سليمان: الدول لم تمنع تسليح الجيش بل الداخل حال دون فرض سيادته
تاريخ النشر: 15th, November 2024 GMT
قال الرئيس العماد ميشال سليمان في تصريح له اليوم إن "سلاح الجيش الأقوى يبقى هو شرعية المؤسسة العسكرية القانونية، الوطنية، العربية والدولية، وهو أقوى وأفْعَل من الصواريخ البركانية والزلزالية. أتيحت فرصًا عديدة لتسليح الجيش ونذكر آخرها بين عامي 2013 و 2015 التي حالت دون تحقيقها سياسات الخارج ومصالحه فأجهضتها على أيدي الداخل".
اضاف: "أقرت المملكة العربية السعودية أواخر العام 2013 هبة لتسليح الجيش اللبناني بقيمة 3 مليارات دولار، بأسلحة فرنسية جديدة، والهبة غير مشروطة لا يُقيّدها أي مطلب من أي نوع كان. وُقّعت العقود بين المملكة وفرنسا وما كان على الجيش الا انتظار استلام الأسلحة التي اختارها دون حظر لأي نوع منها وهذا كان ما حرصت شخصياً على وضعه كشرط وشدّدت عليه، بالتنسيق مع المملكة، في محادثاتي مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وقبل إعلان المملكة الرسمي عن الهبة والسير بالعقود".
وتابع: "للأسف نجح الداخل اللبناني في دفع المملكة إلى إلغاء هذه الهبة في شباط 2016 عندما صار الفراغ الرئاسي سيّد الموقف، وعندما أطلقت الإتهامات للمملكة وجرى تخوينها والتشكيك بمواقفها ومناصرة أعدائها! إضافة إلى رفض اعلان بعبدا الذي أيّدته المملكة ومعظم الدول وتبناه مجلس الامن".
واردف: "أقرّت المملكة أيضًا هبة أخرى للقوى الامنية بقيمة مليار دولار نقدًا وغالبيتها للجيش اللبناني في الرابع من آب عام 2014 لشراء الذخائر وحاجات القوى العسكرية الملحّة والضرورية للتصدي لداعش واقتلاعها. حصل ذلك عندما دخلت مجموعات داعشية في 2 آب 2014 في فترة الفراغ الرئاسي إلى جرود عرسال وخطفت وقتلت عسكريين. وقد مُنحت هذه الهبة بناءً لطلبي من عاهل المملكة العربية السعودية خلال مكالمته لي مستفسرًا عما حصل في لبنان. لم أكن في حينه رئيسًا" ورغم ذلك طلبت منه مساعدة الجيش لتلبية حاجاته الفورية، وقد انفق جزء من هذه الهبة ولكن ومع الأسف ألغي المبلغ المتبقي منها بما قيمته 600 مليون دولار في شباط 2016 لنفس الأسباب المدرجة في الفقرة الأولى وفي نفس القرار".
اضاف: "وقّعتُ عام 2013 مشروع قانون برنامج لمدة خمس سنوات لتسليح وتجهيز الجيش ضمن اعتماد مليار و 600 مليون دولار في حينه حيث اقره المجلس النيابي عام 2015 بعد أن خُفّضَ المبلغ الى حوالي 900 مليون دولار في حينه. لا ادري كم صُرف منه وكم تراجعت قيمة صرفه بعد انهيار العملة الوطنية".
وختم: "خلاصة القول، لم تمنع الدول تسليح الجيش لا بل عمل الداخل على الحؤول دون فرض سيادة الجيش على كامل الاراضي اللبنانية بحجة أن ليس لديه أسلحة كافية للدفاع عن لبنان، في حين كان الحل السهل والسريع يكمن في تسليم صواريخ فصائل المقاومة بكافة تلاوينها للجيش بعد ايار عام 2000. لذلك عندما يقرر جميع اللبنانيين بضرورة حصر السلاح بيد السلطة الشرعية وحدها دون سواها، فالسلاح سيأتي دون إبطاء ومن غير تحفظات".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
الفرق بين السوداني وخصومه
بقلم : هادي جلو مرعي ..
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ظل طوال السنتين الماضيتين وأكثر (شوية) يؤكد حضوره وتأثيره بطريقة مختلفة عن بقية الزعامات السياسية الشيعية. وبقدر تعلق الأمر كون السوداني واحدا من القادة السياسيين الشيعة، ومن منظومة سياسية تتمثل فيها القوميات والطوائف الرئيسية في البلاد، وقد برزت زعامات سياسية عدة ممثلة للمكونات الأساسية. بعضها فشل في إثبات الحضور، وبعضها حقق نجاحات محدودة، وهناك من يحاول فعل شيء يعوض الخسارات الماضية.. وهنا يكمن الفرق، ففي هذه المرحلة يتنافس السوداني مع الخصوم الشيعة بطريقة غريبة لأن الرجل يعمل، وهناك من يحاول التقليل من شأنه، ووقفه عن مسيرته السياسية التي تسببت بتراجعهم. فهم يحاربونه بنجاحه، وليس بفشله حيث جرت العادة على إستخدام الفشل في الأداء كوسيلة لتحجيم الخصوم بالرغم من أهمية التأكيد على إن الأمور ليست مثالية، وماتزال هناك مشاكل موروثة لايتحملها السوداني، ولكنه يتحمل مسؤولية بذل كل ممكن للتخلص منها، أو تقليل آثارها، وربما يكون ذلك مفهوما لإعتبارات منها إن الناس لاتجد من ( تفش غلها فيه) سوى الحكومة، وهي السلطة العليا على الأرض، وبيدها إتخاذ تدابير توفر ضمانات تغيير الواقع من خلال أدوات المال والقرار وصلاحية التوقيع والتنفيذ.
الجميع فشل في صناعة نظام سياسي متوازن، والجميع تعرض لإحباطات متتالية في بلد محتل من قوات أجنبية، وتدخلات خارجية ترى في العراق ساحة لتحقيق مكاسب، وضمان مصالح حيوية، ومكانا لتصفية الحسابات مع الخصوم والدول الكبرى، وكان الضحك على العراقيين يتعالى، والقهقهات تتوالى. فمجموعات بشرية سحبت الى ميدان الطائفة، وجماعات سحبت الى ميدان المال والفساد والتحزب والتعصب القومي والعشائري، والبعض صار ممثلا للخارج، وهناك من عمل للخارج على حساب الداخل، وهناك من قدس الخارج، ومن عشق الخارج، وصار قراره من الخارج، فصارت كلمة الخارج تستهويه، ولايرغب في سماع كلمة الداخل، وصار يبعث أمواله الى الخارج، ويسافر الى الخارج ويتزوج في الخارج، ويستثمر في الخارج، ويقضي معظم وقته في الخارج، ويشتري البيوت والسيارات والفلل والفنادق والمطاعم في الخارج، ويأكل ويشرب في الخارج، ويقضي عطلة نهاية الأسبوع في الخارج، وتسيل دموعه حين يسمع كلام وهمسات وهمهمات الخارج، وتحول الى وحش في الداخل يرغم الناس على ان يذوبوا في الخارج، ويصلوا ويصوموا لإرضاء الخارج، لا الخالق، وكان همه النظر الى الخارج، وإغماض عينيه عن كل مايجري في الداخل البغيض والكريه والبشع، ونسي إنه مسؤول، وعليه واجبات تجاه الداخل، لا أن يسرق، ويفسد، ويرضي الخارج.
السوداني رشحته المنظومة السياسية الحالية ليكون رئيسا للوزراء، وليكون مطواعا لها، وخادما لمصالحها كأي رئيس وزراء، وكأي وزير، وكأي مسؤول مرتبط بحزب وطائفة وقومية ليمثل مصالحها، ويجب أن يعمل لها، فإذا خرج عن المسار عوقب بالنار، وعلى قاعدة..ولن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم.. الرجل أخطأ كثيرا في حساباته فهو لم يكن مطلوبا منه العمل على تطوير العلاقات الخارجية مع الدول، وليس مطلوبا منه تسهيل دخول الإستثمارات، ولا بناء عشرات المجسرات والجسور، والمستشفيات، وتعبيد الشوارع، ومحاولة بناء مدن جديدة، وفسح المجال للمستثمرين والشركات للعمل في الداخل، أو محاولة تطوير الزراعة وإعادة تأهيل المصانع وتوقيع عقود ومذكرات تفاهم في قطاع الكهرباء والصحة، وكل ذلك يحتاج الى وقت، فعقليتنا نحن تركز على المنفعة الآنية، وكسب المال، وضمان المصالح، والرجل ليس قديسا، ففي النهاية هو سياسي، ومسؤول، وعرضة للنقد والرفض، وكان عليه أن يلبي مصالح القوى الفاعلة التي تضع عينها على ثروات العراق، وعلى المناصب والوزارات واللجان والهيئات، وبالتالي يصبح خائنا لأنه إنحاز لنفسه ولفئات إجتماعية، ولم يبق على إنحيازه للزعامات..
العراقيون يتغنون بالماضي كثيرا رغم إنهم كانوا يعيشونه بطريقة سيئة، وربما كانوا يفضلون أي شيء على الإنفلات، وهناك من يبجل صدام حسين نكاية بالحاضر لأسباب سياسية في الغالب.. ربما سيشعر السوداني بعد عشر سنين، أو عشرين منها بشيء من الراحة أن هناك شيء مختلف وحيوي حصل في عهده، مع أنه ليس بدكتاتور…