لا لوحدة اليسار نعم لوحدة قوى الانتفاضة (9 – 15)
تاريخ النشر: 15th, November 2024 GMT
صديق الزيلعي
رفضت الأحزاب الوطنية دعوة اليسار السوداني لربط الاستقلال السياسي بالاستقلال الاقتصادي. وكان التعبير عن ذلك هو الصراع بين شعاري تحرير لا تعمير وشعار تعمير لا تحرير. وكانت خطب نائب الجبهة المعادية للاستعمار في أول برلمان سوداني هي دعوة جادة للتنمية، خاصة تنمية المناطق الأكثر تخلفا. لكن الأحزاب انشغلت بوراثة مناصب الانجليز، وتمسكت بالسير في نفس سياساتهم، التي جعلت بلادنا مزرعة للقطن لتغذية مصانع لانكشير في بريطانيا.
كانت أكتوبر تعبيرا عن رغبة شعبنا في التغيير وبناء ديمقراطية مستدامة، وتنمية حقيقية لصالح الأغلبية الساحقة من شعبنا. لكن الأحزاب التقليدية لم تع الدرس ورجعت للمناكفات والصراعات. وتدهور الاقتصاد بصورة كبيرة، وازداد الفساد، وتواصلت الحرب الاهلية في الجنوب. وتم انقلاب مايو العسكري الذي تحول لحكم الفرد المطلق، وجعل بلادنا مفتوحة أمام الاحتكارات العالمية. وكانت مجاعة 1984 قمة أزمة النظام. فثار شعبنا في انتفاضة مارس 1986. ولعب التجمع النقابي والتجمع الوطني أدوارا قيادة في قيادة الجماهير حتى إزاحة نميري.
واجهت الانتفاضة مهام ضخمة أهمها إزالة آثار مايو الاقتصادية والسياسية والعسكرية. وكان التحدي هو العمل الجماعي لإزالة تلك الآثار وبناء نظام ديمقراطي راسخ. ولا يمكن انجاز ذلك الا بوحدة قوي الانتفاضة وعملها معا لإنجاز التغيير. ولكن ظهر شعار يدعو لوحدة قوى اليسار في محاولة لخلق معسكر منفصل عن معسكر قوى الانتفاضة. رفض الحزب الشيوعي تلك الدعوة وتمسك بوحدة قوى الانتفاضة. وكان أوضح تعبير عن ذلك الخط السياسي والمنهج العقلاني هو ما طرحه محمد إبراهيم نقد في خطابة لمناقشة الميزانية. لم يستعمل نقد الشعارات الصارخة حول البنك الدولي والتغيير الجذري والاشتراكية، بل طرح المخرج العملي من الأزمة الاقتصادية والسياسية:
جاء في خطاب نقد امام الجمعية التأسيسية في 1986 ما يلي:
" في تناولنا لأمر الميزانية ننطلق من أننا في فترة تتميز بوحدة افكارنا السياسية، انها فترة انقاذ وطني، ومن ثم هناك ضوابط على ما نطرح من برامج وخطوات للسياسة المالية والاقتصادية. ضمن ذلك، نتناول القضايا الاتية: تخفيض تكاليف المعيشة، سياسة الأسعار والأجور والمرتبات، تقديرات الميزانية، تقديرات الميزانية، وإصلاح الجهاز المصرفي، الضوابط على المنصرفات، وأخيرا الامن الغذائي. بالنسبة للميزانية نعطي اسبقية خاصة لقضيتين: تكاليف المعيشة للمواطن، بمعنى تخفيضها. ولا نستطيع ان نتحدث الآن عن تحسين مستوى المعيشة وانما نطمح فقط في توفير سلع أساسية ضرورية وخدمات أساسية ضرورية. والشق الآخر هو وقف التدهور الاقتصادي المريع في القاعدة الإنتاجية. وبما اننا في فترة انقاذ وطني، فهناك حقا، أساس موضوعي لبرنامج حد أدنى تتفق وتتوحد حوله قوى اجتماعية، طبقات، فئات متباينة المصالح تعبر عن تلك المصالح في برامجها السياسية. ولكن – على الأقل – لديها وحدة مشتركة ومصلحة مشتركة في برنامج حد أدني تتوحد حوله. نضع في اعتبارنا أيضا انها المرة الثالثة بعد الاستقلال وبعد أكتوبر نواجه التحدي الوطني الكبير في استقرار التجربة الديمقراطية. هناك الخلاف النظري والسياسي داخل الإطار العام، نختلف في الاسبقيات، نختلف حول نسب التوزيع الأعباء، نختلف في الحصيلة النهائية وهي لمصلحة من نتاج الميزانية في نهاية الامر؟ لمجموعة من الرأسماليين والمتيسرين، أم للأغلبية الساحقة من العاملين المنتجين؟ أم نقع في نفس الخطأ الذي وقعت فيه حكومة العهد البائد في تغليب مصالح الاحتكارات ورؤوس الأموال الأجنبية؟
ما احوجنا لهذا المنهج اليوم ونحن نواجه الحرب المدمرة.
siddigelzailaee@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
تحالف الأحزاب: الرفض الشعبي للتهجير يعكس حجم التأييد للرئيس السيسي وقراراته
ثمن تحالف الأحزاب المصرية الذي ينضوي تحت لوائه نحو 42 حزبا سياسيا، الموقف الشعبي الداعم للقضية الفلسطينية والرافض لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، مؤكدا أن المصريين عبروا عن جام غضبهم جراء استمرار تصعيد الآلة العسكرية الإسرائيلية ضد الأشقاء الفلسطينيين، بوازع وطني وعروبي، لم يكن غريبا عليهم.
وقال الأمين العام لتحالف الأحزاب المصرية، النائب تيسير مطر، رئيس حزب إرادة جيل، وكيل لجنة الصناعة بمجلس الشيوخ، إن المصريين بعثوا برسائل الرفض والشجب والغضب بخروجهم بالملايين في الميادين والساحات، عقب صلاة عيد الفطر المبارك، مؤكدا أن هذه الحشود إنما عبرت عن موقفها الداعم للرئيس عبدالفتاح السيسي، في موقفه البطولي والرافض منذ اللحظة الأولى للسيناريوهات الإسرائيلية التي تريد تصفية القضية الفلسطينية.
وأضاف النائب تيسير مطر، بالقول: إن المصريين بخروجهم الحاشد هذا يؤكدون أنهم على قلب رجل واحد، ويثقون في رؤية القيادة السياسية وحكمتها وأعلنوا بذلك للعالم أننا لن نترك رئيسنا وداعمون لكل قراراته سبيلا للحفاظ على الأمن القومي المصري والحفاظ على القضية الفلسطينية حتى يحظى الأشقاء بدولتهم المستقلة.
ولفت رئيس حزب إرادة جيل، إلى أن الدولة المصرية ستظل السند الأول والداعم الأكبر للقضية الفلسطينية وأنها لن تتوقف حتى يتم إنهاء هذا الصراع التاريخي بالحصول على الحق الفلسطيني، مطالبا بتضافر كافة الجهود العربية والدولية لدعم الرؤية المصرية لإعادة الإعمار وإنهاء الاحتلال الذي جثم على الصدور طوال عقود مضت، ومستمر في انتهاكاته الصارخة دون رادع.
واختتم النائب تيسير مطر، بالقول: سنظل داعمون للسيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، مصطفون خلف قيادتنا في كل ما تراه، ولن نحيد عن هذا الموقف، في ظل المرحلة المفصلية التي تمر بها الأمة العربية والتحديات التي تواجهها المنطقة.