الجزيرة:
2025-01-16@05:21:22 GMT

كيف ستنهزم إسرائيل بفعل الجغرافيا؟

تاريخ النشر: 15th, November 2024 GMT

كيف ستنهزم إسرائيل بفعل الجغرافيا؟

جغرافية إسرائيل وصغر حجمها سلاح ذو حدين، فبالرغم من أنها تمتلك قواعد عسكرية وصواريخ جاهزة للانطلاق في أي لحظة، فإن المواطن الإسرائيلي، حينما تنطلق صفارات الإنذار، ليس لديه سوى من 12 إلى 15 ثانية للاختباء في ملجأ. فإسرائيل بلد تفتقد العمق الإستراتيجي؛ فالصواريخ على بابها.

فالجغرافيا عامل مهيمن في الأمن القومي لإسرائيل، حيث يقيم معظم سكانها والبنى التحتية الحيوية داخل الشريط الضيق من السهل الساحلي، وهذا هو الجزء الأكثر أهمية، الذي أصبح في الحرب الأخيرة يتعرض لتهديد دائم بصواريخ وطائرات مسيرة.

وهذا ما شلّ الحياة وألحق أضرارًا بالغة بالمنشآت والاقتصاد الإسرائيلي.

حاولت إسرائيل أن تتكيف مع موقعها بإستراتيجيات الدفاع الجوي، مثل القبة الحديدية ومقلاع داود والحرب الإلكترونية، لكن الطرف الآخر وضع تل أبيب، وحيفا، وعسقلان، وغيرها تحت القصف المستمر.

وهذا ما جعل الشرق الأوسط مع طول أمد الحرب الأخيرة بؤرة ساخنة في منطقة بها تقاطعات معقدة، قد تقود إلى مشكلات طويلة الأمد، أبرزها قلق إسرائيلي مستديم حول مستقبل أمنها في ظل افتقادها العمق الجغرافي الذي لن يصمد أمام التطور السريع للطائرات المسيرة، والصواريخ فائقة السرعة.

تعتمد إسرائيل على التفوق النوعي عسكريًا، وهذا التفوق كفل لها ضمان وجود الدولة إلى الآن، في ظل إستراتيجية قامت على إحباط التهديدات وتأجيلها؛ لخلق فترة طويلة من الهدوء بالتزامن مع الجهود العسكرية والسياسية الاستباقية. لكن ما حدث في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 كسر هذه الإستراتيجية.

والآن، تسعى إسرائيل لمحو قوة حماس العسكرية، وتدمير غزة بصورة غير مسبوقة حتى لا تقوم قائمة للمقاومة مرة أخرى في المدى القريب، بل ستحتاج حماس لعقود للعودة إلى ذات القوة. لذا فإن طول أمد الحرب في غزة هدفه واضح، خلق فترة طويلة من الهدوء.

فواضعو الإستراتيجيات في إسرائيل باتوا على قناعة بأن حماس فكرة، والأفكار لا تموت، ومع تصاعد شعبيتها في الضفة الغربية، فإن إسرائيل تحت تهديد الديمغرافيا الفلسطينية على حدودها وداخلها، مما يجعل الجغرافيا الإسرائيلية مهددة، وعليه، عكست شراسة الحرب الأخيرة هذا التهديد.

كل ما سبق يعتمد على إستراتيجية الأمن القومي المبنية على مفهوم "الجدار الحديدي" لزئيف جابوتنسكي. فإسرائيل ترى أنه لا يمكن تحقيق السلام إلا بعد أن يستنتج أعداؤها أن جهودهم غير فعالة، وأن معاناتهم ستزداد. فمن وجهة نظر إسرائيل، يجب أن يكون أعداؤها مقتنعين بأنهم سيحققون أكثر بكثير من خلال الحوار، مقارنة بما سيحققونه بالعنف، وعليه يجب عليهم قبول ما ستطرحه إسرائيل عليهم.

لذا فإن مواجهة إسرائيل لا بدّ أن تعتمد على ضغط معرفي مستمر حول وجودها، واعتباره شاذًا، وهذا ما ترد عليه بسياسات تكرس يهودية الدولة، وهي تعلم أن هذا مستحيل. في الوقت الذي يبدو فيه قلق إسرائيل من صغر حجمها مستمرًا، فقد كانت تواجه سابقًا جيوشًا تقليدية، لكن الجماعات المسلحة غير الحكومية التي تواجهها حاليًا تجعل إسرائيل تحت ضغط الحوادث المتكررة.

هذا ما يؤدي إلى استنزافها بصورة مستمرة، ويبقى التساؤل: هل وفّر العنف المفرط والمتجاوز لكل ما هو متخيل الأمن للمواطن الإسرائيلي؟

في حقيقة الأمر، بات عمق إسرائيل مهددًا، مما يدفع المواطن الذي يدرك أن إسرائيل دولة وظيفية إلى الهرب، أو الهجرة خارج إسرائيل. بات هذا واقعًا مع الحرب الأخيرة، خاصة من مزدوجي الجنسية، حيث لم تعد إسرائيل بيئة آمنة للاستثمارات، ولأول مرة يتم تجميد استثمارات كانت مقررة في حيفا، وتل أبيب، والمنطقة الساحلية.

تكمن أهمية إسرائيل في كونها تمنع انفراد قوة بشرق المتوسط، والبحر الأحمر، وهو مصدر أهم طرق التجارة الدولية والطاقة والعديد من المواد الأولية. فهي أشبه ببوليصة تأمين توفر متطلبات الهيمنة الغربية على الاقتصاد العالمي، ومقدرات العالم، وتضع المنطقة العربية تحت الضغط المستمر بلا سلام دائم، وتستنزف في شراء السلاح الغربي، وتدخل في حروب مستمرة.

وعلينا أن ندرك أن إيران تعتبر أن أمنها يبدأ من شرق المتوسط، وهذا ما دفع الفرس قديمًا إلى احتلال شرق المتوسط في إطار الصراع مع الإمبراطورية البيزنطية. كما أن انفراد تركيا بشرق المتوسط سيشكل قوة كبرى منافسة، وكذلك الحال مع دول جنوب المتوسط. لذا فإن وظيفة إسرائيل هي الحد من نمو قوة سياسية أو عسكرية أو اقتصادية في شرق المتوسط أو في دائرته.

لكن على الجانب الآخر، فإن وجود روسيا في سوريا، وتغلغل الصين في المنطقة عبر قاعدة عسكرية في جيبوتي، وشراكات اقتصادية، يضعان الغرب في ضائقة إستراتيجية. وهي أزمة لم يُعثر لها على حل إلى الآن، بل إن الحرب الأخيرة جعلت الجغرافيا في مأزق، حيث لم يعد هناك مجال للحلول الجيوسياسية.

فتوسع إسرائيل جغرافيًا لم يعد ممكنًا كما كان سابقًا، في ظل وهن أوروبا واستنزافها في حرب روسيا وأوكرانيا. فضلًا عن أن الدعم الأميركي لن يستمر طويلًا في ظل المعارضة الداخلية في الولايات المتحدة؛ نتيجة تكاليف دعم إسرائيل، ومشاكل الاقتصاد الأميركي.

يبقى السؤال: هل تفقد إسرائيل وظيفتها كحاملة طائرات، أو كـ "فتوّة" يمثل أميركا في المنطقة؟ هذا كله يتوقف على الوعي العربي بأن إسرائيل لديها مشكلة جيوسياسية كبيرة، وأنها إستراتيجيًا باتت مهددة.

ولعلّ هذا ما شكل رؤية غربية مفادها أن إسرائيل ستنتصر في الحرب، لكنها ستُهزم إستراتيجيًا على المدى البعيد.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الحرب الأخیرة وهذا ما هذا ما

إقرأ أيضاً:

الشيوعي: الفظائع في ولاية الجزيرة تتحمل مسؤوليتها مُباشرة قيادة الجيش قانونياً وسياسياً

 

قال الحزب الشيوعي السوداني إن الفظائع والإنتهاكات التي حدثت في ود مدني وولاية الجزيرة تتحمل مسؤوليتها مُباشرة قيادة الجيش قانونياً وسياسياً بلا أي إمكانية للإفلات من المحاسبة والعقاب.

الخرطوم _ التغيير

و أدان الحزب الشيوعي السوداني الإنتهاكات الجسيمة التي تحدث حالياً في ولاية الجزيرة وسط السودان، وموجة العنف والإرهاب والترويع المُستعرة بوتائر مُتسارعة هناك.

وقال الشيوعي إن قيادة الجيش مسؤولية قانوناً عن أفعال الضباط والجنود تحت قيادتها، وكذلك عن القوات “الأخرى” المُتحالفة معها، وعن مسؤوليتهم عن أمان المواطنين في مناطق سيطرة الجيش، و أضاف “إن الخطابات الصادرة مُباشرة عن قيادات الجيش تعطي الضوء الأخضر للقوات لممارسة كل الإنتهاكات دون قيد _ لجام_  كما لوحظ في الخطاب الأخير للرجل الثاني في قيادة الجيش”.

و نوه الشيوعي إلى أن هذه الإنتهاكات سبقتها موجة من خطاب التحريض والعنف والوعيد، تارة تحت دعاوى “المُتعاونين” وتارة تحت دعاوى (حسم الفوضى التي سبقت سقوط ود مدني ! ) ، وحملة تحريض ضخمة ضد المواطنين من سُكان الكنابي…
وأكد الشيوعي أن هذه الحملة تم الإعداد لها وتنظيمها من قِبل الفئات الداعمة لإستمرار الحرب وتستفيد منها، وهي مستمرة، وأدت وستؤدي إلى نتائج وخيمة.

وقطع الحزب بأن وحدة المجتمع السوداني والسلم الأهلي هي مسؤولية الجميع ويجب الدفاع عنهما بلا هوادة أمام هذه المُهددات الماثلة والتي لها نتائج حالية ومستقبلية شديدة الخُطورة.

وقال الشيوعي “ندين بشكل حاسم وصريح مجزرة كمبو خمسة طيبة شرق أم القرى، وقتل المدنيين في مناطق أخرى في الجزيرة، وندعو إلى وقف هذه الإنتهاكات والفظائع فوراً، وكذلك تقديم مُرتكبيها إلى محاكمات عادلة”، و أضاف “كما نُهيب بالمجتمع السوداني ومُنظماته الحقوقية والسياسية أن يعلنوا إدانة ما حدث بشكل واضح وصريح، كذلك واجب رصد كل الإنتهاكات وتوثيقها”.

ودعا الشيوعي إلى المبادرة للتمسك بالسلم الأهلي وسيادة حكم القانون وحماية حقوق الإنسان في البلاد في ظل هذه الحرب الكارثية.

و أشار الشيوعي  إلى أن  طرفا الحرب مارسا إنتهاكات في حق الشعب السوداني ترقى لمستوى جرائم الحرب، ولقي سكان الجزيرة منها النصيب الأكبر؛ وقال “كل ذلك يكشف ويجرد طرفي الحرب من شعاراتهم التي يخوضون بها هذه الحرب البغيضة، ويجعل من إدانتهما ورفض حربهما وكشف زيف كل إدعاءاتهما واجب مقدم”.

وقطع الشيوعي بأن هذه الفظائع لن تنتهي إلا بإيقاف هذه الحرب، وعبر عمل وطني شعبي خالص، من الشعب السوداني وقواه الحية و أكد أنها قادر على ذلك.

الوسومالانتهاكات الحزب الشيوعي ود مدني ولاية الجزيرة

مقالات مشابهة

  • الشيوعي: الفظائع في ولاية الجزيرة تتحمل مسؤوليتها مُباشرة قيادة الجيش قانونياً وسياسياً
  • غزة..اتفاق وقف الحرب تم بالفعل وهذا ما يؤخر الإعلان
  • القتل خارج نطاق القانون في حرب السودان (أحداث ولاية الجزيرة)
  • عقبة اللحظة الأخيرة..حماس ترفض تسليم إسرائيل ردها على اتفاق التهدئة بسبب الخرائط
  • القتل خارج نطاق القانون في حرب السودان «أحداث ولاية الجزيرة»
  • أحداث ود مدني وفقه تصانيف الحرب
  • عملاق الشحن “ميرسك” يحول خدماته من ميناء الجزيرة الخضراء إلى طنجة
  • انتهاكات كتائب الإسلاميين ضد المدنيين في الجزيرة!
  • التطورات الأخيرة في شبه الجزيرة الكورية: كوريا الشمالية تُطلق صواريخ جديدة
  • أبو صفية: مستشفى العودة – تل الزعتر خرج عن العمل بفعل الحصار الإسرائيلي