الحرة:
2024-12-16@10:54:53 GMT

سجناء لبنان.. انقطاع وظروف صعبة بسبب الحرب

تاريخ النشر: 15th, November 2024 GMT

سجناء لبنان.. انقطاع وظروف صعبة بسبب الحرب

في ظل تصاعد الأزمات الأمنية والاقتصادية في لبنان، تعاني السجون اللبنانية من تحديات متزايدة أثقلت كاهل النظام السجني ووضعت أوضاع النزلاء على المحك. 

ومع تفاقم الأحداث في لبنان وتعرّض بعض السجون لمخاطر أمنية، اضطرت السلطات إلى إغلاق عدة منشآت ونقل السجناء إلى سجون في مناطق أكثر أمانًا، ما أدى إلى ارتفاع معدّلات الاكتظاظ بشكل غير مسبوق.

هذا الاكتظاظ المتزايد جاء ليضاعف من حدة الأزمات اليوميّة داخل السجون، حيث يعاني النزلاء نقصًا في الرعاية الصحية، والغذاء، والخدمات الأساسية، مما يزيد من حجم الضغوط على الجهات المسؤولة.

وفي مواجهة هذه الظروف، تتصاعد الأصوات المطالبة بحلول عاجلة تخفّف من معاناة السجناء وتعيد بعض الاستقرار إلى النظام السجني، فيما تواجه عائلات السجناء تحديات إضافية في ظل أزمة اقتصادية خانقة تمنعها في كثير من الأحيان من دعم أبنائها ماديًا ومعنويًا. 

وسط هذا المشهد المعقّد، يصبح من الضروري البحث عن تدابير طارئة ومستدامة تضمن الحد الأدنى من حقوق السجناء، وتعالج الأزمات الإنسانية المتفاقمة التي تواجهها السجون اللبنانية اليوم. 

وفي حديث مؤثّر مع والدة أحد السجناء في سجن رومية، تحدّثنا معها عبر الهاتف وطلبت عدم الكشف عن اسمها، شرحت لموقع "الحرّة" معاناتها خلال الحرب الراهنة بين إسرائيل وحزب الله، فقالت "نحن من سكان الضاحية الجنوبية لبيروت، وقد اضطررنا إلى النزوح إلى منطقة أكثر أمانًا بسبب الحرب. 

أصبح التنقل من مكاني الحالي إلى سجن رومية أمرًا صعبًا للغاية؛ المسافة بعيدة، والخطر يحيط بي في كل خطوة. منذ بداية الحرب، لم أتمكّن من زيارة ابني في السجن، وأشعر بحزن عميق لعدم تمكّني من رؤيته. اشتقت إليه كثيرًا."

وتابعت: "كنت أرسل له أحيانًا مبالغ ماليّة بسيطة ليتمكّن من شراء طعام، لأن الطعام الذي يقدّمونه في السجن غالبًا ما يكون غير صالح للأكل. ولكن الآن، أصبح الوضع أكثر صعوبة؛ فأنا لا أستطيع أن أرسل له أي مال، بعد أن فقدت عملي، وأصبحت بلا دخل. 

كنت أعمل في تنظيف البيوت، لكنني الآن في منطقة لا أعرف فيها أحدًا، ولا أستطيع حتى الحصول على عمل يساعدني في تدبير الأمور".

وأضافت بصوت فيه من الحزن والأسى: "الآن، لا أستطيع حتى أن أستعين بمحامٍ لمتابعة قضيّة ابني. الحرب أبعدتني عنه أكثر، وحرمته من رؤيتي. وأنا الآن أعتني بأطفاله الصغار، وأبحث عن لقمة عيش لكي نبقى على قيد الحياة في هذه الحرب، في غيابه. حياتي باتت أصعب من أي وقت مضى، وكل ما أتمناه هو أن ينتهي هذا الكابوس".

تحدثت الأم بحزن كبير عن الألم الذي تشعر به ، مشيرة إلى أن الظروف الحالية جعلتها تئن تحت وطأة القلق على حالته في السجن، فضلاً عن معاناتها الشخصية من جراء النزوح.

مصدر أمني من قوى الأمن الداخلي (شعبة العلاقات العامة) أوضح لموقع "الحرة" أنّ "نتيجة الظروف الأمنية والحرب المستمرّة، هناك سجون تقع في مناطق خطرة، مثل مرجعيون، بنت جبيل، تبنين، النبطية، وبعلبك، قد أُغلقت تمامًا مع تصاعد الاشتباكات بوتيرتها الحالية في عدة مناطق لبنانية".

كما أشار المصدر إلى أن "سجن صور أُغلق في بداية الاشتباكات، لأنه كان الأقرب إلى مناطق القصف حينها، وتم نقل السجناء إلى سجون رومية، زحلة، جب جنين، وراشيا".

وأكد المصدر أنه "تم النظر في أوضاع السجناء الذين قدموا طلبات لنقلهم إلى سجون قريبة من تواجد أهاليهم الذين انتقل بعضهم إلى مناطق آمنة، وذلك لتمكين عائلاتهم من زيارتهم بشكل مستمر". 

وأضاف المصدر أن "الاكتظاظ والضغط في السجون ازدادا عن السابق، ولكن الوضع ما زال تحت السيطرة، ولم يطرأ أي نقص في الطعام أو الرعاية الطبية والأدوية".

من جهته، المحامي أشرف الموسوي أوضح في حديثه لموقع "الحرة"، وحسب إحصائيات نقابة المحامين في بيروت وتحديدًا لجنة السجون، "تم إجراء مسح لحوالي 8500 سجين على مستوى لبنان، حيث تبين أن 43% منهم من الأجانب، معظمهم من السوريين".

وأضاف الموسوي أن "هناك حوالي 2500 سجين من جنسيات مختلفة، أغلبهم لبنانيون موقوفون في قضايا متعلقة بالمخدرات. بالإضافة إلى ذلك، هناك حوالي 300 سجينة لبنانية، وفقاً للإحصاءات التي أعدتها نقابة المحامين".

وأشار الموسوي إلى أن "من بين السجناء يوجد حوالي 100 سجين من الأحداث ممن هم دون سن الثامنة عشرة".

وأوضح أن "العديد من النظارات والسجون خرجت عن الخدمة نتيجة المخاطر الأمنية والعسكرية المحيطة".

وأضاف الموسوي أن "الحل يكمن في تطبيق المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، التي تفرض في حالات الجنح إخلاء سبيل الموقوفين خلال مهلة أقصاها أربعة أشهر، وفي الجنايات خلال مدة سنة. كما أوضح أنه يمكن العمل على تطبيق قانون تنفيذ العقوبات لتخفيض مدة العقوبات ضمن ضوابط قانونية."

وأكد الموسوي "ضرورة عقد جلسة طارئة لمجلس النواب اللبناني بهدف تقديم مشروع قانون معجل لإيجاد حل للأزمة، كما اقترح إمكانية العفو العام الجزئي عن الجرائم المتعلقة بالمخدرات، إذا كان هناك إجماع على ذلك، كوسيلة لتخفيف الاكتظاظ. وشدد على أهمية وجود خطة طوارئ اجتماعية خاصة بالسجون تعمل عليها الحكومة اللبنانية بالتعاون بين وزارة العدل ووزارة الداخلية والبلديات".

الأب نجيب بعقليني، رئيس جمعية "عدل ورحمة" التي تُعنى بحقوق السجناء، أوضح "للحرة"، أنّ "الأوضاع في السجون اللبنانية كانت مذرية للغاية حتى قبل الحرب على لبنان. ومع اندلاع الحرب، أدى النزوح من بعض المناطق اللبنانية المعرضة للقصف إلى تأثير مباشر على السجون". 

كما أشار بعقليني إلى أن "الاكتظاظ ازداد بسبب نقل بعض السجناء إلى سجون في مناطق أكثر أمانًا، مثل سجن رومية والجديدة وبعبدا وزحلة وطرابلس".

وأكد بعقليني أن "الوضع العام في هذه السجون الموجودة في مناطق آمنة بات يشكل أزمة كبيرة، حيث يعاني السجناء من بطء في سير المحاكمات، وازدياد في معدلات الجريمة، وعدم القدرة على تكليف محامين لمتابعة ملفات السجناء والموقوفين".

وأوضح أن "الجهات الأمنية المختصة، مثل الحكومة وقوى الأمن الداخلي المسؤولة عن حماية السجون، لديها تعليمات واضحة للحفاظ على الهدوء داخل السجون وعلى أمنها، كما قامت بتعزيز التواجد الأمني خارج السجون لمنع أي تفلت أمني أو هروب جماعي أو فردي".

وأضاف بعقليني أن "السجناء دائمًا يعترضون على نوعية الطعام، ونقص الرعاية الطبية والأدوية، ورداءة فرشات النوم". 

وأوضح أنه، كجمعية "عدل ورحمة"، يواصلون جهودهم لإعادة تأهيل السجناء بقدر المستطاع، حيث يعملون على تحضيرهم لاكتساب مهارات مهنية تمكّنهم من العمل عند خروجهم من السجن، مثل المحاسبة وصيانة الأجهزة الكهربائية. إلا أنهم توقفوا عن تنفيذ هذه الأنشطة حاليًا بسبب الأحداث الأخيرة في لبنان.

وأشار بعقليني أيضًا إلى أنهم يبذلون جهودًا لدعم السجناء نفسيًا، خاصة أولئك الذين تلقوا أخبارًا من عائلاتهم بأن منازلهم تعرضت للقصف، وأن أفراد عائلاتهم نزحوا إلى أماكن بعيدة، أو حتى من فقد أحد أفراد عائلته. وأضاف أن هناك "حالة من الإضراب والخوف بين السجناء بسبب تقليل التواصل مع عائلاتهم، وخوفهم من الاضطرابات الداخلية".

وأكد بعقليني أن "الظروف الاقتصادية المتدهورة بسبب الحرب أدت إلى عجز العديد من الأهالي عن إيداع مبالغ مالية لأبنائهم السجناء لشراء احتياجاتهم، وأصبحت الكفالات المالية اللازمة لإخراجهم من السجن عبئاً ثقيلاً على العائلات".

وختم بعقليني بقوله إن الجمعية، بالتعاون مع مجموعة من العاملين في السجون اللبنانية، تتابع أوضاع السجناء وتعمل على تلبية احتياجاتهم بقدر المستطاع، رغم كل التحديات. 

إن الظروف التي تعصف بلبنان وضعت السجون اللبنانية في وضع غير مسبوق، مما يستدعي تكاتف الجهود بين الجهات الحكومية والجمعيات الحقوقية لتوفير حلول مستدامة تخفف من معاناة السجناء. 

ومع تزايد المطالبات بضرورة نقل السجناء وتطبيق إجراءات عاجلة لإخلاء بعض السجون أو تخفيف الاكتظاظ، يبقى الأمل في إيجاد حلول تسهم في تحسين حياة السجناء وأوضاعهم داخل السجون، في ظل واقع متأزم يتطلب دعمًا وتنسيقًا من الجميع.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: السجون اللبنانیة إلى سجون فی مناطق إلى أن

إقرأ أيضاً:

اتفاقيات التعاون اللبنانية - السورية رهن الإلغاء أو التعديل

كتب يوسف دياب في" الشرق الاوسط": أكثر من 40 اتفاقية تعاون موقّعة بين لبنان وسوريا، باتت رهن الإلغاء أو التعديل مع سقوط النظام السوري الذي صاغ كلّ تلك الاتفاقيات، إلا أن هذه الخطوة رهن إرادة الطرفين.
ويرى خبراء لبنانيون أن تعديل هذه الاتفاقيات يشكّل حاجة ماسّة للبلدين، ولا بد من إدخال تعديلات عليها، بينما يرى آخرون أنها غير متوازنة ومكّنت النظام السوري من استباحة السيادة اللبنانية.
ووقع لبنان مع سوريا 42 اتفاقية أغلبها بعد عام 1990، لكن لم تأخذ طريقها إلى التطبيق، وما طبّق منها صبّ في المصلحة السورية.
ويرى وزير العدل السابق المحامي الدكتور إبراهيم نجّار، أن الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد «كان يرغب دائماً في تطمين الرؤساء اللبنانيين من أن سوريا تتعامل مع لبنان بوصفه دولة مستقلة ذات سيادة، إلّا أن هذه الاتفاقيات كانت مجرّد نصوص منمّقة لا تطبّق، وواجهة لوضع اليد على سياسة لبنان وإدارته».
وأشار نجار في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «أهم ما في هذه الاتفاقيات إنشاء المجلس الأعلى اللبناني - السوري برئاسة اللبناني نصري الخوري، على الرغم من إقامة علاقات دبلوماسية وتبادل السفراء بين بيروت ودمشق، لكن المجلس الأعلى تولّى إدارة الأعمال التي تقع في صلب صلاحيات السفارتين».
وذكّر نجّار بأنه «شارك في صياغة وتوقيع عدد من الاتفاقيات بين البلدين، بينها اتفاقية نقل السجناء، إلّا أنها لم تأخذ طريقها إلى التنفيذ».
وتنصّ المبادئ الدولية على وجوب احترام الاتفاقيات المعقودة بين الدول، انطلاقاً من قاعدة «الاتفاقيات ملزمة وتقيّد أطرافها»، لكن لا يمكن القفز فوق بعض الاستثناءات. ويقول نجّار: «صحيح أن اتفاقية فيينا ترعى الاتفاقيات الدولية، إلّا أنها تنظّم تعديلها أيضاً»، مشيراً إلى «وجود 5 حالات تجيز نقض تلك الاتفاقيات وتأتي في خانة الاستثناءات؛ أهمها: استحالة التنفيذ، واستقواء فريق على آخر، وتبدّل الحالات، ووجود أسباب قاهرة ونقض الاتفاقية من أحد الطرفين»، مذكراً بالقاعدة الشرعية التي تؤكد أنه «لا يُنكر تغيّر الفتوى بتغيّر الزمان والمكان»، مجدداً تأكيده أن «المجلس الأعلى اللبناني السوري بات من دون ضرورة، ويشكل عبئاً على البلدين، ويجب اعتماد القنوات الدبلوماسية ما دامت سوريا تعترف بسيادة لبنان».
و«يبدو أن التحوّل الاستراتيجي في سوريا أنهى حقبة غير صحّية وملتبسة وكارثية وظلامية من العلاقات اللبنانية - السورية»، على حدّ تعبير الباحث في السياسات العامة زياد الصائغ، الذي أشار إلى أن «نظام الأسد تحكّم في لبنان بتغطية من حلفائه وأتباعه في لبنان وبغطاء دولي، كما تحكّم بميزان هذه العلاقات حتى أصبح الحاكم الفعلي على كل المستويات السياسية والدستورية والقانونية والسيادية (العسكرية - الأمنية) والدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى التربوية، حتى إنه نخر عظام كثير من المؤسسات الدينية ومرجعياتها».
وشدد الصائغ في حديث لـ«الشرق الأوسط»، على الحاجة إلى «تطهير وتنزيه من كل موبقات تلك المرحلة السوداء مع مصارحة ومصالحة مع الذات اللبنانية، وبعدها مع الذات السورية حين توضّح صورة المرحلة الانتقالية». أما عن الاتفاقيات اللبنانية - السورية والمجلس الأعلى اللبناني - السوري الذي يشكل أحد تجلياتها، فيجزم الصائغ بأنه «لم يكن يوماً هناك مجلس أعلى لبناني - سوري، بل منصّة استتباع واستزلام وفرض، وبالتالي هذه المنصّة ساقطة أصلاً بفعل الفلسفة والتركيبة التي حكمت قيامها، عدا عن أنها وكما نقول بالعامية تنفيعة».
وفي مؤشر واضح على أن معظم تلك الاتفاقيات بقي حبراً على ورق، يتحدث الوزير نجّار عن تجربة عايشها مع هذه الاتفاقيات، ويضيف: «كنت معنياً بمتابعة موضوع المفقودين قسراً في سوريا، وشكلنا في عام 2009 لجنة لبنانية تضم قاضيين وضابطين أمنيين، وهذه اللجنة عقدت 35 اجتماعاً في جديدة يابوس، ونفى النظام السوري وجود معتقلين لبنانيين لأسباب سياسية وأمنية، لكنه اعترف بوجود سجناء محكومين بقضايا جنائية». وكشف نجار عن
إبرام اتفاق يقضي بنقل الأشخاص اللبنانيين المحكوم عليهم في سوريا لقضاء محكوميتهم بلبنان، «وكان همّنا بالدرجة الأولى إخراجهم من السجون السورية، لكن للأسف بقيت الاتفاقية من دون تنفيذ ورفض النظام السوري تسليمنا السجناء رغم المراجعات المتكررة»، لافتاً إلى «أهمية تمسك لبنان بهذه الاتفاقية كما غيرها من الاتفاقيات الواجب استمرارها، وآخرها واجب تعديلها أو إلغاؤها».

مقالات مشابهة

  • اتفاقيات التعاون اللبنانية - السورية رهن الإلغاء أو التعديل
  • للصيانة.. غدا قطع مياه الشرب عن عدة مناطق بالمنوفية
  • من جنوب لبنان إلى شماله.. قصص سجناء تحرروا من السجون السورية
  • ‏إسرائيل تعلن أنها ستغلق سفارتها في دبلن بسبب السياسات المعادية التي تنتهجها الحكومة الأيرلندية
  • شهادات تكشف فصولاً التعذيب: السجون والمعتقلات السرية.. جحيم شاهد على فظاعة المحتل وبشاعة جرائمه
  • رسائل أمل وألم.. جداريات ونقوش في زنزانات السجون السورية (صور)
  • بعد قليل.. انقطاع المياه عن 8 مناطق في الجيزة لمدة 5 ساعات
  • رسائل أمل وألم.. جداريات ونقوش في زنزانات السجون السورية
  • جاد شويري: خسرت رصيدي البنكي والفلوس بسبب الحرب في لبنان
  • انقطاع المياه في عدة مناطق بالمنوفية غدًا للصيانة