في ظل تصاعد التوترات السياسية والشعبية، شهدت العاصمة الفرنسية باريس إجراءات أمنية غير مسبوقة لتأمين مباراة منتخب فرنسا ضد نظيره الإسرائيلي في دوري الأمم الأوروبية. وقد فرضت الحكومة الفرنسية تعزيزات أمنية شملت نشر نحو أربعة آلاف شرطي في محيط استاد "دو فرانس" بضاحية سان دوني، حيث وصفت السلطات هذه التدابير بـ "الاستثنائية" لتجنب أعمال العنف أو أي أحداث معادية للسامية.

حضور سياسي بارز واحتجاجات شعبية

حضر المباراة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وعدد من المسؤولين الفرنسيين، في إشارة إلى دعم الاستقرار والوقوف ضد أي تصعيد. لكن الأجواء داخل الملعب كانت مشحونة، حيث قوبل عزف النشيد الإسرائيلي بصيحات استهجان من الجماهير الفرنسية، ما يعكس رفضًا واسعًا لوجود المنتخب الإسرائيلي على الأراضي الفرنسية في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة.

وخارج الملعب، شهدت باريس احتجاجات جماهيرية حادة، حيث اقتحم محتجون غاضبون فروع ستاربكس وماكدونالدز تنديدًا بمواقف تلك الشركات التي يعتبرونها داعمة لإسرائيل، فيما نُظمت مسيرات تضامنية مع القضية الفلسطينية على مقربة من موقع المباراة.

توترات في المدرجات والشوارع

تزامنت هذه الاحتجاجات مع اشتباكات محدودة داخل المدرجات بين مشجعي الفريقين وسط تشديدات أمنية مكثفة. وأكد المحلل السياسي الفلسطيني ثائر عيطوي أن الجماهير الفرنسية أبدت رفضها الواضح للتواجد الإسرائيلي، ما تسبب في حالة من التوتر داخل الاستاد.

أحداث عنف مشابهة في أمستردام

تأتي هذه الاحتجاجات بعد أحداث مشابهة وقعت الأسبوع الماضي في العاصمة الهولندية أمستردام، حيث تحولت مباراة بين مكابي تل أبيب وأياكس الهولندي إلى مواجهات بين مؤيدي القضية الفلسطينية ومشجعي الفريق الإسرائيلي. وقد أدت تلك الأحداث إلى حرق العلم الإسرائيلي وملاحقات للمشجعين الإسرائيليين، ما أثار استياء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي دعا السلطات الهولندية إلى التدخل لحماية مشجعي فريق مكابي.

خلفية سياسية تؤثر على الرياضة الأوروبية

تسلط هذه التوترات الضوء على تصاعد الأزمة السياسية بين إسرائيل وفلسطين، وتأثيرها على الفعاليات الرياضية الأوروبية، حيث تتزايد الاحتجاجات والمشاعر المناهضة لإسرائيل بين الجماهير الأوروبية، مما يجعل من الصعب فصل السياسة عن الرياضة في ظل التوترات المستمرة حتي الآن.

 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: مباراة إسرائيل و فرنسا فرنسا و إسرائيل فرنسا اسرائيل

إقرأ أيضاً:

ماذا يحدث في السودان؟

بعد نحو عامين من اشتعال نيرانها، طفت الحرب في السودان مؤخراً على سطح وسائل الإعلام الغربية فجأة. في بريطانيا، صحيفة «التايمز» وصفتها بالحرب المنسية. يا إلهي!

الآن، بعد «خراب مالطا»، وأكثر من 150 ألف قتيل وفق إحصاءات منظمات الإغاثة الدولية، وملايين المشردين والنازحين واللاجئين، والتهديد بحدوث مجاعة تشبه تلك التي حدثت في إثيوبيا خلال النصف الأول من الثمانينات من القرن الماضي؛ تذكرت وسائل الإعلام الغربية الحرب المهلكة في السودان. وبدأت تحذّر من مغبّة مصير الموت جوعاً الذي أكدت أنه ينتظر الباقين من السودانيين، ممن لم يُقتلوا بعد، أو يشردوا، أو يصيروا لاجئين في بلدان كثيرة.

ليس من الإنصاف وصف الحرب في السودان بالأهلية، كما دأب البعض من المعلقين على ذلك. الوصفُ الأصحُّ لها، أنّها حرب جنرالات على السلطة والنفوذ. هم الجنرالات أنفسهم الذين قبل أشهر قليلة من اختلافهم، اتفقوا على ضرب التجربة الديمقراطية، والقضاء على الحكم المدني، بتدبير انقلاب عسكري. وهم الجنرالات أنفسهم الذين كانوا يصدرون الأوامر لجنودهم بإطلاق النيران على المتظاهرين من الشباب السوداني من الجنسين، ممن كانوا يجوبون شوارع الخرطوم وغيرها من مدن السودان، يطالبون بعودة العسكر إلى ثكناتهم، وبعودة الحكم المدني. وهم الجنرالات أنفسهم الذين فتحوا الأبواب على مصارعها أمام قوى أجنبية كي تدخل السودان، وتحوّل الحرب إلى حرب بالوكالة، يقومون بها نيابة عن دول كثيرة أخرى. وهم الجنرالات أنفسهم الذين سيقودون السودان إلى هاوية التقسيم والتفتت.

في ردّها على بيانات منظمات الإغاثة الدولية بسوء الأوضاع في السودان ومؤشرات حدوث مجاعة غير مسبوقة، أصدرت إدارة الرئيس الأميركي بايدن مؤخراً قراراً بمنع قائد «قوات الدعم السريع» وأفراد أسرته الأقربين من دخول الولايات المتحدة، بعد تأكدها من قيام قواته بعمليات وحشية ضد السكان. الإدارة الأميركية ترسل أسبوعياً إعانات إلى أوكرانيا وإسرائيل بملايين الدولارات، واكتفت بمساعدة السودان وإغاثة الجوعى من النساء والشيوخ والأطفال بمنع الجنرال حميدتي وأسرته من دخول أميركا! كأنها بذلك أسدت خدمة إنسانية غير مسبوقة للشعب السوداني، وأنقذته من كارثة المجاعة المحيقة به. في الوقت الذي تستغيث فيه المنظمات الدولية للإغاثة طالبة مساعدة من المجتمع الدولي بقيمة تصل إلى نحو 2.7 مليار دولار لتقديم المساعدات الإنسانية للسودانيين، ولم تحصل إلا على أقل من نصف المبلغ المطلوب، حسب بياناتها.

مراكز إيواء اللاجئين في البلدان المجاورة لم تعد قادرة على تحمل مزيد من أعداد اللاجئين السودانيين. والجنرالات في المعسكرين المتحاربين يصرون على عدم التفاوض وإيجاد تسوية تحفظ السودان والسودانيين من كارثة المجاعة والتقسيم، وتضمن عودة اللاجئين والنازحين والمشردين إلى ديارهم. ولم يعد خافياً على أحد الدور الذي تلعبه دول كثيرة في الحرب بحرصها على استمرار إرسال الأسلحة والذخائر إلى الطرفين.

الأخبار المقبلة من السودان كل يوم غير مطمئنة إطلاقاً. المنظمات الدولية تؤكد أن 26 مليون سوداني معرضون للمجاعة، نتيجة الضرر الذي لحق بنظام الري وتأثيره على المحاصيل الزراعية. ويزداد انتشار وباء الكوليرا، وتتفاقم الاغتصابات، والتنظيف العرقي والتعذيب. أضف إلى ذلك ارتفاع أعداد السودانيين في قوائم المهاجرين إلى بلدان أوروبا، فراراً من الموت.

لسوء حظ السودان والشعب السوداني أن جنرالاته لم يحسنوا حتى وقت اختيار الحرب؛ إذ اختاروا إشعال نيرانها في الوقت غير الملائم؛ أي في وقت كان المجتمع الدولي فيه منشغلاً وقلقاً من اشتعال نيران الحرب الأوكرانية - الروسية. وزاد الطين بلّة اشتعال نيران حرب إبادة أخرى في قطاع غزة. وفي خضم الحربين أدار المجتمع الدولي ظهره إلى كارثة السودان.

الاتحاد الأفريقي سعى قليلاً لمحاولة تهدئة الموقف وحث الطرفين على التفاوض، ثم حين لم تجد دعواته وجهوده استجابة، أدار ظهره هو الآخر. ولم نسمع بأي جهود من طرف جامعة الدول العربية للسعي لحث الطرفين على التفاوض. وما نسمعه ونقرأه في الأخبار يقتصر على ما يصدر من تقارير من جهات ومنظمات دولية مختلفة.

جمعة بوكليب
كاتب ليبي؛ صحافي وقاص وروائي ومترجم.
نقلا عن الشرق الأوسط  

مقالات مشابهة

  • “وأج” ترد على دعوات اليمين المتطرف الفرنسي ومسؤولين في الحكومة الفرنسية لفرض عقوبات على الجزائر
  • رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي السابق يدعو إلى اتخاذ حملة حازمة ضد جناح الإعلاميين الحوثيين المقيمين بالخارج
  • بحضور رئيس الدولة ورئيس الوزراء الماليزي.. الإمارات وماليزيا توقعان اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة
  • «تحقيق أمنية» تُسعد 44 طفلاً في الأردن ومصر
  • بحضور محمد بن زايد ورئيس الوزراء الماليزي.. الإمارات وماليزيا توقعان اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة
  • بحضور رئيس الدولة ورئيس الوزراء الماليزي .. الإمارات وماليزيا توقعان اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة
  • مؤسسة “تحقيق أمنية” تُحقّق أمنيات 44 طفلاً وطفلة في الأردن ومصر
  • ماذا قالت الصحافة الفرنسية عن أداء لاعبي "الديوك" في "الكلاسيكو"؟
  • ماذا يحدث في السودان؟
  • غدا ..جولة مفاوضات بين إيران والترويكا الأوروبية