بات الانخراط الإيراني في التعاون الدفاعي مع النظام السوري متسارعا وملحوظا، لدرجة أثارت مخاوف بين قوى إقليمية، أبرزها دولة الاحتلال الإسرائيلي، من تأثيرات ذلك الانخراط على الوضع الجيوسياسي الإقليمي، مع وجود عواقب أوسع.

ويرى تحليل نشره موقع "سبشيال أوراسيا"، وترجمه "الخليج الجديد"، أن الديناميكيات الجيوسياسية المتطورة في الشرق الأوسط، لا سيما فيما يتعلق باستراتيجية إيران وتعاونها مع سوريا في قطاعي الدفاع والأسلحة العسكرية، أدت إلى تحولات كبيرة على رقعة الشطرنج الإقليمية.

وقبل بضعة أشهر، صرح مسؤولون إيرانيون بالتزام طهران بتقديم دعم عسكري لدمشق من خلال توفير نظام دفاع جوي.

وخلال الأيام القليلة الماضية ، أكد بحث إسرائيلي احتمال تورط طهران في صناعة الأسلحة السورية على نطاق أوسع مما كان متصورا.

اقرأ أيضاً

إيران تتفق مع النظام السوري على تعزيز التعاون الدفاعي.. ومصدر يكشف التفاصيل

ماذا حدث؟

في 29 مايو/أيار الماضي، نشرت وكالة "فارس الجديدة" مقالاً سلط الضوء على جهود طهران لتعزيز القدرات العسكرية لرئيس النظام السوري بشار الأسد، من خلال تعزيز نظام الدفاع الجوي في البلاد.

حينها، قال الجنرال سعيد حمزة كلنداري، في مقابلة نشرتها وكالة الأنباء الإيرانية: "على الرغم من أن سوريا لديها قدرات دفاع جوي خاصة بها، فإن طهران ترغب في تزويد دمشق بالمعدات الاستراتيجية والتعزيزات التكتيكية، بهدف أساسي هو تعزيز الدفاعات ضد التوغلات الإسرائيلية".

وفي الثاني من أغسطس/آب الحاري، نشر مركز ALMA للأبحاث والتعليم ، وهو منظمة غير ربحية في إسرائيل، تقريرًا سلط الضوء على مشاركة إيران الاستراتيجية في صناعة الدفاع السورية.

وقالت رئيسة المركز والضابط السابق في مديرية استخبارات جيش الدفاع الإسرائيلي، ساريت زهافي، إن هناك تورطا إيرانيا واضحا داخل وكالة حكومية سورية محددة تركز على تطوير الأسلحة.

اقرأ أيضاً

واشنطن بوست: إيران نقلت أسلحة إلى سوريا داخل مساعدات الزلزال

ماذا يعني الأمر؟

ويقول التحليل إن العلاقة المحتملة بين إيران وقطاع الأسلحة السوري قد تؤكد على أن نقل الصناعة يمكن أن يكون حافزًا مهمًا لطهران لتعزيز التحالف الدفاعي مع دمشق.

وعلى الرغم من جهود إيران لتأمين بنيتها التحتية الداخلية، إلا أنها تعرضت لهجمات في السنوات الأخيرة.

ويعتبر التحليل أن نقل الصناعة إلى بلدان أخرى وإنشاء شبكة يمكن أن يجعل من الصعب على أعداء إيران السيطرة على أنشطتها عبر دول متعددة.

بالإضافة إلى ذلك، من المهم ملاحظة أن إسرائيل تعمل على توسيع وجودها في دول مثل أذربيجان، بهدف الوصول المباشر إلى إيران.

ورداً على ذلك، زادت طهران نفوذها على كل من سوريا ولبنان كإجراء مضاد.

وتشارك إسرائيل منذ سنوات في قصف مخازن أسلحة "حزب الله" ووسائل نقلها في سوريا.

لهذا السبب، تمتلك إيران إنتاجًا خاصًا بها في هذا البلد العربي مع الحرس الثوري، المسؤول عن إنتاج الصناعة العسكرية المحلية، وهي ميزة استراتيجية كبيرة.

اقرأ أيضاً

رئيسي اختتم زيارته إلى دمشق وتأكيد ثنائي على التعاون في مرحلة إعادة الإعمار

من ناحية أخرى، تستفيد سوريا من العمل عن كثب مع الصناعة والعلماء الإيرانيين بالمجال الدفاعي.

ويتساءل التقرير عن عواقب تنامي التعاون الدفاعي بين طهران ودمشق على الحراك الأخير الذي عادت سوريا بموجبه إلى الصف العربي، وهو  الحراك الذي قادته السعودية، ما يسلط الضوء على تداعيات ذلك أيضا على ملفات إقليمية شديدة الأهمية، مثل التقارب السعودي الإيراني الأخير، الذي تم بوساطة صينية، والوضع في اليمن الذي يشهد هدوءا على خلفية تقارب الرياض وطهران.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: العلاقات الإيرانية السورية تعاون عسكري

إقرأ أيضاً:

أزمات وانهيارات.. إيران المهزومة في الخارج ضعيفة داخلياً

قال الكاتب الصحفي كاي أرمين سرجوي، إن موقف إيران الإقليمي ضعف بشكل كبير في عام 2024؛ إذ عانت طهران من هزائم استراتيجية في غزة ولبنان، وبالأخص سوريا، التي انهارت بسرعة غير مسبوقة.

التخطيط للخلافة أصبح شغلاً شاغلاً ملحاً بالنسبة للنظام

وأضاف سرجوي، صحفي إيراني عمل في طهران لصالح مجلة "تايم" ووكالة "فرانس برس" وصحيفة "واشنطن بوست" وهو مقيم حالياً بأوروبا، في مقاله بموقع مجلة "تايم" الأمريكية،  أن الإطاحة ببشار الأسد أدت إلى إجبار إيران على إجلاء ضباطها في فيلق القدس، مما ترك فراغاً حرجاً.
وتابع الكاتب: "أُهدرت استثمارات طهران الطويلة الأمد في سوريا، بما في ذلك 30 مليار دولار وأرواح لا حصر لها. وتؤدي هذه الانتكاسات بإيران إلى خسارتها لعدد من حلفائها، ولا سيما تقليص ما يسمى "محور المقاومة" إلى ميليشيات عراقية صغيرة والحوثيين في اليمن".

Recent regional setbacks have further weakened Iran’s hardliners at home, with increasing criticism from within the establishment holding them responsible for mismanagement and misdirection in the country’s foreign and domestic affairs.https://t.co/eEw6EdFasD

— Iran International English (@IranIntl_En) December 15, 2024

وفي الوقت نفسه، تفوقت إسرائيل، خصم إيران الإقليمي، على طهران في عمليات تبادل الضربات. واستهدفت الضربات العسكرية الإسرائيلية منشآت الصواريخ والدفاع الجوي الإيرانية الحيوية بنجاح في حين فشلت عمليات الانتقام الإيرانية في إلحاق أضرار جسيمة بتل أبيب. ولم تتلق إسرائيل أي رد على هجومها في أكتوبر (تشرين الأول)، مما أثار معارضة عامة نادرة بين الموالين للنظام، الذين يشككون بشكل متزايد في كفاءة قيادته.

الانهيار الاقتصادي والاجتماعي 

وعلى الصعيد المحلي، يصف سرجوي إيران بأنها تواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ ثورة 1979. فقد أدت سنوات من العقوبات الأمريكية إلى شل صناعة النفط الإيرانية، وعلى الرغم من امتلاكها ثاني أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي في العالم، فإن إيران تواجه نقصاً في الغاز.
وبعد أن كانت إيران مصدرة للكهرباء في السابق، تكافح الآن لتلبية احتياجاتها المحلية. وانخفضت قيمة العملة الوطنية، الريال، بشكل حاد، حيث فقدت 46% من قيمتها خلال العام الماضي، مما يجعلها أضعف عملة في العالم.

Humiliated Abroad, #Iran Is Also Enfeebled at Homehttps://t.co/z3mzEPqKyl

— Yemen Details (@DetailsYemen) December 17, 2024

وأدت التداعيات الاقتصادية إلى ارتفاع معدلات الفقر المدقع. ويعيش 30% من الإيرانيين تحت خط الفقر، ويقال إن 57% يعانون من سوء التغذية. وفي مواجهة تضاؤل الإيرادات، تفكر الحكومة في رفع أسعار الوقود المدعوم بشدة.
وتخاطر مثل هذه الخطوة بإشعال اضطرابات واسعة النطاق تذكرنا باحتجاجات "نوفمبر الدامي" في عام 2019، حيث قمعت القوات الحكومية المتظاهرين بعنف، مما أسفر عن مقتل 304 أشخاص على الأقل، وفقاً لمنظمة العفو الدولية.

 الحجاب والتحدي العام وما تزال القيادة الإيرانية مضطربة بشدة في أعقاب احتجاجات "المرأة والحياة والحرية" في عام 2022، والتي اندلعت بعد وفاة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى الشرطة.
وأشار الكاتب إلى أن هذه الاحتجاجات كانت أخطر تهديد للنظام منذ ثمانينيات القرن العشرين، حيث امتدت إلى أكثر من 200 مدينة وأسفرت عن مقتل أكثر من 500 شخص وإصابة الآلاف على يد قوات الأمن.
ورداً على ذلك، صادق البرلمان الإيراني المتشدد على مشروع قانون جديد للحجاب، مما يزيد من تقييد حريات المرأة. ويمثل التشريع محاولة النظام لإعادة تأكيد السيطرة ولكنه يخاطر بإعادة إشعال الغضب العام والانتفاضات الجماهيرية.
وعلى الرغم من حملات القمع التي يشنها النظام، فإن التحدي العام ما يزال قائماً، مستشهداً بمثال باراستو أحمدي، المغنية التي بثت حفلاً موسيقياً مباشراً من إيران إلى ملايين المشاهدين وهي لا ترتدي الحجاب؛ وهو عمل غير مسبوق منذ حظرت الثورة الإيرانية على النساء الأداء أمام جمهور من الذكور. ويسلط اعتقال أحمدي وإطلاق سراحها لاحقاً الضوء على قبضة النظام الهشة على السيطرة المجتمعية. علامات النظام الممزق وقال سرجوي إن مزاعم النظام بالحفاظ على "الأمن" الوطني قد انهارت بسبب بعض الحوادث التي كشفت عن ثغرات أمنية محرجة، مشيراً إلى اغتيال زعيم حماس إسماعيل هنية في مجمع محصن بشدة في طهران خلال زيارة رسمية، والذي من المرجح أن يكون من عمل مخربين إسرائيليين.
وقع هذا الحادث بعد أسابيع فقط من وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية غامض، وهو الحدث الذي لم تقدم الحكومة أي تفسير موثوق له. وتكشف هذه الهفوات عن هشاشة أجهزة الأمن الإيرانية، مما يزيد من تآكل ثقة الجمهور. تراجع سلطة خامنئي وأزمة الخلافة وأشار الكاتب إلى أزمة الحكم الوشيكة في طهران، إذ يحكم المرشد الأعلى علي خامنئي ( 85 عاماً) منذ عام 1989 ولكن يقال إنه في حالة صحية سيئة. ورغم نفي التسجيلات المسربة التي تشير إلى وفاته الوشيكة، لكن حالة خامنئي المتدهورة بشكل واضح تعزز التكهنات.
وركز خامنئي في خطابه الأخير، المسجل مسبقاً دون بث مباشر،على قمع المعارضة وسط إحباط عام متزايد بسبب خسارة سوريا.
ولفت الكاتب النظر إلى أن التخطيط للخلافة أصبح شغلاً شاغلاً ملحاً بالنسبة للنظام. وعلى النقيض من الانتقال المستقر نسبياً في أعقاب وفاة آية الله الخميني في عام 1989، تواجه القيادة اليوم مزيجاً غير مسبوق من الانهيار الاقتصادي والاضطرابات المجتمعية وتآكل الشرعية. الخلاصة: مستقبل في مهب الريح وخلص كاي أرمين سرجوي إلى أن موقف إيران، سواء على المستوى المحلي أو الدولي، محفوف بالمخاطر. ففي حين ينهار نفوذ طهران في الخارج، فإن اقتصادها وحوكمتها وتماسكها المجتمعي يضعف في الداخل. وفي مواجهة الاضطرابات الداخلية والخصوم الأجانب والفراغ القيادي الوشيك، يبدو مستقبل طهران في مهب الريح. والآن يتأرجح نظام إيران على حافة أزمة قد يكافح لاحتوائها.

مقالات مشابهة

  • إيران تعدم رجلاً اعتدى على 60 امرأة
  • كيف نفهم تغير خطاب إيران وحزب الله تجاه سوريا؟
  • أزمات وانهيارات.. إيران المهزومة في الخارج ضعيفة داخلياً
  • نقص الطاقة يدفع إيران لغلق مبكر إجباري لمراكز التسوّق في طهران
  • نتنياهو يزور جبل الشيخ في سوريا الذي احتله الجيش الإسرائيلي بعد سقوط الأسد
  • نتنياهو يعقد اجتماعا عسكريا داخل الأراضي السورية
  • صحف إسرائيلية: إيران جندت 200 عنصراً من البوليساريو للقتال في سوريا قبل سقوط نظام الأسد
  • دعوات إسرائيلية لضرب إيران والاستمرار في مهاجمة سوريا
  • مخاوف إسرائيلية من اشتعال الضفة وضغط على الأردن بسبب المقاومة
  • سفير إيران لدى سوريا: "هيئة تحرير الشام" تؤمن سفارتنا ووعدت بالسماح باستئناف عملنا القنصلي بدمشق