5 آلاف نازح في القاع: الخوف من الموت برداً
تاريخ النشر: 15th, November 2024 GMT
كتب رامح حمية في" الاخبار": كغيرها من البلدات الآمنة التي تستقبل نازحين في محافظة بعلبك - الهرمل، يؤرّق اقتراب الشتاء بلدة القاع التي حلّ فيها آلاف النازحين في غياب أدنى المقوّمات سواء في مراكز الإيواء أو في المنازل.
4776 شخصاً نزحوا إلى القاع، معظمهم من مدينة الهرمل ومحيطها، يقيم نحو 3450 منهم (حوالى 834 عائلة) في بيوت مستأجرة، فيما نزلت البقية في أربعة مراكز للإيواء غير مجهّزة لاستقبال الشتاء، من بينها سوق الخُضر الذي اضطرت البلدية إلى ترتيبه لإيواء النازحين بعدما وصلت المراكز الثلاثة الأولى إلى قدرتها الاستيعابية القصوى.
ومع حلول الشتاء، باتت الحسابات أصعب: لا تدفئة ولا مازوت ولا حرامات تقف في وجه عواصف البلدة الواقعة في أقصى البقاع الشمالي والتي «يقصّ فيها البرد الأصابع»! ويقول رئيس البلدية بشير مطر: «من كان يملك غطاء، يحتاج اليوم إلى أربعة ليتّقي البرد». والخوف من الشتاء ليس عابراً، إذ إن إبقاء الناس بلا تدفئة يعني تحميل الثقل للقطاع الصحي، والسيناريو المتوقّع في هذه الحالة هو كثرة الأمراض والفيروسات التي تنتقل بسرعة بسبب ازدحام النازحين، في وقت تعاني فيه المؤسسات الصحية من ضعفٍ في الإمكانات والتجهيزات. ويوضح مطر أن «في المنطقة، وتحديداً في الهرمل، ثلاثة مستشفيات تخدم حوالى 60 إلى 70 ألفاً من السكان هنا وبالكاد قادرة على المواجهة». ويلفت إلى أن «مستشفى البتول شبه معطل، فيما المستشفى الحكومي ومستشفى العاصي لا يمكن أن يحملا الثقل وحدهما، إضافة إلى النقص في أطباء الاختصاص». ولفت على سبيل المثال إلى أنه «كان في المنطقة 3 أطباء للقلب غادروا، واليوم إذا حدث شيء يقف قلب المريض قبل أن يصل الطبيب".
ويسأل مطر: «ماذا لو تكرّر سيناريو الإخلاءات الذي حدث في بعلبك في مدينة الهرمل؟ كيف سيكون عليه الواقع هنا؟»، إذ إن الوجهة الأولى لكثيرين من أهالي الهرمل الصامدين حتى الآن، في حال حدوث سيناريو كهذا، ستكون القاع لكونها الأقرب إليهم. مجرّد تخيّل هذا الأمر يؤرّق لجنة الطوارئ هناك، مع وصول مراكز الإيواء إلى قدرتها الاستيعابية القصوى.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
روشتة لعلاج الوسواس والتخلص من الخوف
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق إن الترغيب والترهيب، الرجاء والخوف، البسط والقبض، كلها أمور من الله سبحانه وتعالى، وهو القابض الباسط، وهو النافع الضار، وهو المحيي المميت، وهو الأول الآخر، إلى ما لا يتناهى من صفاته العظيمة.
وأضاف جمعة أن الله قد خلق الإنسان وجعل في قلبه مشاعر متنوعة، منها الخوف والرجاء، وهما شعوران جميلان في حياتنا كمسلمين، إلا أن الأمر يتطلب منا التوازن بينهما.
الخوف والرجاء: شعوران حسنانوتابع جمعة أن الخوف من الله هو شعور ضروري في حياة المؤمن، فكما قال الله تعالى في كتابه الكريم، "إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ"، فهذا الخوف هو الذي يبعث في قلب المسلم الوعي بمقام ربه، ويجعله يراقب أفعاله وتوجهاته في حياته. ولكن، هذا الخوف يجب أن يكون في مكانه الصحيح، فلا يذهب إلى درجة الوسوسة التي تُفضي إلى الإحباط أو اليأس.
ما الذي يجب فعله عندما يزداد الوسواس؟وأشار جمعة إلى أنه إذا شعرتَ بأنك دخلت في دائرة الخوف، وبدأت الأمور تُغلَق عليك، وبدأ الوسواس يتسرب إلى قلبك حتى يحقق الإحباط، فاعلم أن هذا ليس وقت اليأس. في تلك اللحظات، تذكّر قوله تعالى: "وَلَا يَيْأَسُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ"، فاليأس من رحمة الله أمر محرم ومصيبة عظيمة، لأن الله سبحانه وتعالى واسع المغفرة، رحيم بعباده. وبالتالي، يجب على المسلم أن يتجنب هذا اليأس بكل الطرق.
إذا كنت تجد نفسك محاصراً بالوساوس، وكان الخوف يزداد يوماً بعد يوم، وتُحاسب نفسك أكثر من اللازم حتى أوشكت أن تدخل في حالة مرضية، فافتح الباب الذي يخرجك من هذه الدائرة. فما هو هذا الباب؟ إنه باب الرجاء، وهو الباب الذي يؤدي بك إلى التوازن الروحي.
فتح باب الرجاء: سبيل التوازنوأجاب جمعة على سؤال هام: كيف تفتح باب الرجاء؟ ببساطة، تأمل نعم الله عليك، حاول أن تستحضر منن الله التي لا تُحصى، ستجد نفسك تردد في قلبك: "إن الله كريم، عفو، غفور، ولم يفعل كل ذلك لي إلا لأنه يحبني." هذا التأمل يُعيد التوازن إلى قلبك، ويجعلك تخرج من دائرة الخوف المفرط إلى رحاب الرجاء في رحمة الله عز وجل.
حين يتجاوز الرجاء حدوده: العودة إلى الخوف
لكن إذا وجدت نفسك في حالة من الرجاء الدائم، وبدأت تتجاوز حدود الحذر والتوبة، وأصبحت لا تبالي بالذنب ولا بالقصور في الطاعات، فقد دخلت الرجاء من أوسع أبوابه. وفي تلك اللحظات، إذا شعرت أن الرجاء بدأ يُطمس تمامًا وتحتاج إلى تذكير نفسك بمقام الله، افتح باب الخوف. تأمل في معاصيك وما قد ترتكب من تقصير، فتُفزعك حالتك. تساءل في قلبك: "لماذا أنت صابر عليَّ يا رب؟" وفي هذه اللحظة، تتذكر قدرة الله وعظمته، وأنه سبحانه سيأخذك أخذ عزيز مقتدر إن استمريت في هذا الطريق. هذا الخوف يكون فزعًا يدفعك إلى التوبة والعودة بسرعة إلى الله.
الأمة الوسط: نهج الإسلامإذن، ينبغي أن تكون دائمًا في الأمة الوسط. كما قال تعالى: "وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَٰكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ". الوسط هو مكان التوازن بين الإفراط والتفريط. ولا ينبغي للإنسان أن يكون في أحد الطرفين، فلا يُفرط في الرجاء حتى يغفل عن التقوى ولا يُفرط في الخوف حتى ييأس من رحمة الله. إذا اختل الميزان في جانب الرجاء، افتح باب الخوف بالتفكر في مصائب الدنيا، فتشعر بالخوف من غضب الله. وإذا اختل الميزان في جانب الخوف، افتح باب الرجاء بتذكير نفسك بمنَّ الله عليك، فتعلم أن رحمة الله وسعت كل شيء.
التوازن بين الخوف والرجاءوانتهى جمعة إلى أن الإسلام لا يُرغب في أن تكون حياتنا قائمة على الخوف فقط، ولا على الرجاء فقط، بل علينا أن نعيش بينهما، في وسط من التوازن، حيث نسعى للعمل الصالح في الدنيا ونحن بين الخوف من الله ورجاء مغفرته. وهذا ما علمنا إياه النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: "أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني." فزيادة الأعمال عن السنة هي نوع من الإفراط، كما أن التفريط في الطاعات هو نقص في اتباع السنة. لذا، علينا أن نكون في الوسط، نتوازن بين الخوف من الله ورجائه، لنعيش حياة تليق بعبوديتنا لله سبحانه وتعالى.
فالخوف والرجاء ليسا أمرين متناقضين، بل هما معًا الطريق إلى الله، والسبيل إلى أن نكون عبادًا معتدلين، يسيرون على صراطه المستقيم.