبنى.
وقال الدكتور الدكتور محمد عبيد، صديق الدكتور البرش وزميله، إن المدير أخبرهم أن الجيش الإسرائيلي لديه بيانات كاملة عن جميع الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و65 سنة في مستشفى العودة، وأنهم أخبروه أنه إذا لم يخرج جميع الرجال فسوف يدمرون مستشفى العودة بكل من فيه من نساء وأطفال. وقد خرج الرجال من المستشفى وتم اعتقال خمسة أشخاص منهم الدكتور البرش.
وأقر الجيش الإسرائيلي في بيان مقتضب لـ"سكاي نيوز" بأن جنوده احتجزوا الدكتور البرش، وجاء في البيان أن الجراح الفلسطيني نُقل في 19 كانون الأول/ ديسمبر 2023 إلى قاعدة "سدي تيمان"، والتي أصبحت تُستخدم لاحتجاز المعتقلين منذ بداية الحرب.
ويعتقد الدكتور خالد حمودة، وهو سجين سابق في المعسكر، أن العديد من السجناء في "سدي تيمان" هم من الأطباء المتخصصين؛ مشيرا إلى أن المعسكر الذي احتجز فيه كان يضم حوالي 100 سجين، ربعهم على الأقل يعملون في مجال الرعاية الصحية.
ويقول الدكتور حمودة إن الحراس في القاعدة أجبروه على مساعدتهم، ويتذكر أنه طُلب منه إحضار الدكتور البرش عند البوابة، وعندما أحضره قال زميله إنه تعرض للضرب المبرح وشعر بألم في جميع أنحاء جسده.
وأضاف الدكتور حمودة أن الدكتور البرش كان على الأرجح مصابًا بكسور في الأضلاع، ولم يكن قادرًا حتى على الذهاب إلى الحمام بمفرده.
وقال الجيش الإسرائيلي لـ"سكاي نيوز" إنه بعد أن الانتهاء من إجراءات نقل الدكتور البرش، غادر سجن "سدي تيمان" في 20 كانون الأول/ ديسمبر وأصبح "تحت مسؤولية" مصلحة السجون الإسرائيلية.
وفاة في ظروف غامضة
وفي نيسان/ أبريل، نُقل الجراح إلى سجن عوفر بالقرب من القدس، وتوفي بعد وصوله بوقت قصير، وتم الإعلان عن نبأ وفاة الجراح في بيان صادر عن جمعيتين لدعم الأسرى الفلسطينيين في بداية شهر أيار/ مايو، ولم يقدم الإسرائيليون أي تفسير أو سبب للوفاة.
وحسب إفادة أحد الأسرى، قال إنه كان يعرف الدكتور البرش في غزة، لمحامين من منظمة "هموكيد" الإسرائيلية لحقوق الإنسان، فقد وصل الدكتور عدنان البرش إلى القسم 23 في سجن عوفر في منتصف نيسان/ أبريل 2024.
الدكتور عدنان البرش، شهيد في سجون الإحتلال، بعد تعذيبه.. الله يرحمك❗️
???? pic.twitter.com/TfvvPHUkan — علي (@allouush) May 3, 2024
وأضاف أنه وصل في حالة يرثى لها، وكان من الواضح أنه تعرض للاعتداء، حيث توجد إصابات في جسده، وكان عاريًا من الجزء السفلي.
وأضاف الأسير السابق أن حراس السجن ألقوا بالدكتور في وسط الساحة وتركوه هناك، ولم يكن قادرًا على الوقوف، فساعده أحد السجناء ورافقه إلى إحدى الغرف، وبعد بضع دقائق سُمع صراخ السجناء من الغرفة معلنين أن الدكتور عدنان البرش قد توفي.
وفي تصريح لـ"سكاي نيوز"، نفى متحدث باسم مصلحة السجون الإسرائيلية أن تكون مسؤولة عن وفاة البرش، لكن الموقع أوضح نقلا عن زملاء البرش وزوجته ياسمين أنه كان في حالة بدنية جيدة قبل اعتقاله، وتقول زوجته: "كان نور حياتي وقد فقدته".
وختم الموقع بأن الدكتور البرش كان مستعدُا للمخاطرة بحياته لإنقاذ الآخرين، وتمثل قصته واحدة من عدد لا يحصى من القصص المروعة التي دفنت تحت الأنقاض في غزة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة عدنان البرش الاحتلال غزة الاحتلال ابادة عدنان البرش صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدکتور عدنان البرش الجیش الإسرائیلی الدکتور البرش مستشفى الشفاء کانون الأول سکای نیوز فی غرفة
إقرأ أيضاً:
مدير مستشفى "كمال عدوان" يطلق التحذير الأخير: "سيتحول المستشفى إلى خرابة"
وجه مدير مستشفى "كمال عدوان" في شمال قطاع غزة الدكتور حسام أبو صفية، اليوم الأحد، تحذيرا إلى العالم لإنقاذ المستشفى الذي يتعرض لقصف إسرائيلي مستمر من التحول إلى خرابة.
وقال أبو صفية: "ما يحدث في مستشفى كمال عدوان هو يوم آخر أسود في التاريخ الطويل من المعاناة التي يتحملها هذا المستشفى يوميا، منذ يوم أمس وحتى الآن، تستمر عمليات القصف والاستهداف على مدار الساعة".
وأضاف: "تستهدف طائرات الكواد كابتر المولدات الكهربائية 24 ساعة في اليوم، مما يؤدي إلى تضرر البنية التحتية الأساسية باستمرار. إنهم يستهدفون إمدادات المياه، محطة الأكسجين، وكل من يعمل في المنطقة، وخاصة تلك المناطق التي تدعم المستشفى".
وأشار إلى أنه "اليوم، تم استهداف جميع المولدات الأربعة، مما أدى إلى أضرار كبيرة. للأسف، أي شخص يحاول إصلاح أي شيء يتم استهدافه مباشرة من قبل الطائرات المسيرة، التي تلقي القنابل عليهم".
وأكد أبو صفية أنه "كان هناك تنسيق لدخول سيارات من وزارة الصحة الفلسطينية لإجلاء بعض الحالات وإدخال الإمدادات، ولكن المرضى داخل سيارات الإسعاف تعرضوا لقنابل الطائرات المسيرة. وقد أصيب سائقان من الإسعاف إصابة متوسطة، كما تأثر أحد المرضى الذي كان مصابًا وموجودًا في المستشفى. بالإضافة إلى ذلك، أصيب أحد العمال الذي كان يساعد في نقل الحالات إلى سيارات الإسعاف".
وشدد على أنه "حتى الآن، لم يتوقف الاستهداف. نحن لا نفهم سبب هذا الهجوم العنيف. يتم استهداف المستشفى بشكل مباشر، على الرغم من مناشدتنا للعالم بضرورة توفير حماية دولية للنظام الصحي وعامليه لأكثر من سبعين يوما".
وأضاف: "للأسف، لم يكن هناك أي استجابة أو إجراء إيجابي بشأن حماية خدماتنا الصحية. نحن نُقتل يوميًا في المستشفى، ونعاني حاليًا من قصف مباشر دون أي إنذار مسبق. ليس لدينا كهرباء، ولا ماء، ولا أكسجين".
وأوضح أبو صفية: "حاليا، لدي أكثر من خمسين مريضا محاصرين داخل المستشفى. العديد من هؤلاء المرضى في العناية المركزة ويحتاجون إلى الأكسجين والكهرباء والماء بشكل مستمر".
وأكد أنه "نواجه أياما وساعات صعبة للغاية، وإذا لم يكن هناك حل سريع وعاجل لإدخال الإمدادات اللازمة لإصلاح ما تم تدميره بواسطة الطائرات المسيرة، فإن الوضع سيتدهور".
وأضاف: "علاوة على ذلك، عندما تم استهداف البوابة الشمالية، كان هناك العديد من الضحايا الذين تم نقلهم إلى المستشفى، ولا يزال هناك شهداء موجودون عند البوابة الشمالية. لا يمكننا إجلائهم خوفًا من استهداف أي شخص يتحرك في المنطقة. الوضع خطير بكل معنى الكلمة. لقد ناشدنا العالم ونواصل المطالبة بتوفير حماية دولية للعاملين في النظام الصحي في مستشفى كمال عدوان".
وتشهد المنظومة الصحية بالقطاع لا سيما في الشمال، واقعا مأساويا من جراء استهداف إسرائيل للمستشفيات وإخراجها عن الخدمة، وحصارها المفروض على القطاع ومنعها دخول الأدوية ومستلزمات الصحة، وإيقافها حركة خروج المرضى والجرحى للعلاج خارج القطاع.
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن إسرائيل تعمل بشكل منهجي على إخراج مستشفيات شمال قطاع غزة بالقوة عن الخدمة، وذلك من خلال الاستهداف العسكري المباشر والمتكرر، وفرض حصار خانق، وقتل وإصابة واعتقال المرضى والجرحى والطواقم الطبية، في إطار سعيها لتدمير آخر مقومات الحياة المتبقية اللازمة للنجاة، بالتزامن مع استمرارها في جريمة التهجير القسري ضد جميع السكان الفلسطينيين من شمال القطاع.
وأفاد المرصد في تقرير له بأن "قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي واصلت هجماتها العسكرية ضد المدنيين في مشروع بيت لاهيا شمال قطاع غزة، وشن غارات عنيفة استهدفت المنازل والشوارع قبل أن تحاصر مستشفى كمال عدوان، الذي ما يزال يعمل بشكل جزئي مع مستشفيين آخرين في شمال قطاع غزة".
وأضاف الأورومتوسطي أن "فريقه الميداني وثق استخدام قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي معتقلين فلسطينيين كدروع بشرية وإرسالهم تحت التهديد إلى المستشفى لإبلاغ إدارته بضرورة خروج جميع النازحين ومرافقي المرضى منه إلى ساحة المستشفى، والتوجه نحو منطقة تتمركز فيها القوات الإسرائيلية، وعند وصولهم، اعتقلت هذه القوات عددًا منهم وأجبرت البقية على النزوح قسرًا باتجاه حاجز الإدارة المدنية ومنه إلى مدينة غزة".
وذكر أن الجيش الإسرائيلي أجبر أيضا الوفد الطبي الإندونيسي المتطوع في مستشفى "كمال عدوان" على الخروج منه دون سياراتهم التي قدموا بها.