ضم الضفة والتعامل مع إيران.. ماذا تعكس خيارات ترامب تجاه قضايا الشرق الأوسط؟
تاريخ النشر: 15th, November 2024 GMT
الولايات المتحدة – أثار إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، أسماء مرشحيه للمناصب القيادية في إدارته، تساؤلات حول سياسته المتوقعة حيال قضايا الشرق الأوسط والعالم، خاصة مع اتجاهاتها المتشددة.
وسيتسلم فريق ترامب، المعروف بنظرته المتشددة تجاه فلسطين وإيران، ملفات ملتهبة بالفعل في ظل حرب دامية متواصلة منذ أكثر من عام، تجمعت فصولها أخيرا لتقود إلى مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران، كما أن هذه الأولى، باتت تسعى إلى ما أهو أكثر من الاعتراف بالقدس عاصمة لها، وتضع عينها على الضفة الغربية بأكلمها، وتخطط للبقاء طويلا في غزة.
وفي ولايته الأولى بين عامي 2016 و2020، قدم ترامب، لإسرائيل ما لم يقدمه رئيس أمريكي، وأدبى مواقف متشددة من إيران وفلسطين، وهو ما يتوقع استمراره في ولايته الثانية، بالنظر إلى اختياراته، فضلا عن تصريحات الرئيس المنتخب خلال حملته الانتخابية.
ويرى عبد المهدي مطاوع، المحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي، أن تعيينات ترامب، لا تختلف عن فترته السابقة، فعلى سبيل المثال مبعوثه للشرق الأوسط في ولايته الأولى جيسون غرينبلات، محامي عقارات، والمبعوث الجديد ستيفن ويتكوف، يعتبر من أباطرة العقارات، كما أن سفيره المرشح للعمل في إسرائيل مايك هاكابي، الذي أعرب خلال زيارته لفلسطين عام 2018، عن رغبة في شراء شقة بمستوطنة أفرات، لا يختلف عن السفير السابق ديفيد فريدمان (الذي عينه ترامب) وهو مستوطن يعيش في مستوطنة، كما أنه يهودي.
ويقول مطاوع، في تصريحات لـRT، أنه لا يوجد اختلاف كبير في رؤية ترامب حول تسوية الوضع في فلسطين على أساس الاستيطان وبقاؤه، كما أن ترامب، صرح عندما التقى نتنياهو في زيارته الرسمية لواشنطن، بأن “إسرائيل دولة صغيرة بحاجة إلى التوسع”، وهي إشارة ضمنية لمسألة ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل.
لكن خطط ترامب، تواجه بعض التحديات، “فبرأيي هناك عامل مهم يجب النظر إليه، وهو المملكة العربية السعودية، حيث يريد ترامب، استئناف عملية السلام الإبراهيمي، ويسعى للنجاح في تطبيع علاقة بين إسرائيل والسعودية، بينما اشترطت المملكة، وجود أفق سياسي لحل القضية الفلسطينية، وبالتالي يجب تقديم تنازلات”، حسبما قال مطاوع.
ويتفق مع هذا الاتجاه الدكتور أيمن سمير، خبير العلاقات الدولية، الذي يرى أن ترامب سيركز على فكرة التطبيع وانصهار إسرائيل في المنطقة، معتبرا أن فكرة ضم الضفة الغربية، لن تكون متاحة لترامب على الأقل في العامين الأولين من ولايته، لأنها تختلف عن الجولان وما جرى في القدس، وهي جزء من الدولة الفلسطينية التي اعترفت بها الأمم المتحدة بصفة مراقب في عام 2012، بحدود 4 يونيو 1964 وعاصمتها القدس الشرقية.
واعتبر سمير في حديثه لـRT أن “حديث بعض المحيطين بترامب، ومن بينهم المرشح للعمل كسفير لأمريكا في إسرائيل، تأتي في إطار التفاوض”، موضحا أنهم “يحاولون رفع السقف والضغط على الفلسطينيين بشكل كبير جدا، حتى يقبول بسقف أقل، وتحديدا قبول صفقة القرن، سواء بصيغتها الماضية أو بصيغة معدلة”.
وشدد على أن الفلسطينيين والعرب والاتحاد الأوروبي أو حتى حلفاء الولايات المتحدة مثل بريطانيا، لن لن يقبلوا بفكرة ضم الضفة الغربية، “ولكنه تكتيك يمكن وصفه بالعرض الافتتاحي، ترفع فيه واشنطن سقوف ضغوطها على الطر الآخر، حتى يقبل بسقف أقل”.
ويقول مطاوع، في هذا الصدد، أن “العائق الذي سيكون أمام ترامب (في خططه حول إسرائيل)، هو نتنياهو، وبالنظر إلى الفترة الأخيرة من تشديد القضايا ضده وتسريبات مكتبه؛ فهناك احتمال كبير أن يتضرر داخليا”.
واستدرك قائلا: “بالنظر للتصريحات (الأمريكية)، نعم هناك مساع كبيرة للضم، لكن برأيي فبعقلية رجل الأعمال ربما يُغير ترامب رأية في بعض القضايا، وهو شخص متقلب، إذا كان هناك ضغط كاف من الدول العربية وعلى رأسها السعودية”.
وبالحديث عن صفقة القرن، التي طرحها ترامب في ولايته الأولى، ورفضتها فلسطين ودول عربية، يقول الدكتور أيمن سمير، إن الرئيس الأمريكي المنتخب، سيعود إلى صفقة القرن مع بعض التعديلات، وذلك لأن غالبية المحيطين بترامب، يعتقدون أنها كانت صفقة مبدعة، ويعتقدون أن بعض النجاحات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة، قد تقنع من لم يقتنع بصفقة القرن، وبالتالي التلويح بأمور أخرى، مثل “إذا لم يقبل الفلسطينيون صفقة القرن، قد تدعم الولايات المتحدة وقتها فكرة ضم الصفة الغربية إلى إسرائيل”.
ويرى سمير، أن “ترامب سيحاول حل القضية الفلسطينية لكن وفق رؤيته القائمة على “السلام الاقتصادي”، بما يعني تحسين حياة الفلسطينيين في الضفة وغزة، وخلق بيئة إيجابية للمفاوضات.
ونوه بأن ترامب سيعمل على وقف إطلاق النار في غزة، ليس حبا في الفلسطينيين، ولكن لاعتقاده بأن استمرار الحرب ليس في صالح إسرائيل، وسيؤثر على فرض التطبيع، منوها بأن ترامب يعتقد أن إسرائيل حققت جزءا كبيرا من أهدافها ويمكنها استكمال تحقيق باقي الأهداف بالدبولماسية والضغط السياسي.
وتابع: “وجهة نظر ترامب أنه كلما طالت الحرب وسقط عدد من القتلى ستكون الكراهية أكبر لإسرائيل ويصعب استكمال مسار التطبيع”.
وحول الملف الإيراني، يرى سمير، أن فريق ترامب له مواقف متشددة ضد الصين وإيران، ويوصف “روبيو”، بأنه عدو الصين، كما يدعو لفرض مزيد من العقوبات على إيران.
ويتوقع خبير العلاقات الدولية، أن تأخذ سياسة ترامب، مجموعة من المسارات تجاه إيران، أولها الضغط الاقتصادي، منوها بتصريحات “روبيو” السابقة بأنه ضد تغيير النظام السياسي الإيراني بالقوة أو من الخارج، لذلك لن يهتموا بدعم مظاهرات داخل إيران، وسيعملان على فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية، وتحديدا على قطاعي النفط والبتروكيمااويات، لاعتقادهما بأن ذلك سيجعل هناك شحا في الأموال بأيدي إيران، ما ينعكس عدم تمويلها للمجموعات الداعمة في المنطقة مثل الفصائل اللبنانية والحوثيين والمجموعات المسلحة في سوريا والعراق، بالإضافة إلى حركة الفصائل الفلسطينية،
وتابع: “بالتالي المدخل بالنسبة لترامب هو المدخل المالي وفرض مزيد من العقوبات على إيران، كما قد يعيد بعض العقوبات التي رفعها بايدن”.
وأوضح أن هذه العقوبات ستحقق مجموعة من الأهداف، إرضاء إسرائيل ونتنياهو، والإيحاء بأنه متفق معهم في الهدف ضد إيران، كما يوصل رسالة لدول المنطقة بأن الولايات المتحدة عادت من جديد كعنصر فاعل في المنطقة.
وفيما يتعلق بسوريا والعراق، قال إن ترامب وروبيو، قد يسحبان قواتهما من سوريا، لإيصال رسالة إلى تركيا؛ لتحقيق جزء من أهدافها المتعلقة بشمال سوريا والعراق، “لأن روبيو وترامب يعتقدان أن تركيا باعتبارها إحدى دول حلف شمال الأطلسي، ستكون أكثر إفادة من العراق وسوريا”.
وحول فكرة السلام القائم على القوة، التي صرح بها وزير الخارجية المرشح ماركو روبيو، قال، إنها “فكرة أمريكية بامتياز، منذ أيام الكاو بوي، ووضعه السلاح على الطاولة قبل الجلوس”، مضيفا أن ترامب ووزير خارجية، يؤمنان بأن الدبلوماسية لا يمكن أن تأتي بنتيجة إلا بمعية البندقية.
المصدر: RT
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الضفة الغربیة صفقة القرن فی ولایته أن ترامب ضم الضفة کما أن
إقرأ أيضاً:
منتدى الجزيرة.. إدارة ترامب تسعى لإنجازات زائفة عبر سلام غير عادل في أوكرانيا وغزة
الدوحة- رصدت جلسة "الوضع الدولي في ظل الإدارة الأميركية الجديدة"، ضمن فعاليات منتدى الجزيرة الـ16، الذي اختتم مساء الأحد في الدوحة، وعود إدارة دونالد ترامب بعد عودته إلى الحكم في الولايات المتحدة، بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، وتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط.
ورأى المشاركون في الجلسة أن ترامب رجل مفاوض، لا يكترث بالثوابت السياسية أو الإستراتيجية، وجاء برؤية "راديكالية غير واضحة" لتحقيق إنجازات "زائفة" عبر الوصول إلى سلام سواء في أوكرانيا أو منطقة الشرق الأوسط.
سلام اعتبره المشاركون غير عادل بين طرفين غير متساويين مع تحميل حلفائه فاتورة تحقيق هذا السلام.
وحذر المشاركون الدول العربية من الرضوخ إلى تهديدات ترامب بشأن عملية التهجير القسري لسكان قطاع غزة، وتهديده بقطع المساعدات العسكرية والاقتصادية، خاصة أنها على مدار 60 عاما لم تغير موقف الحكومات في كل من كوبا وإيران والصين.
الباحث المتخصص في الشأن الأميركي محمد المنشاوي، يرى أن ترامب يريد أن ينجح فيما فشل فيه 13 رئيسا أميركيا في منطقة الشرق الأوسط، وذلك منذ بداية الصراع العربي الإسرائيلي، مشيرا إلى أنه جاء برؤية غامضة لتحقيق السلام، وفي أوكرانيا أيضا، من أجل أن يظهر كصانع سلام، ويحصل على جائزة نوبل للسلام، واستدرك المنشاوي أنه سلام غير عادل.
إعلانوقال المنشاوي للجزيرة نت إن ترامب رئيس غير تقليدي، فهو الرئيس الوحيد بين 46 رئيسا أميركيا، الذي جاء من دون خوض أي انتخابات سواء على مستوى الولايات أو غيرها، حيث كانت انتخابات الرئاسة عام 2016، أول انتخابات يخوضها ونجح فيها.
وأضاف أن إدارة ترامب في الولاية الثانية تحدث زلزالا في السياسة الخارجية التي أسستها الولايات المتحدة على مدار نصف قرن، وكانت تقوم على محورين، الأول إحداث استقرار عالمي يسمح للرأسمالية بالتمدد والتضخم، والثاني هو تسيد أميركا لهذا النظام.
واعتبر المتخصص ذاته، أن تصريحات ترامب حول المنطقة ومستقبل قطاع غزة مهمة جدا، خاصة فيما يتعلق بالتهجير الذي هز العواصم العربية، حيث يبادر ترامب دائما برفع السقف إلى أعلى مستوى، من أجل الوصول إلى صفقة يحقق بها النجاح، وليس بالضرورة أن تكون عادلة، وذلك عبر توريط الدول العربية في القيام بدور لا تريد القيام به في قطاع غزة وتأمين إسرائيل.
كلمة التهجير استخدمها ترامب لإخافة الدول العربية، ومطالبتهم بالوصول لشيء ملموس على مائدة التفاوض في مستقبل غزة، لكن إظهار الضعف ليس بالأمر الجيد، والحل هو إظهار القوة، لأن ترامب رجل صفقات يجب أن يجد أمامه الند في الطرف الآخر من الحوار، وفقا للمنشاوي.
وشدد المنشاوي على أن إدارة ترامب لديها رؤية واضحة جدا لإنهاء الحرب في أوكرانيا وتحقيق السلام، ولكن غير العادل أيضا، حيث ترى أن الحرب الروسية الأوكرانية لا تصب في مصلحة أميركا، وأن أوروبا أصبحت عبئا، ولم تعد تمثل بعدا إستراتيجيا للولايات المتحدة، كما أنه لا بديل عن أن تكون أوكرانيا دولة محايدة، وألا تصبح دولة في حلف الناتو على عكس الإدارات الأميركية السابقة.
جوفتينكو: ترامب يفكر بمنظور مختلف في الملف الأوكراني من أجل ضمان الموارد للإدارة الأميركية.#منتدى_الجزيرة16#aljazeera_forum16 pic.twitter.com/htpvpXz1Mz
— Al Jazeera Forum - منتدى الجزيرة (@aljazeeraforum) February 16, 2025
إعلانإستراتيجية غير واضحة
بدوره، قال الباحث في مؤسسة مبادرات الديمقراطية "إيلكو كوتشريف" بأوكرانيا، والمتخصص في قضايا الأمن الدولي، تاراس جوفتينكو، إن إستراتيجية ترامب تجاه الحرب الروسية الأوكرانية غير واضحة في التفاوض، وكذلك غير واضحة تجاه الحلفاء الأوروبيين.
وأضاف أن إدارة ترامب تحاول المضي قدما في عملية التفاوض مع روسيا ووقف إطلاق النار والوصول إلى إنجاز تحقيق سلام، ولكنها في المقابل لا تقدم أي موارد لاستقرار الأوضاع في أوكرانيا، وتسعى إلى إجبار روسيا لإيقاف إطلاق النار ووضع العبء على الدول الأوروبية.
وأوضح أن الأوروبيين يفكرون الآن في مخططين، الأول هو إرسال قواتهم المسلحة إلى أوكرانيا، وهو ما سيجبر روسيا على إيقاف إطلاق النار، ومن ثم يحدث استقرار وتفاوض.
وبعد انتخاب ترامب، انتقلت أوروبا إلى المخطط الثاني، وهو أن تكون بعثة لحفظ السلام في أوكرانيا، ومن ثم الدخول في تفاوض على إيقاف إطلاق النار، وبعدها نشر قوات أوروبية وضمان تفاوض سياسي.
ورأى أن ترامب يؤيد السيناريو الثاني لأنه يتطلب موارد مالية قليلة، خاصة أنه ليس بالقائد الكلاسيكي، فهو يستخدم الدول كأنها عقارات يريد السيطرة عليها، وينفذ مقاربة مادية في تعامله مع حلفائه الأوروبيين، ومنها ما يخص الحرب الروسية الأوكرانية.
أما الباحث في مركز الجزيرة للدراسات، والمتخصص في الدراسات الدولية الحواس تقية، فقد اعتبر أن سياسة ترامب لتحقيق السلام في الأزمة الأوكرانية أو في منطقة الشرق الأوسط، تنتهج طريقة الضغط على الحلفاء وتحميلهم الفاتورة من أجل تحقيق إنجازات زائفة.
وقال الحواس للجزيرة نت إن المشكلة في إستراتيجية ترامب أنها متعارضة وغير واضحة، فهو يقوم بالتهديد، وينفي استعمال القوات العسكرية، ويهدد بالعقوبات الاقتصادية، وفي المقابل يمنح للخاضعين له مكافآت اقتصادية من حلفائه.
إعلانوأضاف أن ترامب يفكر حاليا بحل أزمة غزة عبر تحميلها لحلفائه في الأردن ومصر، ولوح بالمساعدات العسكرية والاقتصادية للضغط عليهما، ولكنهما رفضا هذا الأمر، كما يقوم بالضغط على السعودية لتخفيض أسعار النفط، كي تتقلص مداخيل روسيا، ومن ثم تضطر لتقديم تنازلات في الأزمة الأوكرانية، وأيضا في أزمة إيران لا يقدم ضمانات أمنية للتخلي عن مشروعها النووي، بل يزيد في تخويفهم، لأنه يريد الأمن الكامل لإسرائيل على حساب بقية دول المنطقة.
في حين أكد أستاذ دراسات الشرق الأوسط والتاريخ في جامعة حيفا، محمود يزبك، أن هناك وضعا جديدا دخل على السياسة الأميركية ومنطقة الشرق الأوسط بعد انتخاب ترامب، وكذلك على الإستراتيجيات المتبعة في الشرق الأوسط، حيث ساد اعتقاد قبل انتخاب ترامب أن النظام الجديد سيغير الصراع العربي الإسرائيلي.
وقال إن أفكار ترامب حول قطاع غزة متعارضة ومتناقضة مع بعضها البعض وغير مفهومة، أطلقها من دون أن يفهم أو يسأل عن تأثير هذه الأفكار على الملايين من السكان في قطاع غزة.
وأضاف أن التطهير العرقي والتهجير القسري مصطلحات منبوذة وغير مقبولة في السياسة الدولية، لكن ترامب جعلها موضع نقاش في العالم كله، رغم أنها محرمة من المجتمع الدولي منذ الحرب العالمية الثانية، وهو ما جعل هذا التوجه قضية أخلاقية من الدرجة الأولى، فهل العالم فقد أصول الأخلاقيات في التعامل مع الشعوب؟ يتساءل يزبك.