مصير الإسلاميين بعد الربيع العربي؟
تاريخ النشر: 15th, November 2024 GMT
نفرد الإسلاميين بالتفكير لأنهم القوة السياسية الأطول عمرا في الساحات السياسية العربية المختلفة، وهم الأكثر عددا رغم المجازر التي تعرضوا لها. ولا نطرح السؤال عن مصير التيار القومي واليسار العربي لأننا يقنا بعد الربيع العربي وبفضله أنهم قوى ضعيفة العدد وقد صارت فعلا جزءا من منظومات الحكم، ولذلك فهي تحتال للسياسة بغير وسائل الديمقراطية فهذه المجموعات باقية بحجمها الضئيل ما بقيت الأنظمة العربية القائمة الآن.
استعادة المواقع قبل الربيع
يوجد الآن تيار مؤثر في الإعلام العربي وفي مواقع التأثير السياسي يحمل الأحزاب الإسلامية كل مسؤولية فشل الربيع العربي، وهو من القوة بحيث جعل كثيرا من الإسلاميين يقبلون هذا الاتهام على أنفسهم. هذا التيار القوي لا يركز، بل يغيّب عامدا دور منظومات الحكم السابقة على الربيع العربي وملاحقها من اليسار والقوميين، في ما يمكن وصفه بالردة عن مطالب الربيع وطموحاته إلى الديمقراطية وأهمها ترسيخ الحريات العامة. ينتهي هذا التوريط في إنقاذ هذه المنظومات العائدة بصلف، والمنظومات نفسها تسمح لمكونات هذا التيار من اليسار خاصة بالعودة إلى مواقعها التي حازتها قبل الربيع، أي الاشتغال كأدوات تبرير للدكتاتورية مقابل نيل أعطياتها في الهوامش.
يوجد الآن تيار مؤثر في الإعلام العربي وفي مواقع التأثير السياسي يحمل الأحزاب الإسلامية كل مسؤولية فشل الربيع العربي، وهو من القوة بحيث جعل كثيرا من الإسلاميين يقبلون هذا الاتهام على أنفسهم. هذا التيار القوي لا يركز، بل يغيّب عامدا دور منظومات الحكم السابقة على الربيع العربي وملاحقها من اليسار والقوميين، في ما يمكن وصفه بالردة عن مطالب الربيع وطموحاته إلى الديمقراطية
لقد تغير الشكل الخارجي للمنظومات بعد الربيع لكن مكوناتها وأدوات القوة لديها ظلت ثابتة، وقد ناورت بذكاء كبير لاستعادة السلطة وهي تواصل ممارسة الحكم بنفس المنهج والتكتيكات، وأهم هذه التكتيكات فرز الإسلاميين ومطاردتهم بصفتهم العدو الداخلي المفيد لتخويف الناس من الحرية والديمقراطية المنعوتة في إعلام المنظومات بأنها بوابات الفشل والإضرار بالسيادة الوطنية.
كما أعادت منظومات الحكم بناء شبكة علاقاتها مع القوى الخارجية وقدمت طقوس الولاء، بدءا من السير في طريق التطبيع مع الكيان الصهيوني وحصلت ما يكفي من التطمينات السياسية والمالية بالخصوص للبقاء في أماكنها. وقد عرّت حرب الطوفان هذا الأمر، لكن الفضيحة لم تهز أركان هذه الأنظمة بل ثبتتها، بما زاد في قوتها في اللحظة التي تشن فيه حرب إعلامية على الإسلاميين لصرف الاهتمام عن هذا الدور المفضوح.
لكن السؤال عن مصير الإسلاميين لا يقف عند رؤيتهم في موقع الضحية الدائم وهو موقع يحبه الكثير منهم لأنهم يبررون به عجزا داخليا. لقد كشف الربيع العربي الإسلاميين أيضا، وأثبت أن ليس لديهم نظرية في السياسة تسمح لهم باختراق المنظومات والحلول محلها. وفي رصيدهم السلبي إساءة التصرف في تفويض شعبي منحوه فبددوه.
هل يحل زمن المراجعات؟
لا يشارك هذا المقال في الحملة على الإسلاميين، لكنه ينطلق من دروس ثبتت أو/و معطيات انكشفت. هشاشة التيار الإسلامي صارت معطى مكشوفا ونعني بالهشاشة عجزهم عن ابتكار أسلوب حكم مقنع للناس الذين مالوا إليهم أول الربيع العربي، فظهر أنهم لا يعرفون مجتمعاتهم وإن خرجوا من أرحامها ولا يعرفون كيفية اشتغال المنظومات وإن عانوا من ويلاتها.
ونعتبر أن أكبر علامة على هذا الجهل هو اختيار الرئيس الإخواني محمد مرسي لعبد الفتاح السيسي من كل قيادة الجيش المصري كوزير دفاع، إنه اختيار كاشف أن التيار الإخواني كان يعيش على هامش الحكم وأن ليس له به علم رغم رسوخ التيار في مصر، فهو سابق على الدولة الحديثة نفسها. إنها الغفلة التي ضيعت أصحابها، والجهل بالمؤسسة العسكرية يدعمه الجهل بقوة الإعلام والذي لم يكلفه الإجهاز على الإخوان وتجربتهم إلا بعض اللغو التلفزيوني.
ماذا كان يفعل الإخوان قبل الربيع العربي؟ التبرير بالملاحقة والقمع لا يكفي لدحض غياب مشروع سياسي لفهم الدولة وطريق عمل الأجهزة وكيفية بناء التحالفات في الخارج والداخل. ونعتقد الآن بعد فشل التجربة أن مكونات هذا التيار في كل الأقطار لم تفكر يوما إنها يمكن أن تصل إلى الحكم، وأنها أبَّدت في عقلها الباطن وضع المعارض المقموع حتى طاب لها. هل سيؤدي هذا إلى وعي جديد ينعكس على الأساليب والأطروحات بما يفضي إلى تأسيس جديد؟
الانسحاب الشجاع
يزدهر قول كثير عن سقوط الكيان وفقدان الأنظمة الوظيفية لدورها في حمايته، وهو الدور الذي عاشت منه وحكمت به وقمعت الإسلاميين، الآباء الروحيين لحماس والجهاد. وتغفل هذه المقالات قدرة الأنظمة المحلية القمعية ومنظومات الهيمنة الخارجية على الابتكار والتجديد في أشكال الحكم دون الاستعانة بالإسلاميين، بل بإقصائهم ابتداء.
غني عن القول هنا أنه طيلة حرب الطوفان لم يحرك الإسلاميون شوارعهم في الأقطار نصرة لغزة بحجة القمع المسلط عليهم، مما وضعهم في نفس خانة اليسار والأنظمة المعادية لغزة، فالدعاء لم يكف للنجدة.
نجدة الإسلاميين في الأقطار لن تأتيهم من غزة، هذا يقين، فإذا لم يغيروا فكرهم وأساليب عملهم في أقطارهم فهم ذاهبون إلى نهاية لا شك فيها، لكن ما هو المطلوب منهم؟
نظن يقينا أن المطلوب من الإسلاميين أن لا يكونوا إسلاميين بعد فشل الربيع العربي، وأن يحلوا في أجسام أخرى لا تنشغل بأسلمة مجتمع مسلم وخاصة أن ينسوا هذه المهمة الرسولية التي كلفوا بها أنفسهم منذ قرن. لدينا يقين أن الشعوب العربية والمسلمة لن تزداد إسلاما عن طريق الإسلاميين، ويكفي أن نحسب عدد المصلين في أي مسجد عربي لنعرف أن عدد المصلين لا يزداد ولا ينقص تحت تأثير الإسلاميين، فهل يتحول الإسلاميون إلى تيار ديمقراطي عربي يضع الحريات على قائمة أولوياته؟
يوجد الآن تيار مؤثر في الإعلام العربي وفي مواقع التأثير السياسي يحمل الأحزاب الإسلامية كل مسؤولية فشل الربيع العربي، وهو من القوة بحيث جعل كثيرا من الإسلاميين يقبلون هذا الاتهام على أنفسهم. هذا التيار القوي لا يركز، بل يغيّب عامدا دور منظومات الحكم السابقة على الربيع العربي وملاحقها من اليسار والقوميين، في ما يمكن وصفه بالردة عن مطالب الربيع وطموحاته إلى الديمقراطية
ما نوع الديمقراطية المطلوبة؟
كيف يختفي الفرد الإسلامي المصنف سياسيا ليعود بهوية أخرى ديمقراطية؟ ألن يفهم الاختفاء والعودة كمناورة مكشوفة تخفي/ تكشف احتقار الجمهور؟ هل منظومات الهيمنة من الغباء بحيث تصدق عودة مموهة بخطاب ديمقراطي؟
لقد ناور حزب النهضة في تونس بعملية فصل بين السياسي والدعوي فأعلن الشق السياسي أنه حزب سياسي وليس حزبا إسلاميا، ولكن المناورة لم تُقبل منه وفُهمت كخديعة سياسية، خاصة أن الجسم ظل متماسكا بشقيه ويظهر تماسكه في كل عملية انتخاب.
سنتحدث هنا عن أفق تحول إلى مشروع بناء الديمقراطية، وليس عن مجرد مناورة في زمن محدود. ونعرف أنه من العسير على من تربى داخل مشروع إسلامي أن يتخلى عن مشروع كيّف عقله وسلوكه، ولا نراه يجرؤ على طرح السؤال عن الجدوى من المشروع فشل في الوصول إلى السلطة والتمسك بها بعد قرن من ولادته.
يبدأ هذا السؤال في ظننا من نقطة محددة وهي أسبقية الديمقراطية المشروطة بالحرية، أي وضع الحريات كهدف أول للتحقيق دون ربطه بأي مشروع هوياتي فالحرية هوية في ذاتها. على أن يظهر هذا السؤال في الخطاب وفي الممارسة، ومن ضمن ذلك التقدم بشجاعة نحو مشروع اقتصادي ليبرالي يتخلى عن وهم الدولة الاجتماعية التي لا تزال منظومات الحكم تتكاذب به على الشعوب. وضمنه يمكن بناء التحالفات الداخلية مع القوى الاقتصادية الفاعلة التي انكشف رعبها من خطاب الإسلاميين الاجتماعي، وهو خطاب مسروق من اليسار العربي السفيه.
ويمكن أن يسمح ذلك بإعادة موضعة هذا التيار (الليبرالي الجديد) في المشهد الاقتصادي العالمي المعولم. هذا أفق تفكير لم تتضح لنا معالمه بعد، لذلك سنعود إليه بشكل أعمق، لكن يقينا حاصل لدينا أن الإسلاميين بصفتهم الحالية انتهوا سياسيا، ولم تبق لهم إلا مرحلة أخيرة من الألم في سجون الحكم العربي ستأتي على آخر قيادتهم المعروفة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسلاميين الربيع العربي الديمقراطية غزة الربيع العربي غزة الإسلاميين ديمقراطية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة مقالات رياضة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من الإسلامیین هذا التیار من الیسار على أن
إقرأ أيضاً:
قوات سوريا الديمقراطية وخياراتها الصعبة بعد سقوط الأسد
يعد تنظيم "قوات سوريا الديمقراطية" -المعروف بـ"قسد"- أحد العقد المستمرة في سوريا التي تعوق التوصل إلى إدارة انتقالية تشمل كل البلاد، على الرغم من خلع بشار الأسد من الحكم، إذ ينضوي في التنظيم آلاف المقاتلين الأكراد المتحالفين مع حزب العمال الكردستاني، كما أنه يضم في صفوفه مقاتلين أتراكا وإيرانيين وعراقيين، مما يعطيه امتدادات إقليمية لا تنحصر في الجغرافية السورية فحسب.
وما أن انهارت قوات نظام الأسد وألقت السلاح أمام تقدم عملية "ردع العدوان"، التي أطلقتها فصائل الثورة السورية المسلحة نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حتى ازداد تركيز المعارضة على تنظيم قسد، إذ تمّ انتزاع مواقع مهمة منه، أبرزها تل رفعت شمال حلب على الطريق الواصل بين تركيا ومدينة حلب، بالإضافة إلى منبج عقدة الوصل المهمة بين شمال سوريا وشرقها، ومدينة دير الزور، والتركيز حاليا على عين العرب (كوباني)، آخر المواقع التي يستحوذ عليها التنظيم في محافظة حلب، بالإضافة إلى مدينة الرقة.
الواقع الميدانيبات جليا أن قوات المعارضة التي تعيش أفضل حالاتها بعد تمكنها من إسقاط نظام الأسد عسكريا، تتجه لتركيز ثقلها على تنظيم قسد الذي أثار المخاوف طوال الأعوام الماضية من اتجاهه إلى قيادة مشروع تقسيم مستفيدا من دعم التحالف الدولي.
إعلانوتفيد المعلومات المستقاة من مصادر في المعارضة بتمكنها من السيطرة مؤخرا على دير حافر شرق مدينة حلب، مما أضعف آمال قسد في الوصول إلى حيي الأشرفية والشيخ مقصود ضمن المدينة، اللذين تطبق عليهما قوات المعارضة الحصار نظرا لتمركز مجموعات تتبع لقسد داخلهما.
من جهة أخرى، تحشد قوات المعارضة باتجاه مدينة عين العرب، والهدف فتح الطريق الواصل بين قوات المعارضة بريف الرقة والحسكة التي سبق أن سيطرت عليها بعد عملية نبع السلام أواخر 2019، مع منطقة غرب نهر الفرات.
وشهدت مدينتا الحسكة والرقة يوم 11 ديسمبر/كانون الأول الجاري انتفاضة للعشائر العربية -التي تشكل أغلبية السكان في المحافظتين- ضد سيطرة تنظيم قسد، مما أدى لسقوط ضحايا مدنيين، وهو ما زاد من حالة الاحتقان الشعبي ضد التنظيم.
خريطة توضح توزع السيطرة في سوريا (الجزيرة) المسارات السياسيةوعلى وقع التصعيد الميداني، انطلقت المسارات السياسية بين الدول الفاعلة في هذا الملف، والحديث هنا عن تركيا والولايات المتحدة، فقد وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى أنقرة الأربعاء 11 ديسمبر/كانون الأول الحالي، للتباحث مع نظيره التركي هاكان فيدان حول الملف السوري.
ووفقا لمصادر دبلوماسية مطلعة، فإن المباحثات تدور حول إخراج العناصر غير السورية من تنظيم قسد، وتحوّله إلى مكوّن سوري ينخرط في عملية التغيير، ويشارك ضمن العملية الانتقالية التي تناقشها الدول الفاعلة، ومن ضمنها روسيا، بالإضافة إلى نزع يده عن حقول النفط التي يستحوذ عليها.
وتعمل أنقرة على إقناع الجانب الأميركي بمقاربة الحل وتقدم تطمينات حول قدرتها على الاستمرار في مكافحة التنظيمات الإرهابية، وعدم السماح لداعش بالعودة مجددا، وهذا يسحب ورقة مهمة من يد قسد تستخدمها لاستجلاب الدعم الأميركي.
وتتحدث مصادر كردية عن طرح قسد فكرة إطلاق حوار مع باقي المكونات الكردية، وعلى رأسها المجلس الوطني الكردي الذي كانت ترفض الانخراط فيه طوال السنوات الماضية على الرغم من الضغوط الأميركية. لكن لا يبدو أن هذا المسار له فرص نجاح كبيرة نتيجة شعور مختلف المكونات بحالة الضعف الذي يعاني منها التنظيم بعد فقدانه لكامل مناطق انتشاره غرب الفرات، والانتفاضة الشعبية في الرقة والحسكة ضده.
إعلانوغالبا لا ترغب مختلف المكونات السورية في التقارب مع قسد لاعتبارات سياسية، تتعلق بتجنب إغضاب أنقرة التي ازدادت فعاليتها في الملف السوري بالتوازي مع انحسار دور إيران وروسيا.
خيارات صعبةوقد استطاعت قسد طوال الأعوام الماضية الاستفادة من دعم وغطاء دولي متعدد، نظرا لكثرة الفاعلين الدوليين المنخرطين في الملف السوري، وتضارب المصالح بينهم. فمن جهة تتلقى الدعم الأميركي وتعتمد على الغطاء الذي توفره القواعد الأميركية لها في المنطقة، كما أنها فتحت قنوات اتصال مع روسيا أيضا بعد أن أسست الأخيرة قواعد ونقاطا عسكرية لها شمال شرق سوريا منذ عام 2019، أبرزها قاعدة القامشلي الجوية.
ووفقا لمصادر عراقية مطلعة، فإن قسد باتت تنشط في تحالف وثيق منذ عام 2022 مع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه بافل طالباني، وهو الآخر مدعوم من إيران، وبالتالي أصبح لقسد تموضع ضمن المحور الإيراني، كما تحظى قوات دفاع عفرين -إحدى الأجنحة ضمن قسد- بعلاقات قوية مع ضباط الحرس الثوري الإيراني، منذ أن كانت هذه القوات تنتشر في شمال حلب وعلى مقربة من بلدتي نبل والزهراء اللتين كانتا تحت سيطرة الفصائل الموالية لإيران.
وبعد المتغيرات التي طرأت على الساحة السورية، باتت قسد أمام خيارات صعبة في ظل الشك حول مستقبل الوجود العسكري الروسي في سوريا بعد سقوط الأسد، كما أن موسكو حتى إن احتفظت بقواتها، فإنها لن تنخرط على الأغلب في أي نشاط مستفز للجانب التركي، حيث نقلت وسائل إعلام روسية عن مصادر في السلطة تأكيدات بأنه سيتم التنسيق مع تركيا لضمان أمن القواعد الروسية في سوريا.
من جهة أخرى، أكدت مصادر ميدانية لموقع الجزيرة نت أن قسد تعرّضت لضغوط أميركية من أجل الانسحاب من مدينة منبج شرق حلب ومدينة دير الزور، وبموجب تفاهمات تركية أميركية تمت بعد عملية تفاوض على الأراضي السورية، ومن المتوقع أن يتكرر الأمر ذاته في مدينة الرقة التي تتصاعد فيها حالة التمرد على سيطرة التنظيم.
إعلانإيران هي الأخرى تعاني من تضييق كبير على نفوذها في المنطقة، وفي سوريا خصوصا، حيث تقوم القوات الأميركية المنتشرة على الحدود العراقية السورية بمراقبة أي تحركات للفصائل المدعومة إيرانيا، وتمنعها من الدخول إلى سوريا، وهذا يجعل التعويل على الدعم الإيراني أمرا غير مجدٍ من الناحية العملية.
ونتيجة تبدل الأوضاع السياسية وتصاعد الضغط عليها، فقد تبنت قسد في 12 ديسمبر/كانون الأول الجاري رفع العلم السوري الموحّد الجديد (علم الثورة السورية)، في خطوة تبدو مؤشرا على إمكانية اندماجها ضمن المرحلة القادمة، والتخلي عن فكرة الإدارة الذاتية، لكن مع الاحتفاظ بمكتسبات سياسية وثقافية واضحة.
ومن المحتمل أن تنحسر سيطرة قسد خلال الفترة المقبلة إلى محافظة الحسكة، وهذا السيناريو متداول بشكل كبير في أوساط التنظيم، مما قد يفرض عليه الاضطرار للانخراط في الحل السوري خلال المرحلة الانتقالية بعد التحرر من سلطة حزب العمال الكردستاني، خاصة أنه يعيش هواجس احتمال انسحاب القوات الأميركية من سوريا عند تسلم دونالد ترامب دفة الحكم رسميا في الولايات المتحدة، فهو يكرر في الآونة الأخيرة تصريحات تؤكد عدم انخراط واشنطن في الملف السوري مستقبلا، وضرورة أن يتولى السوريون إدارة الحل في البلاد.