(..) يعني نهاية الجنجويد في الخرطوم والجزيرة، لتبقى دارفور
تاريخ النشر: 15th, November 2024 GMT
لقد كان دخول حركات دارفور للحرب في صف الجيش نقطة تحول مفصلية في مسار الحرب؛ لأنها أربكت موقف الجنجويد العسكري والسياسي في دارفور وكذلك في عموم السودان وفي المقابل تعزيز الموقف الوطني عسكريا وسياسيا.
كذلك، بالنظر إلى الموقع الجغرافي لسهل البطانة وانفتاحه على ولايتي القضارف وكسلا، وما يمكن أن يمثله انتشار الجنجويد في البطانة من تهديد لهاتين الولايتين ومن ثم لولاية البحر الأحمر وبورتسودان نفسها، تتضح أهمية انضمام كيكل وحاضنته الاجتماعية للقتال في صف الجيش.
حاليا بدلا من أن تكون البطانة محطة إنطلاق للمليشيا للتمدد شرقا، أصبحت جبهة هجوم واستنزاف لقوات المليشيا في شرق الجزيرة والجزيرة عموما. يتعين على المليشيا الآن، بعد انضمام كيكل، أن تدافع في جبهة طويلة واسعة شرق الجزيرة أمام قوات خفيفة وسريعة الحركة يمكن أن تهجم في أي نقطة من هذه الجبهة الواسعة وهذا يعني استنزاف دفاعي كبير للمليشيا.
في الوقت نفسه ما تزال قوات الجيش على بقية الجبهات جنوب وغرب وشرق الحزيرة، من جهات سنار بشوالمناقل والفاو على استعداد للهجوم في اللحظة المناسبة.
بانضمام كيكل اكتمل حصار المليشيا من جهة الشرق، لتصبح محاصرة في الجزيرة من ثلاثة جهات هي الغرب والجنوب والشرق.
مع التحركات الأخيرة للجيش غرب نهر النيل الأبيض – شمال الولاية بالقرب من جبل أولياء ومع قطع جسر جبل أولياء يكون حصار المليشيا بقطع الإمداد من جهة الغرب قد اكتمل لتصبح داخل صندوق كبير في ولايتي الخرطوم والجزيرة. وهذا الصندوق مخترق من الداخل بالجيش في عدة مواقع داخل ولاية الخرطوم في الخرطوم وبحري مثل المقرن والقيادة والمدرعات والذخيرة والإشارة وحطاب وقوات الكدرو والقوات التي توغلت حديثا عبر جسر الحلفايا إلى داخل بحري. هذه قوات داخل الصندوق مشتبكة مع المليشيا من الداخل. خارج الصندق توجد متحركات الجيش من شندي شمالا وقوات المناقل في الغرب وقوات سنار والنيل الأبيض في الجنوب وقوات الشرقية في الفاو والخياري ثم قوات درع السودان المنضمة حديثا من جهة الشرق.
لو نجح الجيش في إبقاء جسر جبل أولياء خارج الخدمة لفترة أطول أو تقدم من جهة النيل الأبيض من الجنوب غرب نهر النيل الأبيض ومن جنوب أم درمان نحو جبل أولياء وسيطر على المنطقة غرب الجسر يكون قد كتب نهاية الجنجويد في الخرطوم والجزيرة، لتبقى دارفور.
حليم عباس
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: جبل أولیاء من جهة
إقرأ أيضاً:
تعرف على خيارات قوات الدعم السريع بعد خسارتها وسط السودان؟
منذ تحوله من الدفاع إلى الهجوم قبل 6 أشهر، استمر الجيش السوداني في تقدم ميداني على حساب قوات الدعم السريع واستعاد السيطرة على وسط البلاد وجنوبها الشرقي واقترب من تحرير الخرطوم.
ويتوقع مراقبون تركيز قيادة الدعم السريع على إقليمي دارفور وكردفان لضمان وجودها العسكري والسياسي في أي تسوية محتملة، واستمرار الدعم من قوى إقليمية وتجنب الانهيار.
ومنذ الأيام الأولى لاندلاع الحرب، في منتصف أبريل/نيسان 2023، ظلت قوات الدعم السريع تسيطر على غالب ولاية الخرطوم، قبل أن تتمدد في 4 من ولايات دارفور الخمس، وولايتي الجزيرة وسنار ومواقع في ولاية النيل الأزرق وشمال ولاية النيل الأبيض.
هجوم شامل
وظل الجيش، نحو 17 شهرا، في حالة دفاع عن مواقعه العسكرية الرئيسية، وتدريب قوات جديدة واستنفار المتطوعين والحصول على أسلحة نوعية بعد تعزير علاقاته مع قوى إقليمية ودولية، مما مكنه من إعادة بناء قدراته العسكرية.
ومند 26 سبتمبر/أيلول الماضي، تحول الجيش من الدفاع إلى الهجوم الشامل، وأطلق عملية الجسور بعبوره جسور النيل الأبيض والفتيحاب والحلفاية التي تربط أم درمان مع الخرطوم والخرطوم بحري، واستعاد السيطرة على مواقع إستراتيجية في العاصمة.
وكانت معركة جبل موية في ولاية سنار، التي حولته قوات الدعم السريع إلى قاعدة لوجيستية، نقطة تحول للجيش وفتحت الباب أمام إعادة السيطرة على ولايتي الجزيرة وسنار، وأطراف ولاية النيل الأزرق، ثم شمال النيل الأبيض.
وفي ولاية الخرطوم خسرت الدعم السريع مصفاة الجيلي لتكرير النفط التي تحيط بها مقار عسكرية مهمة، وتبع ذلك تقهقرها من محليتي الخرطوم بحري وشرق النيل وغالب جسور العاصمة العشرة، وقبلها محلية أم درمان ومعظم محلية أم بدة.
ونقل الجيش عملياته مؤخرا من الشرق إلى غرب النيل ونزع قوات الدعم السريع من القصر الجمهوري ومجمع الوزارات والمؤسسات والمصارف، والسوق العربي أكبر أسواق العاصمة وأعرقها، ومنطقة الخرطوم المركزية بوسط العاصمة ومنطقة مقرن النيلين وجزيرة توتي.
وفي غرب وسط البلاد، استعاد الجيش السيطرة على مدينتي أم روابة والرهد بولاية شمال كردفان، وفك الحصار عن الأبيض حاضرة الولاية، ويزحف لتحرير شمالها الذي لا تزال تنتشر فيه قوات الدعم السريع.
خسائر فادحة
وبإقليم دارفور صمد الجيش، والقوات المشتركة للحركات المسلحة التي تقاتل إلى جانبه، أمام أكثر من 180 هجوما لقوات الدعم السريع على الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وكبدها خسائر فادحة في محور الصحراء ودمر قاعدة الزرق الإستراتيجية، وضيق الخناق على الإمداد العسكري الذي يعبر عبر الأراضي الليبية.
وكشفت مصادر عسكرية للجزيرة نت أن هذه القوات باتت على قناعة بأنها فقدت ولاية الخرطوم ولم يعد لديها ما تدافع عنه، لكنها تحاول تأخير سيطرة الجيش على ما تبقى من العاصمة لتقديرها أن القوات الكبيرة في وسط البلاد والخرطوم ستتفرغ للزحف غربا نحو إقليمي كردفان ودارفور لطردها من المواقع التي تنتشر فيها.
وقالت المصادر، التي طلبت عدم الإفصاح عن هويتها، إن قوات الدعم السريع كانت تخطط لإعلان الحكومة الموازية من داخل القصر الجمهوري، وبعث قائدها محمد حمدان دقلو "حميدتي" أحد مستشاريه مع مجموعة أخرى لهذا الغرض وظل يحرض قواته على القتال عن القصر ومنطقة المقرن بغرب الخرطوم في خطابه الأخير قبل 5 أيام من خسارته القصر.
وحسب المصادر ذاتها، فإن قيادة الدعم السريع تسعى إلى الدفاع عن مناطق سيطرتها في ولايات دارفور من خارج الإقليم عبر تعزيز وجودها العسكري في ولايتي غرب كردفان وشمالها، وتفعيل تحالفها مع قائد الحركة الشعبية -شمال عبد العزيز الحلو في جنوب كردفان، والسعي لإحداث فرقعة إعلامية عبر هجمات انتحارية في شمال البلاد انطلاقا من شمال دارفور.
من جانبه، قال فولكر بيرتس، المبعوث الأممي السابق إلى السودان، إن النجاحات العسكرية الأخيرة التي حققها الجيش السوداني سوف "ترغم قوات الدعم السريع على الانسحاب إلى معقلها في إقليم دارفور غرب البلاد". وأوضح في تصريح لوكالة أسوشيتد برس "لقد حقق الجيش نصرا مهما وكبيرا في الخرطوم، عسكريا وسياسيا، وسيقوم قريبا بتطهير العاصمة والمناطق المحيطة بها من الدعم السريع".
ولكن التقدم لا يعني نهاية الحرب حيث تسيطر هذه القوات على أراض في منطقة دارفور الغربية وأماكن أخرى.
وأضاف بيرتس "ستقتصر قوات الدعم السريع إلى حد كبير على دارفور. سنعود إلى أوائل العقد الأول من القرن الـ21″، في إشارة إلى الصراع بين الجماعات المتمردة وحكومة الخرطوم، في عهد الرئيس السابق عمر البشير.
كرّ وفرّ
بدوره، يرجح الباحث والخبير العسكري سالم عبد الله أن فقدان قوات الدعم السريع وسط السودان، سيدفعها إلى الاستماتة في الدفاع عن مواقعها في ولايات كردفان ودارفور لضمان بقائها في المشهد السياسي والعسكري، وخلق استقرار في مناطق سيطرتها لتشكيل حكومة موازية مع حلفائها الجدد يتيح لها تقديم نفسها في صورة جديدة بعد ما ارتكبته من انتهاكات في ولايات وسط البلاد.
ووفقا لحديث الخبير للجزيرة نت، فإن معلومات تفيد بأن هذه القوات "استقدمت خلال الأسابيع الماضية مقاتلين تابعين لها كانوا في اليمن وليبيا ومرتزقة جددا للزج بهم في الحرب للسيطرة على الفاشر".
وبرأيه، فإن الدعم السريع تسعى بهذه الخطوة إلى ضخ روح جديدة بعد تدمير قوتها الصلبة خلال معارك ولاية الخرطوم، وضمان استمرار الدعم العسكري الخارجي، وتجنيب قيادتها تحميلها مسؤولية أخطاء الفترة السابقة، و"دائما يدفع القادة ثمنا غاليا وربما يفقدون حياتهم في حال خسروا الحروب".
من جهته، يقول مسؤول في المكتب الإعلامي لقوات الدعم السريع للجزيرة نت إن "الحرب كر وفر، وإنهم خسروا معارك ولم يخسروا الحرب".
ويوضح المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أنهم لا يزالون يحتفظون بمكاسب عسكرية في وسط السودان وغربه وستكون هناك مفاجآت خلال الفترة المقبلة.