النوبيون في السودان: معاناة وتاريخ من التهميش والتطهير العرقي
تاريخ النشر: 15th, November 2024 GMT
واجه النوبيون، أحفاد الحضارات العريقة لكوش وتهارقا والكنداكة أماني ريناس، تاريخًا طويلاً من التهميش والتطهير العرقي. بدأت معاناتهم مع سياسات الإغراق والتهجير القسري التي انطلقت منذ عام 1903، مدفوعة بمشاريع السدود التي أشرف عليها الاستعمار البريطاني واستمرت لاحقًا مع الحكومات الوطنية المصرية و السودانية بعد الاستقلال.
الإغراق والتهجير: مأساة مستمرة
كان النوبيون يعيشون على ضفاف نهر النيل في مناطق تُعرف بخصوبة أراضيها، وغِنى ثقافتها، وعمق تاريخها وثراء حياة مواطنيها الاجتماعية .إلا أن بناء سدود مثل سد أسوان (بنسخته الأولى في 1903 والثانية الكبرى عام 1964)، ولاحقًا سد مروي، أدى إلى إغراق مناطق شاسعة من أراضي النوبيين. نتيجة لذلك، أُجبر الآلاف على النزوح من قراهم، التي ظلت جزءًا من هويتهم، إلى مناطق قاحلة وغير ملائمة لنمط حياتهم الزراعي التقليدي.
آثار التهجير القسري
أدت هذه السياسات إلى:
• تدمير المواقع الأثرية والثقافية: غُمرت العديد من المواقع التاريخية التي تعود إلى آلاف السنين تحت مياه السدود، مما شكّل خسارة فادحة للتراث النوبي.
• تفتيت المجتمع النوبي: التهجير القسري تسبب في تشتيت الأسر النوبيّة وتفكيك الروابط المجتمعية، مما جعل إعادة بناء حياتهم تحديًا كبيرًا.
• صعوبات اقتصادية واجتماعية: عانى النوبيون من فقدان مصادر رزقهم التقليدية مثل الزراعة والصيد، ما أدى إلى ظروف معيشية صعبة ونزوح بعضهم إلى المدن الكبرى بحثًا عن فرص عمل.
التهميش السياسي والثقافي
يرى النوبيون أن الحكومات المتعاقبة، منذ الاستعمار وحتى الوقت الحالي، لم تلتفت لمطالبهم العادلة. فقرارات بناء السدود، وما تبعها من إغراق وتهجير، اتُخذت دون استشارتهم أو الحصول على موافقتهم. هذا الإقصاء عزّز لديهم شعورًا عميقًا بأنهم ضحية سياسات تستهدف طمس هويتهم الثقافية وإضعاف تأثيرهم السياسي والاجتماعي في السودان.
جزء من معضلة السودان الأكبر
يُعد التهميش الذي عانى منه النوبيون مثالًا واضحًا على المظالم الأوسع التي تعاني منها مناطق السودان المختلفة. فكما تعرضت دارفور، النيل الأزرق، وجبال النوبة للإقصاء والتهميش، يواجه النوبيون نفس المصير، ما أدى إلى تصاعد الاحتجاجات والحركات النضالية المطالبة بالعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الشعوب المهمشة.
خاتمة
تاريخ النوبيين في السودان هو شهادة على معاناة شعب حافظ على تراثه وهويته رغم محاولات الطمس والتهجير. يمثل النضال النوبي جزءًا من القصة السودانية الأوسع، التي تتطلب اعترافًا بالتنوع الثقافي والعرقي والعمل على تحقيق العدالة والمساواة للجميع. تحقيق ذلك يبدأ بالاستماع إلى مطالب النوبيين المشروعة بالعودة إلى أراضيهم، والحصول على تعويضات عادلة، وضمان حقوقهم الثقافية والاجتماعية.
د احمد التيجاني سيداحمد
١٥ نوفمبر ٢٠٢٤ روما إيطاليا
ahmedsidahmed.contacts@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
يعلون :تصريحاتي السابقة عن التطهير العرقي دفاع عن جنودنا من فضيحة نتنياهو
أوردت صحف عبرية تصريحات جديدة لوزير الدفاع الإسرائيلي السابق موشي يعلون أوضح فيها فيها أن تحذيراته السابقة من جرائم الحرب في غزة كانت من أجل الدفاع عن جنود الاحتلال.
قال وزير الدفاع السابق موشي يعلون:" عدم وجود قرار بإنهاء الحرب والدفع لتقليص عدد السكان في غزة يعد جريمة حرب".
أضاف :"عندما يرسل الجيش إلى الحرب دون تحديد الأهداف ووقت الانتهاء خشية تفكك الائتلاف الحكومي فهذه فضيحة".
وسبق أن اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشيه يعلون، أن الجيش الإسرائيلي يقوم بعمليات "تطهير عرقي" في قطاع غزة، ما أثار غضبا داخل الطبقة السياسية.
وقال يعلون في مقابلة مع قناة "ديموقراط تي في" الخاصة "الطريق الذي نمضي فيه هو الغزو والضم والتطهير العرقي".
وبعد أن سألته الصحفية عما إذا كان يعتقد أن إسرائيل تتجه نحو "تطهير عرقي"، أجاب يعلون "ماذا يحدث هناك؟ لم يعد هناك بيت لاهيا، ولا بيت حانون، والجيش يتدخل في جباليا وفي الواقع نحن نطرد العرب"، في إشارة إلى مدن عدة في قطاع غزة يقصفها الجيش الإسرائيلي.
وفي 21 نوفمبر أصدرت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي، مذكرتي توقيف بحق نتنياهو ووزير الدفاع المقال يوآف جالانت بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في غزة.
وقاد موشيه يعلون (74 عاما) الجيش الإسرائيلي بين عامي 2002 و2005، قبيل الانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب من قطاع غزة.
وانضم يعلون إلى الليكود وكان وزيرا للدفاع ونائبا لرئيس الوزراء قبل أن يستقيل عام 2016 بعد خلافات مع نتنياهو.
واعتُبر من الصقور خلال مسيرته السياسية داخل الليكود، وتحالف عام 2019 مع زعيم المعارضة الحالي يائير لابيد قبل أن يتقاعد من الحياة السياسية عام 2021.
ودأب يعلون مؤخرا على الإدلاء بمواقف تعتبر صادمة في إسرائيل، منها دعمه جنودا هددوا بعدم الحضور إلى الجيش كجنود احتياطيين، قائلا إنه لو "كان ضابطا في جيش هتلر" لرفض القيام بأمور معينة، مع تشديده على أنه "لا يقارن" ذلك بالوضع في إسرائيل.