هل وصل هوكشتاين إلى طريق مسدود؟
تاريخ النشر: 15th, November 2024 GMT
تستطيع إسرائيل أن تقصف وتقتل وتدّمر وتهجّر "قدّ ما بدها". ولكنها لن تستطيع بالتأكيد أن تنتزع من لبنان أي اتفاق لا يتطابق مع روحية القرار 1701 ومع نصّه الكامل من دون زيادة أو نقصان. فهذا القرار الدولي كلٌ متكامل. لا يمكن الاجتزاء منه أو تطبيق ما تراه إسرائيل مناسبًا لوضعيتها، خصوصًا أنها تعتقد أن في إمكانها فرض شروطها التفاوضية متى يحين وقت الجدّ بقوة النار والميدان.
ومع كل صلية من الصواريخ توجهها "المقاومة الإسلامية" في اتجاه مواقع عسكرية في العمق الإسرائيلي، ومع كل صاروخ يسقط على الضاحية الجنوبية لبيروت أو في القرى الجنوبية والبقاعية تزداد معاناة اللبنانيين، إن بالمباشر أو من حيث النتائج غير المباشرة، والتي ستظهر مفاعيلها بعد أن تسكت المدافع. ومع كل يوم يمرّ تتعاظم الكلفة وتتراكم، وهي تقدّر بالمليارات، التي لا يملك منها لبنان دولارًا واحدًا. وعندما أشار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في كلمته في قمة الرياض إلى أن لبنان في حاجة إلى ثمانية مليار و500 مليون دولار كان يقصد الحاجة فقط إلى إعادة اعمار ما هدّمته إسرائيل. وهذه الأرقام متحرّكة صعودًا مع كل يوم يمرّ، ومع كل صاروخ يسقط على رؤوس اللبنانيين. ولكن أرقام ما يخسره لبنان بطريقة غير مباشرة هي أكبر من ذلك بكثير، خصوصًا إذا ما أُخذت حركة الدورة الاقتصادية في الاعتبار، ومدى تأثّرها السلبي بمجريات الحرب، خصوصًا أن ما لدى اللبنانيين من قدرة احتمال وصمود بدأت تنوص شيئًا فشيئًا.
وعلى رغم كل هذه الانعكاسات السلبية على ما ينتظر اللبنانيين بعد التوصّل إلى وقف شامل للنار من استحقاقات اقتصادية فإن التفاؤل بإمكانية مساعدة لبنان في مجالي إعادة الاعمار وتحفيز الاستثمارات الداخلية والخارجية لا يزال يراوح بين الحذر والأمل، وهما عنصرا المفاجآت المنتظرة، خصوصًا إذا ما تُرجمت الوعود التي أغدقت في قمة الرياض إلى أفعال على أرض الواقع.
ولكن هذا التفاؤل العملاني الحذر يقابله تفاؤل آخر، ولكن نسبة الحذر فيه عالية. والمقصود بهذا التفاؤل ما يتمّ التداول به عن إمكانية الوصول إلى صيغة لتسوية قد يحملها معه آموس هوكشتاين في زيارته الأخيرة للمنطقة قبل أن يُنقل ملف التفاوض إلى يد شخصية أميركية أخرى بعد تاريخ 20 كانون الثاني المقبل، على رغم موافقة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب على ضرورة أن ينهي الموفد الرئاسي ما كان قد بدأ به.
وما يمكن أن يحمله معه هوكشتاين هذه المرّة، في حال صدقت الأنباء عن قرب وصوله إلى المنطقة، هو مغاير لما كان يحمله معه في المرّات السابقة، خصوصًا في ضوء ما كانت إسرائيل تحاول فرضه بالنار. ويقابل هذه المحاولات إصرار لبناني على تطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، وبكل ما يستند إليه من قرارات دولية سابقة، باعتبار أن كل قرار يكمّل الآخر، فيصبح القرار 1701 كلًا متكاملًا لا يمكن لأحد الاجتزاء منه أو تجزئته بما يتناسب مع مصالحه.
فما صرّح به هوكشتاين من أن "هناك فرصة" لتأمين وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله" قريباً يظهر مدى الجدّية في الرهان على إمكانية التوصل إلى مثل هذا الاتفاق بعد أن يرد إليه ردّ لبنان الرسمي حيال ما يُطرح من أفكار، مع علمه المسبق بأن الموقف اللبناني لن يتغيّر، وملخصّه أن لا حلّ متاحًا في ظل هذه الظروف المعقدة سوى التزام إسرائيل بتطبيق القرار 1701، الذي يجب أن يكون الحل الأمثل بعد وقف النار.
وفي المعلومات أن هوكشتاين سيتواصل مع الرئيس نبيه بري للاطلاع على موقف "حزب الله" مما يُطرح من أفكار وخلاصات، وكذلك سيتواصل مع الجانب الإسرائيلي لمعرفة مدى إمكانية التزام تل أبيب بما يتناسب مع الحلول الأميركية المطروحة. فإذا لمس حدًّا أدنى من التجاوب من كلا الطرفين "بيحمل حالو" ويأتي مسرعًا إلى المنطقة. أمّا إذا كان التجاوب سلبيًا فإنه سيقول حتمًا "اللهم اني بلغت وسعيت".
وعندما يقتنع الجميع، وبالأخص الجانب الإسرائيلي، بأن لا حلّ آخر لوقف النار سوى عن طريق تطبيق الـ 1701، فإن الأنظار تتجه إلى المؤسسة العسكرية الأم، وما يمكن أن يُسند إليها وحدها مهام إعادة الاستقرار إلى المنطقة الواقعة جنوب الليطاني بالتنسيق مع قوات "اليونيفيل"، بعد تعزيز صلاحياتهما في ضوء تجربة ما بعد حرب تموز، وذلك بالتزامن مع حركة إعادة الاعمار مع بدء تدّفق المساعدات العينية من الدول المانحة.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: القرار 1701 خصوص ا ومع کل
إقرأ أيضاً:
«الخارجية»: إجماع عربي على إدانة توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا
عقد مجلس جامعة الدول العربية اجتماعًا مساء اليوم، لصياغة موقف عربي موحد إزاء قيام الجيش الإسرائيلي باحتلال أراض إضافية بالجولان السوري المحتل، بمبادرة من مصر، وبالتعاون مع عدد من الدول الشقيقة، وفقا لما أعلنته وزارة الخارجية في بيان لها.
ونتج الاجتماع صدور قرار عربي يدين توغل إسرائيل داخل نطاق المنطقة العازلة مع الجمهورية العربية السورية وسلسلة المواقع المجاورة لها بكل من جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، واعتبار ذلك مخالفا لاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل عام 1974، ومن هذا المنطلق؛ شدد القرار العربي على أن الاتفاق المشار إليه يظل ساريا طبقا لقرار مجلس الأمن رقم 350 الصادر في العام ذاته، ومن ثم انتقاء تأثر ذلك الاتفاق بالتغيير السياسي الذي تشهده سوريا حاليًا.
إدانة الغارات الإسرائيلية على مواقع مدنية وعسكرية سوريةكما أدان القرار الغارات الإسرائيلية المستمرة على عدد من المواقع المدنية والعسكرية السورية، علما بأن اجتماع المندوبين الدائمين شدد على أن هضبة الجولان أرض سورية عربية، وستظل كذلك للأبد.
وفي هذا السياق، طالب القرار المجتمع الدولي بإلزام إسرائيل؛ بوصفها السلطة القائمة بالاحتلال، بالامتثال لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة؛ خاصةً قرار مجلس الأمن رقم 497 لعام 1981؛ والذي يطالب إسرائيل بالانسحاب من الجولان السوري المحتل.
تكليف المجموعة العربية في نيويورك بالتحرك لعقد جلسة في مجلس الأمنبناء على ما تقدم؛ تم بموجب هذا القرار تكليف المجموعة العربية في نيويورك بالتحرك لعقد جلسة خاصة في مجلس الأمن لبحث الممارسات الإسرائيلية التي تهدد السلم والأمن الدوليين؛ بما في ذلك الاحتلال المستجد للأراضي السورية التي توغلت بها إسرائيل منذ الثامن من ديسمبر الجاري.